شبكة ذي قار
عاجل










لم تكن تحركات المملكة العربية السعودية الأخيرة نحو الشرق بالهينة على الإطلاق، بل تذكرنا بتحركات العراق في زمن الحرب الباردة، عندما كان قطبا السياسة العالمية يتصارعان ببرودة في الخفاء بينما تسخن العلاقات في منطقتنا تبعا للمساومات وسياسة الأخذ والعطاء، هكذا هي السياسة بالنسبة لمن يعرف كيف يلعبها صح. ومع إن الأمر سابق لأوانه لتحديد أوجه تطور السياسة الخارجية السعودية! إلا إن التقارب الأخير مع روسيا يمثل شعارا واضحا للمرحلة القادمة، الانفتاح على الشرق من اوسع ابوابه، بوابة روسيا، فليس من السهل رؤية ستة اتفاقات اقتصادية وعسكرية ضخمة تطفو على سطح العلاقات الروسية السعودية الباردة، وهي فقط ما تم الإعلان عنه، لكن بالتأكيد ما مخفي منها هو الأعظم. على العموم لم يأتِ رد الفعل الامريكي موجها للمملكة، بل لروسيا نفسها، وجاء على لسان وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر عندما قال في برلين إن الولايات المتحدة وحلفاءها لن يسمحوا لروسيا "بجرهم الى الماضي"، متهما في الوقت نفسه موسكو بمحاولة تأسيس مناطق نفوذ مشابهة لتلك التي كانت موجودة ابان الحقبة السوفييتية. كان ذلك مجرد تنبيه أمريكي جاء على خلفية الاتفاق السعودي الروسي مباشرة، وهو تصريح أكثر من واضح يشير إلى عودة الحرب "الدافئة" وليست الباردة بين قطبي السياسة العالمية!! لكن الفرق هنا إن الحليف الأمريكي المزمن"السعودية" هو من يلعب أوراقها، فعندما وجدت السعودية برودا غريبا من أمريكا بقيادة أوباما حولت مناطق لعبها إلى الخصم الأقوى في المنطقة. ما يمكن التركيز عليه هنا في الاتفاقات الجديدة ليس النفط بالرغم من اهميته القصوى اليوم، بل تلك المفاعلات الـ 16 "السلمية"، تلك هي عناصر اللعبة الجديدة التي ستحرك المشاعر الباردة لامريكا تجاه الحلفاء الخليجيين، وتضعها أمام خيار محرج آخر في محادثاتها مع إيران، تلك المعضلة التي دفعت الكثير من حلفاء امريكا لتوضيح موقفهم المعارض بشدة هذه المرة. لم تكن روسيا هدف المملكة الوحيد، فزيارة ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع محمد بن سلمان بن عبد العزيز السعود إلى باريس تعد حدثا مهما في مسار السياسات الخارجية السعودية، والتي جاءت في إطار التعاون الاقتصادي والأمني الذي تبناه البلدان خلال الزيارة التي قام بها الرئيس فرانسوا هولاند إلى الرياض مؤخرا، عندما حل ضيفا استثنائيا على قمة مجلس التعاون الخليجي. ما ترشح عن هذه الزيارة من مشاريع اتفاقات يمكن أن تطال عشرين مشروعا ضخما بقيمة قد تصل الى عشرات المليارات من الدولارات، والتي ستشمل عدة مجالات حساسة مثل المجال العسكري والطاقة النووية الشمسية والصحة والنقل، لكن تلك الاتفاقات لا تعدو عن كونها الطُعم الذي سترميه المملكة لاصطياد مواقف فرنسا القادمة، أو هكذا ترجو! بينما ستكون القاعدة الاساسية التي ستبنى عليها هذه الاتفاقات عبارة عن مواقف مشتركة بين البلدين اتجاه ابرز الأزمات التي ألهبت المنطقة، والتي استغل فيها الطرفان مرحلة التوتر البارد الذي غلف العلاقات الأمريكية السعودية موخرا. الكرة اليوم بملعب المملكة العربية السعودية، التي تعي حجم المعوقات التي تواجه هذا التقارب، وهي كثيرة وصعبة جدا، خاصة إذا ما علمنا بأن غريمتها في المنطقة "إيران" تستقوي بحليفتها الجديدة روسيا، وهنا يتوجب على المملكة تقديم ما لا تستطيع إيران تقديمه لروسيا، القوة والسيطرة على المنطقة أقليميا، وهذا ما تستطيع فعله السعودية إذا ما ارادت ذلك، وهو المنتظر منها أن تفعله في المرحلة القادمة.




الاربعاء٧ ÑãÖÜÜÇä ١٤٣٦ ۞۞۞ ٢٤ / ÍÜÒíÑÇä / ٢٠١٥


أفضل المقالات اليومية
المقال السابق الوليد خالد طباعة المقال أحدث المقالات دليل المواقع تحميل المقال مراسلة الكاتب
أحدث المقالات المضافة
فؤاد الحاج - العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب
ميلاد عمر المزوغي - العراق والسير في ركب التطبيع
فؤاد الحاج - إلى متى سيبقى لبنان ومعه المنطقة في مهب الريح!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟- الحلقة الاخيرة
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ - الحلقة السادسة
مجلس عشائر العراق العربية في جنوب العراق - ãÌáÓ ÚÔÇÆÑ ÇáÚÑÇÞ ÇáÚÑÈíÉ Ýí ÌäæÈ ÇáÚÑÇÞ íåäÆ ÇáÔÚÈ ÇáÚÑÇÞí æÇáãÓáãíä ßÇÝÉ ÈãäÇÓÈÉ ÚíÏ ÇáÇÖÍì ÇáãÈÇÑß ÚÇã ١٤٤٥ åÌÑíÉ
مكتب الثقافة والإعلام القومي - برقية تهنئة إلى الرفيق المناضِل علي الرّيح السَنهوري الأمين العام المساعد و الرفاق أعضاء القيادة القومية
أ.د. مؤيد المحمودي - هل يعقل أن الطريق إلى فلسطين لا بد أن يمر من خلال مطاعم كنتاكي في بغداد؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ الحلقة الخامسة
د. أبا الحكم - مرة أخرى وأخرى.. متى تنتهي كارثة الكهرباء في العراق؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الإخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ ] - الحلقة الرابعة
القيادة العامة للقوات المسلحة - نعي الفريق الركن طالع خليل أرحيم الدوري
مكتب الثقافة والإعلام القومي - المنصة الشبابية / حرب المصطلحات التفتيتية للهوية العربية والقضية الفلسطينية ( الجزء السادس ) مصطلحات جغرافية وأخرى مشبوهة
الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي - تصريح الناطق الرسمي باسم القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي حول مزاعم ومغالطات خضير المرشدي في مقابلاته على اليوتيوب ( الرد الكامل )
مكتب الثقافة والإعلام القومي - مكتب الثقافة والإعلام القومي ينعي الرفيق المناضل المهندس سعيد المهدي سعيد، عضو قيادة تنظيمات إقليم كردفان