شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

أن تقوي الدولة نفسها مسئلة مشروعة إذا كانت ( دفاعية ) .. وإذا تحولت جهود القوة إلى حالة ( هجومية ) .. ستخلق ردود أفعال تقع في مقدمتها تسلح ( دفاعي ) ، قد يأخذ صيغة سباق تسلح ، إستجابة لحالة بناء القوة المقابلة .. إيران مثالاً .

1- سياسة التسلح .. سيف ذو حدين ، كيف ؟ :

من أجل الوقوف على طبيعة بناء القوة وموجباتها ودواعيها، ينبغي التعرض لجملة من الأسئلة الضرورية للفهم الموضوعي لحالة التسلح والسياسات التي تتحكم في صياغاتها تبعًا لمجريات الظروف والمتغيرات في عالم يزداد شراسة وانحرافًا عن قواعد القانون الدولي تحت خيمة أممية تعصف بها رياح التحولات :

- هل أن هذه السياسة تنحصر في تنويع مصادر التسلح لمقتضيات القرار السياسي المستقل .. خوفًا من الرضوخ لسياسات منتجي السلاح وقت الأزمات؟

- وهل أن مثل هذا التنوع يقوم على تغيير اسس العقيدة القتالية للدولة المستوردة للسلاح، بما يتلائم وطبيعة التهديدات المرصودة والجغرافيا التي تنطلق منها الحسابات لتكريس التوازن الموضوعي بين اطراف ذات علاقة مهمة في مسألة التوازن في القوة على قاعدة التوازن في المصالح.؟

- وهل أن التسلح يأتي بدافع الخوف من التصعيد في التهديد والعمل على سد ثغراته، وخاصة عند التعامل مع الخصم الذي يشهر قوته ويعلن حزمته النارية في كل مناسبة ويجري تجاربه ويستعرض قوته ومناوراته العسكرية على تخوم حدود الدولة ومياهها الاقليمية ويتسلح بأسلحة متطورة في اطار ( تحاف إستراتيجي أو تحالف توافقي أو محوري أو شكلي مؤقت ) مع قوة كبرى او عظمى.؟

- أم أن توجه التسلح، هو مسألة طبيعية طالما ان قوى اقليمية تمارس اسلوب التسلح المتصاعد والمتنوع، الذي يثير حفيظة دول اقليمية اخرى تدفع بها مثل هذه السياسة إلى سباق التسلح.؟!

التساؤلات كثيرة جدًا في حقل السياسة والتسلح .. ويبدو ان الكثير من الأجابات تكمن في طبيعة هذه التساؤلات ولا حاجة ماسة للتوسع في شرحها، إنما الأخذ بالأكثر أهمية، طالما أن توسيع دائرة العلاقات بين الدول يستتبع توسيع أركان أو مرتكزات العلاقة ويقع الأقتصاد والتسلح في مقدمتها .. فماذا يعني اختلال معادلة التوازن في القوة ، بفعل التمدد الأيراني وزعزعة أمن واستقرار المنطقة والعالم.؟ :

- إختلال التوازن في القوة ، لأي سبب كان ، يدفع إلى التسلح المتقابل، وهو الأمر الذي يؤدي بالتالي إلى ( سباق التسلح ) .

- حالة السباق هذه لها خطوطها السياسية مع منتجي السلاح للحصول على أفضل أنواع السلاح المتطور، طالما لدى الدولة، التي ترغب بالتسلح، المال الكافي لعقد الصفقات، وربما القبول بالشروط المرافقة لها.

- تعقد صفقات السلاح في ضوء واقع السياسة التي تتحكم بالموقف وبالعلاقات القائمة بين الدول ثنائيًا أو بصفة متعددة الأطراف .. ولا يقدم السلاح المتطور الى سوق بيع السلاح، لأن مبيعات السلاح تحدد نوع الأسلحة ومن أي جيل يسمح ببيعها، لأن المتطور منها يدخل خانة الأمن القومي لمصنع السلاح .. ولكن ، ليس من المنطق أن تعرض الدولة المنتجة للسلاح أمنها القومي إلى خطر الأختراق جراء صفقات مالية مجزية .. وإذا ما أقدمت على بيع سلاح متطور فأنها تخفي سلاحًا أكثر تطورًا .. وهذا ما حصل حين وافقت موسكو على بيع منظومة صواريخ ( S-400 ) لكل من أنقرة والرياض، وحين وافقت أمريكا على فتح ترسانتها العسكرية ، منظومة صواريخ ( Thad ) لليابان وكوريا الجنوبية، وللرياض أيضا .

- هل أن مبيعات السلاح في كل العالم تجري بدون ( شروط ) ؟ كلا، إنها مصحوبة بشروط فنية وسياسية واستخبارية .. وفي مقدمتها عدم نقل تقنية السلاح إلى طرف ثالث، وربما عدم استخدامها ضد اصدقاء وحلفاء صانع السلاح .. فيما ترتب الصفقات دورات التدريب عليها ومرافقة الخبراء لتشغيلها وإدامتها وتجهيز ذخائرها وأدواتها الأحتياطية وغيرها من المتطلبات .. أما صفقات السلاح الأمريكي للدول العربية فأن الشرط الأول المتقدم أن لا تشكل ( تفوقًا ) إستراتيجيًا على قوة الكيان الصهيوني.!!

- كل دولة تصدر السلاح تربط مبيعاتها للسلاح بسياساتها الخارجية أولاً، وبوضعها الأمني والحيوي ثانيًا، وبحاجتها المالية ثالثًا، وبأوضاع تحالفاتها وأصدقائها رابعًا، وبمستقبل تطويرعلاقاتها الثنائية خامسًا .. وإحتمالات إنفراط عقود الشراء والأتجاه صوب اسواق أخرى أكثر أمنًا وأكثر يسرًا وأكثر مرونة وأقل شروطًا وتفي بمتطلبات أمن مستورد السلاح والأطمئنان إلى استقراره وعدم تقلبه وتغيير اتجاهاته واحتمالات استخدامه عقود التسليح أوراقًا للضغط خاصة في وقت الأزمات السياسية والأمنية وإندلاع الحرب .. ويمكن التذكير في هذا المجال حين قام النظام الوطني في العراق بتنويع مصادر التسلح تحاشيًا للضغوط الخارجية بوقف الأمدادات العسكرية تبعًا لمتغيرات السياسة وألآعيبها ، تلكئ الأتحاد السوفياتي في إمدادات السلاح إلى العراق، بيد أن العراق لم يرضخ لمجريات هذه السياسة وكانت خياراته مفتوحة، حررت قراره السياسي من أي ضغط خارجي .. وهنا تظهر أهمية القرار السياسي المستقل للدولة ذات السيادة، الذي يستند على القرار الأقتصادي لها في متلازمة لا خلاف حولها أبدًا .

2- سباق التسلح .. وتأثير معاهدة عدم الأنتشار النووي :

- التسلح النووي يرتبط بمعاهدة عنم الأنتشار، بمعنى أن سباق التسلح النووي غير مسموح به .. ومع ذلك تعمل بعض الدول على امتلاك هذا السلاح ليس من اجل الردع المتبادل إنما لأغراض الأبتزاز السياسي، تحت ذريعة الحق في الحصول على التقنية التكنولوجية السلمية .. ولكنها في الحقيقة تخفي نياتها ودوافعا للوصول إلى أهدافها والنموذج إيران وقبلها كوريا الشمالية.

بعد انهيار الأتحاد السوفياتي وقعت روسيا الأتحادية معاهدة عدم الأنتشار النووي مع حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) .. ولكن موسكو تزود طهران كما هي كوريا الشمالية بالمعرفة التقنية، وربما تعلم بخط ايران العسكري السري النووي .. فهي بهذا تخرق المعاهدة وتعرض المنطقة والعالم للخطر، وخاصة مفاعل ( بوشهر ) القريب من سواحل الخليج العربي الموقع القريب من خط الزلزال، أو احتمال تعرضه في حالة الحرب لأي ضربة صاروخية .. كما ان القوى النووية الرئسية قد وقعت على معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية عام 1968 ، فلماذا تسكت روسيا والصين وباقي القوى الاوربية النووية على خط التسلح النووي المصاحب للخط السلمي الأيراني؟!

- هنالك دولاً تمتلك رسميًا السلاح النووي ( أمريكا وروسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا ) وهي دول خمس .. وهنالك دولا أخرى دخلت ميدان سباق التسلح النووي وأصبحت تمتلك أسلحة نووية خلافًا لمعاهدة حظر الانتشار النووي، فهي بهذا الفعل تضع العالم أمام خطر حقيقي يقلب موازين القوى، حيث يقدر عدد الرؤوس الحربية النووية في العالم اكثر من ( 15700 ) رأس نووي، تمتلكها تسع دول منها ( 4100 ) جاهزة للأستخدام ونحو ( 508 ) مفاعلات نووية منها ( 443 ) مفاعلاً قيد الأنشاء و ( 65 ) مفاعلاً قيد التخطيط .. وهنالك دولاً غير نووية ولكنها قبلت نشر صواريخ ذات رؤوس نووية على أراضيها .. ومنها ما نشرته أمريكا من خلال ( الناتو ) في خمس دول أوربية ( بلجيكا والمانيا وايطاليا وهولندا وتركيا ) .. فيما تمتلك أمريكا وروسيا 93% مما يمتلكه العالم من هذا السلاح الفتاك .. وتمتلك ( الهند وباكستان وكوريا الشمالية ) السلاح النووي ، فيما يمتلك الكيان الصهيوني هذا السلاح ولكنه لم يفصح عن ذلك ، ومثله جنوب افريقيا ، اللتان أجريتا إختبارات نووية في مطلع الخمسينات .

- وكانت اتفاقيتا ( سالت 1 ) و ( سالت 2 ) قد توصلتا الى تحديد الرؤوس النووية بين أمريكا والأتحاد السوفيات بـ ( 100 ) صاروخ نووي و ( 100 ) قاعدة إطلاق صاروخية - لأن حزمة من عدد من الصواريخ النووية تكفي لتفجير الكرة الأرضية برمتها ، وباقي الصواريخ زائد عن اللزوم - ولأن أهم مبدأ من مبادئ الأمم المتحدة هو الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، يشترط منع ( تغيير ) خط استخدام الطاقة النووية من الأغراض ( السلمية ) إلى الأغراض ( العسكرية ) ، يعد من أخطر الموضوعات، التي يجب ان تضطلع بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية ( IAEA ) ، والتي تصطدم هذه الموضوعات بالقانون الدولي ومعاهدة عدم الانتشار النووي في الوقت الراهن، فأن إيران ما تزال تتمسك بخيارها في تنمية الخط العسكري لبرنامجها النووي ومحاولتها التغطية بمختلف الوسائل لأيهام المنظمة الدولية للطاقة الذرية والدول الأخرى بمنهجها ( السلمي ) المشكوك فيه، فضلاً عن بعض المفاعلات التي وصلت أو تجاوز زمنها الأفتراضي للخروج من الخدمة لتصدعها ولقدمها أو لوقوعها على الحزام الزلزالي مثل مفاعلات إيران على الخليج العربي، ومفاعل ( ديمونا ) الأسرائيلي، الذي تجاوز عمره الأفتراضي منذ زمن بعيد وهو الآن خارج الخدمة .. ولكن كل من إيران والكيان الصهيوني يتجاهلان نداءات الخبراء والمخاطر الناتجة عن مفاعلات خارج الخدمة .. والغريب في الأمر هو صمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية حيال هذه المؤشرات الخطرة .!!

- يرى تقرير معهد ( دانيال نورد ) لفرانس بريس ، إن المخاطر الأيرانية تنجم عن عواقب برنامجها النووي اكثر منها عن قدراتها على حيازة السلاح النووي في المستقبل.!! .. إلا أن مواصلة منع الأنتشار لا تكفي، إنما ضرورة العمل على نزع السلاح النووي وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من كافة أشكال أسلحة الدمار الشامل .

- هناك قوى نووية برزت بحكم ( الأمر الواقع ) ، وهي الهند وباكستان و ( إسرائيل ) ، لم توقع على معاهدة منع الأنتشار النووي .. وهناك إيران تمارس سياسة الامر الواقع، وتفتش عن الفرصة للوصول إلى هذا الهدف عن طريق ( الخديعة الكبرى الفاضحة ) وهي تلعب على التناقضات والمشكلات وفراغات الأمن، التي تحدث، وفي الوقت ذاته تجري سلسلة من التجارب الصاروخية الباليستية خلافًا للقرارات الأممية .. والغريب في أمر الوكالة الدولية للطاقة الذرية والدول الغربية تصر على أن إيران كانت تنوي- وما زالت- من خلال برنامجها النووي الدخول الى ( عالم الدول النووية ) .. إذن ، لماذا وافقت على الأتفاق النووي بـ ( تأجيل ) هذه النيات لعشر سنوات ما دامت هذه الجهات تدرك أهداف إيران ونياتها؟! ولماذا لا تفرض قيودًا تمنع بصورة نهائية وتعمل على تبديد هذه النيات والشكوك بالأصرار على التفتيش المفاجئ للمراكز والمختبارات والمعسكرات والمصانع الحربية، والمهم ما تحدده الأقمار الصناعية ذات المهام الخاصة لمواقع التجارب ومخابئ الخط السري العسكري الذي تخفيه إيران .. وبالتالي وضع ايران امام الخيار بين بقاء النظام أو إنهاء الخط غير السلمي لمفاعلاتها النووية وفرض شروط حيال التمدد الأيراني .؟!

- إن استمرار سباق التسلح النووي في اعتقاد البعض هو من أجل ( التوازن في الرعب ) ، لأن السلاح النووي يصنع لعدم الأستخدام ، إنما للردع .. فباكستان تسلحت بالنووي للتوازن مع الهند ، والأخيرة للتوازن مع الصين، ولكن إيران تتوازن في الرعب مع منْ؟ ، والكيان الصهيوني يتوازن في الرعب مع من؟ إن سعي إيران لأمتلاك السلاح النووي هو للأبتزاز السياسي وفرض إيجنداتها السياسية والآيديولوجية على محيطها ، فيما مرمى الكيان الصهيوني فهو الأبتزاز السياسي وفرض مشروعه الصهيوني من النيل إلى الفرات على كل العرب .. وبالتالي فأن طهران وتل أبيب تسعيان إلى فرض أنماط سياساتهما المعنية بتغيير الواقع الجيو- سياسي للمنطقة العربية برمتها حصرًا .. لذا فأن فكرة جعل منطقة الشرق الأوسط خالية، كمرحلة أولى، ومن ثم العالم ، يخلوا من أسلحة الدمار الشامل، هي فكرة تؤدي إلى سلام حقيقي يؤدي بدوره إلى منع سباق التسلح النووي لكي تعيش المنطقة تنمية حقيقية في ظل الأمن والأستقرار.!!

- من يضبط التوازن العالمي .. ويمنع سيطرة أي قوة منفردة على العالم؟:

- النظام الدولي الجديد الذي يتباور بعد الحرب الباردة .. هل يكرس مبدأ السيادة كقاعدة عامة للعلاقات الدولية؟ :

يتبع ..





الخميس ٢٨ محرم ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٩ / تشرين الاول / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة