شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

1 - السياسة الدولية محكومة بقانون ( التحدي والأستجابة ) ، الذي لم تكترث له بعض الدول الكبرى والعظمى والأقليمية .

2 - العالم محكوم بـ ( الترابط ) الجغرافي والثقافي والأقتصادي والأمني، وبالتالي الـ ( جيو - سياسي ) ..  وتجاهل هذا الترابط يُخل في الأمن والأستقرار الدوليين.

3 - التعاون الدولي والأقليمي ..  لا يتم إلا بالأعتماد على مبدئين أساسيين : مبدأ السيادة الوطنية ..  ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ..  اللذان يعتبران القاعدة الأساسية للتعامل والعمل المشترك.

 أولاً - نمو القوة وإغراءات إستخداماتها :

من بديهيات الأمور في علم السياسة ، مبدأ الدفاع عن النفس، وذلك بتعزيز القوة من أجل هذا الهدف، وخطوات تعزيز القوة محسوبة بقدر فهم التهديد وتحديد حجم ومستوى المخاطر ..  شريطة عدم جعل هذه القوة ذي طابع هجومي ، يخلق تصعيدًا مقابلا فينشأ ، عندئذٍ ، ( سباق تسلح ) سواء كان على المستوى الأقليمي أو الدولي .

فلسفة ( أوباما ) تقوم على ( أن القوة الحقيقية تعني ، قدرتك على الحصول على ما تريد دون الحاجة إلى إستخدام العنف ) ..  هذا تبرير مخاتل، غير منطقي يشكل مدخلاً ترويجيًا فاشلاً لما أسماه، تحولات كبرى في العالم، تكون قاعدته منطقة الشرق الأوسط ..  وبوابة هذه التحولات ، تحويل النظام الطائفي الصفوي إلى وكيل من خلال إتفاق يزعم بأنه يمنع إيران من تصنيع السلاح النووي ويذيب جليد العلاقات الدولية مع طهران ومن ثم يجعل العالم أكثر أمنًا .!!

 - في هذا المدخل يجاهل ( أوباما ) كل الحقائق التي تقرها نظريات القوة ونظريات التوازن ..  ويضع نظام ( ثيوقراطي ) دموي في كفة ، وقوى العالم في كفة ثانية ، ولم يحسب لها حسابًا لا في الأمن ولا في المصالح.!!

حيث يدل هذا التفكير الملتوي في خيار التحالف ، على أحد أمرين : إما جهل مطبق في السياسات الدولية وقواعدها ونظرياتها أو رغبة مخاتلة في التدمير التي تشمل الخارج ومن ثم الداخل الأمريكي أيضا نتيجة لذلك.!!

 - يعد هذا إنحرافًا في معايير السياسة ..  حيث يتربع على هذا الأنحراف تجاوز واقع توازنات القوى من جهة، والتوازن الأقليمي من جهة أخرى، الذي لولاه لما استقام التوازن الدولي كقاعدة عامة، ولما كانت أمريكا في كل تاريخها لا ترغب في إغلاق أي ملف دولي أو إقليمي ساخنًا، إنما تريده جرحًا فاغرًا نازفًا، فأنها بهذا السلوك لا تريد أن يكون العالم مستقرًا ونظامه الدولي يتمتع بالأمن والأستقرار الدوليين على وفق القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.

 - وعلى هذا الأساس تسعى هذه الدولة الأمبريالية المارقة نحو التحكم بالمنظمة الدولية وبمجلس أمنها وبالمنظمات المتخصصة التابعة لها بوسائل التهديد والترغيب والمراوغة والكذب ..  والنتيجة الواضحة، تبعًا للسلوك السياسي الأمريكي، هي تعطيل فعاليات مجلس الأمن وتهميش القانون الدولي وشل مبادئ الميثاق، ووضع الفيتو سيفًا مسلطًا على رقاب جميع الدول ..  ويشترك في حمل هذا السيف روسيا والصين على حدٍ سواء.!!

 - هل تُغَير الدولة الأمريكية جلدها الأمبريالي؟ أم أنها تحاول أن تغير سياساتها وتلمع وجهها الكالح بعد أن شخص العالم أنه وجه قبيح؟ ليس ذلك فحسب، بل المهم أن الداخل الأمريكي ينبغي أن يدرك أن مثل هذا السلوك بات لآإنسانيًا ويؤثر عليه سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا واجتماعيًا، ويشكل ضررًا فادحًا في صدقية الدولة الأمريكية وتعاملاتها الدولية والأقليمية.؟!

الأجابة معروفة سلفًا ..  أن الدولة الأمريكية سوف لن تغير جلدها الأمبريالي، إنما ستستخدم المساحيق وتلطف الأجواء بقليل من التنازلات ..  ولكن هل ستكون ولآية ( ترامب ) تتولى هذا ؟ وتصحح الأخطاء الجسيمة التي ارتكبها ( بوش الأبن ) و ( أوباما ) بحق العراق الوطني وشعبه العظيم؟ وهل تعترف رسميًا وتعوض ما دمرته الأداة العسكرية الأمريكية طيلة أكثر من ثلاثة عشر عامًا من القتل والتدمير؟ وهل ستعيد النظر بتوافقها الأستراتيجي مع نظام طهران المارق، الذي يرعى الأرهاب في العالم ويقمع شعبه ، لكي يستقيم الأمن والأستقرار في المنطقة والعالم؟!

 - وخلاف ذلك لن تقوم قائمة لأمريكا إذا لم تصحح أخطاءها القاتلة حيال شعب العراق ودولته الوطنية، وسيبقى الأرهاب يتناسل ويفرخ وتتسع دائرة العنف وتزحف صوب عواصم الغرب ومدن أمريكا ، شاءت أم أبت ..  وهذه هي حقيقة قانون ( التحدي والأستجابة ) ..  التحدي الأمريكي الإيراني الأسرائيلي وإستجابة المقاومة من لدن شعوب المنطقة لهذا التحدي .!!

ثانيًا - روسيا وأمريكا يدركان أن النظام الأيراني لم يعد لآعبًا إقليميًا :

 - بعد أكثر من سبعة وثلاثين عامًا من التدخل والتوسع الطائفي والعسكري فقدت إيران ما كانت تعتقده بأنها لآعبًا إقليميًا رقم واحد .

 - وإنها ما عادت على ثبات ولا قيمة لها، لأن قوى دولية وإقليمية قد سحبت البساط من تحت أقدامها تدريجيًا منذ أن زادت من تمددها فأضرت بمصالح دول العالم ، إعتقادًا من إيران بأنها العامل المؤثر في ميزان تعادل القوى والجميع يتحسبون لفعلها الطائفي العسكري ، حتى وهي تتطاول على راعي التوافق الأستراتيجي - أمريكا - حين تعلن أحيانًا أنها مليشياتها في العراق تستطيع أن تركع أمريكا وأن تخضع الشعب العراقي لسلطة ولي الفقيه الدموية.

 - وإن إيران باتت خارج خارج الترتيبات السياسية - الأستراتيجية طالما أنها تصر على الخيار العسكري في مناطق الصراع ( سوريا والعراق واليمن وجنوب لبنان ) ، بحكم الواقع الراهن لمسار العمل السياسي العسكري، الذي تتبناه موسكو وأنقرة وواشنطن.

 - إن تركيا تعد أكثر أهمية جيو - سياسية لموسكو من إيران ..  وإن إيران برميل بارود طائفي من المحتمل أن يتفجر في أي لحظة ..  فيما تتصف الساحة الجيو - سياسية التركية بالأرتياح الروسي، طالما أن العمق التركي الجيو - ستراتيجي الآسيوي تقدره موسكو، والذي يظهر تأثير تركيا في القوقاز وآسيا الوسطى وجورجيا وجزيرة القرم وأوكرانيا، فضلاً عن الموقع الأستراتيجي البحري صوب البحر المتوسط وإعتبارها ممرًا مهمًا لخطوط النفط والغاز نحو القارة الأوربية ، وتأثيرات حلف شمال الأطلسي الذي من الصعب أن يتخلى عن تركيا .

 - أجمع العالم وفي مقدمته روسيا وأمريكا وأوربا ، بأن نظام دمشق ضعيف ومتهاوي وعاجز ومسلوب الأرادة ولا يمتلك قراره الوطني ..  ومع ذلك نرى أن نظام طهران :

1 - يتعجل إجتماعات الأستانه ، في عقد عدد من الأتفاقيات مع نظام دمشق تتمثل في الآتي :

أولا - منح إيران خمسة آلاف هكتار من الأراضي الزراعية في سوريا.

ثانيًا - مناجم فوسفات جنوب مدينة تدمر الأثرية .

ثالثًا - ألف هكتار لأنشاء مستودعات ومحطات للنفط والغاز .

رابعًا - مشروع لتربية الماشية على الأراضي السورية .

خامسًا - إنشاء ميناء نفطي في سوريا .

سادسًا - اتفاق تشغيل الهاتف المحمول في سوريا .

الديون الايرانية المترتبة على نظام دمشق خلال الشهرين الماضيين بلغت قرابة ( مليار ) دولار ، فيما الحرب الدموية قد بدأت منذ خمس سنوات، لم يعد بمقدور نظام دمشق إدامة زخم الحرب ومتطلباتها بدون الأموال الأيرانية والأموال العراقية التي وصلت دمشق خلال ولآيتي ( نوري المالكي ) عن طريق حزب الله الأرهابي .

2 - الهدف من إستعجال النظام الأيراني في عقد الصفقات الغريبة مع نظام دمشق هو :

أولاً - إستباق قرارات أو مقررات إجتماعات الأستانه وتثبيت موقع قدم على الأرض السورية في صيغة مشاريع .

ثانيًا - تثبيت ( إستحقاقات ) نفوذ فارسي على الساحل السوري .

ثالثًا - هذا النفوذ يأخذ شكل الندية للنفوذ الروسي .

رابعًا - تعزيز الجانب الأستراتيجي لخطوط النفط والغاز الأيراني عبر العراق حتى السواحل السورية .

خامسًا - تكريس التحولات الديمغرافية ذات الطابع الطائفي الصفوي في سوريا.

هذه الأهداف يرمي من خلالها صانع القرار الأيراني تحقيقها، إعتقادًا منه بأنه قادرا على تسويق تمدده دون حسابات حدود مصالح دول العالم ومنها على وجه التحديد مصلحة الشعب السوري أولاً، ومصالح الدول الكبرى والعظمى والأقليمية ذات النفوذ والقدرات الكفيلة بلجم تهور النظام الصفوي واستهتاره .

 - إن التحولات التي تجري داخل الشعوب الأيرانية هي أكبر من قدرات هذا النظام على إحتوائها بالقمع والدجل .

 - إن الحركة التي تجري حول النظام الصفوي، الأقليمية والدولية، هي أكثر عمقًا من تصوراته بإحتوائها وتحجيم آثارها على الشعوب الأيرانية المنكوبة.

 - إن التوسع الجيو - سياسي الذي اعتمده النظام الصفوي وأعتبره الثابت الوحيد في سياسته الخارجية سيرتد عليه في السلب في القريب العاجل، رغم هيستيرية التصريحات والتحرشات في المياه الأقليمية والمجازر الطائفية والعرقية والتغيرات الديمغرافية، وعقد الصفقات الأستباقية .

 - إن عقيدة النظام الصفوي الأستراتيجية المستوردة من كهوف التاريخ المظلم قد عاف عليها الزمن في ظل تحولات لم تعد تستوع متخيلات عقد النقص الكائنة في ( قم ) وطهران .!!

 - وإن عقيدة النظام الصفوي الطائفية تصطدم مع محددات الجغرافية - السياسية ، ومن الصعب توظيفها لأغراض الهيمنة.!!

 - إن التاريخ يكشف عن فشل النظام الصفوي في استخدام تبريرات التوسع الجيو - سياسي حيال المنطقة بإتساعاتها الجيو - إستراتيجية .

 - وإن إدعاءات النظام الصفوي بحقوق إمبراطورية من الصعب نجاحها وقبولها في عالم لم يعد يستوعب مثل تلك الدعاوى، ومنها حقوق الشعب المختار وحقوق أرض الميعاد في فلسطين المحتلة ..  فكيف بدعاوى الصفويين والقاجاريين وآل بهلوي .!!

 - يكشف التاريخ ، عن إنكسار الفرس أمام اليونانيين والأتراك والروس والبريطانيين وقبلهم العرب في القادسيتين ..  ومع ذلك ، لم يتعض النظام الصفوي من نتائج تاريخه التوسعي الأسود ..  ويستمر على خطوات سلفه في التوسع والتمدد الفاشل.

تأتي هذه الملاحظات .. لتوضيح طبيعة الحركة التي قد تعكس الصراع الأقليمي وكيف يصبح التعامل معه دوليًا ، وكيف تتشكل موازين القوى من خلال الأحداث التي تحركها النخب الحاكمة في ضوء إخلالات الجيوبليتكس.!!

يتبع ...





السبت ٢٣ ربيع الثاني ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / كانون الثاني / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة