شبكة ذي قار
عـاجـل










عندما يتحدث المؤرخون عن مراكز الحضارات الانسانية في العالم تذكر بغداد ودمشق وصنعاء كأقدم مراكز تلك الحضارات , حيث شهدت نبوغ العلماء , ورغد العيش , والامن والامان , والتواصل مع الحضارات الاخرى , واقفة كالطود شامخة شموخ شجرة النخيل , وصلبة كصلابة شجرة السنديان .

اليوم ونحن في خضم ذكرى الاحتلال الامريكي لبغداد , وبعد مضي 13 عاما عجافا , نرقب ماذا حل ببغداد وما حل بالبغداديين وكل العراقيين عموما , بعد ان عاشوا حياة كريمة في العهد الوطني الذي قاده بشموخ وعزة الشهيد صدام حسين طوال ثلاثة عقود , حيث اعاد الى بغداد مجدها الذي عاشته منذ نبوخذنصر , وهارون الرشيد والمأمون.

في ذاك الزمن المجيد اعاد النظام الوطني لبغداد زهوها الحضاري العريق , فقد اعاد زهو بيت الحكمة الذي بناه المنصور , ورفع مجده الرشيد , وعززه المامون , اعاد زهوه ماديا وروحيا , وصار منارة للعلماء من كل الوطن العربي , كما ازدانت رفوف المكتبة الوطنية بمئات الوف الكتب والمجلدات والوثائق , تلك المكتبة احرقها جهلة العصر بهدف طمس التاريخ العربي , وتجهيل ابناء المجتمع . وكأن التاريخ يعيد نفسه , فكما احرق هولاكو كتب بيت الحكمة عام 1258 ميلادية , فقد احرق الغزاة وجهلة العصر كتب بغداد ثانية عام 2003.

في ذاك الزمن صنف العراق في مقدمة دول العالم الثالث التي قضت على الامية باعتراف اليونسكو , وبنيت الجامعات في كل محافظه والمدارس ومراكز الشباب في كل حي . اما اليوم وفي ظل الاحتلال الامريكي والايراني فقد دمرت المدارس ونهبت الجامعات وتفشت الامية . وتحولت الجامعات الى حسينيات لبث ثقافة التجهيل والعودة الى الماضي وزرع الفتن الطائفية بين العرب والمسلمين بعامه .

في ذاك الزمن الكريم عاش العراقيون بكرامة في العيش المادي والعلمي والحضاري , وبات العراق يقف مع كثير من بلدان العالم المتحضر . اما اليوم فصار العراقيون يتضورون جوعا ويمضون وقتا فوق المزابل يفتشون عن لقمة اكل يقوتون بها اودهم . وتاجر حكام المنطقة الخضراء بمواد البطاقة التمونينة امعانا في تجويع العراقيين الشرفاء وتركيعهم واذلالهم .

في ذاك الزمن غطت ارض العراق مساحات كبيرة المصانع والمعامل والورش لتصنيع شتى انواع المأكولات والاحتياجات المنزلية وحتى المصانع التحويلية التي هي حكر على الدول الصناعية الكبرى , اما اليوم فقد نهب الجهلة حطام المصانع الكبيرة والصغيرة وباعوها الى ايران . وصار العراق ضمن الدول المتخلفة صناعيا .

في ذاك الزمن حافظ العهد الوطني على تراث العراق الحضاري , وكان المتحف الوطني العراقي منارة للعالم ومحط انظار علماء الاثار والمؤرخين والسياح والباحثين , اما اليوم فان اثار العراق نهبت وبيعت في الاسواق السوداء في عواصم العالم .

في ذاك الزمن كان العراق ملجأ كل المضطهدين من الوطن العربي , ومنارة لطلاب العلم من بلدان العالم الاسلامي , اما اليوم فصارت بغداد محرمة على اهل العراق من المهجرين من الانبار او ديالى او صلاح الدين . وكانت بغداد من اجمل مدن العالم يؤمها السياح لمشاهدة تراثها واثارها ومطاعمها ومتنزهاتها , اما اليوم فقد صنفت في ذيل القائمة .ففي احصاء اجرته مؤسسة مورسيل العالمية صنفت فيه مستوى المعيشة في 230 مدينة في العالم من الافضل الى الاسوأ , وقد احتلت ثلاث مدن عالمية المرتبة الاولى , فجاءت فينا عاصمة النمسا افضل مدينة والثانية هي زيورخ السويسرية والثالثة هي اوكلاند في نيوزيلاندا . وجاءت ثلاثة مدن عربية في وسط القائمة هي دبي بالمرتبة 75 ومدينة الرياض في المرتبة 164 ومدينة جده في المرتبة 165 . وجاءت اربع مدن عربية في ذيل القائمة هي دمشق في المرتبة 224 والخرطوم في المرتبة 226 , وصنعاء في المرتبة 228 , واخيرا مدينة بغداد في المرتبة 230 . وثلاثة من هذه المدن احتلتها ايران وعاثت فيها فسادا وتخلفا . بحيث صارت مدن الحضارات الاولى من اسوأ المدن في العيش الحر والكريم .

وللاسف ما زال بعض المغرضين والمشوهين فكريا يدافعون عن ايران وعن الحكام الذين يحكمون في هذه المدن العريقة , وبسبب السياسة الامريكية والايرانية فقد تحولت تلك المدن العريقة في تاريخا الى مدن الاشباح والخراب والعيش الضنك .

hassan_tawalbh@yahoo.com





الثلاثاء ١٣ جمادي الثانية ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٢ / أذار / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. حسن طوالبه نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة