شبكة ذي قار
عـاجـل










المقدمة :

المجرم لا يمكن أن يبقى طليقًا مهما طال الزمن !! .

- القصف الأمريكي البريطاني الفرنسي لبعض المواقع والمراكز في سوريا ، هو لإسقاط فرض ، حيث باتت إدارة ( ترامب ) في موضع اللوم والتسويف والمراوغة ومحاولة معالجة الأوضاع الخطرة بعقلية تاجر عقارات ، فجاء القصف ليمسح ذلك مؤقتاً ويقدم شيئًا تؤكد فيه الإدارة الأمريكية على أنها تفعل وحسب تقديراتها ، وإن مفاهيم اللوم غير صحيحة .. طبعًا هذا الأسلوب هو لذر الرماد في العيون ، لأنه معالجة ظرفية ومؤقتة ومشروطة بحالتها !! .

- القصف الثلاثي لم يكن شاملاً ، تعالج فيه بعض النتائج ولم تعالج الأسباب ، دانت فيه النتائج ولم يحاكم فيه الفاعل ، احتجزت فيه أداة الجريمة ضد الإنسانية ولم يعتقل المجرم .

- القصف فرق بين المجرم الضعيف المتهالك والذي يساعده ويعاونه في ارتكاب جرائم الحرب ( روسيا وإيران ) .

- القصف الامبريالي استثنى مراكز القرار الذي يطلق من خلالها المجرم أداة القتل .. ممثلة بدوائر الاستخبارات السورية وقواعدها العسكرية والقصر الجمهوري وأوكار أمن النظام البوليسي في دمشق .. والمعنى في هذا : إبقاء مجرم الحرب طليقًا ، وحرمانه مؤقتًا من أداة القتل التي يستعيدها أو يستعيرها من القاتل الأكبر روسيا وإيران .

- القصف الأمريكي البريطاني الفرنسي أجرى عملية جراحية محدودة ضرب فيها مراكز ومؤسسات أبحاث علمية أسسها شعبنا العربي السوري خلال عقود من أجل الدفاع والردع .. خسر فيها الشعب السوري ولم يخسر الحاكم الدموي الذي أبقاه القصف الثلاثي طليقًا ليكمل المشوار في دائرة التخطيط الصهيو – أميركي - الفارسي .

- القصف الأمريكي أظهر للعالم ، أن الإدارة الامبريالية الأمريكية المتوحشة حريصة على أرواح البشر من استخدامات السلاح الكيميائي - والأمريكان قصفوا سابقًا الفلوجة بالفسفور الأبيض والإسرائيليون قصفوا غزة بالفسفور الأبيض - كما هي حريصة على الاتفاقيات والمعاهدات التي تؤكد على نزع أسلحة الدمار الشامل بما فيها الأسلحة الكيميائية ( وعدم السماح بنقلها إلى أطراف أخرى وترويج إنتشارها ) – وهنا تخالف الإدارة الأمريكية الامبريالية وتسكت على سلوك إيران و روسيا ، اللتان عاونتا مجرم دمشق على إستخدام السلاح الكيمياوي ، بعد أن تعهدتا سابقًا باعتبارهما ضامنتان لنزع سلاح نظام دمشق الكيميائي وتصفير مخازن المواد الكيميائية في سوريا إبان التهديد الأمريكي الأول الذي وضع استخدام هذا السلاح تحت الخط الأحمر .. الآن بات خطًا أخضرًا مساومًا ومراوغًا يحاول التفتيش عن صفقات جيو - سياسية لمصلحة الصهيونية الإسرائيلية .

- القصف الأمريكي لم يكن إنفراديًا ، إنما ثلاثيًا جمع بين أمريكا وبريطانيا وفرنسا .. حققت فيها الامبريالية الأمريكية تحالفًا استراتيجيًا يلوح بأنه قادر على توسيعه إذا اقتضت الضرورة لمهام أخرى قد يقتضيها الفعل العسكري في إطار خطط حلف شمال الأطلسي .

- القصف الثلاثي أثبت أن ( الفيتو ) لم يعد له من تأثير على مقتضيات صنع القرار خارج مجلس الأمن الدولي ، وعليه فإن قرارات استخدام القوة جاءت خارج أروقة الأمم المتحدة ومجلس أمنها من جهة ، وتحديًا لميثاق المنظمة الدولية من جهة أخرى !! .

- القصف الثلاثي وضع نفسه في خارج دائرة الإدانة ، لأنه عمل في إطار ( الدفاع ) عن أرواح البشر ومستقبل الشعوب التي كفلتها الاتفاقيات والمعاهدات ذات الصلة بالاستخدامات الكيميائية كما يدعون – فيما يقتل الأمريكيون مئات البشر في أماكن مختلفة ، في اليمن وأفغانستان وباكستان وسوريا ، بطائرات ( درون ) الاستخبارية الأمريكية المتطورة دون أن يحاسبهم أحد - .

- القصف الثلاثي قد تم التشاور المسبق بشأنه بين العاصمتين واشنطن وموسكو حول محدودية الأهداف .. بمعنى إن القصف لا يعني الروس ولا مصالحهم الاستراتيجية في سوريا ، كما لا يعني الإيرانيين في سوريا ، ولا يعني النظام الدموي في دمشق ، إنما المعنى تحديدًا هو الأداة الكيميائية فقط ووسائط إيصالها للقتل الجماعي .. وقد أبلغ الأمريكيون الروس حصرًا بأهداف الحملة الامبريالية على سوريا .

- القصف الثلاثي لم يستهدف القوات الروسية ولا الميليشيات ولا الحرس الإيراني في سوريا ، إنما استهدف المراكز المرتبطة بالسلاح الكيميائي ، من معامل ومصانع ومخازن .. وعلى هذا الأساس لم يعلن عن سقوط ضحايا لا من المدنيين ولا من العسكريين .

- القصف الأمريكي البريطاني الفرنسي لم يُرَدُ عليه أطلاقًا لا من القوات الروسية ولا من الميليشيات الإيرانية .. والمهم في الأمر ، أن القوات الروسية لم تعترض القصف دفاعًا عن نظام دمشق وحلفائها الإيرانيين .

- أعلن الحرس الإيراني ، في عملية لخلط الأوراق ، عن مقتل سبعة من جيشه الفارسي في قاعدة ( تيفور ) في محافظة حمص .. ولم ترد طهران أو تتوعد بالرد !! .

- القصف الثلاثي هو في حقيقته مدخلاً لتحريك الأوضاع السياسية التفاوضية الراكدة نحو مسار من شأنه إبقاء الأوضاع هادئة نسبيًا دون تغيير وبقاء نظام دمشق منزوع السلاح ويفتقر إلى التمثيل الدبلوماسي إلا من السفارتين الروسية والإيرانية ، فضلاً عن افتقاره للشرعية والواقعية والقانونية .. ولكن في إطار محددات روسية وإيرانية توافق عليها ( إسرائيل ) !! .

- القصف الامبريالي الثلاثي على سوريا أسلوب جديد قد يتطور ويتشعب في إطار عمليات عسكرية مستقبلية واسعة النطاق قد تطال دولاً أخرى ، تعمل بواسطة قواعد عسكرية ثابتة وقوات بحرية متحركة وأقمار صناعية حربية معنية بتحديد الأهداف وتدميرها ، دون استخدام جيوش نظامية مكلفة إلا في حدود نادرة تقتضيها حالات مسك الأرض وبناء القواعد العسكرية .

- القصف الثلاثي لسوريا يقود إلى طاولة مفاوضات عقيمة لتسويات محلية وإقليمية مرتقبة ، وذلك لكون الفعل العسكري الامبريالي الأمريكي البريطاني الفرنسي هو فعل للتحريك وليس للحسم وغلق الملف السوري وملفات المنطقة الساخنة ، التي تبقى مفتوحة وفارغة بمعاناتها عقود وعقود .

- القصف الثلاثي لسوريا يشجع على عقد المزيد من صفقات السلاح وتشغيل شركات تصنيع السلاح الأمريكي والبريطاني والفرنسي .. وإن سوق تصريف السلاح يظل مفتوحًا ليعالج ويرمم اقتصادات أمريكا والغرب .. فليس من مصلحة مؤسسات التصنيع العسكري الامبريالية غلقها على أساس السلام والاستقرار ودعم تطلعات الشعوب .

- حسمية الحروب والصراعات تكمن في قدرة الشعوب وقواها الحية على هضم طبيعة الساكن والمتحرك في السياسات الامبريالية المعروضة على المنطقة ومحيطها والعالم .. إنها الطبيعة الدموية للامبريالية .. كما هي الطبيعة الدموية للوحوش الكاسرة .. فمتى تتعض الشعوب من تجاربها وتجارب العالم ؟! .





الجمعة ٤ شعبــان ١٤٣٩ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٠ / نيســان / ٢٠١٨ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق الدكتور أبو الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة