شبكة ذي قار
عـاجـل










لم يتسم الموقف الروسي يوما ولا قبله الموقف السوفياتي من مجريات الاحداث العالمية وتحديدا في منطقتنا بغير سمة التردد والتلكوء وحتى التراجع في اللحظة الحاسمة، ضاربا بعرض الحائط كل الاعلام المعتمد لاظهار القوة السوفياتية السابقة ومن بعدها قوة روسيا كطرف رئيس وارث لامكانات الاتحاد السوفياتي العظمى عدا الجانب العقيدي، بالعظمة والقدرة على صنع الحدث وادامته لمداه، عدا استثناءات لا تخلو من تفاهمات وتوافقات مع الادارة الامريكية سرا اوكتحصيل حاصل لمجريات الامور وفق مبدأ تحكم الواقع بها، مع الاشارة الى ان الموقف الجامع في كل مجريات السياسة السوفياتية والروسية فيما بعد تجنب الاحتكاك المباشر مع الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها، والانابه عنه بما سمي الحرب بالوكالة او الانابة وهي ايضا مقيدة بحجومها، مما فرض نوع من التعامل الانتهازي لاغلب علاقاتهما الدولية، جراء غياب الثقة عن اتخاذ القرار المناسب في اللحظة المناسبة، وهذا ينسحب على اغلب هذه العلاقات، والموقف السوفياتي رغم سعة طنينه بمساعدة اصدقاءه من دول العالم الثالث، فان هذه المساعدات ان حصلت لم تكن متحررة من الاشتراطات المسبقة، ومقيدة باكثر من قيد لا يخدم غير المصلحة السوفياتية بعيدا عن كل التنظير المبدئي، والتي اضعفت بالمقابل امكانية اي تصرف وطني مستقل نابع من المصلحة الوطنية ولها ان لم يهيْ بتفاهمات مسبقة تخضع للمساومة وحتى الابتزاز احيانا، وغالبا على مستوى الأطراف التي تتنكلف باجراء التفاوض،

وبسبب ذلك فقد الاتحاد السوفياتي تباعا جل علاقاته مع الاطراف الدولية لتختار كثير من الدول مد اليد الى الادارة الامريكية والعالم الغربي على ما تحمله من كلف و سؤ، ضمانا لكسب المنافع باثمان ليس بالاقل ولكن بمستوى جودة اكبر، عدا الدول التي انتهجت في سياستها موقفا مبدئيا يلتقي مع الاتحاد السوفياتي في هذه الفقرة او تلك دون الاعتبار لحقيقة تصرف السوقيت على اعتبار ان ما تقوم به نابع من المباديء التي تنتهجها، ومنها العراق العظيم في ظل الحكم الوطني، وكوطنيين عراقيين عاصرنا الحدث وعشنا كثير من تفاصيل صناعته احيانا كثيرة، نتذكر جيدا كيف اضطرت قيادة الثورة على بيع اراضي معسكر الوشاش ( اراضي شارع الزيتون وحدائق الزوراء حاليا ) كواحد من الاجراءات التي عمدت اليها كي تتمكن من تسديد ديون للاتحاد السوفياتي السابق الذي رفض تزويد العراق وهو بامس الحاجة لاعتدة ومعدات عسكرية لنفادها كليا تقريبا، بعد اندفاع نظام الشاه تحت جناح الاحزاب العميلة في شمال العراق وتحقيقه من المكاسب ما بات يشكل خطرا وهاجسا حقيقيا لقيادة الحزب والثورة في ظل امكانات مادية تكاد تكون معدمومة، وليصر السوفيات اصرارا مبالغا رغم خطورة الموقف الذي مر بالقطر واستثنائيته لاستعادة اموالهم مقابل النظر في تزويد العراق بما يحتاجه من معدات عسكرية، ونتذكر ايضا كيف ان الاتحاد السوفياتي عبر عن رفضه وامتعاضه من اي خطوة تخطوها قيادة الحزب والثورة نحو تحرير الثروة النفطية واسترجاع الشعب لها بموف لايمكن ان يفسر باية صورة من الصور غير اعاقة اية خطوة تقدمية تقدم العراق للعالم على اساس مبادئه وقدرته على اختيار الطريق الوطني المخلص للتعبير عنها بما يحقق مصلحة الوطن والمواطن والانسان على مدى المعمورة،

هذا وغيره كثير حين حاول السوفيت فرض الامر الواقع على العراق اكثر من مرة، غير ان التصرف العراقي دائما كان قويا وصادقا في وطنيته، ومنها على سبيل المثال حين فتح السوفيت سبعينيات القرن الماضي المركز الثقافي السوفياتي دون موافقة مسبقة أو تشاور مع الحكومة العراقية، ليجوبهوا بموقف عراقي صلب باغلاق المركز فورا، ولحفظ ماء الوجه عرض السوفيات مع الاعتذار فتح مركز ثقافي عراقي في موسكو مقابل ذلك كتسوية لهذا التجاوز، هذا وكثير من مثله لم يفرض على العراق الوطني العظيم الا التصرف وفقا لمبدئيته العالية،ولم ينجر الى مناكفات لم يرى فيها غير اشغاله عن اداء مهامه الوطنية والانسانية، واستمرار اتسام خطواته بقوة القرار وعمق تأثيره وفقا لما تستشعره قيادة الحزب والثورة، دون اي اعتبار لحسابات الكسب غير المشروع او فرض الوقائع على السوفيت كسبا للمنافع كما عمد له كثير من الانظمة التي كانت تدعي التقدمية، يؤكد ذلك، وايضا على سبيل المثال، كيف اعترف العراق بالمانيا الشرقية، الحلم الذي لاجله قدم السوفيت كثير من الاموال والمعدات لعديد من الدول على امل الحصول عليه ولم يحصلوا لطبيعية انتهازية المواقف لاغلب الدول التي ارتبطوا بها كما أشرنا، ليفاجيء العراق الجميع في اعترافه بالمانيا الشرقية، وليكسر طوق الاغلاق عنها دون منة او طلب مقابل، وكذا الحال مع عقد اتفاقية الصداقة والتعاون مع الاتحاد السوفياتي، ولكن مقابل ذلك كيف اتسمت حركة السوفيت تجاه العراق الوطني،

فلم يبرح السوفيت قيادة واشخاص التخوف من السلوك الوطني العراقي في ذهنية صانع القرار السوفياتي، وظل الهاجس حقيقي في اعاقة تمكن العراق من اي انجازات ماثله وان لم يعلن عنها، لما يمثله ذلك من امتداد التأثير الوطني العراقي على اغلب حلفاء السوفيت، وفقا للمكاسب التي يحققها والظروف المشابهة التي تعيشها اغلب البلدان، وبما يؤمّن فضحا جادا وحقيقيا للدجل والمساومات السوفيتية امام شعوب هذه البلدان وبالمقارنة الميدانية القائمة على امكانات كلا الطرفين على كافة الصعد، والتي هي قطعا لصالح الاتحاد السوفياتي باشواط عديدة، لحجم الامكانات الهائل الذي يتمتع به قياسا لما هو متوفر للعراق وحداثة تجربته الوطنية، وما يجلبه ذلك من مشاكل حقيقية على صعيد علاقات السوفييت مع دول العالم الثالث، والذي لم يغادر من بعدهم الروس هذه المواقف حتى اغتيال بغداد، لنصل بالمحصلة ان الموقف المبدئي غير متاح للمشرع الروسي وقبله السوفياتي جملة وتفصيلا، بقدر ما هي المصلحة التي تعتمد في اطار اي موقف، وهنا علينا ان نتذكر مستوى رد الفعل السوفياتي والروسي ( لاحقا ) على كل المنعطفات الخطرة التي مرت بالعراق بفعل الاستهداف الامبريالي الحاقد، ومن دون ان يصدر عن القيادة السوفياتية والروسية فيما بعد اي موقف يقترب من المواقف الوطنية التي اتخذتها شعوب وبعض بلدان هي اقل حجما وامكانات منهما، واليوم اذ يروج لموضوع التحالف الرباعي الذي يضم العراق وسوريا اضافة لروسيا وايران، فان من البديهي ان اي تحالف ستراتيجي لا يمكن ان يصاغ على اساس التجزئة، بل يبنى على اساس النظرة العامة للامور والتوافق الشامل نسبيا بشأنها ان لم يكن التطابق ومن دون الاخلال بالتزامات الاطراف الموقعة عليه، فأننا نجد مساحة التناقضات هي الاشمل والاوسع في العلاقة بينهما، فأين يلتقي الروس مع ايران واين يفترقوا وجميعنا تابع ومن وقت قصير كيف منع الروس اتمام تسليم ايران منظومة صواريخ ارض جو ( أس300 ) المدفوعة الثمن التزاما بالحظر الامريكي، وانصياعهم للقرار الامريكي الصادر عن مجلس الامن الدولي بفرض العقوبات الاقتصاديةعلى ايران،

وكيف اجل الروس انجاز المشاريع الطاقة النووية المتفق عليها مع ايران ايضا التزاما بالحظر الامريكي،وكيف ان روسيا الاتحادية صمتت عن الاستهداف الامريكي لسوريا باديء الامر مقابل حفنة مليارات من الدولارات السعودية التي ضخت تحت عنوان مشتريات سعودية للسلاح الروسي، وكيف ان الاتحاد السوفياتي ومن بعده روسيا الاتحادية، جنت من التغيير السياسي الذي صاغته الادارة الامريكية في ايران بازاحتها نظام الشاه والمجيء بعمائم الشيطان لادارة الحكم في طهران وفقا للمصالح الامريكية كل المشاكل وكان احد المفاتيح الرئيسية لتفكيك الاتحاد السوفياتي وتقويض دولته، وارباك الاوضاع الداخلية في عديد الدول المنسلخة عن الاتحاد السوفياتي السابق، وبرعاية امريكية مباشرة، وغافل من يعتقد ان الروس غير ذي تحسس من التوجهات الايرانية وانشطتها الطائفية في الاراضي الروسية او في البلدان التي استقلت عن الاتحاد السوفياتي السابق، ولكنها السياسة، فقد كان للنظام في طهران اليد الطولى في تنفيذ ما ترغب الادارة الامريكية، كماهم ( نظام طهران ) من بدأ بتهيئة الارضية للاحتلال الامريكي لافغانسان والعراق وفقا للمخطط الامريكي، وهم اليوم على ما يبدو الاقدر على توريط الروس ووفقا للرضا الامريكي غالبا، ففي الوقت الذي تقف فيه روسيا امام منعطف حقيقي بعلاقتها الاوروامريكية بسبب انتزاعها القرم وتبذل شتى الجهود للتخفيف من رد فعل الحلف الغربي، نراها وعلى غير عهدها تجازف في التدخل العسكري في سوريا واعلانها الاستعداد للتدخل العسكري في العراق ان طلب منها ذلك، وروسيا تعلم وكما العالم كله يعلم ان النظام في العراق اليوم انتج امريكيا، وحين تشارك روسيا في الدفاع عن النظام فيه انما هي تشارك في ضمان المصالح الامريكية، فأي ترهات هذه التي يراد تسويقها،

واي كذب هذا الذي فرض على العالم من قوى الطغيان في شرقه غربه، ووفقا للاعلام الرسمي للاطراف التحالف، فان ايران اشد الاعداء للكيان الصهيوني ومعها سوريا، والعراق وان لم يتخذ موقفا واضحا من هذا الموضوع منذ احتلاله من قبل الولايات المتحدة الامريكية، غير انه وبحكم الادارة المباشرة له من امريكا لا يمكن الا ان يكون متحفظا على اي نشاط وان كان اعلاميا ضد الكيان الصهيوني، في مقابل اندفاع روسي على اكثر من صعيد في تطوير العلاقات مع الكيان الصهيوني والدفاع عنه على اكثر من جهة كسبا للموقف الامريكي، مما يفرض تباينات جدية وان كانت اعلامية بين اطراف التحالف، كذا الحال الاهداف الروسية الممتدة تاريخيا في حلم الوصول الى المياه الدافئة، وهو ما يعني اطلالتها المباشرة على الخليج العربي بشكل خاص والبحر الابيض المتوسط واللتان تدخلان ضمن الخطوط الحمراء للولايات المتحدة الامريكية، وهي ذات الاهداف الامبراطورية الفارسية وطموحا في ابتلاع الخليج العربي في جانبه الغربي بعد ان ضمنت ابتلاع جانبه الشرقي وبسكوت عربي ودولي مريع وغير مفهوم، والاطلالة المباشرة على البحر الابيض المتوسط،، والتحالف الايراني الروسي لايمكن ان ينظر له امريكيا ان لم يكن بقرار منها الا تهديدا مباشرا للمصالح الامريكية لا يمكن ان تقف عند اي من مقترباته، فما الذي يسكت الادارة الامريكية عن ذلك ان لم يكن القرار امريكيا في صياغة هذا التحالف ، وغاياته قطعا لا يمكن ان تشكل خطرا على الادارة الامريكية ولا على اي من حلفائها، مقابل استنزاف قدرات الدب الروسي والتقليل من الكلف الباهضة التي التزمت بها الادارة الامريكية وغيره، وهنا لا ننسى النكوص الروس في تعهداته واتفاقاته مع اطراف دولية صديقة حسب ما يدعي كالموقف الروسي المتواطيء مع الامريكان في حال العراق وليبيا واليمن ، وحتى سوريا التي لم تحضى بالاهتمام الروسي على مدى سنوات الثورة المسلحة ضد نظام الاسد كما اشرنا لتفاجئنا اليوم بحرص لا يستند الى اي قدر من المصداقية،والسؤال الذي يفرض نفسه وبقوة، اين تريد الادارة الامريكية الذهاب بالعالم، او لم تكتفي بحجم التدمير والدماء التي سالت في بلدان عدة جميعها عربية لم يكن لها من التهديد للادارة الامريكية سوى رفض الانقياد لمخططاتها، وبمعونة ايرانية مباشرة وسكوت روسي لافت للانتباه، فهل كتب على الامة وبتواطيء ممن يدعون صداقتها او قيادتها نحو تحقيق مصالحها واهدافها، وهم من رضوا ان يكونوا ادوات تدمير لكل اشراقات وعناصر خير في هذه الامة ليزيحوا عن كاهل الادارة الامريكية كثيرا من الكلف المباشرة وغير المباشرة ان اختارت هل اللعب بمفردها،واليوم حين يؤسس لمثل هذا التحالف، انما هو استدراج جدي جديد لادامة التدمير الامريكي لامكانات دول عربية مطلوب ان لا تقوم لها قائمة امريكيا و(اسرائيليا) لحجم ما يترشح عنها من تهديد حقيقي لكل المخططات الامريكية’ ولتبقي جذوة الثورة الوطنية والقومية متوقدة على عموم ساحات المواجهة.

حمى الله العراقيين وثورتهم الباسله في سبيل الوطن والامة من البحر الى البحر، وفي سبيل الانسان في كل مكان.
الله اكبر حي على الجهادالله اكبر حي على الجهاد





الاحد ٢٧ ذو الحجــة ١٤٣٦ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١١ / تشرين الاول / ٢٠١٥ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب عنه / غفران نجيب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة