شبكة ذي قار
عـاجـل










يعتمد توزيع عناصر القوة عادة لدى الدول على طبيعة الوضع الجغرافي والكثافة السكانية والموارد والقواعد والمقار العسكرية، فضلاً عن مداخل التزود بالسلاح ومخارج التراجع اثناء الطوارئ .. حيث يراعي التخطيط الجيوبوليتيكي كل هذه الأمور .. هذا على مستوى الدول ، أما على مستوى تفكير الميشيات المسلحة التي تريد ان تبتلع الدولة ككيان موازي لجيش الدولة ، فلها حسابات اخرى طالما انها لا تكترث بحالة الشعب العامة ولا بأمنه ومستقبله، فأن تفكيرها الأستراتيجي يكون يقتصر على مدى نجاحها في تثبيت نفوذها العسكري أولاً ونفوذها السياسي ثانياً .. وهي قوى من نوع غير الوطني، بمعنى أنها تعتمد على دعم الخارج مالياً وسياسياً وعسكرياً ومعلوماتياً، كما تعتمد على حماية دولة اجنبية.فهي في كل الأحوال تنفذ سياساته وتراعي مراحل تنفيذ استراتيجيته.

" حزب الله اللبناني " يرتبط بالنظام الأيراني ارتباطاً جوهرياً ( عقائدياً - مذهبياً .. ومالياً – تمويلياً .. وتسليحاً - عسكرياً .. وإستخباراتياً - معلوماتياً ) .. فهو سياسياً وتعبوياً ، يُعَدُ جزءاً من تشكيلات سلطات النظام الأيراني على ارض دولة عضو في الأمم المتحدة وعضو في جامعة الدول العربية وعضو في كل المنظمات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، وهي كيان مستقل وذي سيادة.

هذا الحزب قد تم تسليحه من قبل النظام الأيراني تسليحاً ثقيلاً بصواريخ بالستية قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى عبر الوسائل الممكنة والمتاحة من ايران بطائرات ايرانية الى النجف في العراق ومطار بغداد الدولي اللذين تسيطران عليهما مليشيات الحشد الشعبي الايرانية، كما هو حال مطار بيروت وموائي لبنان المدنية، وعبر اراضي العراق الى سوريا تحت غطاء نظام الأسد حتى جنوب لبنان، حيث مواقع تخزين الصواريخ في اقبية تحت الأرض محصنة تربطها انفاق بين موقع وآخر .. ولكن تخزين ( نترات الأمونيه ) شديدة الأنفجار وبكميات هائلة ومنذ اكثر من ست سنوات في موقع مدني قريب جداً أو في قلب مدينة بيروت، بطريقة التمويه والإخفاءً المتعمد بالقرب من الحياة المدنية العامة ، يُعَدُ عملاً مدروساً ومحسوباً في إطار توزيع السلاح والصواريخ البالستية والمواد الكيميائية ذات التأثير غير العادي على حياة السكان.

فـ ( حزب الله اللبناني ) قد اختار توزيع السلاح والمواد شديدة الأنفجار بإرادة سياسية واعية للنتائج، إدراكاً منه بأن سلامة الحزب هي أكبر من سلامة الشعب اللبناني، كما هو حال تخزين سلاح مليشيات الحشد الشعبي بين الأحياء السكنية وبالقرب من المجمعات المأهولة بالسكان ، اعتقاداً من قياداتها الأرهابية إنها وسيلة للإخفاء والإحتماء بين الكيانات المدنية .. وهنا تبرز الحالة ذاتها بأن جيوش ايران المليشياوية في لبنان وفي العراق تتعمد الاضرار بالشعب اللبناني وبالشعب العراقي وتتعمد تدمير ما تبقى من كيان الدولتين اللبنانية والعراقية على حساب بقاء هذه المليشيات الارهابية الفاسدة التي تنفذ إجندة إيرانية.

المسؤولية الكاملة تلتف حول عنق حزب الله اللبناني وقادته الارهابيين والفاسدين، كما هي المسؤولية تتفاقم وتلتف حول عنق قيادات الاحزاب الأسلاموية والمليشيات الايرانية في العراق، وذلك لتراكم القتل والسلب والنهب والفساد طيلة اكثر من عقد ونصف من الانحطاط السياسي والاداري والتهتك الاخلاقي والتفكك الاجتماعي وتفسخ منظومة القيم.

من اصدر قرار تفجير مرفئ بيروت ومن هو المسؤول عن الكارثة؟ فهل أوعز " نصر الله " بالتفجير للتشويش على محكمة لآهاي التي قررت إعلان الإدانة الكاملة لقيادات حزب الله اللبناني بشأن اغتيال " سعد الحريري " والتشويش على القرار وخلق حالة من الذعر وإستبعاد المحاسبة المحلية والاقليمية والدولية؟ وهذا هو الاحتمال الاكثر قرباً للواقع .. أما احتمال تفجير قام به احد عملاء ( اسرائيل ) ، فالمسؤولية تقع على كاهل حزب الله اللبناني لأنه المسؤول الآول والأخير عن المرفئ من الناحية الأمنية وسيطرته الكاملة علية .. ثم لماذا يصمت هذا الحزب الارهابي ولم يرد على الكيان الصهيوني إذا كان يشير الى إتهامه ليبرر موقفه المدان والمخزي؟ هل ينتظر أوامر وتعليمات سيده " علي خامنئي " الذي يقبل يديه ويركع ليقبل قدميه بشكل مذل لا تسمح به كرامة إنسان سوي، كلما زاره في طهران؟

" حسن نصر الله " فجر نفسه بنفسه حين اقدم على تفجير مرفئ بيروت ليخلط الاوراق .. أو ان هذا الفعل جاء توافقياً بعد التصعيد على الحدود ( اللبنانية - الاسرائيلية ) ، وبعد موجة التفجيرات والحرائق التي عمت ولحد الآن أرجاء المدن الإيرانية على وتيرة ليست تقطيع الأوصال، إنما سحق الرأس لتموت الأذرع في لبنان والعراق وسوريا واليمن.

التهديد من جنوب لبنان قد تم تحييده بتفجير مرفئ بيروت، إما للتخلص من العقاب الدولي عن جريمة إغتيال " سعد الحريري " أو نزع سلاح التصعيد والتهديد أو الأثنين معاً لكي يبقى حزب الله حزباً سياسياً منزوع السلاح في اطار التراجع العسكري والسياسي والايديولوجي العام للنظام الارهابي المارق في طهران.

تفجير مرفئ بيروت نقطة فاصلة لا رجعة فيها، وتشكل منعطفاً سياسياً كبيراً يعكس حالة تحرر من قبضة الولآئي الارهابي "حسن نصر الله" ، كما هو حال العراق والشوط الذي قطعته ثورة تشرين على كل الصعد رغم البطش والقتل والخطف والسلب والنهب والسرقات التي افلست الخزينة .. لقد سبق وقلناها : ان سياسة ( الفوضى الخلاقة ) ستنتج رداً عنيفاً بعد امتصاص صدمة احتلال العراق ، في شكل ارتداد الفوضى ، وهو تحول في القوة وتحول في السياسة، في ظل اجواء الاضطراب الجيو - سياسي في المنطقة.

تحاول ايران جر القوى الخارجية الى حرب خارجية وقودها الخارج ، بمعنى اشعال حرائق حول جغرافيتها لكي تؤجل الحسابات وتؤخر الزمن وتستبقي على الأقل القليل من وجود الدولة الايرانية المشمولة بالتغير طالما هي دولة عدوانية على شعوبها وشعوب غيرها وتوسعية على حساب محيطها ومارقة في المخاتلة والمراوغة والغدر واتباع كل اساليب الخسة والدناءة والاحتقار.ولكن محاولاتها كلها فشلت في جر المنطقة الى الاشتعال .. والآن ، من اشعل فتيل مرفئ بيروت ؟ دعونا ننتظر التحقيقات الميدانية الأحترافية ، ولكن، سياقات التحليل السياسي والأمني والإستراتيجي تؤكد ان "حسن نصر الله" له ضلع مهم في هذه الكارثة.!!








الخميس ١٧ ذو الحجــة ١٤٤١ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٦ / أب / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة