شبكة ذي قار
عـاجـل










تواصل هوليود الأمريكية أمّ السينما الكونية ، رشَّ الأرض بأضخم الأفلام التي صارت كلفها الإنتاجية أقرب إلى الخيال . ألأرقام المذهلة التي تطرحها شبابيك التذاكر لعشرة أفلام حديثة كلفةً وربحاً ، قد تساوي ميزانية دولة أفريقية نصف جائعة . جنون التجارة السينمائية لا يشبهه الآن سوى جنون أسعار لاعبي كرة القدم التي لم تعد لعبة الفقراء لأنها اختفت من على شاشاتهم بسبب جشع شركات النقل والحقوق الحصرية ودكاكين الاشتراك السنوي .

شاشة هوليود القاسية ستمطر عليك خمسة شرائط رومانسية رحيمة منعشة طيبة مثل قصة حب لأريك سيكال ، ومائة شريط تلطخ سهرتك الاجبارية بمشاهد وقصص القتل ومصاصي الدم ومدمني ومافيا المخدرات والشذوذ الفكري والجسدي ، ثم الزحف نحو السياسة لتقوم هذه المؤسسة الاحتكارية الرأسمالية الجشعة بتزوير وتشويش وتحريف سيرة الزعماء العالميين من خصوم أمريكا ، مثل جيفارا وكاسترو وغاندي ونهرو وستالين وخروتشوف وهيرو هيتو وماو تسي تونغ ، وليس انتهاء بجمل محبوكة معتنى بها سيتركونها لاحقاً على سيرة صدام حسين ، لتجميل وتنظيف مشهد جريمتهم العظمى التي صنعوها ضد العراق بلاد ما بين القهرين العظيمين ، حيث تم تحت بساطيلهم الهمجية وأياديهم الحرامية ، تدمير تلك البلاد ونهب آثارها ونفطها ، ومن ثمّ تفكيكها وإفسادها وإمراضها بالفتنة وبالمنغلة التي عرّشت هناك .

في سلسلة أفلام وشرائط تنظيف التأريخ الوسخ ، ستترك هوليود الجند والضباط ورجال المخابرات القساة الذين سرقوا الآثار واغتصبوا النساء وعذبوا السجناء الأبرياء ، وشاركوا في تجارة المخدرات والمخطوطات والتماثيل الرافدينية الثمينة ، وسيذهبون إلى مشاهد نادرة مجتزأة من شريط الخزي الكبير ، فيظهر جنديهم أو جنديتهم وهي تقدم الحلوى لطفل بائس ، أو تسقي الماء لجندي أسير . أما بباب البطولة والخرق والسوبرمان ، فسوف تتعوّد ذاكرتك وذائقتك وأنت المتلقّي غير المحصّن ، بمنظر جندي أمريكي واحد اسمه بروس ولس أو توم هانكس وهو يقود كمشة رفاق سينتصر بسواعدهم وبنادقهم وبوكساتهم ، على فيلق عظيم من جيش العدو المسكين الذي ليس بمقدوره أبداً ، صياغة وكتابة تأريخه الذي حدث على الأرض أول مرة . سترى اليوم على شاشتهم الغنية ، كائنات خارقة حارقة وقد تجاوزت بجبروتها كلّ حركات رامبو وفاندام وايست وود وشين كونري . هم يكتبوننا ويرسموننا ونحن نتفرج ونندهش ، أما هوليودنا فخيالها ليس بمقدوره حتى الآن ، القفز على مشهد دموع غادة عبد الرازق ، وهي تسقط وتتجمع بماعون الانتقام العذريّ المجيد !!





الثلاثاء ١٣ ذو القعــدة ١٤٣٧ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٦ / أب / ٢٠١٦ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب علي السوداني نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة