شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة

العراق بلدا عريقا يعود تاريخه إلى أكثر من ستة آلالاف سنة ومن أوائل الحضارات التي اهتمت بتكوين وتطويرالمجتمعات وبالعلوم والثقافة وبجميع أوجهها وكذلك وتشريع وسن القوانين. وساهمت كل حضارة متعاقبة على ارض العراق برفد المجتمع بالأسس المنهجية التي تساهم بشكل فاعل في تركيبة البناء الحضاري للمجتمعات التي عاشت على ارض العراق.

وبسبب الموقع الجغرافي المختلف من شماله إلى جنوبه ويعتبر الأرض الوحيدة التي تحتوي على نهرين خالدين وتتفرع منها فروعا كثيرة لتكون أرضا خصبة لمعيشة المجتمع،ولتركيبة الأرض الجغرافية منها في الشمال ارض جبليه وفي الجنوب والوسط تتخللها تلال وسهولا وارض خصبه وأراض زراعية والمناطق الغربية أراض رمليه وكثرت فيه البحيرات والاهوار والواحات ،مما ساعدت على أن تكون أرض تعاقبت عليها أقوام عديدة من مختلف الأجناس والأقوام منها أقوام وأجناس أصلية ومنها مهاجرة جاءت إلى ارض العراق لتتمركز فيها وبكل مكوناتها القومية والدينية.

ولقد تناوب على حكم العراق وبالتحديد بعد الحرب العالمية الأولى واحتلال العراق من قبل بريطانيا وإنهاء وجود ألدوله العثمانية في العراق عام ( 1914 - 1918 ) ،تناوبت أشكال متعددة من الانظمة والحكومات منها ملكية ومنها جمهورية ومنها تنصيب ومنها انقلابات ومنها ثورات تحررية حتى وصلت إلى آخر حكومة منصبة بعد احلال العراق من قبل امريكا ( 2003 ) ومن تحالف معها من دول العالم والمنطقة الاقليمية ومن وقف معها لوجستيا ،وتختلف هذه الحكومات الأخيرة المنصبة من الاحتلال عن سابقاتها بأنها ساهمت وكرست جهودها في تمزيق الصف الوطني العراقي وتمزيق وحدة الأرض العراقية من خلال انتهاجها منهج مستورد للحكم يقوم على أساس تكريس التفرقة العنصرية والطائفية وأرجعت الشعب والبلاد إلى عصرالجهل والتخلف واثارت النعرات الطائفية والعنصرية ،وحولت الدولة الوطنية المركزية القوية إلى قبائل ودويلات صغيره متناحرة ومتقاتلة فيما بينها من اجل السلطة والمال والجاه والكرسي، وجاء هؤلاء الحكام الجدد إلينا بمصطلحات جديدة وحديثة على المجتمع العراقي ومحاولة استغلال المفهوم الصحيح لتلك المصطلحات ولكن بمفهومها المعاكس من اجل الوصول إلى الغاية المراد الوصول إليها وهي تقسيم العراق على أساس طائفي وعرقي واثني ..

ومن بين تلك المصطلحات هو ( الفدرالية ) وطبق بشكل صحيح في عدد من دول العالم سابقا والآن .. ولكن يحاول الحكام المنصبون استغلال العنف والبساطة في الفهم لدى بعض شرائح المجتمع العراقي والذي تغلب عليه البساطة في الادراك لما يفعله هؤلاء تحت غطاء وشعار الديمقراطية ..

ولو تجردنا من كل شيء ونزلنا إلى الشارع العراقي لعمل استفتاء بين الناس ما مفهوم الفدرالية والكونفدرالية والمركزية. سنصل إلى نتيجة حتميه قد تكون العدد الكبير لا يدرك معناها الحقيقي ومعناها التطبيقي.الا من تعمق بالشؤون السياسية والتاريخ . وسنحاول جاهدين إعطاء مفهوم مبسط لمعنى الفدرالية وما مدى الاستفادة من تطبيقها وعلى أي ساحة ممكن تطبيقها.

ما هو الفرق بين الفيدرالية والحكم الذاتي؟

الفدرالية :

 شكل من أشكال الحكم تكون السلطات فيه مقسمة دستورياً بين حكومة مركزية ( أو حكومة فيدرالية او اتحادية ) ووحدات حكومية أصغر ( الأقاليم، الولايات ) ، ويكون كلا المستويين المذكورين من الحكومة معتمد أحدهما على الآخر وتتقاسمان السيادة في الدولة.

لقد حدد البرت دايسي المهتم بالشؤون السياسية شرطين لتشكل الدولة الفدرالية.

أولهما هو وجود عدة دول وتكون ( وثيقة الارتباط ببعضها محليا وتاريخيا وعرقيا ) أو ما شابه يجعلها قادرة على ان تحمل - في نظر سكانها - هوية وطنية مشتركة.

والشرط الثاني هو ( الرغبة الوطنية ) في الوحدة الوطنية والتصميم على المحافظة على استقلال كل دولة في الإتحاد.

 

 أما ما يخص الأقاليم والولايات فهي تعتبر وحدات دستورية لكل منها نظامها الأساسي الذي يحدد سلطاتها التشريعية والتنفيذيه والقضائية ويكون وضع الحكم الذاتي للأقاليم، أو الجهات أو الولايات منصوصا عليه في دستور الدولة بحيث لا يمكن تغييره بقرار أحادي من الحكومة المركزية.

وكذلك ممكن ان يكون لها مفهومان، المفهوم الصحيح لها هو مفهوم اتحاد بين مجموعة أقاليم أو محافظات أو أجزاء تتفق فيما بينها وتتعاون السلطات المحلية للاجزاء الاقليمية مع السلطة المركزية لوضع نظام فدرالي يتعلق بالمجتمع وتطوره من اجل أن يكون مصدر قوة وليس ضعف وتشتت وتقسيم على أسس اثنية وعرقيه وطائفية ومن كل النواحي، ووضع نظام مركزي لحماية المجتمع من الوقوع في فخ ( الكونفدرالية أو التقسيم ) وقد يأتي هذا الفخ من تدخلات خارجية أو إقليمية.

لذلك من أجل تقويم النظام الفدرالي عليه أن يكون معززا بنظام سياسي واقتصادي وأمني وعسكري من أجل حماية المكتسبات السياسية والاقتصادية فيما يتعلق بالسيادة الوطنية المركزية الفدرالية. وهذا كما هو معمول فيه في عدد كبير من دول العالم ومنها ( ألمانيا وفرنسا وهولندا والولايات المتحدة الأمريكية ( الدولة المحتلة للعراق وراعية الإرهاب الدولي ) ،ولكل دولة نظامها الفدرالي الخاص، ولكنها تحتفظ بحق القرارات المركزية فيما يتعلق ( بالأمن القومي لتلك الدول وبالسياسة الخارجية والسياسة الاقتصادية الخارجية ) .. وخير دليل الدول التي تتبجح بالديمقراطية وهي دول فدرالية وكما اسلفنا اسماء اغلبها شارك في احتلال العراق بقرارات فردية لم تتدخل الفدراليات من اجل المصلحة القومية العليا للبلد .

إذن نصل إلى حقيقة الفدرالية على أنها فدرالية مؤطرة بنظام مركزي قوي يحافظ على النظام الفدرالي من أجل ضمان حقوق الشعب والحفاظ على تلك الحقوق من أي تدخل خارجي أو إقليمي.

والنموذج الآخر للنظام الفدرالي .. وهو أقدم الانظمة الفدرالية :

 

النظام الإسلامي الفدرالي

نعرف جميعنا أن دولة الخلافة الاسلامية من بعد وفاة رسول الله محمد ( ص ) وحتى وصلت الى نهاية الحكم الاسلامي المتمثل بالدولة العثمانية ونهايتها في 1914مع بد الحرب العالمية الاولى ، امتدت الخلافة وحكمها إلى الغرب وإلى الشرق والى الشمال والجنوب من العالم وكان هنالك حكم فدرالي محلي وحكم مركزي يحافظ على أمن وسلامة الدولة الإسلامية الموحدة ودامت تلك الدولة ما يقارب 1300 عام من بعد الفتوحات الإسلامية .. كان حكام الولايات الإسلامية يطبقون الحكم المحلي فيما يتعلق بالرعية ووفق الدستور الشرعي والقانوني وأما في شؤون السياسة الخارجية والجيش والاقتصاد كانت من حصة مركز الخلافة الإسلامية بعد التشاور في مجالس الشورى وهذا خير دليل على نجاح النظام الفدرالي الإسلامي ..

أما الحكم الذاتي نظام سياسي وإداري واقتصادي يحصل فيه إقليم أو أقاليم اوعدد من المحافظات او مناطق معينة يتفق عليها من دولة على صلاحيات واسعة لتدبير شؤونها بما في ذلك انتخاب الحاكم الخاص بها ( رئيس لمجلس الحكم الذاتي ) ومجلس تشريعي وتنفيذي والتمثيل في مجلس الدولة المركزية ومنتخب من المنطقة ذات الحكم الذاتي و يضمن مصالح الأقاليم على قدم المساوات وله ممثلين في المراكز السيادية في الدولة الحكومة المركزية .ويكون فيها للدفاع والشؤون الخارجية والداخلية يتبع النظام المركزي ولها فيها ممثلين وترتبط شؤون الدفاع والامن العام للاقليم مباشرة بالحكومة المركزية عبر وزاراتها

النظام الوطني العراقي من عام 1968 إلى عام 2003 :

من بين الحكومات المتعاقبة على العراق هي حكومة النظام الوطني الشرعية والتي قادها حزب البعث العربي الاشتراكي ومعه القوى الوطنية السياسية الاخرى والمستقلة من خلال ثورة 17 - 30 تموز 1968 وكانت من أولويات البرنامج الوطني للثورة من اجل بناء مجتمع متحضر يقوم على أسس الحرية والمساواة بين المواطنين على مختلف شرائحهم ومن بين تلك المشاكل التي واجهتها الثورة العظيمة هي ( الحل الديمقراطي للقضية الكردية ) ،

منذ العهود السابقة من تأسيس الدولة العراقية وصولا إلى حكومة عبد الرحمن عارف وجبال كردستان في شمال العراق تعيش الدماء كل يوم وما هي إلا دماء الشعب العراقي وكانت بلا نهاية متوقعة.

واستطاعت الثورة وبقيادة الحزب والاطراف الوطنية المساندة وبالتشاور مع القيادة العراقية لاجل وضع صيغة متكاملة نظريا وسياسيا وعمليا لحل تلك القضية وكانت تعتبر تحولا تاريخيا ليس على مستوى نضال الجماهير الكردية وتطلعاتها القومية المشروعة فحسب بل في نضال الجماهير في العراق من اجل العيش معا بسلام ومن اجل بناء مجتمع ديمقراطي مزدهرمتطور،يعطي المثل لغيره من المجتمعات المحيطة به .. وكذلك حل مشاكل المجتمعات المتداخلة داخل المنطقة الجغرافية لتلك المنطقة. وتجسدت بحلها بالبيان العظيم بيان 11 آذار عام 1970.

وبما يحمله حزب البعث العربي الاشتراكي، من ارث وانتماء وعقيدة وطنية قومية إنسانية واشتراكية وديمقراطية لذلك عليه أن يتفهم الحقوق المشروعة للجماهير الكردية وغيرها من الجماهير العراقية النتمية لارض العراق وتاريخه ،ويناضل من أجل تأمينها وضمان حقوقهم القومية، ولعبت الدبلوماسية العراقية دورا هاما في جمع كافة الاطراف السياسية العراقية حتى توصلت القيادة العراقية ومن خلال ذلك البيان العظيم تضمنت فقرات عديدة الحقوق الكاملة للأقليات القومية الأخرى الموجودة في العراق.

وحاولت إيران ومن يقف خلفها من الدوائر الصهيونية التدخل من أجل إيقاف حركة التقدم الديمقراطي مما دفعت باثارة النعرات داخل العراق وبالاخص في منطقة الحكم الذاتي من خلال دعمها لبعض الاشخاص التي اهتزت مصالحهم الشخصية في انها الاقتتال داخل العراق والذي كان سيصب في مصلحة ايران والحركة الصهيونية لايقاف تقدم ونهضة الثورة العراقية في كل مجالاتها،ورغم كل ذلك أصرت القيادة العراقية على تنفيذ مشروع الحكم الذاتي وفي موعده المحدد، وبإقامة الحكم ذاتي للاكراد في إطار الدولة المركزية القوية التي تحافظ على سيادة الثورة والوطن ومنطقة الحكم الذاتي من الناحية السياسية والعسكرية والاقتصادية.

وفي تمام الساعة الثانية عشر من يوم 11 آذار 1974 تم إعلان الحكم الذاتي لمنطقة كردستان، لكن ايران ومن يقف معها استخدمت بعض العناصر التي تفكر في مصالحها الشخصية قبل المصلحة الوطنية والقومية وأصروا على عدم تطبيق القانون وظلوا مرابطون في الجبال يحاولون إيقاف عجلة التقدم للمجتمع العراقي ودفعت ايران بكل قوتها العسكرية لدعم التمرد العسكري لتلك القوى الرافضة للوحدة الوطنية، واصرار القيادة العراقية وانهاء الاقتتال عام 1974وعودة الكثير من ابناء العراق الى الصف الوطني، وبعد ( اتفاقية الجزائر ) التي وقعت بين ايران والعراق ومن اهم بنودها هي عدم التدخل بالشؤون الداخلية العراقية ، اوقفت ايران دعمها للتمرد مما دفع بالجميع للعودة لارض الوطن ،الا من بقى متمسكا وهاجرالى خارج العراق والى ايران بالتحديد وتلقفته القوى الاستعمارية لتبني صفحة اخرى من خلاله لمحاولة تعطيل الفعل السياسي الوطني وتثبيت الأسس الحقيقية للمجتمع،وتم إقرار الاتفاقية على أساس الاحترام المتبادل للسيادة وعلاقات حسن الجوار تمت السيطرة الكاملة على الأراضي العراقي، وتم تنفيذ قانون الحكم الذاتي بشكل تطبيقي على أرض الواقع.

الحكم الذاتي في العراق أفضل نظام فدرالي

نريد في هذه المادة التعمق قليلا في بعض فقرات فانون الحكم الذاتي ومطابقته مع قانون الفدراليات العالمية الموجودة

وقبل الخوض في فقراته سنتطرق إلى أجزاء من النظام الفدرالي الأمريكي وبموجز بسيط.

النظام الفدرالي الأمريكي ( الدولة المحتلة للعراق ) مطبق بشكل صحيح فيما يتعلق بأمور المجتمع وعلى سبيل المثال التعليم والصحة والبيئة ومختلف الميادين التي تخص بناء المجتمع الأمريكي ..

أما فيما يتعلق في القضايا الخارجية أو تنظيم التجارة أو الأمن القومي الأمريكي أو فيما يتعلق بدوائر الأمن الفدرالي والاستخبارات الأمريكية أو السيطرة على الجيش الأمريكي والقرارات السياسية والعسكرية تعود جميعا إلى السلطة المركزية ويكون رئيس ألدوله هو القائد العام للقوات المسلحة من أجل ضمان سلامة وأمن المواطن الأمريكي من الأخطار الخارجية والداخلية،وخير دليل على ذلك بعد أحداث 11/9/2001 .. اتخذت السلطة المركزية الأمريكية قرارات لصالح الأمن القومي الأمريكي دون الرجوع أو احترام أي جهة دولية أو محلية أو حتى المجتمع الأمريكي الذي خرج في مظاهرات عارمة رافضا للحرب ،وذهبت السلطة المركزية في إغراق الشعب الأمريكي بحروب مدمرة عسكريا واقتصاديا واحتلال وتدمير دول ذات سيادة ومنها ( دولتنا العظيمة العراق ) بحجج وذرائع المراد منها السيطرة على الاقتصاد والسياسة في العالم .. وكان الإرهاب مفهوم ساهم في الفدرالية الأمريكية ووضعت قضايا الأمن القومي الأمريكي من أولويات وقرارات السلطة المركزية والذي تم تعزيزه بعد صدور قانون ( الوطنية ) الذي أقره الكونكرس بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر ويزيد هذا القرار من صلاحيات الأجهزة الأمنية المركزية الفدرالية من أجل مكافحة الإرهاب وكل الولايات والأقاليم الأمريكية ملزمة بتطبيق القانون.

مما يتضح أن هنالك حكومة مركزية قوية تسيطر على زمام الأمور فيما يخص الدفاع والأمن القومي الأمريكي والسياسة الخارجية، وهذه هي المقومات الأساسية لأي دولة فدرالية ناجحة تقوم على أسس مركزية وحكومات الولايات أو الأقاليم أو المحافظات لها شؤون المجتمع والحفاظ على السيادة السياسية والاقتصادية والأمنية من الأخطار الخارجية من قبل السلطة المركزية، وينطبق هذا النظام على أكثر الدول الفدرالية الموجودة في العالم في هذه الخصائص الأساسية.

من هذا يتضح أن النظام الفدرالي يقوي من وحدة البلاد في حالة إعطاء الصلاحيات الأساسية فيما يخص سيادة البلاد من الناحية الاقتصادية والسياسية والأمنية إلى الحكومة المركزية وتمثل الحكومات المحلية للقرارات التي تتعلق بأمن البلاد.

بعض بنود قانون الحكم الذاتي :

من ناحية الحكم السياسي ومن خلال الباب الأول من القانون وفي الفصل الأول منه تقول المادة الأولى :

أ - تتمتع منطقة كردستان بالحكم الذاتي وتسمى المنطقة حيثما وردت في هذا القانون.

ب - تتحدد المنطقة بحيث يكون الأكراد غالبية سكانها ومن خلال الإحصاء العام حدود المنطقة وفقاً لما جاء في بيان 11 آذار وتعتبر قيود إحصاء 1957 أساساً لتحديد الطبيعة القومية للأغلبية السكانية المطلقة في الأماكن سيجري فيها الإحصاء.

ج - تعتبر المنطقة وحدة إدارية واحدة، لها شخصية معنوية تتمتع بالحكم الذاتي في إطار الوحدة القانونية والسياسية والاقتصادية للجمهورية العراقية وتجري التقسيمات الإدارية فيها وفقا لأحكام قانون المحافظات مع مراعاة أحكام هذا القانون.

د - المنطقة جزءا لا يتجزأ من أرض العراق وشعبها جزء لا يتجزأ من شعب العراق.

هـ - يكون مركز محافظة اربيل مركزا لإدارة الحكم الذاتي.

و - هيئات الحكم الذاتي جزء من هيئات الجمهورية العراقية.

أما من ناحية الحقوق القومية والتي لم تعطى لأي شعب مجزأ في أي دولة في العالم وأخص بالذكر الدول التي تحتوي في تركيباتها السكانية القومية الكردية .. وهي إيران وتركيا وسوريا وتتضمن المادة الثانية من القانون.

أ - تكون اللغة الكردية اللغة الرسمية إلى جانب اللغة العربية في المنطقة.

ب - تكون اللغة الكردية لغة التعليم للأكراد في المنطقة، ويكون تدريس اللغة العربية إلزامياً في جميع مراحل التعليم ومرافقه.

ج - تنشأ مرافق تعليمية في المنطقة لأبناء القومية العربية ويكون التعليم فيها باللغة العربية وتدرس اللغة الكردية إلزامياً.

د - لأبناء المنطقة كافة حق اختيار المدارس التي يرغبون التعليم فيها بصرف النظر عن لغة الأم.

هـ - يخضع التعليم في جميع مراحله في المنطقة السياسية التربوية والتعليمية العامة للدولة.

أما من الناحية المالية في قانون الحكم الذاتي في الفصل الثاني، المادة الخامسة ..

اعتبرت المنطقة وحدة مالية مستقلة ضمن وحدة مالية الدولة.

وفي المادة السادسة من القانون تكون للمنطقة ميزانية مالية خاصة ضمن الميزانية الموحدة للدولة في المواد أعلاه من القانون تثبت الحقوق والواجبات الخاصة بالمنطقة ومن خلالها نلاحظ أن هنالك هيئات مستقلة في تعاملها مع الوحدة الإدارية للمنطقة مما يدلل على عمل وحدة متكاملة للبناء الإداري والمجتمعي لمنطقة كردستان وفق أسس علمية ودستورية خاصة لتركيبة المجتمع في المنطقة.

ولو تمعنا أكثر دقة في القانون سوف نلاحظ أن هنالك نظام تشريعي وتنفيذي نموذجي لم يطلق حتى في بعض الدول المتقدمة آنذاك، وكما في الباب الثاني من القانون.

هيئات الحكم الذاتي

الفصل الأول

المجلس التشريعي :

وهو الهيئة التشريعية المنتخبة ديمقراطية ويتحدد تكوينه وتنظيمه وسير العمل فيه بقانون. ووضع للمجلس التشريعي قانون ونظام داخلي معمول به في منطقة الحكم الذاتي وفي حدود الدستور والقوانين الصلاحيات التالية :

1 - وضع نظام داخلي.

2 - اتخاذ القرارات التشريعية اللازمة لتطوير المنطقة والنهوض بمرافقها الاجتماعية والثقافية والعمرانية والاقتصادية ذات الطابع المحلي في حدود السياسة العامة للدولة.

3 - اتخاذ قرارات تشريعية في تطوير الثقافة والخصائص والتقاليد القومية للمواطنين في المنطقة.

4 - اتخاذ القرارات التشريعية الخاصة بالدوائر شبه الرسمية والمؤسسات والمصالح ذات الطابع المحلي بعد التشاور مع الجهات المركزية.

5 - التصديق على مشروعات الخطط التفصيلية. ( فيما يخص الشؤون الاقتصادية والاجتماعي والمشاريع الإنمائية وشؤون التربية والتعليم والصحة.

6 - اقتراح الميزانية الخاصة بالمنطقة.

7 - اقتراح الحسابات الختامية بعد تدقيقها من قبل ديوان الرقابة المالية ورفعها إلى السلطات التشريعية للتصديق.

8 - إدخال التعديلات على الميزانية الخاصة بالمنطقة بعد التصديق عليها في حدود المبالغ المخصصة.

9 - مناقشة ومسائلة أعضاء المجلس التنفيذي في الشؤون التي تدخل في اختصاصاتهم.

أما في الفصل الثاني من القانون ..

المجلس التنفيذي .. المادة الثالثة عشرة

أ - المجلس التنفيذي هو الهيئة التنفيذية لإدارة الحكم الذاتي في المنطقة.

ب - يتكون المجلس التنفيذي من الرئيس ونائبه وعدد من الأعضاء، يكون رئيس وأعضاء المجلس التنفيذي بدرجة وزير.

وترتبط بالمجلس التنفيذي كما جاء في البيان كافة الإدارات المحلية المتخصصة في ( التربية والتعليم العالي، إدارة الأشغال والإسكان، إدارة الزراعة والإصلاح الزراعي، إدارة الشؤون الداخلية ( أي الشرطة والدفاع المدني والأحوال المدنية ) ، إدارة النقل والمواصلات، إدارة الثقافة والشباب، إدارة البلديات والمصايف، إدارة الشؤون الاجتماعية ( أي الصحة والعمل والشؤون الاجتماعية ) ، إدارة الشؤون الاقتصادية والمالية ( أي الدوائر المالية والمرافق التجارية والصناعية المحلية ) ، وإدارة شؤون الأوقاف.

المادة الخامسة عشر أعطت حق الصلاحيات للمجلس التنفيذي ممارستها فأنها تعطي أحقية مشروعة ضمن المجتمع لتلك البقعة الجغرافية التي تشكل جزء من الحكومة العراقية وصلاحياتها هي.

1 - ضمان تنفيذ القوانين والأنظمة.

2 - الالتزام بأحكام القضاء.

3 - إشاعة العدالة وحفظ الأمن والنظام العام وحماية المرافق العامة الوطنية والمحلية وأموال الدولة العامة والخاصة.

4 - تعيين موظفي إدارة الحكم الذاتي الذي لا يتطلب تعينهم إصدار مرسوم جمهوري أو موافقة رئيس الجمهورية وفق قوانين الخدمة والملاك .. وعلى أن تكون ضمن ملاكات التقسيمات الإدارية التي تسكنها أغلبية كردية من الأكراد أو من يحسنون اللغة الكردية.

مما تقدم أعلاه من الموجز المقارن بقانون الدول الفدرالية في الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وغيرها من الدول الفدرالية .. لا تختلف بل تعتبر ثورة تقدمية عالية في مجال التشريع السياسي للمجتمعات في العراق عنما موجود في دول عديدة في العالم وبالأخص بالمحيط الإقليمي له واستطاع النظام الوطني بوضع الأسس الحقيقية لضمان العيش بسلام لكل مكونات الشعب العراقي.

أما فيما يخص سلامة الأمن الوطني من المخاطر الخارجية فيما تخص السيادة السياسية والاقتصادية والأمنية الخارجية مرتبطة في الحكومة المركزية أو ما يسمى بالحكومة الفدرالية .. في الدول الفدرالية بالمصطلح والقوانين التي تسري على منتسبي المركز تسري على منتسبي المنطقة .. مع مراعاة ظروف المنتسبين من أبناء المنطقة وتنقلاتهم ضمن المنطقة الجغرافية فيما يخص ( الشرطة والدفاع المدني والحدود ) .

أما فيما يخص السياسة الخارجية وسياسة الأمن الوطني للدولة فتقع ضمن صلاحيات السلطة المركزية والمتمثل فيها أعضاء من سلطة منطقة الحكم الذاتي كممثلين عنها، وتساهم في الحفاظ على أمن البلاد من المخاطر الخارجية والأطماع الأجنبية التي تهدد سيادة وأمن البلاد.

ونأخذ القرار الملحق المرقم 311 الصادر في 26 - 3 - 1974 من مجلس قيادة الثورة يجوز إنشاء مدارس للأكراد القاطنين خارج منطقة الحكم الذاتي وفق الأسس والقوانين التي تضعها وزارة التربية.

ونتذكر جميعنا كيف كانت تدرس مادة اللغة الكردية في المدارس في بغداد أيضاً.

تم تشكيل كافة المؤسسات الخاصة بالمجلس التشريعي والتنفيذي لمنطقة الحكم الذاتي وبناء كافة الابنية الخاصة به واتخذت من محافظة اربيل عاصمة لمنطقة الحكم الذاتي واعتبرت العاصمة السياسية له وتمارس كافة الممارسات الديمقراطية في الانتخابات للمجلسين، وانتخاب رئيسي المجلس .

الانجازات العمرانية الخاصة بالمجتمع لمنطقة الحكم الذاتي :

شملت هذه المنطقة كباقي مناطق العراق من انجازات في كافة المجالات الخاصة بالمجتمع واخذت حصتها حسب تقسيم الميزانيات السنوية لمناطق العراق .وتم تطوير كافة الدوائر والمؤسسات الخاصة بها وانشاء بنية تحية لاتختلف عنما انشئ بالعراق في التعليم والتربية والصحة والزراعة والتجارة والداخلية والامن والمجلس التشريعي والتنفيذي والنقل والمواصلات والبنية التحتية العمرانية والسياحة وفتحت افاق العمل بين ابناء الشعب الواحد من الشمال الى جنوب العراق في التبادل التجاري والسياحي .

المنشآت التي تم تاسيسها وتطويرها :

1 - المجلس التشريعي والتنفيذي لمنطقة الحكم الذاتي ومقرها اربيل ولها فروع في المحافظات الخاصة بها وكذلك في بغداد .

2 - توسيع الجانب الاعلامي والثقافي الكردي في العراق وتم تطوير المجمع العراقي الكردي وكذلك توسيع النشر للصحافة والثقافة والادب الكردي عبر ( دار النشروالصحافة الكردية ) ومقرها بغداد وتصدر عدد من الصحف والمجلات والنشرات والكتب الادبية الكردية .

3 - تطوير وتوسيع عمل الاذاعة العراقية الناطقة باللغة الكردية ومقرها بغداد داخل المؤسسة العامة للذاعة الكردية ليصل بثها الى اكثر من 19 ساعة يوميا وكوادر اعلامية كردية متخصصة وتوسيع عملها وتوسيع مكتبتها الاعلامية.

4 - تطوير التلفزيون العراقي في كركوك واربيل وانشاء ستديوهات للتسجيل الموسيقي في المحافظات

5 - انشاء قاعات للعرض المسرحي والفنون التشكيلية والغنائية في اربيل والسليمانية

6 - انشاء معهد للفنون الجميلة في اربيل والسليمانية ويتم قبول الطلبة المتفوقين في كافة الكليات في العراق كافة

7 - اقامة المهرجانات الربيعية في كردستان وبغداد وشملت المهرجانت منها تمت في قاعة الخلد والمسرح الوطني وغيرها

8 - تشكيل الفرقة القومية للسليمانية وكذلك الفرقة القومية لاربيل في مجال الموسيقى والغناء.

9 - تطوير المنشآت الطبية كافة في المحافظات الخاصة في الحكم الذاتي

10 - تطوير وانشاء عدد من المنشآت النفطية والمحطات والدوائر فيها .

11 - انشاء وتطوير الجانب الزراعي في المحافظات بشكل كبير.

12 - تطوير الجانب الصناعي وانشاء عدد كبير من المعامل الصناعية للسمنت والطابوق والتبوغ والسكائر وغيرها في المحافظات .

14 - انشاء وتطوير جامعة صلاح الدين في اربيل وانشاء مجموعة من المعاهد الفنية والعلمية والادارية في المنطقة .

15 - انشاء وتطوير دوائر وزارة التجارة في المحافظات من خلال انشاء اسواق مركزية وجمعيات تعاونية في المنطقة .

16 - توسيع التمثيل الدبلوماسي في كافة دوائر وزارة الخارجية العراقية .

17 - قبول طلبة منطقة الحكم الذاتي في كافة الكليات العسكرية والامنية والشرطة وفقا لشروط قبول الطلبة العراقيين كافة .

18 - تدريس اللغة الكردية في كافة المدارس العراقية العربية منها في مرحلة الصف الرابع الاعدادي .

مع الكثير من الانجازات التي قد لم تتحقق في بلدان عديدة يسكنها منذ الاف السنين مواطنين اكراد او غيرهم .

وهكذا اخذت جزء من حصتها خلال فترة الحكم الوطني رغم كل الظروف السياسية والقتالية التي مرت بها المنطقة ولو كان الاستقرار قد عم العراق كليا من الجانب الاقتصادي والسياسي لكان لمنطقة الحكم الذاتي شأنا سياحيا اكبر مما كانت عليه .

الخلاصة

مما تقدم ومقارنة بين القوانين والدساتير المعمول بها لتشريع قانون يضمن حقوق فئة أو جماعة معينة ضمن دولة مركزية قوية وحقوق شرعية لتلك الفئة أو الجماعة أو القومية التي تختلف عن القومية المركزية للبلد وإعطائهم كافة الحقوق مع مراعاة حقوق السيادة في السياسة الخارجية والسياسة الاقتصادية والأمن والدفاع عن البلد من الأخطار الخارجية والتي قد تضر بمصلحة البلد كوحدة متكاملة من أجل الحفاظ على أمنها.

لذلك عندما قام النظام الوطني في جعل السلطة المركزية قوية وجعلت مسألة السيادة السياسية والاقتصادية والأمن الوطني من أولويات على العراق والشعب،ووزعت المسوؤليات التي تخص المجتمع وفي كل الميادين ومفاصل الحياة المرتبطة بالإدارات المحلية وتسمى ( المحافظة وأدارة المحافظة .. ومنطقة الحكم الذاتي .. ثلاث محافظات متحدة مع بعضها بقانون واحد هو قانون الحكم الذاتي ) ويرتبط الجميع بالحكومة المركزية من خلال ممثلين عن المحافظات وعن منطقة الحكم الذاتي، وترعى شؤونها وزارة الداخلية وعن طريق الوكيل المسؤول عن شؤون المحافظات، إلى أن تم استحداث وزارة الحكم المحلي وكانت المسؤولة المباشرة عن إدارة المحافظات ..

وكانت أدارة المحافظات قوانينها الخاصة وتشريعاتها الخاصة حتى فيما يخص الأمن الداخلي للمحافظة.

إذن نتوصل من خلال هذه الحلقة المهمة من تاريخ الحكم الوطني في العراق ،أن النظام الشرعي الوطني في العراق قبل الاحتلال قد أرسى أفضل قانون فدرالي جملة وتفصيلاً لكنة قد يختلف بالتسمية ،وأن القانون لا يختلف عن سواه من الدول التي تحكم بالقانون الفدرالي،وكما معمول في بعض الدول الفدرالية مثل ألمانيا الاتحادية وفرنسا وأمريكا وبريطانيا وهولندا وغيرها من الدول العالم، وتتشاور السلطات المحلية من خلال ممثليها في البرلمانات الخاصة بالدول ليتوصلوا إلى ما يراد من أجل بناء الدولة العصرية.

وكذلك يتضح أن تلك الدول تحتوي على نظام وزاري واحد من أجل خدمة البلاد أو الدولة الفدرالية أو أي دوله على شكل ذلك النظام وتقوم هذه الوزارة بتسيير سياسة البلاد وتنتخب هذه الوزارة من خلال انتخابات ديمقراطية في الظروف الاعتيادية.أما في حالات الطوارئ .. تدخل القوانين ضمن قوانين نظام الطوارئ وتطبق على كل الأقاليم والفدراليات أو المحافظات.

 على اقل تقدير اليوم وبعد احتلال العراق ،ان النظام الفدرالي في العراق هو اشبه بالنظام الكونفدرالي ضمن تسمية فدرالية،مثلاً وضع نظام وزاري في منطقة الحكم الذاتي وهذا غير موجود في كافة الانظمة الفدرالية بالعالم وحتى في دول الاتحاد الاوربي التي اغلبها نظام فدرالي ،وذهب الوضع اليوم في العراق إلى تسمية الدوائر التي كانت ضمن الحكم الذاتي على انها مجلس تشريعي وتنفيذي، الى برلمان ومجلس وزراء ورئاسة وزراء .. ونظام إداري لكل وزارة باسم وزير،ووزارة سيادية بالنسبة لهم هي وزارة عسكرية سيادية هناك ، وهذا النظام لا يعمل به في النظام الفدرالي في أي دولة في العالم .. وحتى أمريكا الدولة المحتلة للعراق ..

لذلك أعتقد أن النظام المركزي القوي وحكم ذاتيا او يسمى فدرالي لكنه وفق نصوص الحكم الذاتي المتفق عليه مع الحكم المركزي او يتطور مع وحدة القوة المركزية لضمان مصلحة الشعب الواحد كما هو معمول في دول العالم ، سنصل إلى إحكام دولة قوية بشعبها ودولة ديمقراطية بناءها على أسس متينة غير قابلة للانهيار أمام دول المنطقة.

ونرى اليوم ومنذ أثني عشر عاما والعراق في انهيار سياسي وعسكري وامني تام ،احتلاله من قبل امريكا ومن تحالف معها وبعد انهاء الحكم المركزي ودولة المؤسسات التي حافظت على سيادة الوطن وسيادة منطقة الحكم الذاتي وكذلك سيادة المحافظات التي عاثت بها منذ الاحتلال وعصاباته فسادا وتدميرا لكل ماتم بناءه خلال الحكم الوطني ،وقتلا بشعبه .

ومن أجل الحفاظ على سلامة أمن الشعب من الناحية السياسية والاقتصادية والأمن والدفاع مع الاحتفاظ بالقوانين التي شرعت ونفذت لإعطاء الحقوق الكاملة للشعب العراقي والحقوق المنصوص عليها في قانون الحكم الذاتي الذي أصدره مجلس قيادة الثورة بعد الاتفاق مع القيادة الكردية آنذاك من أجل الحفاظ على أمن وسلامة الشعب كوحدة متكاملة لا تقبل التجزئة.

في هذا القانون العظيم لم ينتصر العرب في العراق أو البعثيون أوالأكراد وإنما انتصرت إرادة الشعب الوطنية كوحدة متكاملة وانتصر مبدأ الديمقراطية الذي طالما لقي هزيمة في حل هذه القضية الكبيرة وانتصرت إرادة الأمة وأبناء العراق لتحقيق العدالة والمساواة بين أفراد الشعب العراقي.





الجمعة ٥ جمادي الثانية ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / أذار / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب سيروان بابان نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة