شبكة ذي قار
عـاجـل










شهدت تلك الفترة مظاهر دموية لا عهد للعراقيين بها منها مشاهدة أعداد من الجثث التي تحمل آثار التعذيب والتمثيل البشع وهي تلقى يومياً في شوارع بغداد ومدن أخرى، بعقوبة وصلاح الدين والموصل وغيرها من مدن العراق.

وهي بلا شك كانت حصيلة حتمية لأعمال فرق الموت التي كان يديرها جون نيغروبونتي بنفسه ويساعده عدد من قادة المليشيات الطائفية وبدعم إيراني سري بدأ يتصاعد تدريجيا حتى ظهر بصورته الأخيرة والعلنية في وجود فيلق القدس وخبرائه وقادته وعلى رأسهم قاسم سليماني في كثير من مناطق العراق بما فيها المنطقة الخضراء وحزام بغداد ومناطق اشتداد المقاومة العراقية وتواجد أنصار المجلس العسكري العام لثوار العراق .

وكان من شأن ذلك العنف الطائفي دفع العراق إلى الكارثة التي يتخبط فيها اليوم.

[ أنظر : ظاهر جميل، إدارة التصعيد: فريق نيغروبونتي وبوش الجديد في العراق، Antiwar.com، 7 كانون الثاني/يناير، 2007)].

( كان الكولونيل ستييل، طبقاً لرواية عضو الكونغرس دينيس كوسينيتش، مسئولا عن خطة نُفذت في السلفادور "اختفى" أو قُتل بنتيجتها عشرات الآلاف من السلفادوريين، بمن فيهم الأسقف أوسكار روميرو وأربع راهبات أمريكيات.).

فور وصول الكولونيل ستييل إلى بغداد، عُين في وحدة مكافحة التمرد المعروفة باسم (مغاوير الشرطة الخاصة) التابعة لوزارة الداخلية العراقية. [ انظر ACN ، هافانا، 14 حزيران/يونيو 2006].

تؤكد التقارير أن ( ... الجيش الأمريكي حَوَّلَ الكثيرين من المعتقلين إلى كتيبة وولف ( الذئب ) Wolf Brigade، الكتيبة الثانية المرهوبة الجانب في قوات المغاوير التابعة لوزارة الداخلية، والتي غالباً ما يشرف عليها الكولونيل ستييل... كان الجنود والمستشارون الأمريكيون يقفون جانباً ولا يفعلون شيئاً، بينما كان أفراد من كتيبة وولف يقومون بضرب وتعذيب السجناء) .

ذكرت تقارير صحفية أمريكية أخرى : ( ... إن مغاوير وزارة الداخلية استولوا على مبنى المكتبة العامة في سامراء، وحولوها إلى مركز اعتقال ... ويذكر بيتر ماس إنه خلال مقابلة كان يجريها في العام 2005 في هذا السجن المرتجل، مع المستشار العسكري لكتيبة وولف، الكولونيل جيمس ستييل، سمع صراخاً رهيباً لسجين في الخارج. ويذكر أن ستييل كان يعمل كمستشار في المساعدة على سحق التمرد في السلفادور.) [ المصدر ذاته].

وثمة شخص آخر سيئ السمعة لعب دوراً في البرنامج العراقي لمكافحة التمرد [ حسب الوصف الإعلامي الأمريكي] ، وهو مفوض الشرطة السابق في نيويورك بيرني كيريك [وقد ظهرت صور بيرني كيريك مع حرسه الشخصي في أكاديمية الشرطة في بغداد مرارا] بعدها أدين في العام 2007 من قبل المحكمة الاتحادية الأمريكية بـ 16 تهمة جنائية.

عين كيريك من قبل إدارة بوش مع بداية الاحتلال في العام 2003 للمساعدة في تنظيم وتدريب قوات الشرطة العراقية. وخلال مهمته القصيرة، عمل بيرني كيريك ، الذي اتخذ منصب وزير الداخلية المؤقت، على تنظيم وحدات إرهابية داخل قوات الشرطة العراقية التي كانت تتشكل في ذلك الوقت. ( ... إن كيريك الذي أرسل إلى العراق لتنظيم قوى الأمن، سرعان ما نصب نفسه كوزير مؤقت للداخلية في العراق. )، ونظرا لشراسته وجرائمه وصل الأمر بمستشاري الشرطة البريطانيين أن أطلقوا عليه لقب "سفاح بغداد".

[سالون، 9 كانون الأول/ديسمبر، 2004].
وفي ظل قيادة نيغروبونتي في السفارة الأمريكية في بغداد ومجموعته الفاشية التي تعمل تحت لافتة الديمقراطية الجديدة في العراق بمسميات عدة ، أطلقت اليد الحمراء لتنكل بأبناء العراق فامتدت موجة من الاغتيالات والقتل المستهدف للمدنيين. وكذلك استهدف أطباء ومهندسون وعلماء ومثقفون عراقيون من مختلف المهن والتخصصات والطوائف والاديان والقوميات.

وقد وثَّق المؤلف المحلل الجيو سياسي ماكس فوللر بالتفصيل تلك الفظائع التي ارتكبت تحت رعاية البرنامج الأمريكي لمكافحة التمرد ( حسب التوصيف الأمريكي ).

لقد أشير إلى ظهور فرق الموت لأول مرة في شهر أيار/مايو من هذا العام [2005]، … عُثر على العشرات من الجثث ملقاة، بدون اكتراث، في مساحات خالية حول مناطق بغداد. وكان جميع الضحايا مقيدي الأيادي ومصابون بالرصاص في رؤوسهم، وظهرت على الكثيرين منهم علامات التعذيب الوحشي.

وثقت لجان حقوق الإنسان المحلية والدولية كما تابعت هيئة العلماء المسلمين في العراق ما يكفي من الأدلة الدامغة التي تدين قوات الأمن العراقية التابعة لوزارة الداخلية وتناولت أخبار وكالات الأنباء ما تسرب من أخبار قادمة من العراق عن دور فيلق بدر، الجناح العسكري السابق للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، ووقوف أجنحة منه وراء أعمال القتل منها ما كان يشرف عليه وزير الداخلية الأسبق بيان صولاغ جبر. كما اتهمت تقارير عدة وزارة الداخلية بممارسة إرهاب الدولة [ فاينانشال تايمز وتقارير أخرى للصحافة الدولية ومنها الأمريكية]. كانت قوات مغاوير الشرطة وكتيبة الذئب "وولف" تخضع للبرنامج الأمريكي لمكافحة [التمرد] في وزارة الداخلية العراقية حسب تقارير الإعلام والخارجية والدفاع الأمريكي التي غالبا ما كانت تردد في نشرات الأخبار:

( ... وقد تم تشكيل مغاوير الشرطة تحت وصاية وإشراف خبراء أمريكيين مخضرمين في مكافحة [التمرد]، ومنذ بدايتها قامت بعمليات مشتركة مع نخب سرية للغاية من الوحدات الخاصة الأمريكية (رويترز، ناشينال رفيو أونلاين)].

…كان جيمس ستييل من الشخصيات الرئيسة في تطوير مغاوير الشرطة الخاصة، وهو ضابط سابق في القوات الخاصة للجيش الأمريكي خدم طويلاً في فيتنام قبل الانتقال لتوجيه البعثة العسكرية الأمريكية في السلفادور في ذروة الحرب الأهلية في ذلك البلد. …كذلك كان الحال مع مساهم آخر في البرنامج، ويدعى ستيفن كاستيل والذي عمل بصفته كبير المستشارين الأمريكيين في وزارة الداخلية، هوَّن من شأن الاتهامات الخطيرة والموثقة جيداً لانتهاكات مروعة لحقوق الإنسان في العراق واصفاً إياها بأنها " مجرد شائعات".

وشأن ستييل، فإن كاستيل اكتسب خبرة كبيرة في أمريكا اللاتينية من خلال مشاركته في ملاحقة بارون الكوكايين بابلو إسكابارو خلال الحرب على المخدرات في كولومبيا في التسعينات…

وتكتسب الخلفية المهنية لكاستيل أهميتها لكون الدور الاسنادي الذي كان يؤديه في تجميع المعلومات الاستخبارية وإعداد قوائم الموت هي من العلامات المميزة لانخراط الولايات المتحدة في برامج [مكافحة التمرد] ( حسب التوصيف الأمريكي للمقاومة في العراق) ، وهو يشكل الخيط الخفي الذي يربط بين أحداث كان يمكن أن تبدو كعربدات قتل عشوائية متفرقة.

مثل تلك الإبادة المخططة مركزياً تتسق تماماً مع ما كان يحدث في العراق [2005] وما بعدها رغم بعض التعديلات التي جرت بعد رحيل نيغروبونتي من العراق وترك من يستخلفه من أعضاء الفريق الأول ومن أتى بعدهم بصيغة مدربين وخبراء تسليح للقوات العراقية رغم تزايد النفوذ الإيراني بشكل واضح خلال فترة حكم نوري المالكي وخلال فترة ترتيبات انسحاب القوات الأمريكية وما تم تأمينه للأمريكيين ضمن اتفاقية التعاون الأمني والدفاع الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة وإصرار الإدارة الأمريكية على منح ضمانات وحصانة لكل أفراد قواتها وفرقها الأمنية والمستشارين العسكريين لها وحتى شركات الحماية الخاصة التي كانت تعمل ضمن شروط سرية وعلنية في العراق.

لقد أطلقت يد قوات الداخلية لتمارس ما دربته لهم به فرق الموت الأمريكية ومؤسسة نيغروبونتي وفريقه وأعطيت الصلاحيات لوكيل وزارة الداخلية عدنان الاسدي (وهو مجرد مضمد سابق كان لاجئا في إحدى الدول لاسكندنافية ) ومساعدوه وهي كلها أعمال جرائم قتل وخطف واعتقالات كلها تتسق مع ما تدربت عليه مغاوير الشرطة الخاصة والتي صممت أمريكيا لتزويد وزارة الداخلية بإمكانيات قوات المداهمة الخاصة ( وزارة الدفاع الأمريكية ).

وتماشياً مع هذا الدور، أصبح المقر الرئيس لمغاوير الشرطة مركزاً لعمليات القيادة والسيطرة والاتصالات والكمبيوتر والاستخبارات لسائر العراق، بفضل من الولايات المتحدة. ( المرجع السابق، ماكس فوللر ).

وقد جرى استكمال العمل التأسيسي الذي قام به نيغروبونتي في العام 2005 تحت إشراف سلفه السفير زلماي خليل زاده. وكان على روبرت ستيفن فورد أن يضمن استمرارية العمل في المشروع قبل تعيينه سفيراً في الجزائر في العام 2006، وكذلك إبان عودته إلى بغداد كنائب رئيس البعثة مرة أخرى في العام 2008.

للدراسة شهادات ومراجع وإحالات وهوامش كاملة
 





الثلاثاء ١٢ شــوال ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٨ / تمــوز / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب إعداد ا. د. عبد الكاظم العبودي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة