شبكة ذي قار
عـاجـل










۞ ماذا تعني سياسة تغيير السلوك السياسي للدولة ؟
۞ هل تُسْقِطْ هذه السياسة النظام السياسي للدولة ؟
۞ الخيار الأمريكي بين تغيير السلوك السياسي وإسقاط النظام الإيراني
۞ المراوغة الأمريكية في حزمة الضغوط تطيل في عمر الإرهاب وتؤكد المحددات التي تريدها أمريكا ، وتشجع النظام الإيراني على القتل !!

المقدمة :
هنالك تفسيرات في قاموس سياسة تغيير النظم السياسية للدول ، كما وهنالك مفردات في هذا القاموس تؤكد على وضع النظام السياسي في ما تسميه الإدارة الأمريكية في ( القفص ) ، وكلها مفردات تنضوي تحت استراتيجية الاحتواء والاحتواء المزدوج ، وكلا الاحتواءان يتضمنان جملة من الخطوات والإجراءات الصارمة للتنفيذ ، ولكن هنالك ما يفرق بينهما ، كما كانت الإدارة الأمريكية تمارس هاذين الاحتوائين بين الدولتين العراقية والإيرانية خلال الحرب العدوانية التي شنتها إيران على العراق في ٤ / سبتمبر – أيلول / ١٩٨٠ والرد العراقي على العدوان الإيراني في ٢٢ / سبتمبر – أيلول / ١٩٨٠ ، فقد أعلنت الإدارة الأمريكية آنذاك أن سياسة الاحتواء تمارسها ضد إيران ، ولكنها تمارس سياسة وضع العراق في ( قفص ) الاحتواء ، والفرق واضح تماماً بين هاتين المفردتين في سياسة الاحتواء والاحتواء المزدوج !!.

لماذا فرقت الولايات المتحدة الأمريكية في أسلوب تعاملها مع العراق وإيران بهذا الشكل في الوقت الذي كانت فيه إيران معتديه وترفض قرار مجلس الأمن الدولي القاضي بالوقف الفوري للأعمال العسكرية ، وترفض الوساطات الدولية والاقليمية وتصر بتعنت على مواصلة الحرب ؟.

والمعنى في هذه السياسة ، أنها كانت تنتظر سقوط بغداد أمام الاجتياح الإيراني في ضوء حسابات ميزان تعادل القوى ورهانات حكومة طهران على أن معظم عناصر الجيش الوطني العراقي يشكلون ( حاضنة ) للتوجهات الطائفية التي ستصطف مع الجيوش الفارسية الغازية للعراق ، وذلك بـ ( حكم ) الولاء للمذهب على حساب الولاء للوطن العراق .. وكانت حسابات أمريكا ورهانات إيران خاطئة ، إذ أكد العراقيون أن المعادلة الوطنية هي الأرجح والولاء للوطن هو الأقوى ، وصمد العراق صموداً اسطورياً رائعاً وحطم موجات الفرس الطائفية وجرع صاحب القرار الفارسي السم الزعاف.

وحين تحطمت صفحة العدوان الإيراني على العراق ، ظهرت صفحة الحصار الشامل على العراق التي امتدت ثلاثة عشر عاماً ، وحين باتت حزمة الحصار على العراق لا جدوى منها وأن الوكيل الاقليمي الفارسي لم ينفع تصدت أمريكا وحلفاؤها وأسقطت النظام الوطني واحتلت العراق وتقاسمت سلطاته مع الدولة الإيرانية ، وحين طردت المقاومة الوطنية العراقية القوات الأمريكية في نهاية عام ٢٠١١ سلمت أمريكا مقاليد الدولة العراقية المحتلة إلى القيادة الإيرانية رسمياً في إطار التخادم والتوافق الاستراتيجي الذي وقعه حزب الدعوة مع القيادة الأمريكية في البيت الأبيض.

إذن ، كيف نصف وتفسر العلاقة الأمريكية - الإيرانية في ظل التوافق الاستراتيجي ؟ ، وكيف نفسر التراشق بالكلمات وصواريخ الكاتيوشا والباليستية داخل العراق ؟ .. ثم ، كيف نفسر سياسة الاحتواء الأمريكية للنظام السياسي الإيراني وتحاشي واشنطن إسقاط النظام السياسي الإرهابي في طهران ؟ .. وما هو مستقبل سياسة ( احتواء ) النظام الإرهابي ، وسياسة ( إبقاء ) النظام الإرهابي في إيران ؟.

أولاً - إن سياسة الاحتواء الأمريكية المصممة لحكومة الإرهاب في طهران ، هي سياسة عقيمة ، لأنها تفتح باب الاقتصاد العراقي والعملة الصعبة بالتدفق إلى إيران ، الأمر الذي يجعل النظام الإيراني وذيوله في موقع المتعنت والمتصلب والمتعجرف تجاه الشعب العراقي وتجاه سياسة الاحتواء الأمريكية ذاتها ، التي تشوبها الكثير من الثقوب والاختراقات وفي مقدمتها ( مازاد ) البنك المركزي العراقي الذي يسرب ملايين الدولارات إلى طهران عن طريق بنوكها ومصارفها في العراق ودول الخليج العربي وعن طريق تجار ميليشياتها الارهابية.

ثانياً - سياسة الاحتواء الأمريكية تجعل الاقتصاد الإيراني ( يُستنزَفْ ) تدريجياً دون سقف زمني ، وتجعل في الوقت ذاته ، محاولات الالتفاف على العقوبات الاقتصادية الأمريكية ناجحة وكأن ( ترامب ينفخ في قربة مثقوبة ) ، فيما تعمل إيران على ( نزيف الدم ) في عموم محافظات العراق بما فيها العاصمة بغداد .. والفرق كبير وباهظ الثمن بين الاستنزاف الاقتصادي ونزيف الدم العراقي !!.

ثالثاً - إيران وذيولها ( تعض ) أصابع أمريكا في العراق ، فيما تفتح طهران النار على الشعب العراقي وتضعه تحت رحمة نزيف الدم ، أما أمريكا فإن ما يهمها هو ضمان عمل شركاتها النفطية وشركاتها المتخصصة بإعمار البنية التحتية في تنافس شديد مع طهران التي تريد أن تضمن لشركاتها مواقع ( الإعمار ) في العراق المدمر.

رابعاً - تستطيع أمريكا أن تختزل نزيف دم الشعب العراقي على أيدي ميليشيات ذيول إيران في العراق ، بشلها أو القضاء عليها وتدمير مرتكزاتها ومواقعها ومخازن أسلحتها الإيرانية في العراق ، وهي معروفة ومكشوفة ، ولكنها لا تفعل ذلك ، لأنها لا تكترث لنزيف الدم العراقي إنما تكترث فقط لمصالحها .. مثلاً :

١ - أطلقت ( حركة النجباء ) ليلة السبت الماضي ١٤ - ١٥ ، من مناطق وجودها في حي ( جميلة ) و ( الطالبية ) ، ٤ صواريخ كاتيوشا على فضاء السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء .. ومنطقة إطلاق الصواريخ مرصودة استخبارياً من المخابرات الأمريكية بفعل الوجود العسكري الأمريكي في بغداد والمناطق القريبة منها.

٢ - أطلقت ( عصائب أهل الحق ) ، ٣ صواريخ كاتيوشا إيرانية الصنع من منطقة ( زيونة ) التي تسيطر عليها العصائب الارهابية ، وهي منطقة لا تبعد كثيراً عن بغداد.

٣ - أطلقت ( منظمة بدر ) ، ١ صاروخ كاتيوشا واحد من منطقة نفوذها في ( الزعفرانية ) ، وهي منطقة محاذية لنهر دجلة جنوب العاصمة بغداد.

ثمانية صواريخ كاتيوشا ( قَبَلَتْ ) أصابع أمريكا في المنطقة الخضراء ، ولم تخدشها ، وكان بإمكان القوات الأمريكية التي قتلت قاسم سليماني ، أن ( تفلش ) مقرات ومخازن ( بدر والعصائب والنجباء ) في ليلة واحدة .. ولكنها لم تفعل ، والذي تريده أمريكا هو إبقاء توازن لعبة ( توم إند جيري ) ، بينها وبين النظام الإيراني الإرهابي تحت سياسة ( لا غالب ولا مغلوب ) ، التي طبقتها خلال الحرب العراقية - الإيرانية !!.

ولكن ، الشعب العراقي العظيم لن يستكين حتى في ظل نزيف الدم ، حتى ينال وطنه حراً ومواطنيه أحراراً من دنس الأحزاب الإيرانية وذيولها وبرلمانها ودستورها والقائمين عليها .. الشعب العراقي لن يخدع أبداً.





الاثنين ٣٠ جمادي الثانية ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٤ / شبــاط / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الرفيق الدكتور أبو الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة