شبكة ذي قار
عـاجـل










۞ علي خامنئي يقدمُ وصفًا يثبت أنه رجل ضئيل ولكنه خبيث وماكر .

۞ يقول الرئيس الأمريكي ترمب ( أي حرب مع ايران لن تدوم طويلاً ) .

۞ ويقول ( لسنا مستعجلين لإيران ) !! .

- علي خامنئي المرشد الأعلى الإيراني يصف ( صراع ) بلاده مع الولايات المتحدة المستمر منذ عقود ، كما يقول : أنه ( تجسيد لأفلام الرسوم المتحركة الهوليوودية الشهيرة ( توم وجيري ) ، التي يقوم فيها الفأر الماكر الصغير باستفزاز القط الكبير الأخرق ، لكن النهايات كانت دوماً آمنة  .

 هذا التوصيف هو لـ( علي خامنئي ) ، نشرته قبل بضعة أسابيع الصحافة الإيرانية ، الفأر الخبيث ( إيران ) والقط الأخرق ( أمريكا ) والصراع على الجبنة ، والنتيجة دائماً آمنة !! .

-  ويقول خامنئي ( إن العقوبات ، ليست لها أي تأثير على إيران ) .. نعم ، لأن واردات العراق النفطية وغيرها أصبحت متاحة وتحت تصرف إيران ، وتفاصيل النهب المنظم معروف منذ الدخول إلى البنك المركزي العراقي وسلب محتوياته من سبائك الذهب والعملات الصعبة - مليارات الدولارات - وخزائن نفيسة وآثار لا تقدر بثمن ، فضلاً عن تفكيك المصانع والمعامل والمنشآت المدنية والعسكرية والآلات والمعدات والمكائن الانتاجية وإرسالها إلى إيران وبمعرفة المحتل الأمريكي .

الآن ، وبعد أن تغولت إيران ( جيري ) ولم تشبعها الـ( جبنة ) ، راحت تستحوذ على حصة أمريكا ( توم ) ، فنشب صراع لي الأذرع وعض الأصابع وعدم السماح لـ( جيري ) أن يستحوذ على كل شيء في العراق منذ عام 2003 وحتى الوقت الحاضر .. إذ لم يتبق لـ( توم ) أي شيء ولا مليار واحد .. حتى الخزين الاستراتيجي لنفط العراق بات مرتهناً للبنوك الدولية والدول الأوربية ومؤسسات الإقراض العالمية ومنها على وجه الخصوص البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والكثير من الدول الأخرى ، فهل يسكت المحتل الأمريكي ( توم ) الأخرق الكبير على الطمع الإيراني ( جيري ) الخبيث الماكر ؟ .. كلا ، إنه لن يسكت أبداً ، ولكن تظل الحالة كما قالها علي خامنئي آمنة ولا تدعو إلى القلق .. وهذا هو التوافق الاستراتيجي القائم بين نظام الملالي والاحتلال الأمريكي في العراق ، فيما يظل الصراع قائماً تحت خيمة اللاحرب واللاسلم ، وهي حالة استنزاف كامل وشامل من أجل التغيير العميق في بنية إيران والأقطار العربية جميعها وبدون استثناء فضلاً عن التغيير الذي سيشمل تركيا أيضاً ، وذلك في إطار مشروع الشرق الأوسط الكبير .

فهل يتم التسليم بما تريده أمريكا وخادمتها إيران ؟ .. والجواب ، كلا ، لأن المتغيرات تحمل ملامح الانتفاضات وهي تلوح في أفق العراق وإيران من جهة ، وفي أفاق أقطار الأمة العربية من جهة أخرى .

- ما قاله الرئيس ( ترمب ) ، أن أي حرب مع إيران لن تدوم طويلاً .. وأن بلاده ليست مستعجلة على إيران :

- نعم ، إن الحرب لن تقع ، فكيف ترونها لن تدوم طويلاً ؟ ، وطبعاً أنتم أيها الرئيس لَستمْ مستعجلين عليها لأنكم تستهدفون ضرب عفورين بحجر ، الأول: استنزاف موارد المنطقة والثاني : السيطرة على منابع النفط فيها لأغراض التحكم بالخصوم الصينيين والروس وغيرهم وحتى الأوربين !! .

إن التوافق الاستراتيجي أو التخادم مع إيران يتطلب التسويف والمماطلة ، وليس هناك أكثر قدرة على المماطلة والتسويف والخبث من النظام الفارسي في العالم وما يوازيه في التسويف والمماطلة والخبث الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة .

فالإدارات الأمريكية المتعاقبة على البيت الأبيض تتبنى سلسلة من السياسات ( المترابطة ) ، فقد جاءت أمريكا بنظام خميني لتنفيذ استراتيجيتها المسماة نظرية الدومينو (Domino Theory)، التي بدأتها بالعراق وفشلت منذ عام 1979 وتجرع خميني السم الزعاف يوم 8/08/1988 ، الأمر الذي دفع أمريكا بكل ثقلها إلى احتلال العراق عام 2003 بمساعدة نظام طهران ( الثيوقراطي ) الفاشيستي ، بعد تجويع العراق وشعبه الذي استمر ثلاثة عشر سنة عجاف مات خلالها من الأطفال قرابة (150) ألف طفل .. عندها لا أحد مع الاحتلال سوى النظام الإيراني وعملاؤه والمرتزقة يشدون أزر الاحتلال في عملية سياسية فاشلة وفاسدة ومأزومة لا يريدها الشعب ، فاحتلال العراق فتح الباب للتدخل العسكري الإيراني في سوريا واليمن ولبنان والتحرش المستمر في البحرين والسعودية والكويت والإمارات ، وربما ترى قطر والكويت بسياستهما القريبة من طهران النجاة من سكين الغدر الصفوية ، وهي سياسة الهروب إلى أمام ومآلها الانكفاء والخذلان .. هؤلاء جميعاً هم الذين فرطوا بالعراق وبشعبه وبمستقبله ، والآن ربما يعضون أصابع الندم بمكابرة يخفون الاعتراف بحقيقة الجريمة التي اقترفوها بتسهيل اجتياح العراق وإسقاط نظامه الوطني الذي كان سداً قوياً يحميهم ويحمي أقطار الأمة العربية .

الرئيس الأمريكي ( ترمب ) يغرد دائماً ويصرح ويستعرض اعتقاداً منه أن كلامه ينطلي على الجميع ، كلا ، أنه ينطلي على البسطاء والسذج ، ولن ينطلي على الشعوب التي تدرك بحسها العفوي ألاعيب ترامب وألاعيب خامنئي على حبال التسويف والمماطلة والدوافع الخبيثة لنهب المنطقة والتخادم لمنع الأمة العربية من النهوض وحتى من الاستقلال ومن قيام وحدتها وتنميتها المنشودة .

- أمريكا ، دولة مؤسسات ومعظم التغريدات والتصريحات الرئاسية الأمريكية هي لذر الرماد في العيون وخلط الأوراق .. لأن أخطر سمات أمريكا ، أنها لا تحل ملفاً ، ولا تعالج مشكلة ، إنما تحولها إلى إشكالية معقدة ، وتجمع في ملفات المشكلات وتراكم أخطاء الغير ، مهما تكن صغيرة ، لكي يتم استثمارها في الوقت المناسب ، كما تعمل على المتناقضات الخارجية بطريقة الاستثمار والتدخل ، وليس في جعبتها صديق دائم سوى الكيان الصهيوني ، ولا تخشى أساليب التجريبية وأخطائها الكارثية مثلاً : دخولها على الخط الإسلاموي واستخدام الأخوان المسلمين لطرد الجيش السوفياتي من أفغانستان وإسقاط نظام الشاه الصديق الحميم ، وإجهاض محاولة مصدق الانقلابية الوطنية بجنرالات الجيش والمؤسسة الدينية الإيرانية ، وتعزيز مكانة إيران لاكتساح المنطقة العربية بعد إسقاط النظام الوطني في العراق ، والسكوت على التمدد الإيراني تحت أغطية ( محاربة الإرهاب ) ، هذه الاستراتيجية التي تعمل بها أمريكا وإيران إلى الوقت الحاضر كمبرر لتخريب دول المنطقة وإعادة رسم خرائطها الجيو - سياسية بحسب الرؤية الإسرائيلية .

- وأمريكا التي دعمت وساندت تَسَلُمْ الأخوان المسلمين لنظام الحكم في مصر .. والأخوان المسلمون أممويون عالميون عابروا القوميات ومزوروا التاريخ الإسلامي بادعائهم تمثيل المسلمين في العالم .

من هم ( أخوان المسلمين ) ، المسلمون معروفون فمن هم أخوانهم ؟ ، هذا اللغز يفصح عنه اقتراب مفاهيمهم وأهدافهم من المحفل الماسوني العالمي كما هو حال نظام ولي الفقيه في طهران ، والأحزاب الإسلاموية المنتشرة فلولها بواجهات مختلفة هنا وهناك .. ومع ذلك فإن الامبريالية الأمريكية تتبع مصالحها فقط عند ضرب الإسلام والعروبة بأداة الخط الإسلاموي ( الأخوان المسلمين وواجهاتهم حزب الدعوة وغيره ) .. والتساؤل هنا هل من مصلحة الولايات المتحدة والغرب إنهاء الأخوان المسلمين والقضاء عليهم نهائياً ؟ .. الجواب  ، كلا ، لأن أمريكا تعمل بسياسة اللعب على التناقضات في واقع الصراع والتنافس .

فكيف تطبق أمريكا سياسة اللاحرب واللاسلم في ظل أجواء الصراع في منطقة الشرق الأوسط ؟ .. ثم ، وقبل ذلك يتوجب التعرف على واقع هذه السياسة ونظريتها أولاً :

- تعود أمريكا ثانية إلى تطبيق نظرية الاحتواء (Contentment Policy) ، التي ، حين تصدت لسياسة الاتحاد السوفياتي وحرمانه من الوصول إلى أهدافه أو تعزيز نفوذه ، وهي نظرية ذات طبيعة دفاعية ، وكما توصف وقائية إستباقية ومضاد للتوسع الاقليمي بالقوة ، وأن إطارها العام يعتمد على تحليل الأهداف الاستراتيجية للخصم الدولي والاقليمي ، وتحديد الأدوات التي تنسجم مع سياسة الاحتواء وخاصة إيران التي تنظر إلى محيطها القريب لابتلاعه ، وروسيا الاتحادية التي تنظر إلى أوربا على أساس مناطق واهنة وفراغات يمكن اختراقها ، ليس بالوسائل التقليدية ، إنما بطريقة تنتهي إلى تصدع تحالفات الدولة الأمريكية من داخل تكتلاتها .. حيث الحلقات الضعيفة الكائنة في البنية الأوربية وهي تشكل فراغات قوى داخلية متصارعة ومتنافسة .. وصراعات من هذا النوع تخلق ( فجوات ) ترصدها موسكو من أجل إحداث تغيرات جوهرية في تركيبة القوى التي قد تصنع القرار السياسي في بلادها لصالح السياسة الروسية إذا ما برزت على رأس السلطة .

- ومن سمات استراتيجية الاحتواء ، المرونة ولا تتقيد بالوقت ويمكن أن تغير أساليبها ، وتبقي على أهدافها ثابتة ، حيث تقوم هذه النظرية على مفهومين : الأول - إن التعاطي السهل مع الخصم يضر بالمصالح الحيوية ، والثاني - إن الدخول في صراع قد ينتهي الى نتائج وخيمة .

- وعلى أساس هذين المفهومين لنظرية الاحتواء برز مفهوم آخر أُطلق عليه المفهوم الثالث ، وهو ( اللاحرب واللاسلم ) ، الذي يأخذ مسار الحرب الاقتصادية(Economy War)  ، كما يعتمد على الاختراق الاستخباراتي .

- ومن خاصية هذه النظرية أنها لا تتعامل مع ( المنهج الأيديولوجي ) للنظم المتشددة ، بل تتصدى للنظام السياسي وركائزه الاقتصادية والعسكرية والتقنية التي تصنع السياسة التوسعية وتهدد الأمن والسلم الدوليين .

لقد سبق لإدارة الرئيس الأمريكي ( ايزنهاور ) ونسقت واعتمدت على الخط الإسلاموي ( الأخوان المسلمين ) من أجل التصادم مع ( الشيوعية ) والتصدي للنظام القومي العربي ، حيث فتح الأخوان المسلمون النار في منتصف الخمسينيات من القرن المنصرم على الزعيم القومي الراحل جمال عبد الناصر .. ومن الأخوان تأسس تنظيم ( القاعدة ) ومنها ( داعش ) وما تفرخه من تنظيمات ميليشياوية مسلحة كحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين المحتلة والحشد الشعبي في العراق .. وكل هذه التنظيمات الإرهابية المؤدلجة تعمل في ظل سياسة محاربة الإرهاب الأمريكية .

فهل تخلت الامبريالية الأمريكية عن التعامل نهائياً مع الخط الإسلاموي ممثلاً في الأخوان المسلمين ؟ ، والجواب ، أن أمريكا ستضع ملفهم على الرف في المرحلة الراهنة ، ولكنها ستحاول استثمار فلولهم لأغراض تزييت عجلة سياسة الإرهاب العالمية في الشرق الأوسط .

-  نعود إلى نظرية الاحتواء وجوهرها سياسة ( اللاحرب واللاسلم ) وكيف يتعايش أطراف الصراع ، كما يتعايش ( القط ) الأمريكي الأخرق الكبير و( الفأر ) الإيراني الخبيث الصغير ( توم وجيري ) حسب توصيف أية الله علي خامنئي .

 فلا أحد يصدق أمريكا في سياسة عض الأصابع إلا بعد أن يرى أن نظام الملالي الذي يهدد المنطقة والعالم قد تقلمت أظافره وتشذب سلوكه ودخل في قفص جغرافيته السياسية بضوابط عدم الخروج ثانية .. ولكن التاريخ يشير إلى أن الطبع يغلب التطبع والغريزة الدموية تظهر كلما ضعف الخارج وعاش فراغات القوة !! .





السبت ٤ ذو القعــدة ١٤٤٠ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / تمــوز / ٢٠١٩ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق الدكتور أبو الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة