شبكة ذي قار
عـاجـل










 المدخل :

حينَ يُصْنَعُ قرار الحرب بين دولتين، يؤخذ بنظر الأعتبار : تقييم المصالح بينهما ( حجم التبادل التجاري والأستثماري - والأهمية الجيوسياسية - ومستوى التحالفات من عدمها - وثقلها السياسي والأقتصادي والعسكري - والجاليات التابعه، وعوامل أخرى تدخل في هذا الباب ) .

 - ملامح الأستراتيجية الأمريكية لأدارة ( ترامب ) :

 - سياسة محاربة الأرهاب .. المدخلات والمخرجات .. في واقع التحولات :

1 - ملامج الأستراتيجية الأمريكية لأدارة ( ترامب ) :

يمكن إستخلاص ملامح الأستراتيجية الأمريكية، غير الجاهزة الآن، من خلال جملة من الأشارات والتصريحات والأعلانات الرسمية على لسان قادة سياسيون وعسكريون أمريكيون متنفذون في مواقع القيادة الجديدة في البيت الأبيض، وعلى النحو الذي يكشف طبيعة التوجهات الرسمية الأمريكية الغامضة في واقع الصراع والتنافس، من جهة، وسياسة عض الأصابع وإستعراض العضلات وإختبارات القوة وردود الأفعال، وسياسة خلط الأوراق من جهة ثانية :

أولاً - الحد من هيمنة إيران، بفرض عقوبات متصاعدة ضد القادة والجهات الرسمية الأيرانية.

ثانيًا - دفع الهيمنة الأيرانية إلى خلف حدودها، وتحجيم نفوذها .

ثالثًا - الحد من قدرة إيران على تطوير الأسلحة النووية، ومنعها كليًا من بلوغ هذه القدرة.

رابعًا - كشف ملف إنتهاكات حقوق الأنسان في إيران منذ عام 1979.

خامسًا - دعم العناصر داخل إيران بهدف إنتقال سلمي للحكومة.

سادسًا - وجوب تغيير السلوك الأيراني .

ولكن علينا أن لا ننسى أبدًا .. أن أمريكا لن تدخل الحرب بجيوشها إلا في حالات ميدانية محدودة تقتضيها خرائط العمل العسكري على الأرض في ضوء واقع التحرك السياسي .. كما يجب أن لا ننسى : أن أمريكا تعاني من أزمة اقتصادية حادة تسعى إلى توظيف جهودها الخارجية في صيغة ( إستنزاف ) موارد الخارج من أجل ( ترميم ) الداخل الأمريكي المريض .

ولو تفحصنا عناصر هذه الأستراتيجية، لوجدنا أن أمريكا لم تكتف بالعمل على تغيير السلوك السياسي الخارجي الأيراني، إنما تعلن عن تغيير النظام .. لأن النهج الأيراني بات يزعزع الأمن في المنطقة عن طريق ( تجييش ) المليشيات الأجنبية عابرة للحدود، التي ترسلها إيران إلى سوريا والعراق واليمن.

 - الحركة الأستراتيجية الأمريكية، تأتي بمعزل عن إعادة بناء التوازنات الأقليمية في المنطقة، بالقدر الذي يتلائم مع المصالح الأمريكية، بعد أن حطمها ( بوش الأبن ) ، وأثخن في تفسيخها ( أوباما ) ، ولكن ماذا حيال المشاريع الموجهة للمنطقة دون غيرها - المشروع الصهيوني الديني - والمشروع الفارسي الطائفي - والمشروع التركي الأصولي ( المعتدل ) - والمشروع العربي المعتدل - فضلاً عن التوازنات الدولية التي تأخذ نصيبها في التبلور؟

 - أمريكا مع المشروع الصهيوني الديني إستراتيجيًا .. ولن تسمح لتطاول المشروع الفارسي الطائفي على المصالح الأمريكية بالتمدد والتوسع المفرط، وهي تراقب عن كثب المشروع الأصولي التركي المعتدل، رغم أن ( أوباما ) كان يسعى لتفجير تركيا من الداخل ليشعل الحرائق بوجه روسيا لصالح الخط الأسلآموي، الذي تقوده إيران التي تتبنى أرهاب الدولة، وتصحح علاقاتها مع الأصدقاء الأقليميين، التي بعثرها ( أوباما ) بالحد من التمدد وكسر النفوذ الفارسي وإرجاعه ومليشياته إلى ما وراء حدوده الأقليمية .. والمضي في إستئناف بناء مشروع الشرق الأوسط الجديد خاليًا من الأرهاب من أجل الأستثمار وإستنزاف موارد الأمة لأنعاش الأقتصاد الأمريكي - الغربي على قاعدة الشراكة في الحرب والبناء .. وكل ذلك يصب في إعادة التوازن الأقليمي لصالح الكيان الصهيوني .

 - حيال هذا المخاض يظهر الأرتباك في عواصم ( موسكو وطهران ودمشق وبغداد ) على وجه التحديد، ليرسم ما يسمونه بـ ( المحور الأمني ) البراغماتي، الذي عقد إجتماعه في مدينة ( زافيدوفا ) شمال موسكو، والذي أكد إستمرار التعاون الأمني بين ممثلي العواصم الأربع ( علي شمخاني - إيران .. فالح الفياض - العراق .. علي مملوك - سوريا .. ونيكولاي باتروشيف - روسيا ) - هؤلاء يرتبطون بمجالس الأمن القومي لبلدانهم وإن قراراتهم هي أعلى من قرارات وزراء دفاعهم - هذا المحور الأمني تحركه، في المقابل، تحولات جذرية خارجية لن تسمح بتغيير تعمل عليه طهران ودمشق، بعد أن ازداد الضغط على إيران جوًا وبحرًا لأمدادات أسلحتها إلى دمشق، فما كان لها إلا الخط البري الذي تعمل عليه طهران منذ عام 2014 ، عبر العراق نحو جنوب لبنان، حيث تجتمع عند أطرافه ضباع المليشيات التي تستعجل موضع القدم لأغراض سياسية - إستراتيجية، إعتقادًا من طهران بأنها ستحصل على حصتها من الكعكة على طاولة المفاوضات في ( أستانا ) .. فيما بات مصير النظام الأيراني مجهولاً لدى قياداته ، وإن إمكاناته وقدراته باتت تضعف وتضمر وتضمحل، على الرغم من خداع إستعراض القوة - إطلاق صواريخ باليستية من إيران إلى ديرالزور السورية، بدلاً من صواريخ روسية سبق وأطلقتها من قاعدة إيرانية في مدينة ( همدان ) .. للوصول إلى ما أسماها ( بوتين ) بـ ( الصفقة الكبرى التي لن تتم بدون التوافق الروسي - الأمريكي ) .!!

سياسة عض الأصابع بين موسكو وواشنطن إلى أين؟ :

 - سياسة الأدارة الامريكية الراهنة لم تجر صياغتها تمامًا عدا بعض الملامح، التي يؤشر أحد أعمدتها المهمة وهو عزل إيران وتغيير سلوكها .. والملاحظ : أن السياسة الأمريكية قد تحولت من سياسة ( إقناع ) النظام الأيراني لتغيير سلوكه العدواني إلى سياسة ( إرغام ) النظام على تغيير هذا السلوك .. وتأكيد الأدارة الراهنة على عدم الألتزام بمواصلة سياسة ( أوباما ) في الحدود المرسومة، لأن سياسة ( تغيير ) السلوك السياسي لا تعني سياسة ( الأحتواء ) المتروكة للزمن التي جربتها إدارات أمريكية سابقة على نطاق دولي، والتي لا تنطبق على الحالة الراهنة للنظام الأيراني الذي يصر على إستمرار سياسته التوسعية وإستفزازاته وتحدياته للقرارات والمواثيق الدولية وتهديده السلامة الأقليمية .

 - قد تأخذ واجهة الأحتواء شكل الأغلاق بكل الوسائل الممكنة لكي يرتفع منسوب الضغط الداخلي الذي سينفجر حتمًا .. هذه السياسة لا تمثل الركن الأساسي للأستراتيجية الأمريكية، إنما واجهة واحدة من هذه الأستراتيجية .. لأن الأولويات في هذا المسار هي الحد من التمدد الأيراني وإرجاعه إلى ما وراء حدوده الأقليمية مع الأغلاق عن طريق العقوبات الصارمة - أصدر مجلس الشيوخ الأمريكي قانون " مواجهة أنشطة إيران المزعزعة للأستقرار 2017 ورصد القانون حزمة عقوبات شاملة تحت عنوان ( S722 ) ، ضد الحرس الأيراني وشركائه وتشديد الخناق على تطوير البرناج الباليستي وملاحقة المتورطين في إنتهاكات حقوق الأنسان"،َ وليس ذلك فحسب إنما يضاف عنصر مهم وهو تحريك الداخل الأيراني، الذي فقد شرعيته، من أجل إسقاطه .

 - إذن .. أن ملامح الأستراتيجية الأمريكية الجديدة تجمع بين مبدأ ( الأحتواء ) بشكلها الفعال المؤثر وبين العقوبات و ( الضغط ) العسكري لدفع إيران خلف حدودها وتحجيم نفوذها في المنطقة .. وإن سياسة ( الرد المرن ) ، التي يتحدث عنها بعض الخبراء لا تنطبق أبدًا على حالة النظام الأيراني، والتي تعني التعامل مع هذا النظام على وفق سياسة ( Steep Bay Steep ) قد يأخذ ملمح، ترك نظام طهران يندفع خارج حدوده الأقليمية بالطريقة التي هو عليها لهدفين ( إستنزافه ) في الخارج و ( الأجهاز ) عليه في الداخل .. كما حصل مع الفارق، حين أستدرجت أمريكا الأتحاد السوفياتي إلى أفغانستان من أجل إستنزافه أولا والأجهاز عليه وتفكيكه ثانيًا ، وهذا قد يكون منزلق روسيا الأتحادية في سوريا.!!

 - النظام الفارسي لا يستطيع أن ينكر أنه قد توغل في العراق، ولا يستطيع أن ينكر أن مليشياته الطائفية وحرسه ومجنديه المرتزقة في سوريا، ولا يستطيع أن ينكر دعمه لحزب الله الأرهابي في لبنان وللحوثيين في اليمن، ولا يستطيع ان ينكر اعلانه الهيمنة على أربع عواصم عربية عن طريق القوة، ولا يستطيع أن ينكر تطلعه السيطرة على مضيق باب المندب والوصول الى سواحل المتوسط عبر الممر العابر للعراق الى لبنان وسوريا لتأسيس قواعد عسكرية إستخباراتية .. كل هذا يشكل إدانة واضحة وصريحة لنظام لم يعد له مسوغ للبقاء في المنطقة أبدًا .

شروط النظام القابل للسقوط :

أولاً - أن يكون النظام السياسي عدوانيًا ويمارس إرهاب الدولة ويصر على عدوانيته وإستفزازه ويتحدى القانون الدولي ونظام العلاقات الدولية.

ثانيًا - أن يكون معزولاً ومنبوذًا من لدن محيطه الاقليمي ومعظم بلدان العالم، رغم علاقاته الثنائية معها.

ثالثًا - أن يكون ( هشًا ) وغير متجانس سوسيولوجيًا في الداخل، وركائزه الأقتصادية واهنة وضعيفة وبنيته التحتية متآكله .

رابعًا - أن لا يتحلى بـ ( صدقية ) التعامل الثنائي والمتعدد الأطراف، ويمارس سياسات متناقضة ومتعارضة في آن واحد، ويستخدم أساليب المماطلة والمراوغة والتزييف والكذب والخداع للوصول إلى أهدافه غير المشروعة.

خامسًا - أن تكون أفكاره وآيديولوجيته لا تنسجم كليًا مع أنماط العقائد السائدة في العالم بتلبسها ( العنصري والديني المذهبي ) .. ونهجها يحمل قدرًا كبيرًا من ( المطلقات ) و ( الأقصاءات ) الدينية والمذهبية والعنصرية.

سادسًا - وجود بديل لنظام الحكم متمثل في حكومة منفى مؤقته معتدلة أجمعت عليها مختلف شرائح الشعوب الايرانية القومية والدينية، ومن هذه الشرائح الوطنية ( مجاهدي خلق ) الرسمية التي اكتسبت شرعيتها الأقليمية والدولية بإعتدالها وحقيقة وجودها.

سياسة استخدام الصواريخ الباليستية :

يعير النظام الأيراني إهتمامًا كبيرًا بتطوير نظم الصواريخ الباليستية، لكون برنامج الصواريخ يرتبط بالبرنامج النووي .. وعلى أساس هذه الحقيقة، كان ( علي خامنئي ) قد أكد مقولته ( أن لغة الصواريخ هي أجدى من لغة التفاوض الدبلوماسي ) ، والمعنى في هذا واضح تمامًا .. لذلك لم يتوقف هذا النظام الأرهابي عن توسيع وتطوير مخابئ قواعد هذه الصواريخ في أعماق الأرض بعيدة عن المدن – والتي كشفت تفاصيلها وخرائطها ومعداتها وحمايتها والقائمين عليها والصلاحيات المنسوبة إلى الحرس الأيراني وبقرار فقط من ( علي خامنئي ) دون أن يتدخل الجيش الأيراني في هذا الأمر .. فماذا يعني إصرار النظام الأيراني على تطوير وإستخدام الصواريخ الباليستية في المنطقة؟ :

1 - الأعلان عن أحد أهم خيارات النظام الأيراني في مسألة الحرب ( الردع ) ، وإيصال ( رسائل ) إلى الأطراف الأخرة ، فضلاً عن الحاجة الميدانية لحسم معارك أرضية، كما يعتقد هذا النظام .. حيث أطلق مؤخرًا عدة صواريخ باليستية عبرت أجواء العراق لتصيب أراضي "دير الزور" دولة أخرى ذات سيادة .. والغريب لم يتحدث العراق أو يحتج على خرق إيران لـ ( السيادة ) العراقية .!!

2 - يستخدم النظام الأيراني هذه الوسيلة، بعد أن تم تضييق الخناق عليه بحرًا وجوًا وتقييد حركته في شحن الأسلحة إلى أذرعه، وبعد أن ازدحمت السماء بطائرات حربية بات شحن الاسلحة لا أحد يأتمن وصولها .. وهو النظام الذي يعول على مليشياته الطائفية وحرسه لتأمين الممر الأستراتيجي وخاصة في عقدة ( التنف ) وصولاً إلى الجنوب اللبناني وسواحل المتوسط .. وهو بهذا يجرب النظام الأرهابي ( حسمية المعارك عن طريق الضربات الصاروخية الأستباقية ) .!!

3 - جرب الروس الضربة الصاروخية، ليس من أراضيهم، إنما من قاعدة عسكرية إيرانية قريبة من مدينة ( همدان ) ، لتصيب اهدافها في سوريا، كما هو حال طائراتهم الحربية التي انطلقت من هذه القاعدة الأيرانية، فيما تمتلك روسيا عدداً من القواعد العسكرية في سوريا.!!

4 - مغزى إصرار النظام الأيراني على إستخدام الصواريخ الباليستية هو ( التأكيد على خيار الحرب ) و ( إختبار قدرات هذه الصواريخ ودقة إصاباتها ) في ميادين حربية يراها النظام الفارسي مكانًا للقتل المجاني.

 - يتولى مسؤولية قرار إطلاق الصواريخ ( علي حامنئي - القائد العام للقوات المسلحة الأيرانية - حسب بيان رسمي اعلنه الحرس الثوري الأيراني ) .

 - المرشد الأيراني يجمع الآن، بين السلطة ( الدينية - المذهبية ) المطلقة وبين السلطة ( العسكرية ) المطلقة في اصدار القرار دون أن يتدخل الجيش ولا مجلس الشورى ( البرلمان ) ولا أي سلطة أمنية في ذلك عدا الحرس الأيراني المخول من لدن ( علي خامنئي ) .. كما أن اصدار القرار من هذا النوع لا يعير إهتمامًا لقواعد العلاقات بين الدول .. حيث صرح حسن روحاني وزير خارجية النظام الأيراني بكل صفاقة ( إن صواريخنا لا تطلب الأذن من أحد للدفاع عن نفسها ) .. وقد تم رصد ( 15 ) مصنعًا و ( 27 ) موقعًا لتجارب الصواريخ الأيرانية، عن طريق الأقمار الصناعية، فيما يعد إستخدام هذه الصواريخ انتهاكًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم ( 2231 ) .. ومع ذلك يلتزم مجلس الأمن بالصمت على هذه الأنتهاكات.!!

 - سياسة محاربة الأرهاب .. المدخلات والمخرجات، في واقع التحولات :

 - شكل السياسة - الأستراتيجية الراهنة تجمع بين طابعين :

يتبــع .. 





الاحد ١ شــوال ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٥ / حـزيران / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة