شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

التهديد بالحرب الكونية لا يصنع قطبًا دوليًا ، وخاصة من لدن دولة إقليمية منهكة إقتصاديًا ، ومتعبه إجتماعيًا ، ومعزولة إقليميًا ودوليًا .

1- التهديدان ( الكوري الشمالي ) و ( الأيراني ) هل هما متطابقان؟ :

من الصعب على أمريكا، وأي دولة أخرى، أن تفتح أكثر من جبهة .. وحين فتحت جبهتين ، أفغانستان والعراق، أصابها الوهن والتراجع .. والآن ، لا تستطيع أمريكا أن تجابه أكثر من تهديد .. والمغالطة في موضوعة التهديد تكمن في الخلط بين التهديد الكوري الشمالي و ( التهديد ) الأيراني .. الأول جدي وخطير، لأنه يتلاعب بمقدرات الشعوب الآسيوية، أما ( التهديد ) الأيراني فهو ليس جديًا ويقع في إطار التكتيك، الذي هو جزء من إستراتيجية أمريكا المصممة للمنطقة، وخاصة في العراق - عدا تطاول إيران وتجاوزها لحدود سياسة المجازفة وتعرض المصالح الأمريكية وغيرها إلى الأذى - ولأن إيران لا تجرؤ على الحركة إلا بموافقة أمريكية، مباشرة أو غير مباشرة، وهي ترصد ( الفراغات ) الأمنية والسياسية في أي مكان من أجل ملئها بالأرهاب ، فأن تهديدها وتحرشها بالسفن الأمريكية وغيرها، هو من قبيل تحريك المياه الراكدة .. ولكن من الصعب إخفاء العزلة التي فرضت على إيران تمهيدًا لأنشطارها على مستويين، مستوى ( تشيعها الفارسي ) ومستوى ( هيكلها السياسي الداخلي ) ، وبالتالي فأن النفوذ الجيو- سياسي الأيراني أخذ يتصدع .!!

فهل الحالة الكورية الشمالية تشبه الحالة الأيرانية ؟ والجواب كلا ، فكوريا الشمالية تهدد نظام حظر الأنتشار النووي ووسائل إيصالها الصاروخية، كما تهدد أصدقاء أمريكا، كوريا الجنوبية واليابان والمنطقة الأسيوية بأسرها بما فيها الوجود الأمريكي .. أما إيران، فهي في شراكة توافقية إستراتيجية مع امريكا لحكم العراق وتدميره وتفكيكه وإضعافه ( الأضعاف هدف إيراني إسرائيلي مشترك ) .. وكلتاهما تحتلان العراق ، وتدير إيران ما يسمى ( العملية السياسية ) الفاشلة والمأزومة، وأمريكا تعلم بالفساد وبالتفسخ وبالنهب والسلب والتفجير والتهجير، وعلى دراية بما تخطط له إيران عبر الحدود، وهي ساكتة .. إلا انها لا تسمح بتجاوز الغطرسة الفارسية للحدود المؤثرة على مصالحها ومصالح أصدقائها أو حلفائها في المنطقة، مع مراعاة لأبعاد الصراع الجيو- سياسي العام .. ومن مصلحة أمريكا - كما ترى - وضع النظام الأيراني في ( قفص ) وإرجاعه ليتعامل بوجه واحد، وهو وجه الدولة المدنية، وليس من المقبول أن تبقى إيران بوجهين، الأول : تتعامل به كدولة ذات سيادة تمارس دبلوماسية تقليدية وتلعب دورًا سياسيًا شأنها شأن دول العالم في إطار نظام العلاقات الدولية، والثاني : توجه قواها غير النظامية المليشياوية وغيرها، وتوظف مواردها لأغراض التمدد والتوسع الخارجي الأيديولوجية المسلح عابر لحدود سيادة الدول وبصورة لا تتماشى مع طبيعة العلاقات الدولية السلمية والقانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة .. إيران تتمادى وتتحدى وتصر على التجاوز .. وحيال هذا نجد صمتًا مريبًا من أمريكا وأوربا ومجلس الأمن الدولي .. فهل أن أمريكا وهي ساكتة على السلوك السياسي الأجرامي الأيراني المشين، بمثابة قبولها هذا النهج ؟ ، إذ يكشف السلوك السياسي الخارجي الأمريكي أنه يغذي الشكوك أكثر من دواعي اليقين .. وهنا تسقط صدقية أمريكا في وحول الأضطراب والشك والريبة.!!

سيناريو التهديد بالحرب :

شهد العمق الآسيوي تصعيدًا متبادلاً بالحرب بين كوريا الشمالية وبين الولايات المتحدة الأمريكية .. حتى بات هذا التصعيد يأخذ منحى إستخدام القوة ( غير التقليدية ) وينسحب على مبدأ الضربة الأستباقية من جهة، وسيناريو من يبدأ أولاً وكيف تكون عليه الضربة الثانية؟ وهل هي إنتقامية تشمل دولآ أخرى ككوريا الجنوبية واليابان والوجود العسكري الأمريكي الكثيف في جزيرة ( غوام ) الأستراتيجية ؟

الصين :

1- ستبقى على الحياد إذا ما هاجمت كوريا الشمالية أمريكا بالضربة الأولى ، بمعنى أن الصين سوف لن تحمي كوريا الشمالية من الرد الأمريكي، والتي تسمى بالضربة الثانية الأكثر إيلامًا وتدميرًا .

2- الصين ستدافع عن كوريا الشمالية إذا ما بادرت أمريكا بالضربة الأولى لكوريا الشمالية، و حاولت تغيير النظام السياسي في كوريا الشمالية .. لأن الصين تحكمها إستراتيجية الجغرافيا- السياسية ، فتغير النظام الكوري الشمالي بالقوة سيخلق كوريا موحدة حليفة لأمريكا لا ترتاح لها الصين جيو- سياسيًا – وإقتصاديًا .. فأن من مصلحتها بقاء النظام الكوري الشمالي في دولة عازلة ( Buffer State ) .

اليابان : أبدت إستعدادها لأسقاط الصواريخ النووية الكورية الشمالية .

استراليا : ستعمل على تفعيل معاهدة الدفاع المشترك بينها وبين نيوزيلندا والولايات المتحدة إذا ما وقع هجوم على أمريكا .

أمريكا : إنها جاهزة لأستخدام القوة إذا ما تصرفت كوريا الشمالية بطريقة غير مشروعة .. وإنها قادرة على إمتصاص الضربة الأولى .

ألمانيا : ستشارك في خيارات الحلول غير العسكرية للمسألة الكورية الشمالية.

هدف التحول الأستراتيجي الأمريكي نحو العمق الآسيوي :

ما يسمى بسياسة ( الأستدارة ) الأمريكية نحو العمق الآسيوي ، التي تم إعتمادها عام 2010 ، وهي إمتداد لأستراتيجية عام 1997 ، حيث أعلنت إدارة ( أوباما ) عنها في الوقت الذي عافت المنطقة العربية وتركتها عرضة للتمدد الأيراني والتفكك الجيو- سياسي حتى بلوغ الوضع الكارثي إلى حدود المأساة ، وما تزال الحالة المأساوية قائمة .. فالنقلة الأستراتيجية الأمريكية لم تكن نقلة إنفعالية رئاسية، إنما هي في قلب الأستراتيجية الأمريكية، وإن ترك العنان للنظام الأيراني، يقع في إطار هذه الأستراتيجية وضمن حدود سياسة التغيير الجيو- سياسي الشامل .

والهدف من التحول الأستراتيجي الأمريكي نحو العمق الآسيوي هو محاولة ( إجهاض ) التحول الصيني والروسي صوب القطبية .. فالصين متهيأة لها وتمتلك معظم شروطها ومقوماتها .. ولكن روسيا على العكس لم تبلغ مستوى التشكيل المتكامل لمقومات القطبية، وذلك لأفتقارها ( قاعدة الأنتاج ( المتكامل ) ، الذي تحقق في زمن الأتحاد السوفياتي على أساس واقع التكامل في الأنتاج كمعطى المنظومة الأشتراكية، التي كانت تمثل القاعد الأقتصادية للأتحاد السوفياتي .. وبتفككها ، لم تعد موسكو قادرة على الأعتماد على قاعدة اقتصادية متكاملة، إنما تعتمد على واردات ( النفط والغاز ) وهما موردان ناضبان وليسا إنتاجيان بالمعنى الأقتصادي، إضافة إلى عدم بلوغ الحرب الباردة بشروطها المعروفة .

فهل تواجه أمريكا مأزقًا في العمق الآسيوي ؟

التهديد الكوري الشمالي والتهديد الأمريكي بالرد .. من يرضخ لمن ؟! :

- فأذا تراجعت أمريكا عن تهديدها أمام صلف التهديد الكوري الشمالي، الذي يحظى بتأييد الصين وروسيا ضمن حسابات عدم الوصول بالأزمة إلى حافة الهاوية، التي لن تخرج منها الدول الآسيوية سالمه .. فماذا يحصل حيال ( التحديات ) الأيرانية المتعلقة بتجارب الصواريخ البالستية والملف النووي والسلوك السياسي الخارجي الأيراني العدواني؟

- هل يزداد معدل ( التحديات ) الأيرانية في خط التجارب الصاروخية البالستية، والتهديد بالأنسحاب من الأتفاقية النووية لتضع إيران دول ( 5+ 1 ) أمام حالة من التصعيد ؟ ، ثم ماذا وراء الأنسحاب من الأتفاقية .. وقبلها، ماذا وراء التلويح الأمريكي ( ترامب ) بالخروج الأمريكي المنفرد من الأتفاقية النووية ؟ وما هي تداعياتها سياسيًا وأمنيًا وإقتصاديًا في أجواء ملتهبة قد تشعل العمق الآسيوي؟ ثم ، الدعم الذي رصدته إيران، بالرغم من وضعها الأقتصادي المتردي، لبرنامج الصواريخ البالستية، الذي بلغ نحو ( نصف مليار دولار ) ، وتحويلات لفيلق القدس الأرهابي للعمليات الخارجية.

- فيما تبدي أمريكا إستعدادها ( للحوار ) مع كوريا الشمالية، في ضوء تراجع الأخيرة وإلغائها خطتها بإطلاق صواريخ قرب جزيرة غوام الأمريكية .!!

- روسيا وتكافؤ ردود الأفعال ، والعقوبات :

- تركيا - روسيا - إيران .. لمحة تاريخية ذات طابع إستراتيجي :

1- روسيا وتكافؤ ردود الأفعال ، والعقوبات :

- قال " بل كلنتون " الرئيس الأمريكي الأسبق عام 1991 ( إن العمل العسكري الذي شنه الناتو على أهداف في جمهورية يوغسلافيا الفيدرالية هو - ضروري لوقف التطهير العرقي وخلق الأستقرار في أوربا الشرقية ) ، وأضاف ( نحن ندعم قيمنا ونحمي مصالحنا ونحسن قضية السلام ) .!!

هذا ما قاله ( كلنتون ) في أزمة البلقان من أجل إيقاف التطهير العرقي وخلق الأستقرار .. فهل أن منطقة الشرق الأوسط، وهي تعيش مأزقًا خلقته إيران، تنتظر التدخل العسكري ( المتوافق ) لوضع حد لسياسة التطهير العرقي والطائفي التي يمارسها النظام الأيراني، من أجل أمن واستقرار المنطقة ؟

- وافقت ( موسكو وأمريكا ) على منع إيران ومليشياتها الطائفية ( حزب الله والحرس الأيراني ومليشيات عراقية وباكستانية وأفغانية طائفية ) من التمدد الأستراتيجي، من الجولان إلى الحدود الأردنية السورية - وهو مطلب كل من ( إسرائيل ) والأردن - في إجتماع ضم ( روسيا وأمريكا والأردن وإسرائيل ) .!!

دلالات هذا الموقف :

1- إن الوجود العسكري الرسمي والمليشياوي الأيراني غير مرحب به في سوريا .

2- وإنها خطوة متقدمة لأجلاء الوجود الفارسي من سوريا من أجل الحل. .

3- وإن بؤرة الوجود الفارسي هذه ، التي تهدد من خلالها المنطقة والعالم كائنة في العراق.

4- وإن ذلك يعني رضوخ موسكو لمطالب ( إسرائيل ) والأردن وأمريكا المخالفة لرغبة إيران في التمدد والتوسع .

5- وإن مثل هذا الرضوخ يمكن أن يجعل موسكو تقبل بـ ( ضمان ) مصالحها الأستراتيجية في سوريا .

6- وإن مثل هذا الأدراك يجعل موسكو تعتقد بأن ( حصان إيران الخاسر ) لن يكون ضامنًا لمستقبل وجودها في سوريا والمنطقة.

والملاحظ :

أولاً- موافقة روسيا وأمريكا على إبعاد إيران عن تخوم الجولان والأردن ، مقابل السماح للوجود المليشياوي الأيراني عند الحدود العراقية- السورية.

ثانيًا- إن الأبقاء المقابل للتمدد العسكري الأيراني عند المعابر، يتناقض أساسًا مع الوجود العسكري الأمريكي في منطقة ( التنف- ألبو كمال ) .!!

ثالثًا- إن أي خرق إيراني لهذا الأتفاق سيفك العلاقة بين موسكو وطهران ويضع موسكو في مأزق آخر، أمام القدرة الأمريكية المتزايدة على التعرض للتمدد الأيراني وخاصة عند معابر الحدود العراقية - السورية.

رابعًا- روسيا مهتمة بخفض تكاليف تدخلها العسكري في سوريا .

خامسًا- وإن إستمرار الصراع في سوريا عن طريق الأحتواء يؤدي إلى إستنزاف الخزانة الروسية وخسارة كبيرة في الأرواح والمعدات والصدقية.

خامسًا- إن لعبة وقف إطلاق النار تضفي ( الشرعية ) على وجود المليشيات أولاً وتعزز الهدوء النسبي المؤقت، وإلتقاط الأنفاس لمواصلة تنفيذ المخطط الأيراني .. فهي لعبة خطرة لا تحسم ولا تضع الحلول الجذرية كما أنها سيف ذو حدين ميدانيًا.!!

نعود إلى مقولة " بل كلنتون " بضرورة العمل العسكري لوقف التطهير العرقي وخلق الأستقرار .. فهل سيكون الفعل العسكري الأمريكي الذي تضعه الأدارة الأمريكية في خياراتها، حتى وإن كان محدودًا، لوقف التطهير العرقي الذي تمارسه إيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن ومحاولاتها في باقي الأقطار العربية، من أجل خلق الأستقرار الذي تتطلع إليه دول العالم كافة؟

- ومن الغريب أن الأمم المتحدة، وهي ترى المشهد الفضيع في العراق وسوريا، الذي تفعله إيران بفرضها نسخة ( صربيه ) أكثر وحشية من نظام الفصل العنصري ( الأبارثيد ) .. وربما تريد أمريكا وروسيا ( بلقنة ) سوريا بتقسيمها ( إبقاء نظام دمشق على مساحة لا تتعدى 18% من أرض سوريا، والباقي جزء يرضي تركيا، وما سيتمخض عنه إستخدام القوة ) .. هذه سيناريوات قد لا تجد لها مكانًا على أرض الواقع وخاصة أمام إرادة الشعب العربي السوري .

- كما أن الأمم المتحدة لم تلتفت منذ عام 2003 ولحد الآن إلى حركة المقاومة الوطنية العراقية المشروعة ضد الأحتلال من أجل إستقلال العراق، وهي حق مشروع لشعب العراق في المقاومة من أجل نيل الأستقلال الوطني .. إنما أخذت تغذي حالة التشرذم من خلال مكتبها الرسمي في بغداد فضلاً عن خلطها الأوراق وعدم معالجتها لحالة إنتهاكات حقوق الأنسان الفضيعة .. حتى إنها ظهرت بصورة غير عادلة وهي مسؤولة عن تطبيق مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.!!

- تركيا – روسيا – إيران .. لمحة تاريخية ذات طابع إستراتيجي :

يتبــــــــــــــــــــع ...





الاربعاء ٢٣ ذو القعــدة ١٤٣٨ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٦ / أب / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة