شبكة ذي قار
عـاجـل










قالوا كثيرًا ومنذ الاحتلال الغاشم للعراق أن رجل الدين لا يشتغل في السياسة ، وأن المرجعيات الدينية لها طريقها الفقهي والإرشادي ولا تتدخل في سياسات الحكومة وفي مقدمتهم " علي السيستاني " .. ولكن واقع الحال ، لا أحد يتعين ولا أحد يخرج من الحكومة من الوزراء والسفراء والقيادين إلا بأمر أو موافقة السيستاني ، كما لا تجرى التحالفات بين قوى العملية السياسية البائسة والمأزومة إلا بموافقته ، ولا تجرى الانتخابات الديكورية إلا بموافقته شريطة اعتماد ما يسمى فرض ( الأكثرية الطائفية ) وإخراس الشرائح الكثيرة العربية والكردية والتركمانية وأديان أخرى ، ولا يستبدل وزير بوزير ومدير بمدير وسفير بسفير إلا على وفق الحصص الطائفية التي تحظى بموافقة السيستاني حصرًا .. كما أن تشكيل ( الحشد الشعبي الطائفي ) وتسليحه وتدريبه ومنحه غطاء التحرك الرسمي وحرية الحركة دون مسائلة في القتل والتهجير وحرق البيوت والمزارع ونهب الممتلكات ، والأخطر من كل هذا تنفيذ أجندة إيران الإرهابية ، ليس في العراق فحسب ، إنما عبر العراق إلى سوريا ولبنان صوب البحر الأبيض المتوسط بأسلحة إيرانية وقيادة جنرالات إيرانيين عبثوا بأمن العراق ومزقوا مجتمع العراق وتركوا حرسهم وميليشياتهم يقتلون ويجرفون ويحرقون وينهبون ويقطعون رؤوس الأبرياء تاركين المدن ( المحررة ) كومة من الحجارة والأنقاض .. وهذا التشكيل جاء بأمر السيستاني فهو صاحب القرار الأول في العراق وما عداه من رئيس حكومة ورئيس برلمان وقضاة ومحاكم ووزراء وسفراء ورؤساء ميليشيات وغيرهم سوى بيادق في رقعة الشطرنج الصفوية في العراق .

والآن ، وبعد أن باتت لعبة داعش الاستراتيجية الكبرى بين أمريكا وإيران شبه منتهية ، يعلن السيستاني قراره بنزع سلاح الحشد الشعبي ووضعه حصرًا بيد الجيش والقوى الأمنية .. فهل هنالك من يحكم العراق غير السيستاني ؟ ، وهل هنالك من ينفذ الأوامر غير أوامر السيستاني ؟ ، ومن يعصي أوامر السيستاني ؟ ، حتى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في بغداد يستشير وينسق مع السيستاني في أمور السياسة .. والغريب في الأمر ، وبعد كل ما تقدم هناك من يقول أن السيستاني لا يتدخل في السياسة ؟! .

وقبل الحديث عن لماذا وكيف صنع القرار الأخير بشأن حصر أسلحة الميليشيات الإيرانية ، لا بد من الحديث عن لعبة أخرى وهي العلاقة بين " علي السيستاني " الذي يحكم العراق و" علي خامنئي " الذي يحكم إيران .

يدعي البعض أن خلافًا بينهما قائم على مفهوم ( ولي الفقيه ) الذي لا يؤمن به علي السيستاني وعلى أساس هذا الأختلاف فأن ( التشيع الفارسي ) في العراق يختلف عن ( التشيع الفارسي ) في إيران ، وهذه إحدى أخطر المغالطات الإيرانية ، فمنهج التشيع الفارسي واحد ، والدليل هو الإيهام بأن لا نفوذ لـ ( علي خامنئي ) على ( علي السيستاني ) .. ولكن تقسيم الأدوار هو السياسة الباطنية ( التقية ) المرسومة للعراق وللعراقيين على وجه الخصوص .. فـ ( خُمس ) الحوزة يذهب إلى قم دون أن يستفيد منه فقراء ( الشيعة العرب ) وغيرهم وهم بالملايين ، فيما يتقاطر القادة العراقيون في أي مناسبة للتبارك بذيل علي خامنئي عند طلب التعيين إذا ما ( زعل ) عليهم علي السيستاني .. كما يتقاطرون ليتمسحوا بأذيال قاسم سليماني لنيل بركته في المناصب العسكرية والسياسية حتى في المآتم .

فما الذي دعا علي السيستاني إلى حصر سلاح ( الحشد الشعبي ) الطائفي بيد القوات المسلحة وهي بدورها عناصر ( دمج ) طائفية وعرقية ؟! :

أولاً- ضغوط العقوبات الخارجية والمنظمات الدولية ، التي شخصت منظمات الأرهاب ممثلة بـ ( حزب الله اللبناني ) وبمليشيات الإرهاب الإيرانية وتشكيلاتها في العراق وقادتها ( أبو مهدي المهندس وهادي العامري وقيس الخزعلي وآوس الخفاجي والبطاط وقادة سرايا السلام إلخ ) .. هذا التشخيص والتلويح باقتراب الحساب والعقاب على الانتهاكات والجرائم الموثقة التي ارتكبها هؤلاء القادة بصفتهم منفذي القرار وعناصر المليشيات الذين قتلوا وأحرقوا وجرفوا وهدموا وسرقوا وحزوا رؤوس الأبرياء وشردوا ومنعوا عودة المشردين إلى منازلهم المكشوفة في العراق تحت أنظار العالم .

ثانيًا- ليس هنالك حكم ميليشياوي مسلح لا يخضع للسلطات في العالم ويأتمر بأوامر خارجية أجنبية .. هذا الواقع الشاذ يدفع ( علي السيستاني ) إلى التفكير الجدي بأن تشكيل الحشد الشعوبي في العراق وتحويله إلى ( حرس ثوري عراقي ) في العراق لا يمكن قبوله ، عراقيًا وعربيًا ودوليًا ، بأي حال .

ثالثًا- إن قرار حصر السلاح بيد الدولة هو قرار يراد منه ما يلي :

1- خوض الانتخابات ( لأن قوى الفساد في العملية السياسية المأزومة ، التي فشلت وتشظت فاحترقت كل أوراقها جماهيريًا ) .. ومن هذا الباب يراد من حل الحشد الشعوبي الطائفي وحصر سلاحه ودمجه في عملية الأنتخابات لزيادة رصيد اللصوص ( نوري المالكي ) و ( عمار الحكيم ) و ( مقتدى الصدر ) و ( برهم صالح ) و ( هيرو جلال طالباني ) بعد فشل وهروب لص الشمال ( مسعود بارزاني ) .. فيما يتولى قادة الحشد الشعوبي وهم قادة ميليشيات ( بدر ) وميليشيات ( حزب الدعوة ) والتشكيلات المليشياوية التي اعتمدتها إيران في العراق من عناصر أفغانية وباكستانية ومن حزب الله اللبناني ، زيادة زخمهم الانتخابي على أساس (  ( تحقيق الانتصار على داعش فهم أولى بتكريمهم بمناصب البرلمان والقوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي ، والسلاح يظل في أيديهم بطريقة الدمج - رقم 2 )  ) .. وبهذه العملية الفاضحة والمكشوفة يعتقد القادة الإيرانيون بأنهم قد ضربوا عصفورين بحجر - خوضهم الانتخابات واحتفاظهم بالسلاح تحت غطاء الجيش وقوى الأمن الداخلي - !! .

2- ولكن ، قادة ( الحشد الشعبي ) قد تم تشخيصهم إرهابيون دوليون مثل هادي العامري وأبو مهدي المهندس وقيس الخزعلي وآوس الخفاجي فضلاً عن عناصر الإرهاب في الخط القيادي الثاني مع عناصر الحشد قد ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية وهي جرائم حرب حيث أعدت لهم ملفات محاكمتهم أمام محكمة الجنايات الدولية .. هؤلاء كيف يمكن تغطية جرائمهم سواء أدخلوا إلى مجلس النواب فلا تشفع لهم حصانتهم أو إذا أُدمجوا في قوات الجيش الدمج وقوات الأمن والشرطة حتى الوظائف المدنية سوف لن تنجيهم من المحاسبة والعقاب أبدًا – والمغرر بهم أو الذين انخرطوا بدوافع ( وطنية ) ، كما يعتقدون ولم تتلطخ أيديهم ونفوسهم بدماء الضحايا أو ذممهم بنهب الأموال والتدمير ، عليهم أن يتداركوا الموقف ويفكوا ارتباطاتهم مع الأطر الميليشياوية التي ترتبط بإيران ، لأن مهمات الميليشيات لا تخدم العراق ولا تخدم العراقيين إنما تخدم الأجنبي الإيراني ودمائهم هي دماء عراقية لا يجب سفكها إلا من أجل تحرير العراق من الاحتلال الأمريكي والإيراني !! .





الاحد ٢٨ ربيع الاول ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / كانون الاول / ٢٠١٧ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق الدكتور أبو الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة