شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

بدأ النظام الرأسمالي جديًا حين قضى على الأقطاع والعبودية واتبع مسار الحرية ومنهج التنافس ، ثم تحول إلى استعمار فإمبريالية فاشية مصحوبة بالعولمة .. وهي أعلى مراحل النظام الرأسمالي ، الذي تحول صراعه من :

- صراع تنافس مع غيره من الاستعمار ونهب ثروات الشعوب ، إلى

- صراع أيديولوجي مع المعسكر الاشتراكي حيث قسم العالم إلى معسكرين ، إلى

- حالة من حالات الاستقطاب المتفرد في شكل دولة القطب الواحد بعد احتلال العراق .. وهذا الفعل مخطط له بإتقان منذ عقد الحرب الأمريكية الروسية بالوكالة في أفغانستان ، وتعاون ( القاعدة - بن لادن ) مع أمريكا في الحرب بالضد من الاتحاد السوفياتي ، إلى إنسحاب الجيوش السوفياتية منها ، إلى عزل شاه إيران ، وتسليم السلطة إلى المؤسسة الطائفية العنصرية الفارسية برئاسة ( خميني ) في طهران ، إلى العدوان الفارسي - الصفوي على العراق ، الذي استمر ثمان سنوات انتصر فيها العراق بتاريخ 8 / 8 / 1988 - منع العراق قوات النظام الفارسي الصفوي من اجتياح المنطقة برمتها - ثم إنهيار الاتحاد السوفياتي ومنظومته الاشتراكية وحلف ( وارسو ) ، إلى الربيع العربي ، الذي يمثل مخطط التغيير للواقع الجيو - سياسي العربي عن طريق ما يسمى بأداة الجيش الرابع الميليشياوي الطائفي المسلح في ظل أجواء ( الفوضى الخلاقة) !! .

- معضلة قوة عظمى :

- ظاهرة العولمة وحقيقتها ومصيرها :

1- معضلة قوة عظمى :

من أهم سمات السياسة الخارجية الأمريكية :

1- أنها لا تحسم قضية في ملف .

2- وإنها تجمع نقاط صغيرة من الأخطاء لتشكل منها كتلة كبيرة تتعامل معها سياسيًا ودبلوماسيًا واستخباريًا على وفق سيناريوات تتلائم مع واقع الصراعات الناجمة عن الأحداث .

3- وإنها تناور في مسائل الحرب غير الجدية وقد تدفع بها إلى ( حافة الهاوية ) لأغراض استخبارية لتكشف النيات المقابلة والاستعدادات والقدرات والامكانات والتحالفات .

4- وإنها تستنزف بعد الاستكشاف ، أطراف الصراع وتدفع بهم إلى التصادم في نطاق تلك السيناريوات والتخويف الدائم الذي ينتهي باستنزاف الموارد .

5- وإنها تستهدف امتصاص الـ( بترو دولار ) النفطي وإعادة تدويره في دائرة الاقتصاد العالمية .

6- وإنها في نهجها القائم على سياسة ( العصا والجزرة ) أو اللعب على حبال ( الترهيب والترغيب ) أو ( التخويف والتطمين ) ، وعلى قاعدة ( لا غالب ولا مغلوب ) .. كي تمهد السياسة الأمريكية لشركاتها العملاقة الاستثمار وجني الأرباح الطائلة ( لإعمار ) ما تخربه السياسة الأمريكية على امتداد الوطن العربي وما تحصده من تدمير كامل وشامل للمدن والقيم العربية على حدٍ سواء .

7- ولأنها بالتالي غير قادرة على الحسم ، فأن صدقيتها بلغت الحضيض وباتت في موضع الشك والريبة ، حتى أن تحالفاتها الخارجية لن تصمد طويلاً لغياب الثقة بهذه السياسة .. وهو الأمر الذي يستوجب إعادة النظر في مسائل وضع ( البيض ) كله في السلة الأمريكية المتهرئة ماديًا واعتباريًا ، وعدم الركون لوعود وهمية لا تتحقق .!!

- فقد توهم البعض ، بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وانفراط المنظومة الاشتراكية وسقوط جدار برلين ، بأن الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية قد أصبح يمثل قيادة العالم ، وإن العالم قد خرج من ( التاريخ ) وستنعدم الثورات والحروب ، وإن الدول ستتبع الغرب .. ولكن المؤشرات التي رصدها البعض الآخر لا تنفي إمكانية قيام نزاعات قومية ودينية أسماها بريجنسكي ( استيقاظ الأصوليات ) ، وانتشار الفوضى ، وذلك في كتابه ( الفوضى - الاضطراب العالمي عند مشارف القرن الحادي والعشرين / 1998 ) .

- كما أن الأحداث لم تثبت صحة النموذج ، الذي طرحه وتنبأ به " فوكوياما " بقيام عالم لا يشتمل أي قضايا كبرى عدا التقدم المادي .. فيما يذهب " صموئيل هنتنغتون " أستاذ فوكوياما بنموذجه ( إن ما سيشهده العالم من عنف صريح أو ضمني ، الناتج عن فوضى النظام الدولي سوف يكون بين ( حضارات وليس بين دول أو أمم أو إثنيات أو أيديولوجيات ) .. إلا أن مثل هذا المفهوم يظهر مشوشًا ولا تنطوي فرضياته النظرية على أساس متماسك ، طالما أن الحضارات الإنسانية تتلاقح وتتفاعل ولا تتصارع .. الذي يتصارع ليس الشعوب إنما النخب السياسية ، التي تقود الدول بمناهج سياساتها الخارجية التوسعية المغايرة لحاجات الشعوب المادية والروحية .

- بيد أن " بيرهاسنر وجوستان فايس " في كتابهما تحت عنوان ( واشنطن والعالم ) ، يريان ثلاثة أشكال للعولمة ، لكل منها مشكلاته الخاصة .. كما هم الواقعيون المتشددون أو المحافظون الجدد ( أنه لم يتغير شيء جوهري في العلاقات الدولية منذ " ميكافيلي "، وظل واقع هذه العلاقات هو الميدان ، الذي تشكل فيه ( القوة ) محور العالم .. ولما كانت القوة العسكرية والاقتصادية للدول هي التي تحدد تقدمها ومصيرها ، فأن حسابات المتغيرات لم تعرف أدوارها الجديدة ومستلزمات التعاون في مسألة اتساع أسلحة الدمار الشامل على وجه الخصوص .

والملفت هو التداخل في مفهوم العولمة أولاً وأشكالها ثانيًا ومشكلاتها الخاصة ثالثًا ، الذي يكشف أن :

1- العولمة الاقتصادية تقف في وجهها معضلة رئيسية في خيارين أيهما الأولي : الفعاليات الاقتصادية أم العدالة الاجتماعية ؟ .

2- العولمة الثقافية كنتاج للثورة التقنية وثورة الاتصالات ، التي سهلت تدفق الأفكار والآراء والثقافات من واقع البيئات والحضارات المختلفة السائدة على وجه الأرض .. والمعضلة في هذا الانتشار هي ( الفرض القسري للنمط الأمريكي .. بمعنى ( أمركة العالم ) .. وهو الأمر الذي أستولد ردود أفعال شملت قارات مع موجة من الاحتجاجات والاستياء ، الذي عم المجتمعات والشعوب تجسد بتعزيز الموروث الثقافي والحضاري وممارسة الطقوس والعادات والتقاليد الثقافية والمحافظة على نظام الحياة لدى تلك المجتمعات والشعوب .. وهو تحدي واضح تجاه الأمركة المتوحشة للعولمة !! .

3- العولمة السياسية ، تجمع بين النموذجين ( الاقتصادي ) و( الثقافي ) ، كما تأخذ مسارين أحدهما : له الأولوية في السياسة الخارجية الأمريكية والآخر : يأخذ صيغة مؤسسات ومنظمات دولية وإقليمية ، مثل ( البنك الدولي ) و( صندوق النقد الدولي ) و( منظمة التجارة العالمية ) و( الشركات العملاقة عابرة للقارات ) ، فضلاً عن توظيف الأمم المتحدة ومجلس أمنها ومنظماتها المتخصصة ، كوكالة الطاقة الذرية ومنظمة الطاقة الدولية والأونيدو ومنظمات حقوق الإنسان ... إلخ .

- يرى المفكر الألماني " جون مسرهايمر " المستقبل الأوربي أن ( توازن القوى الساعية للتفوق ، هو الأمر الحاسم وحده ، إذ إن غياب خطر الهيمنة الغربية في القارة الأوربية ( الألمانية ) أو ( الروسية ) لا بد وأن يؤدي إلى إنسحاب الولايات المتحدة من أوربا كي تستأنف كل من إنكلترا وفرنسا وألمانيا حروبهم .. وإن العقبة الوحيدة أمام استئناف مثل هذه الحروب تتمثل في الردع النووي .. لذلك لا بد من أن تتطلع ألمانيا للحصول على السلاح النووي ، لكن ( أمريكا تعتقد بأنه يمكن للولايات المتحدة المحافظة على ( استقرار ) مختلف التوازنات بما فيها التوازنات الإقليمية ، شريطة أن لا تعكرها ، عبر تشجيع تحلل الدول ، باسم معاداة النزعة الاستعمارية أو حقوق الأنسان ) .. والرؤية الأمريكية في هذا المدخل واضحة ، إلا أنها غير منضبطة ، طالما عمدت أمريكا على تدمير التوازنات الإقليمية في منطقة ( الشرق الأوسط ) بإسقاط عمود التوازن وهو العراق لحساب الدولة الفارسية الصفوية وتمددها في المنطقة .. وهو فعل سياسي لا يمكن تبريره والركون إلى الثقة الأمريكية في ما يتعلق باستقرار أوربا تحت خيمة ( المظلة النووية الأمريكية ) ، إعتقادًا من المفكرين الأمريكيين بأن القرن التاسع عشر هو قرن ( القوميات والأمم ) ، وإن القرن العشرين هو قرن ( الأيديولوجيات ) ، وإن القرن الحادي عشر هو قرن ( الحضارات ) !! .

- هذا التوصيف يعكس المرمى في زج الحضارات والثقافات والكتل البشرية القومية في خانة الصراعات في ما بينها ، لغاية ( تذويب ) الحضارات وإنهاء دورها على أساس عولمة الثقافة وجعلها أمريكية الطابع .. ومن هنا نلمس الخيط الصهيوني ، الذي يحارب القومية العربية ويدعو إلى تكريس ( دولة يهودية ) بعد أن يتخلص من صراعه مع القومية العربية الذي استمر منذ عام 1948 وحتى الوقت الحاضر .. لا قومية أمام ( دولة ) يهودية لن تتحقق أبدًا ، ولا قومية أمام ( دولة دينية - عنصرية فارسية ) .. ولأن كانت في العصور الوسطى أكثر إمكانية لقيام دولة دينية ، فأنها اليوم وفي ظل الدول القائمة على أسس قومية أصبحت متعذرة وغير قابلة للتحقق !! .

- الرأي الخاطئ ، هو أن القومية والدولة القومية ، على افتراض إنها تبنى على أساس عرقي ، وهو افتراض مغرض وينطوي على مغالطة ، لأن القومية العربية مثلاً : تقدمية إنسانية ، مرتبطة بالعدالة الاجتماعية والديمقراطية الشعبية ، ومبنية على الثقافة والتاريخ المشترك والمصلحة المشتركة للأمة العربية .. فالشعوب لا تصنع الحروب ، إنما النخب السياسية هي التي تصنعها على وفق مصالحها الأنانية الخاصة !! .

ماذا يحدد " هنتنغتون " بهذا الصدد ؟ :

إن الخطر الأكبر هو أن تدخل هذه الحضارات في نزاعات في ما بينها ، وإن عدم الاستقرار الدولي يتحدد بمصدرين :

الأول - الإسلام ليس بالمعنى الأصولي فقط .. وهنا يلتقي مع الخط الفكري لـ" زبغنيوبر يجنسكي " في أطروحته ( استيقاظ الأصوليات ) .

الثاني - الصين .. ويرى إن الوسيلة الوحيدة لتفادي حروب الأديان تكمن في قيام نوع من ( يالطا ) جديدة .. بمعنى : تقسيم لخارطة العالم ، حيث يكون- حسب هنتنغتون - لكل حضارة ( مركز زعامة ) لا يتدخل في شؤون الحضارات الأخرى .. وإن انحسار مركز الولايات المتحدة سيهدد السلام العالمي .. كما أن التعددية الثقافية تهدد هوية الولايات المتحدة ، ونموذج النظام الدولي الآخر سينشغل بعملية ( تفسخ ) عنيف أو بالأحرى ( عنف فوضوي ) إقليمي شامل يتسع .. فيما تتسم هذه الصورة بضياع الشرعية وانتشار الإرهاب وتعاظم التفسخ وسيادة أنماط المجابهات غير النظامية على قاعدة ( الانتماءات المذهبية والأثنية التي تديرها سلطات دول الإرهاب ، إيران الفارسية الصفوية مثالاً .

- وقد عبر المفكران " ماكس سنجر و آرون ولدوفسكي " عن هذا النمط في كتابهما ، الذي يحمل عنوان ( النظام الدولي الواقعي - مناطق السلام ومناطق العواصف ) ، حيث تختلف رؤية هذان الكاتبان عن بقية النماذج الفكرية الأخرى حول الأطروحات هذه ، إذ يؤكدا على وجود ( ثنائية راديكالية ) بين ( المركز ) الغرب المستقر والمزدهر والديمقراطي والسلمي ، الذي يخلو من الحروب وبين ( المحيط ) ، أي بقية العالم حيث الحروب والفوضى والفساد والمجاعات ، بيد أن المغالطة هنا .. أنه من الصعب ضمان استقرار الغرب إذا كان المحيط مضطربًا ، وإن الفوضى والإرهاب والفساد سرعان ما تصل ( تردداتها ) إلى الغرب ، وبالتالي أن السياسة الغربية التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية منذ ما قبل عام 1979 ولحد الآن أنتجت ( الفوضى والاضطرابات والإرهاب وإرهاب الدول ) ، كما شكلت تهديدًا جديًا للمركز الأوربي .

- فنظرية ( المركز الآمن ) و( المحيط المضطرب ) ، وممكنات أن يتدخل المركز في المحيط من أجل حماية مصالحه هي نظرية غير واقعية .. فيما يبدو أن فكرة الرئيس الأمريكي الأسبق " بل كلنتون " ، التي تفيد بأن هنالك ( عولمة رفاهية ) ، تعمل الولايات المتحدة على زج العالم في نفق ( السوق والديمقراطية ) ، فيما يعارض هذه الفكرة الكثير على خط ضرورة الاهتمام بالمصالح الأمريكية على الصعيدين : الدفاعي ، والاستراتيجي والاهتمام بالعمق الآسيوي وأمريكا اللاتينية .. وهنا يغيب الاهتمام بمصير العالم والإنسانية .

- وقد ظهرت فكرة أخرى ولدت من أفكار ( المركز الآمن ) و( المحيط المضطرب ) والتي تفيد بأن التهديد قد يكون موجودًا في ( مركز المركز ) أو في ( محيط المحيط ) .. وهو الأمر الذي يعني صراع حتى الموت يسوغ لمحاربة الإرهاب كمهمة مركزية للسياسة الخارجية الأمريكية ، فيما تتطلع الولايات المتحدة نحو قيادة نظام دولي أحادي ، غير قادرة عليه ، لكي تملي قرارات وقوانين الكونغرس الأمريكي على دول العالم ، بدلاً من الانصياع لقوانين تشرعها المنظمة الدولية ممثلة بمجلس الأمن الموسع والمؤسسات المتعددة الأطراف المؤهلة للقيام بمهمة حفظ التوازن في صنع القرار الدولي وليس احتكاره .

- ما الذي يرسمه المؤتمر .... للحزب الشيوعي الصيني على مستوى القطبية ؟ :

يتبع ...





الاثنين ٨ ربيع الاول ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / تشرين الثاني / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق الدكتور أبو الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة