شبكة ذي قار
عـاجـل










إدارة الحوار السياسي تشترط ( التحضير والانتباه والتركيز والاستباق ).وكلها مجتمعة تحدد شكل الحوار وسياقاته ونتائجه، وخاصة اهمية وضع إستراتيجية من شأنها الوصول الى اهداف معينة ومحددة، منها : التفنيد أو تفكيك الغموض او الالتباس بالتركيز على الحقائق وعدم الخوض في التفاصيل الصغيرة وترك الأساسيات، التي من شأنها أن تضع المقابل أمام الحقائق، ممثلة بالوقائع والوثائق والاحداث والمواقف المعلنة التي من الصعب نكرانها من قبل الطرف الآخر المحاور.

المحاور الوطني لا يجب ان يكون محايداً امام تلك الحقائق، كما لا يجب ان تكون إدارة الحوار الوطنية محايدة، بمعنى انها لا تهتم ولا تلتقط الرد المناسب لكي تبني عليه تساؤلاتها الدقيقة التي تضع أحد اطراف الحوار في زاوية يصعب عليه الإنكار او حتى محاولة طمس الحقائق.

الحوار الذي اداره مقدم البرنامج " نجم الربيعي " يوم ٢٩ / ٠٧ / ٢٠٢٠ والذي ضم كل من الايراني من طهران " امير موسوي " والناشط العراقي من اربيل " غيث التميمي " ، كان بائساً تغلب عليه المجاملات ذات المسحة الدبلوماسية غير الناجحة في مثل تلك الحوارات، وتعتمد على ( أساس ) مقولة خاطئة، طالما رددها هنري كيسنجر وزير الخارجية الامريكي الأسبق، تقول بـ ( إيران الدولة ) و ( إيران الثورة ).والمغالطة في شأن الدولة والثورة تعطي مساحة لرمي ( اللوم ) و ( الخطأ ) على ( الثورة ) وتبرئ ( الدولة ) الايرانية من الجرائم الشنيعة التي ارتكبتها بكل إمكاناتها وطاقاتها وسلطاتها السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والدينية - المذهبية في العراق منذ الاحتلال عام ٢٠٠٣ وحتى الوقت الحاظر، فضلاً عن العدوان الايراني على العراق ٤ / ٠٩ / ١٩٨٠ ودفاع العراق في العمق حتى ٢٢ / ٠٩ / ١٩٨٠ واعلان العراق الرسمي الانسحاب من الاراضي الايرانية خلال اسبوع واحد ونفذ اعلانه من طرف واحد، فيما ظل النظام الايراني متعنتاً حتى قبوله بوقف اطلاق النار في ٠٨ / ٠٨ / ١٩٨٨ استناداً الى قرار مجلس الأمن بهذا الخصوص .. ثم ، ألم يذكر بول بريمر في مذكراته بأن المرجع السيستاني هو الذي وضع شرط التعاون معه وهو (( حل الجيش العراقي )) ، ثم ألم يوافق النظام الايراني على فتح اجوائه للطيران الحربي الامريكي في الحرب على العراق؟ ، هنا لم يوفق معد البرنامج ولا ظيفه في الرد على المغالطة التي ابداها الاعلامي الايراني، وتم القبول والتسليم بما قاله .. فلماذا هذا التسليم لتشويهات الحقائق والوقائع والمفاهيم ؟

المغالطة المركبة إيرانية محضة تقع في قلب الأستراتيجية الأيرانية مثلها مثل مغالطة ( الصقور والحمائم ) و ( المتشددون والإصلاحيون ) .. وكلا الركيزتان الأستراتيجيتان يعتمدهما النظام الإيراني لتصريف سياساته الداخلية والخارجية .. والمصيبة التي تحل ببعض الإعلاميين والناشطين، يأخذون الأمور في اشكالها الجذابة ومصطلحاتها الرنانة ولا يغوصون قليلاً في اعماق الأهداف التي ترمي اليها المصطلحات والمفاهيم التي يسوقها النظام الايراني في سياساته وسلوكه وتصريحاته .. فالتصريحات الايرانية تأخذ ذات المنوال ، تصريحات ( نارية ) وتصريحات ( مخاتلة متمسكنة ) تكمل إحداهما الأخرى في منهج النظام الايراني لتصدير ( الثورة ).فالدولة والثورة بدعة وخلط مفاهيم.والأساس في ذلك هو أن ( الثورة ) الخمينية قد هتكت الدولة الايرانية وابتلعتها تدريجياً بكيانات موازية ، وما يزال النظام الايراني يوظف كل إمكانات الدولة وعناصر قوتها من اجل تيسيير نفوذه في تصدير الارهاب وتمكين مليشياته في التجريف الديمغرافي والقتل والنهب والهيمنة.فلا فرق ولا تفريق بين نظام ( ثوري ) ايراني و ( دولة ) ايرانية، التوصيف الحقيقي هو نظام ارهابي مارق وشعوب ايرانية منكوبة ومظلومة، فضلاً عن شعوب عربية منكوبة ومظلومة ، والمسبب في ذلك هو الأداة أو المعول الايراني الذي يعمل في جسد الشعب العربي .. والذي يفضح ذلك الحقائق على أرض الوقع أولاً : ( مليشيات ومعسكرات تدريب وشحن اسلحة ايرانية الصنع ودعم مالي وإستخباراتي ايراني منتشر في المحيط القريب والبعيد، وثانياً : صمت أمريكا وصمت الكيان الصهيوني وصمت الأمم المتحدة وصمت الجامعة العربية وانظمتها المتخاذلة والمنافقة.

مقدم البرنامج السياسي يجب ان يكون بارعاً في الحجة وبارعاً في اعتماد المنطق العقلي من اجل توجيه الرأي العام الذي يعاني من إلتباس في المفاهيم، وربما لا يعرف التداخل المركب المريب بين ( الثورة ) و ( الدولة ) وهما مفهومان يحكمهما مدخل واحد، فكيف يسمح مقدم البرنامج لنفسه هذا المنزلق الخطير لكي يبني عليه موقفاً أو يتركه سائباً حتى ينتهي الى قناعات مضلله؟ وربما ، هو يعلم بذلك وهو يريد ان يخلط الاوراق كما يريدها الاعلام الايراني المخاتل على حساب يقظة الشعب العراقي والتضحيات الجسيمة التي قدمها على طريق التحرر من الذيول الفارسية .. فهل يتعض الاعلاميون بهذه الاساسيات؟ أم يريدون ان تنتهي حلقاتهم الاعلامية بعلامات استفهام وبالريبة والشكوك حتى على بعض من يمتلك شيئاً من الوطنية.؟!








السبت ١٢ ذو الحجــة ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / أب / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة