شبكة ذي قار
عـاجـل










أحيانًا ، في حالة التراجع وكذلك في حالة التقدم ، تعمل السياسات على إستخدام سيناريوهات، قد تكون سرية تلامس بعضها نظرية البدائل، أو تهدف إلى إشاعة الأضطراب أو إشاعة الأمل .. ولكن في النهاية تكون لسياسة خلط الأوراق مكانة تجمع الهدف ( السياسي- الأعلامي- الأستخباراتي ) البارز للدولة .

دعونا نتفحص ما يطرح من سيناريوهات في مجملها تحمل تناقضات وتعارضات وتقاطعات يتلمسها الكثير من الناس على اساس الحالة، في ما إذا كانت ممكنة أو غير ممكنة :

1- يقول السيناريو ان ( علي السيستاني ساكت الآن ولا يتدخل في السياسة ) .. وهو الذي لم يسكت منذ ما قبل إحتلال العراق عام 2003 ، فلماذا السكوت الآن ؟ فقد تدخل في السياسة وهو رجل دين فعين وزراء ونواب ومدراء وسفراء، كما تدخل في تغيير بنية الحكومة عدة مرات .. فلماذا يسكت الآن ؟ وتعاون على السيستاني مع المحتل الغازي بفتواه المعروفة بعدم مقاومة الغزاة عند هجومهم على العراق وطلب من أتباعه ومريديه رمي السلاح على الأرض .. فلماذا يسكت الآن ويجاري طلب الأمريكان - كما يزعم السيناريو المسرب - بحل الحشد الشعبي الذي أفتى بتأسيسه وناصره وشجعه ودعمه بأمر من ولي الفقيه .. نعم أمر ولي الفقيه ، لكي يتنمر أتباع إيران متمثلين بقياداتها الفارسية التي تقود الحشد الطائفي الأرهابية في العراق.

2- يقول السيناريو ( ان أمريكا تريد تغييرًا في العراق .. لماذا ؟ لأن العملية السياسية لم تعد قادرة على أن تخطو خطوة واحدة إلى الأمام وهي الآن في طريق مسدود دفعت بالبلاد والعباد إلى كوارث مروعة يقع في مقدمتها الأفلاس الكامل والشامل لخزينة الدولة .. فضلاً عن زيادة معدلات القتل والتدمير والتهجير، وزيادة النفوذ الإيراني ) .. ولكن ، من الذي أسس العملية السياسية ، أليس الأمريكان وبأدوات فارسية مطعمة ببعض العملاء والجواسيس محسوبين على مكون معين لأغراض الكذب وخداع الناس والعالم الخارجي .؟

فإذا كانت أمريكا تريد تغييرًا في العملية السياسية وتغييرًا لوجوه عملائها وفسادهم وانحطاطهم .. فهل من مصلحتها أن تتبوأ مقاعد العملية السياسية وجوه وطنية نظيفة يتعافى على يديها العراق ويستقر ويعيش شعبه حياته الآمنة ؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا دمرت أمريكا النظام الوطني وتركت شعبه نهبًا للصوص ونهشًا للنفوذ الفارسي؟

منذ ثلاثة عشر عامًا، وأمريكا ترى وتحس وتسمع الكوارث التي تحل في العراق ولم تحرك ساكنًا حتى تطاول الرعاديد الجبناء من المجوس على شعب العراق وانتهكوا محرماته ومقدساته وتجاوزا حدوده وسمائه ومياهه ونهبوا ثرواته .. وتطاولوا على أنظمة وقوانين ومبادئ عكف العالم المتحضر على الأهتمام بها واحترامها وتضمينها في دساتير بلدانها .. ومع ذلك ، لم تتخذ الأدارات الأمريكية المتعاقبة أي موقف قانوني أو إنساني يتساوق مع ديباجة حقوق الأنسان ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة .. فهل يعقل أن يستدرك القاتل الأمريكي ويعترف بجريمته ويحاول تسوية الأمور بطريقة تراجيدية ؟ .. ولماذا لا تقر الأدارة الأمريكية وهي ممثلة للدولة الأمريكية بجريمتها علنًا وتعترف وتعتذر للشعب العراقي وتعلن إستعدادها لتعويض العراق كدولة ، محتلة بدواعي وذرائع الكذب ، وكشعب قدم الدماء وخسر أمواله وفقد ثرواته ومستقبله ومستقبل أجياله، وتعمل على إرجاع الـ ( بعبع ) الفارسي الخبيث إلى ( قمقمه ) العفن في عمق التاريخ الأسود.!!

3- يقول السيناريو ( ان قوات المارينز قد تكفلت بحماية المنطقة الخضراء، وطلبت رسميًا من الحكومة الألعوبة إبعاد المليشيات المجوسية الفارسية عن هذه المنطقة ) و ( ان الحكومة قد تسلمت هذا الأمر من أجل تنفيذه خلال فترة وجيزة، فضلاً عن الأمر الأمريكي بنزع أسلحتها أو بالأحرى حلها أمام تقوية الجيش العراقي ) .. وإذا كان الأمر هكذا .. فهل تستطيع حكومة المليشيات ذاتها أن تعمل على تنفيذ قرارات الأدارة الأمريكية، التي أعلن بأنها جاءت من مؤسسة الأمن القومي الأمريكي، وأن العراق بكليته بات وفقًا لهذا السيناريو جزءًا من مُحْكمات الأمن القومي الأمريكي.؟ طالما أن الحكومة الحالية هي بقيادة حزب الدعوة العميل لأيران ومليشياته تأتمر بأمر ولي الفقيه حصرًا من خلال جنرالات الحرس الإيراني الذين تحركهم أوامر ( علي خامنئي ) والمصالح الأستراتيجية الفارسية .

4- يقول السيناريو ( ان الفرقة الأمريكية المجوقلة ( 101 ) وغيرها من القوات الخاصة بالإنزال الجوي قد وجدت طريقها بالقرب من الموصل .. وإنها أستبعدت كليًا تشكيلات الحشد الطائفي من المشاركة بـ ( التحرير ) .. وإن رؤساء هذه المليشيات (  ( التي لم يدرجها الأمريكيون في قائمة الأرهاب على غرار داعش )  ) ، قد وضعوا في قائمة الحصار والعقوبات .. ولكن واقع الحال خارج هذه التسريبات البائسة يختلف كليًا بحيث بات الأمر مهزلة حين يتطرق السيناريو إلى الحكومة التكنوقراط المرتقبة، التي يراد بها تجميل الوجه القبيح للحكومة العميلة بإسقاط بعض الوجوه التي شبعت وتنعمت بأموال الشعب المنكوب وتاجرت به وبمستقبله وهم حزمة من اللصوص والقتله .. حتى باتت أوراقهم السياسية محروقة وضررها قد انعكس على احزابها الحاكمة.ولكن كما يقول المثل الشعبي ( يروح جلب أسود يجي جلب أبيض ) ، والنتيجة تظل تجتر واقعًا مأساويًا محكوم بالدم والتدمير والارهاب المليشياوي الفارسي وغيره.

تغيير الوجوه الوزارية على أساس نبذ الفساد والجريمة .. حسنًا ، هل هنالك قانون وسلطة تحاسبهم وتلقي بهم في السجون؟ ، الجواب: كلا ، لأن هذه الوجوه المجرمة تنتمي لأحزاب السلطة، وهذه الأحزاب تدافع عن كوادرها المجرمة التي رشحتها لهذه المناصب حسب المحاصصة الطائفية .. إذن ، الحالة هي دورة الجريمة ودورة الفساد والمفسدين ودورة الأبتزاز وشراء المناصب والذمم ودورة تزوير الشهادات على مستوى الوزراء والنواب والمدراء العامون نزولا .. فهل يصدق أحدًا بتغيير الوجوه وتغيير المناصب على أساس حكومة التكنوقراط ؟ .. يا لها من كلمة سحرية مخادعة.

5- يقول السيناريو ( إن حيتان الفساد هم الذين أوصلوا العراق إلى طريق مسدود ، وعليه فأن تقرير البيت الأبيض يؤكد عزم الحكومة الأمريكية ومكتب الممثل العام الأمريكي وبمتابعة السفارة الأمريكية في بغداد ، بإلزام حكومة ( حيدر العبادي ) بإداء أفضل في هذا الأطار ) .. ثم ظهرت أسماء وزراء ونواب ومدراء عامون وسياسيون وشخصيات تعمل بالدين والتجارة وأخرى متخصصة بغسيل الأموال وتهريبها إلى الخارج حتى أفلست خزينة الدولة تمامًا ، ولكن لم نجد من بين هذه الأسماء ( نوري المالكي ) المجرم الأكبر، إنما ولده المجرم الفاسد ( احمد نوري المالكي ) .. فماذا يعني ذلك ؟ يعني ان أمريكا تحرص على إبقاء تعاملها القذر مع ( حزب الدعوة ) الحاكم ، وهو خط خطير من خطوط الأخوان المسلمين الأكثر دموية، طالما يعتبر الأداة الأساسية التي تحرك الطائفية الفارسية وتمهد لأيران توسعها الفارسي .. وعلى هذا الأساس تم تغييب ( نوري المالكي ) من قائمة التغيير التي يقترحها السيناريو المشبوه المسرب بأن تتولى حكومة ( تكنوقراط ) مهامها تحت اشراف حكومة حيدر العبادي لمحاربة الفساد والمفسدين .. ولكي تبقي أمريكا على الخطوط الأساسية القائمة بين حكومة ( حزب الدعوة ) العميل و ( حكومة طهران ) الفارسية الطائفية.!!

وكما أسلفنا، هل أن حكومة ( تكنوقراط ) التي فشلت سابقتها ، تستطيع ان تنفذ المطلوب منها .. ألم تكن الكتل السياسية هي التي تتحكم بالقرارات والمواقف، فكيف ستطال اجراءات ضرب الفساد والمفسدين، في حين فشل العبادي نفسه بإزاحة ومعاقبة المجرمين .. مليارات الدولارات منذ عام 2003 ولحد هذا العام، مازال اللصوص يسرحون ويمرحون مدعومون من كتلهم السياسية ومن أحزابهم ومن مليشيات طائفية مسلحة طغت وانتزعت كل شيء لحساب ( ولي الفقيه ) .!!

يبدو أن الأمريكان قد وصلوا إلى درجة عالية من التخبط، وباتوا يعتقدون بأن مثل هذا السيناريوهات ستنطلي على أحد .. فقد طفح الكيل بـ ( نوري المالكي ) وهو من حزب الدعوة العميل فأستبدله الأمريكان بـ ( حيدر العبادي ) وهو من الحزب ذاته .. فهل يصر الأمريكان بالتوافق مع الإيرانيين على حكم ( حزب الدعوة ) بما يرضي إيران وصفقتها النووية؟ .. فتشوا عن لعبة أخرى مفضوحة سلفًا.!!





الاثنين ٧ جمادي الاولى ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / شبــاط / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة