شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

الثابت والمتغير في السياسة الخارجية للدولة :

1 - الثابت .. هو المصالح الأقتصادية، التي تترتب عليها الحركة السياسية والعسكرية في مرماها البعيد من أجل الدفاع أو الهجوم لأغراض النفوذ أو الهيمنة .. ويظل الـ ( Geo – Economy ) هو الهدف الأساس في معظم الأحوال .

2 - المتغير .. هي الأدوات والآليات والتحركات التي ينجم عنها التحالفات والتوافقات والتفاهمات والتحولات السياسية والأستراتيجية، والصدامات والصراعات والحصارات والحروب :

أولاً - إن أي فعل أو تحرك سياسي حتى والعسكري يخفي دافعًا إقتصاديًا تحدده السياسة الأستراتيجية للدولة .. والأقتصاد يمثل في معظم الحالات مرتكزًا للصراعات والحروب - كما هو حاصل الآن في الشرق الأوسط - .. والأقتصادات أو الأهداف الأقتصادية للدول لها أوجه متعددة منها الأسواق ومناجم المواد الأولية وخطوط النفط والغاز ومخزوناتهما الأستراتيجية، التي تجعل الـ ( جيو - سياسة ) ذات قيمة حيوية أو أنها تتبؤ مكانة مهمة وحساسة أو أنها تنحدر إلى المرتبة الثانية أو الثالثة في سُلَمْ الأهتمامات ودرجة الوفرة والندرة والحجم والخطورة .. كل هذا أسوقه لكي أسلط الأضواء على الشرق الأوسط بشكل عام والمنطقة العربية بوجه خاص، لما تحتويه من أهمية ( جيو - ستراتيجية ) تستقطب القوى وتتركز فيها النزاعات والصراعات والحروب، وخاصة في العراق وسوريا وتركيا والخليج العربي على وجه التحديد .. كما أنها تعتبر قلب العالم الأقتصادي من حيث موارد الطاقة المتمثلة بـ ( الغاز والنفط والمياه ) ، إضافة إلى خطوط إمدادات الغاز والنفط وشبكتهما المترامية، التي تمتد من بحر قزوين إلى دولة قطر فإيران والعراق وسوريا حتى الموانئ التركية . ( * ) مقالات بهذا الصدد تم نشرها في مواقعنا الوطنية حول خطوط إمدادات النفط والغاز ومثلث الغاز في الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط .

ثانيًا - هذه المنطقة المهمة والحساسة، تعتبر قلب العالم الأقتصادي، التي تجري عليها سلسلة من الصراعات والحروب المباشرة والحروب بالوكالة، منذ عقود من السنين من أجل ترويضها وإستنزافها وتدميرها ومنع نهضتها وحرمانها من توحيد عناصر قوتها من لدن قوى ( دولية وإقليمية ) تسعى لمد خطوط مصالحها عبر الـ ( جيو - سياسة ) وبطريقة تصل نهاياتها إلى تقاطعات قد تؤدي إلى صدامات عنيفة أو تسويات قاصرة على حساب شعوب المنطقة .. هذه الخطوط هي في حقيقتها ( انابيب الغاز والنفط ) ، تأخذ شكل مشاريع ووسائل تنفيذها القوة العسكرية .. والتطلع لموقع القدم والنفوذ تحت أغطية مختلفة ( دعم نظام سياسي، مزاعم دينية ومذهبية، حماية المراقد والمقامات، ودعاوى إثنية وحجج واجهية، إلخ ) ، فيما يكتسب الصراع طابعًا ذو مكانة إستراتيجية بنوازع تدميرية، تعكس مدى إنحطاط القيم الأنسانية لدى تلك القوى الكبرى والعظمى والأقليمية، حين تسحق إرادات الشعوب وتدمر دولها ومدنها وبيوتها وممتلكاتها وكل مقومات حياتها، وتتركها عرضة للقتل والنهب والأستلاب والتهجير والموت الجماعي .. كل ذلك من أجل إيجاد ممر وموطئ قدم لتنفيذ مشروعات مد أنابيب الغاز والنفط بطريقة غير مشروعة,!!

ثالثًا - منذ سبعينيات القرن المنصرم، وبالتحديد عام 1973، حيث إنعقاد ( مؤتمر الطاقة الدولية ) ، الذي مَثلَ فيه أمريكا "هنري كيسنجر" في إثر المقاطعة النفطية الناجمة عن الحرب، وتأسيس قوات التدخل السريع الـ ( R.D.F ) ، لأحتلال منابع النفط في المنطقة، وأمريكا تعمل على تنفيذ مخططها وتكرس جهودها من أجل ما تسميه تذليل ( العقبات ) ، وهي عقبات كثيرة وصعبة، تأخذ شكل إسقاط النظم السياسية، وإحداث تغيرات ( جيو - سياسية ) وتغيرات ( ديمغرافية ) وتمددات وتوسعات عسكرية إقليمية بضوء أمريكي أخضر .. كل ذلك يجري، والفرقاء الدوليون والأقليميون ( روسيا وأمريكا وإيران وغيرهم ) ، يتسابقون من أجل تنفيذ مشاريعهم بالنار والدم والحديد .. ( فمخزونات الغاز والنفط في المنطقة تعتبر قلب العالم ومن يسيطر على هذا القلب يسيطر على أطرافه، ومن يسيطر على القلب وأطرافه يسيطر على العالم – نظرية ماكندر الجيوبوليتيكية ) .

رابعًا - وعلى وفق هذه النظرية تندفع الدول ومشروعاتها صوب أهدافها في المنطقة وعلى النحو الآتي :

1 - مشروع أنبوب الغاز الروسي وصراعه مع المشروع الأمريكي الأوربي الأطلسي نابوكو ( NABUCCO ) .. ومشروع الـ ( سيل الجنوبي ) الروسي بشراكة تركية صوب موانئ تركيا نحو أوربا .. ومشروع خزان الغاز في المثلث الكائن في الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط القريب من السواحل السورية .. فالصراع إذن، يتركز في محورين، الأول : مد الأنابيب من المصادر إلى المرافئ، والثاني : محاولات إجهاض تمديد أنابيب الغاز عبر جغرافيات دول ومنع إمتدادها عبر روسيا .. وهنا تكمن عقدة الصراع وإنعكاساته الوخيمة على سوريا والعراق وعموم المنطقة .

2 - مشروع أنبوب الغاز إلأيراني، الذي يراد مده عبر اراضي العراق ثم أراضي سوريا صوب أوربا .. والذي عملت طهران على تأسيسه بتجريف منطقة صلاح الدين إلى بيجي فتلعفر ثم الحدود والأراضي السورية نحو ساحل المتوسط .. وهو الأمر الذي يسقط تمامًا كل المزاعم المذهبية والطائفية وحملات التشويهات ودعاوى فرض صراعات مذهبية كاذبة ومخادعة .. لأن الهدف من التمدد الأيراني هو إقتصادي محض يتمثل بـ ( مد أنبوب الغاز الأيراني وتسويقه ) و ( والهيمنة الأستعمارية الفارسية ) بإسلوب التفريس والأستيطان الطائفي على حساب الشعب في كل من العراق وسوريا .!!

3 - مشروع أنبوب الغاز الخليجي الذي يصطدم بعقبات الواقع الجيو - سياسي، حيث سياسة ( عض الأصابع ) بين القوتين الروسية والأمريكية .

خامسًا - إن سياسة عض الأصابع، هي في حقيقتها شكل من أشكال الأستنزاف بين القوتين العظميين، والخاسر من كان إقتصاده ضعيفًا ويعاني من إستنزاف على أكثر من جبهة مفتوحة، كـ ( أوكرانيا والقرم وإنفاقات إستمرار الحرب في سوريا ) .

سادسًا - فالصراع والتنافس لن يتوقف إلا بتسويات أو بشراكة إستراتيجية أو بالعمل المشترك حيال الملفات الساخنة والمفتوحة .. ومن الصعب الحديث عن إندلاع حرب عالمية ثالثة ، ما يزال "هنري كيسنجر" يقرع طبولها في كل مناسبة.!!

السياسة الأمريكية .. بين الأتحاد الأوربي و ( الناتو ) .. تناقضات وتعارضات :

يتبـــــــــع ....





السبت ٢١ جمادي الاولى ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / شبــاط / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة