شبكة ذي قار
عـاجـل










( الدول لا تختار قدرها ، وكما حكَمَ عليها التاريخ ، حكمتْ عليها الجغرافيا، وأبناؤها لا يملكون خياراتهم دائماً ) !!

 

كثرت هذه الأيام رغبات الصحافة، في نشر صورالجنرال ( قاسم سليماني ) ، ولا أدري من أين حصل على هذه الرتبة العسكرية .. هل من اكاديمية عسكرية عالية المقام في سلم اكاديميات العالم العسكرية ؟ أم أنه تدرجَ في دراسة العلوم العسكرية طالباً تحصل على رتبه بجدارة الفهم النظري لعلوم الحرب والسلام ونال رتبة الجنرال التي من واجباته الأساسية فهم التاريخ وفهم احكام الجغرافيا، التي قال عنها "نابليون بونابرت" - إذا أردت أن تعرف سياسة دولة ما عليك بغرافيتها - كما أن واجبه القيادي يشترط التخطيط ، ليس التخطيط الميداني حيث المعارك التي تتحمل انتصارات وانكسارات هنا وهناك، وكذا في معنى حسمية الحرب فحسب، إنما في مجال التخطيط الأشمل والأوسع وبما يلامس الجغرافيا- السياسية ويخرج صوب الجغرافيا- الأستراتيجية ، ليدرس ثقل موازين القوة واهمية توازنات القوى على مسرح الأحداث، فضلاً عن جملة من نظريات الفعل ورد الفعل والإحتمالات والرد عليها ؟

 

" قاسم سليماني " ليس هذا الجنرال الذي اتحدث عنه الذي يتمتع بإدراك معنى التاريخ ومغزى الجغرافيا .. لأنه لا يعدو أن يكون سوى قائد مليشيات فرق الموت وليسا لتحرير، والفرق كبير وكبير جداً بين الأتجاهين .. وهذا الطراز من القوى وهي ( عصابات ) يتولى قيادتها سليماني، لا تمتلك شيئاً من قوانين الحرب والسلم كما انها خاوية من أي عقيدة قتالية بمعاني قوانين الحرب .. لا عقيدة قتالية صافية، كما هو شأن حرب العصابات ذات الطابع التحرري، ولا عقيدة قتالية نظامية صافية، كما تتبناها جيوش العالم .. إنما المحرك العقيدي لهذه العصابات هو خليط من ( تثوير نزعة طائفية إنتقامية تعتمد التطهير المذهبي والعرقي مع نزعة تسلطية تعتمد القتل والنهب والسلب واستباحة المحرمات بدعوى المقدسات .. مع رغبة جامحة للتعامل والتعاون مع الإستعمار الأجنبي في الدعم والحماية وتحقيق الغايات ) .. هذه العقيدة القتالية لا تستقيم مع واقع الحال .. فهي مردودة تماماً بفعل حركة الواقع الجيو- سياسي العربي، وبفعل الواقع الجيو- ستراتيجي الأقليمي والدولي أيضا .

 

فأين موقع " قاسم سليماني " الذي تلمع الصحافة وجهه الفارسي الحقود ، لتبرزه بطلاً يحقن مع " علي السيستاني " الحشد الطائفي بجرعة معنويات فقدتها قطعانهم ، وإلا لماذا يعمد المدربون في معسكرات التدريب على ترديد شعارات واقوال طائفية ودبكات ( هوسات ) في ساحات العرضات العسكرية.؟ ثم ما المغزى من رفع لآفتات طائفية لرموز دينية مقدسة على الدبابات والهمرات وناقلات الأفراد ؟! ولماذا يقوم الأفراد من المليشيات بترديد أسماء رموز أل البيت الكرام أثناء اطلاقهم النار العشوائية على رجال الانتفاضة الشعبية العراقية الذين يطالبون بالتحرير والعدالة ورفض الطائفية والتدخل الأجنبي ؟!، والإجابة على هذه الأسئلة هي أن لا جيش نظامي في العراق يعتمد سياقات الفعل العسكري ويلتزم بقوانين الحرب والإلتزامات التي يتوجب الإلتزام بها .. مليشيات السلطة الطائفية تفتح النار كيف ما تشاء ومتى ما تشاء ، تقتل وتحرق منازل المواطنين وتهدمها على رؤوس ساكنيها ، وتبيد الأسرى في السجون والمعتقلات بدم بارد، وتنشر الرعب بين المواطنين حتى في بيوتهم .. هل هذا هو جيش له سياقاته ونظمه وعقيدته القتالية والتزاماته القانونية والانسانية والأخلاقية ؟ ، ما هو موجود في العراق يخلو تماماً من كل هذا .. وفي ضوء هذا الإنهيار والتفسخ يبرز وجه " قاسم سليماني " ليضفي عاراً على نمطية قيادة قطعان الحشد الطائفي وتهتكاً في واقع المجتمع العراقي، لأن إيران أرادته أن يكون بطلاً قي القتل والتشريد وليس في مجال بناء الدولة .

 

كما أن التركيز على " قاسم سليماني" هو في حقيقته الغاء لقدرات العراق وتهميش لأمكاناته ومنعها من ان تكون في مواضعها الصحيحة من جهة، وإعلان أن إيران هي التي تحمي العراق من خلال احد قادتها العسكريين وهو " قاسم سليماني" من جهة أخرى .. وعلى هذا الأساس تظهر صوره في الإعلام الكاذب الذي يزيف الحقائق تتحلق حوله عناصر الحرس الإيراني ومليشيات السلطة الطائفية في كل معركة .. لا يظهر في المقدمة أبداً إنما مختبئ في غرفة عمليات بعيدة عن حزم النار .. هكذا هم القادة العسكريون الإيرانيون لا يتقدمون الجنود ، إنما يدفعونهم إلى الموت طوابير لتبرز صورهم الأمعه في ما بعد المجازر على أنهم أبطال، وهم في حقيقتهم جبناء لا يجرؤن على تقدم الصفوف .. منْ مِنْ القادة الإيرانيين قتل وهو في المقدمة ؟ لا أحد .. فخميني كان يدفع بالشباب الإيرانيين إلى حقول الألغام ، وهو يعلم بأنها حقول ألغام لا ينجو منها أحد ، ومع ذلك يرسلهم إلى الموت طوابير تصحبهم مفاتيح الجنة أو إيهام بزيارة المراقد المقدسة .. هل في هذا الفعل سياق عسكري منطقي تعترف به جيوش العالم ؟ .. وعلى هذا الأساس انكسرت الجيوش الإيرانية وتحطمت أمام جحافل الجيش العراقي الباسل في ظل القيادة السياسية الوطنية .

 

ليس بوسع هذا ( القائد ) الخروج لتفحص خطوط المواجهات .. الواقع يتحداه إن يقبل على زيارة الخطوط الساخنة ولو مرة واحدة ، وإذا ما ظهر خياله هناك حيث تصنع الملاحم ، فسيجد أمامه حقائق لم يألفها في حياته، وربما لن ير النور بعدها أبداً .. فدعوه يجرب، لا ان يختبئ في أقبية محصنة أو في الفضاء البعيد ويلتقط الصور الهوليودية المثيرة للسخرية ، ليبدأ قادته المعممون في طهران يغزلون الأساطير حول بطولاته وعنترياته و ( قيادته للجيش العراقي ) .

 

ومن هذا التلميع الأسطوري الفاضح ما قاله مستشار ممثل ولي الفقيه ( يد الله جواني ) في لقاء خاص مع قناة العالم الإخبارية يوم 12/10/2014 ، مؤكداً ( وجود عناصر فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بقيادة قاسم سليماني، في الصف الأول في جبهات القتال ضد الجماعة الارهابية في العراق وسوريا للدفاع عن الشعبين السوري والعراقي ومقدساتهما وحكومتيهما.. ) .!!

 

إذن .. إن " قاسم سليماني " يقاتل في الصف الأول .. وهو القائد الفعلي لجيش العراق.!! .. ألم يكن هذا التصريح اعترافاً رسمياً وصريحاً بوجود قوة ايرانية تقاتل بصورة غير شرعية بصفة تدخل اجنبي سافر في العراق وسوريا ؟ ألم يكن من المنطق ان يطلب مجلس الأمن الدولي من ايران سحب قواته من العراق وسوريا ؟ فلماذا يسكت ؟

 

فمن الصعوبة الاعتقاد بأن وجود قوات عسكرية ايرانية في العراق تقاتل ثورة الشعب ، وتقتل عناصر كثيرة من هذه القوات وتشحن جثثهم عبر مطار النجف الى ايران ، وهو دليل مادي لعمل حربي على ( الأرض ) ، واعتباره خارج عن سياقات تنسيق العمليات الحربية الجوية الامريكية .. بمعنى ، هنالك تنسيق في العمليات بين السلاح الجوي الامريكي وبين القوات الارضية الإيرانية في المعارك الدائرة.. ولكن الكذب والخداع الفاضح هو سيد الموقف للادارة الامريكية وللنظام الصفوي في طهران ، اللذين يعترفان وينفيان مثل هذه التنسيقات العسكرية .. بيد ان الواقع واحداثه الجسام يكشف كل شيء.!!

 

" قاسم سليماني " ليس قائداً عسكرياً ، فهو يمثل الوجه الصفوي الفارسي القبيح .. فما دام يتزعم خلايا القتل حسب وجهة نظر طهران فهو قائد .. وإن التجربة الصفوية العسكرية في طهران منذ عام 1979 قد فككت الجيش الإيراني واستعاضت عنه قيادة ولي الفقيه بمليشيات الحرس ومليشيات ( القدس ) ، والقدس الشريف من هذه العصابة براء .. هذه التجربة تكاد تلامس قرار الأدارة الأمريكية الذي نفذه ( بول بريمر ) بحل الجيش العراقي الوطني والإستعاضة عنه بمليشيات الأحزاب الطائفية وبعناصر الحشد الطائفي الذي دعا اليه ( علي السيستاني ) من أجل اشعال الحرب الطائفية في العراق .. فهل أن ذلك تم مصادفة .؟!

 

فأذا ارادت إيران أن تعيش بسلام وتحافظ على وحدتها الإقليمية، عليها أن تتعض بحقائق التاريخ وأن تدرك حقائق الجغرافيا .. ومن لا يدرك هذه الحقائق لا يفهم السياسة أبداً .

 

وأذا أراد "قاسم سليماني" أن يكون بطلاً فليحمل السلاح وليتقدم الصفوف فعلاً، عندها سيكون مصيره منشوراً على الصفحات الأولى في كل الصحف، إما قتيلاً أو معاقاً أو أسيراً إلى يوم يبعثون .. فليخرج الجرذ من جحره حتى ولو مرة واحدة .!!






الاربعاء ١٢ محرم ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٥ / تشرين الثاني / ٢٠١٤ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة