شبكة ذي قار
عـاجـل










في عملية حسابية بسيطة جداً، سيكتشف حتى الأمي في علم الاقتصاد والمال، المقدار المالي الذي جناه مستوردو المواد الغذائية والتجار الكبار لدى بيع ما في متاجرهم من غذاء على أساس إلى ٤٥٠٠ ليرة للدولار في السوق السوداء بينما كانت مشترياتهم على أساس السعر الرسمي ١٥١٥ ليرة للدولار، ليزيدوا من هذه الاستفادة مؤخراً بالاعتماد على ما قرره لهم مصرف لبنان من عملة صعبة للاستيراد من الخارج على أساس الـ ٣٢٠٠ ليرة للدولار، وليتبين أن رفعهم السعر أساساً على سعر الدولار بالسوق السوداء كان كذبة كبيرة روَّجوها على المستهلكين بحجة عدم قدرتهم على الاستيراد إلا بموجب هذا السعر الذي به سيحصلون على الدولار في السوق السوداء.

ولقد انطلت هذه الحيلة ولم تزل على المستهلكين، بينما وزارة الاقتصاد تغط في سبات عميق وتتذرع تارة بقلة عدد المراقبين وأطوار أخرى عندما ترمي بالمسؤولية على القضاء الذي تحيل إليه محاضر الضبط بحق المخالفين من التجار وأصحاب السوبرماركت ولم نسمع حتى اليوم أن تدابيراً إجرائية قد اتخذت بحق هؤلاء، أقله لذر الرماد في العيون، ونشير هنا إلى آخر إنجازاتها، بتخفيض ربطة الخبز إلى ٩٠٠ غرام بدل الف غرام لمصلحة أصحاب الأفران.

لقد ضرب من ضرب، وهرب من هرب كما يقول المثل العامي واستغل التجار الكبار فرصتهم لجني الأرباح السريعة دون بذل أية مجهودات مادية لولا الفوضى العارمة التي تسببت بها الحكومة الحالية المترددة والمرتبكة وهي ترضخ لتعاميم حاكم مصرف لبنان بتحديد أسعار متفاوتة للدولار الأميركي تتفاوت فيما بينها بين السعر الرسمي ١٥١٥ ليرة، وسعر التحويل من الخارج ٣٢٠٠ ليرة إلى سعر التحويل الداخلي ٣٦٠٠ ليرة إلى التسعير داخل المصرف ٣٠٠٠ ليرة لحسابات الدولار، وصولاً إلى السوق السوداء التي تركت الساحة مفتوحة لألاعيب الصيارفة وتحكمهم بالعملة اللبنانية ودفعهم بها إلى الحضيض، وليتخلل ذلك اتهامات قضائية ورسمية وإعلامية شهّرت بمن تسببوا بذلك سواء لدى المصارف أو الصيارفة أو داخل مصرف لبنان ليخرج جميع هؤلاء بسندات كفالة أشبه بإبراء ذمة لهم بدل أن يُدانوا ويُحالوا للمحاكمات الفورية.

إلى ذلك، ينظر المستهلك اللبناني بعين الربية إلى بعض أرباب الصناعة اللبنانية المحلية الذين يطرقون على مسامع الناس ليلاً نهاراً مطالبين الدعم بالعملة الصعبة لاستيراد المشتقات الأساسية المطلوبة لصناعتهم، فيما لجأ هؤلاء إلى الاقتداء بتجار المواد الغذائية ومستورديها، برفعهم أسعار منتجات الألبان والأجبان ومواد التنظيف والتعقيم على سبيل المثال، إلى ثلاثة أضعاف أسعارها الأساسية بينما كل هذه المواد منتجة ومصنعة لبنانياً وبأيدي عاملة لبنانية بقيت أجورها على ما هي بعدما تضاءلت قيمتها الشرائية إلى الثلث،

وليزيد من الطين بلَّة ما قررته وزارة الاقتصاد من تحديد سعر محدد للحليب المنتج محلياً مثلاً، بالدولار الأميركي لليتر الواحد مؤكدة على تواطئها أولاً، وبعدها عن الدفاع عن مصالح الناس، كبعدها عن التشمير عن سواعدها وملاحقة المحتكرين والمتلاعبين بلقمة العيش في آن،

وكان الأحرى بها دراسة تسعير هذه المنتجات بالشكل الذي لا يحمّل الصناعيين الخسارة ولا يعجز اللبناني الفقير عن شراء ما يحتاجه لإطعام أولاده من أجبان والبان وغيرها على الأقل.

إنه وبالقدر الذي تجد فيه مديرية حماية المستهلك، كمؤسسة رسمية تابعة لوزارة الاقتصاد، نفسها عاجزة عن لعب دورها كمؤسسة يفترض بها مراقبة الأسواق ومحاربة المحتكرين،

وبالقدر الذي تجد فيه أيضاً جمعية حماية المستهلك، كمؤسسة شعبية رديفة، نفسها مكبلة بالنقص في الإمكانيات والصلاحيات المطلوبة لتفعيل عملها،

بالقدر الذي نرى ضرورة تنسيق الجهود بين المديرية والجمعية ورفد الأخيرة بالمتطوعين الكفوء،عديداً و كفاءة، لمؤازرتها عبر تشكيل لجان شعبية على امتداد المحافظات والمناطق والمدن وبالتنسيق المباشر مع وزارة الاقتصاد عبر مديرية حماية المستهلك وذلك أضعف الإيمان في هذه المرحلة الصعبة والحرجة التي تتطلب اللجم السريع لارتفاع الأسعار وتضاؤل القيمة الشرائية لليرة اللبنانية، أقله بانتظار ما سوف تكشفه لنا الأيام القادمة من صدقية أو عدمها لناحية ما وعدت به الحكومة ومصرف لبنان مؤخراً تخفيفاً من حدة الأزمة الاقتصادية الراهنة وأن غداً لناظره قريب.





الاحد ١٦ شــوال ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٧ / حـزيران / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نبيل الزعبي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة