شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

مراحل التحولات الكبرى تحكمها شروط ذاتية وظروف موضوعية .. ومعايير القوة ، لها التأثير القوي على تسريع التحولات بأتجاهات الصراع أو الوفاق ، الذي قد يعكس التعايش السلمي المؤقت والمشروط، هو الآخر بتحولات القوة والقوى على المسرح السياسي الدولي والأقليمي.

- مقولات يتوجب الوقوف عندها :

 ( تفكك الأتحاد الأوربي للوصول إلى بلقنة أوربا ) .. الأفكار اليمينية المتطرفة موجودة منذ عقود ولا تختلف عن اي أفكار يمينية في أي مكان في العالم، وهي صيغة من صيغ الأرتداد كلياً أو الأنحياز نحو الماضي ورفض الحداثة والتطور والتحول النوعي من مرحلة نوعية بشروطها وظروفها نحو مرحلة نوعية أخرى .. هذا شيء يختلف عن مجرى الأستراتيجية الشاملة للأتحاد الأوربي وخاصة في مسألة الدفاع وبلورة نظام القطبية الأوربية - هناك صراع خفي يمنع ( تشكل ) أي قطبية عالمية بهدف إحتكارها من لدن القطب الذي يعتقد بأنه يمتلك مقومات القيادة في قطبية أحادية، وهذا الصراع كائن، ليس بين أمريكا والأتحاد الأوربي فحسب، بل مع روسيا الأتحادية والصين، وأي قطب تتبلور عناصر قوته وتكتمل شروطه - ولكنه يختلف في الأطروحة الأوربية ، أمريكا تمنع القطبية الأوربية ، ولكنها لا تلغي معايير القوة الأوربية في حسابات التوازن الدولي وإستراتيجية الصراع .. وهو صراع مستمر.

- أما موضوع ( الأنابة ) ، فلم تكن حديثة العهد .. فالإنابة أو الوكيل أداة من أدوات الأستراتيجيا الكبرى أو العظمى للولايات المتحدة الأمريكية .. فقد عكفت أمريكا على إستخدام بعض النظم السياسية لتتولى ( مهمات ) محددة ذات طابع رقابي قيادي نيابة عن صاحب القرار في واشنطن ومنها على سبيل المثال لا الحصر .. حكومة شاه إيران وإطلاقها شرطي الخليج - وإذا ما تمرد النظام واصبح خارج السيطرة أو لضرورات إستراتيجية يتم إستبداله بمختلف الوسائل ( إنقلابات - إغتيالات - إزاحات في ظل تحالفات قوى داخلية وإقليمية ) وهذا ما حصل في إيران وبعض دول أمريكا اللآتينية وغيرها .

فأحداث أوربا التاريخية كانت تحكمها شروط ومعادلات القوة، فيما التحولات الراهنة لها حسابات قوة أخرى مختلفة .. والدولة الأمريكية لا تستطيع أن تتراجع عن إمبرياليتها وتهدم أو تفكك أوربا .. لأن أوربا في معادلة الصراع الدولية لها ركنها الأستراتيجي المؤثر، الذي لا يمكن الأستغناء عنه، ومسألة تفكيك أوربا هي لغة سياسية أكثر من كونها فعلاً إستراتيجيًا، وظروفها الذاتية لم تعد قائمة في هذا العصر، الذي له شروطه وظروفه الخاصة ومعاييره وخاصة مسألة الردع النووي الشامل المؤكد وبناء قوة الردع .

3- وعليه ، فأن ( عرقلة ) الأتحاد ألأوربي من أن يتحول إلى ( قطب ) دولي يختلف موضوعه تمامًا عن ( تفكيك ) الأتحاد الأوربي وتحويله إلى دويلات مدن سابقة .. لأن ذلك سيف ذو حدين، لا تستطيع أمريكا أن تتخلى عن الأتحاد الأوربي في :

أولاً- الحشد الأستراتيجي للقوى على المستوى الدولي، حيال أي مسألة يراد حسمها أو معالجتها، مثل ( إرهاب الدولة الأيرانية ) الذي يزعزع إستقرار منطقة الشرق الأوسط برمتها .. وحيال مسألة ( كوريا الشمالية ) وسلوكها الخطر، الذي يتهدد أمن القارة الأسيوية والعالم .. هذان المثالان يتطلبان ( الحشد الأستراتيجي ) كأداة غربية فاعلة بقدرات جمعية تقودها أمريكا .. وإن تفكيك الأتحاد الأوربي، لا يخدم هذه الأستراتيجية .. ومن دونها، كيف تستطيع أمريكا أن تستمر في جهود التفرد في قيادة العالم من جهة وتستمر في استراتيجية تفكيك الأتحاد الأوربي، الذي يتعرض للضغوط والتدخلات الروسية من جهة أخرى ؟

ثانيًا- تأكيد عالمها الغربي ونظامها الرأسمالي وحضارتها الغربية ومثلها وقيمها وأنماط حياتها العصرية في العيش والمأكل والملبس إلخ ، مهما كانت هذه القيم في نظر العالم .

ثالثًا- وتأكيد عولمتها في الثقافة والأقتصاد والتجارة والصناعة والتكنولوجيا العسكرية والفضائية والأتصالات وعلوم الفضاء .

 

هذا الثلاثي ، المكون من ضرورات الحشد الأستراتيجي ، وتأكيد وجود العالم الغربي والتأكيد على العولمة الغربية .. يجعل من الصعب على أمريكا أن تفرط في تهديم أوربا أو إضعافها ما دام الصراع قائمًا بين آيديولوجتين إحداهما رأسمالية ( منتصرة ) والأخرى لم تعرف هويتها بعد .!!

1- سياسة الأنسحاب من أفغانستان , هل هي لعبة إستراتيجية ؟ :

- تقاربت أمريكا من أوربا بتثبيت إستراتيجيتها حول عدم الأنسحاب من أفغانستان والأبقاء على قواتها لمحاربة ( الأرهاب ) .. وهو الأمر الذي يعزز النهج الذي يقتضيه ( الحشد الأستراتيجي ) في حالة متطلبات ( الردع ) والعمليات العسكرية الضرورية المطلوبة .

- إن سياسة ( الأستدارة ) الأمريكية الأوبامية من ( الشرق الأوسط ) إلى أفغانستان .. هي في حقيقتها إستراتيجية هدفها تمكين إيران من تعزيز نفوذها وتمددها بـ ( ملء الفراغ ) في المنطقة العربية .. بيد أن هذه الأستراتيجية قد تم تعديلها بإحياء مبدأ كارتر في الخليج العربي ( Carter Doctrine ) ، وتعزيز الوجود العسكري الأمريكي ومنع أيصًا محاولات إيران ( ملء ) الفراغ الأمريكي المتوقع في أفغانستان .

- حيث أن إيران وروسيا تتربصان بمناطق الأضطرابات والأنسحابات لكي تقوما بملأ الفراغات السياسية والأمنية - أنسحبت أمريكا من العراق نهاية عام 2011 فحلت إيران محلها كوكيل بالتوافق - وحين علمت ايران أن أمريكا ستنسحب من أفغانستان كانت قد خططت، إحتضان قادة القاعدة وعائلاتهم على اراضيها وفتحت لهم مراكز ومعسكرات سرية للتدريب وتسخيرهم لأغراض السياسة الأيرانية بإستخدام وقود الحرب المليشيات العراقية والباكستانية والأفغانية والمرتزقة - وحين تلكأت أمريكا ( أوباما ) في سوريا، عندها حلت القوة الروسية في سوريا بالتوافق ( الأسرائيلي - الروسي ) ، - فيما تجد شركات النفط الروسية طريقها إلى شمال العراق وصوب الجولان وتدمر .

- قرار أمريكا بعدم الأنسحاب من أفغانستان والعمل على زيادة وجودها العسكري في العمق الآسيوي كان قرارًا مهما .. رغم أن أمريكا قد غضت النظر عن طبيعة علاقة إيران مع أفغانستان ، ولم تتهم طهران بدعم القاعدة هناك ولم تشر إلى قتلى القادة الأيرانيين من الحرس المشارك مع القاعدة في العمليات العسكرية المسلحة، وتتغاضى عن الدعم اللوجستي الايراني لطالبان، وإن الحركة المسلحة القائمة بين إيران وافغانستان قد تصاعدت واتسعت على أمل ( الأنسحاب ) الأمريكي وملأ الفراغ الأمني والعسكري، كما هو حاصل من تمدد صفوي مسلح في المشرق والخليج العربي .

لذلك فأن قرار عدم الأنسحاب من افغانستان استند على عناصر الأستراتيجية الأمريكية التالية :

أولاً- التخلي عن سياسة ترك ( فراغات ) الأمن سواء كان ذلك في العمق الآسيوي أو في منطقة الشرق الأوسط .

ثانيًا- إرسال المزيد من من القوات الأمريكية ومن حلف شمال الأطلسي إلى أفغانستان .

ثالثًا- مساهمة الشركات الأمريكية، وربما الأوربية ، في تطوير قطاع التنقيب عن المعادن النادرة ( التيتانيوم والتنكستون والكوبالت واليورانيوم وخامات الطاقة ) .

رابعًا- ربط تطوير هذه المواد بالأمن القومي الأمريكي من جهة، والأقتصاد الأفغاني، وربما الأوربي، من جهة ثانية .

خامسًا- تحريك الأقتصاد الأمريكي، وربما الأوربي، بخلق فرص عمل.

سادسًا- تقليل كلف المساعدات الأمريكية التي تقدم لأفغانستان .

سابعًا- فتح عنبار مبيعات الأسلحة الأمريكية الأكثر تطورًا لأصدقاء أمريكا كاليابان وكوريا الجنوبية ودول آسيوية ذات أهمية إستراتيجية.

ثامنًا- إنعاش الأقتصاد الأمريكي، وربما الأوربي، الذي يعاني من التراجع.

وتنفيذًا لهذا التوجه، نشرت الأدارة الأمريكية الراهنة، في أفغانستان أحد عشر ألف جندي، يتبع هذه الوجبة أكثر من ثلاثة الآف جندي .!!

وعلى هذا الأساس، فأن تفريغ التوترات من طاقاتها المتصاعدة، التي يباشرها نظام كوريا الشمالية، والتي تباشرها إيران منذ عام 1979 ولحد الأن بدواعي دفاعية مخادعة بزعزعة أمن واستقرار المنطقة التي تعتبر منطقة تشابك مصالح مختلف دول العالم .. وإن سلوك نظامي هتان الدولتان المارقتان الأيرانية والكورية الشمالية، سلوك عدواني يتوجب ردعه بكل الوسائل الممكنة والمتاحة .. وإن حجم إيران المتضخم وحجم كوريا الشمالية المتضخم ، يجب أن يعودا إلى وضعهما الطبيعي وحجرهمها وراء حدودهما الأقليمية .!!

- أهداف خفيه إضافيه يعمل عليها النظام الأيراني في أفغانستان والعراق :

- أهداف ليست خفية يعمل عليها نظام كوريا الشمالية :

يتبـــــع ..





السبت ٢ محرم ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / أيلول / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة