شبكة ذي قار
عـاجـل










مع قناعاتنا الراسخة والمنطلقة من حقائق تاريخية ثابتة وتجارب شعوب كثيرة، وفحوى هذه القناعة أن الاحتلال لا يزول والبلاد لا تتحرر إلا بقوة السلاح، فإن ثورة تشرين السلمية قد برهنت أنها تمتلك زخماً ثورياً هائلاً يمكن أن يكون هو رجاء العراق والعراقيين بالخلاص بعدما وقع فيه الوطن من كوارث نتجت عن الغزو والاحتلال منذ سنة ٢٠٠٣.

ثورة تشرين أظهرت جوهر شعب العراق الأصيل الرافض للتشرذم الطائفي الذي حاول الغزاة والمحتلون تثبيته في الواقع العراقي وكأنه سمة وخصلة وقدر.

ثورة تشرين مزقت الستار الطائفي لإيران وأذرعها وواجهاتها الاحتلالية وسحبت البساط من تحت أقدام أحزاب الفتن والعمالة والخيانة والذيلية التي جعلت من الدين ومن المذاهب لثاماً ظنت أنه قادر على اخفاء وجهها السياسي التابع البشع وسلوكها الإجرامي المتوحش، واليقين أن تشابك المؤامرة واللؤم والممارسات الطائفية ما كان لها أن تُفكك وتُشتت لولا ثورة تشرين الشعبية السلمية، لقد أسقطت هذه الثورة المباركة كل محاولات تثبيت نتائج الحرب الطائفية والعملية السياسية الطائفية والانتخابات الطائفية والمحاصصة الطائفية والمناهج والعقائد الطائفية ومسحت بها أرض العراق من بغداد إلى الفاو بشكل خاص وفي كل العراق بشكل عام.

كان المطلوب والمخطط للسياسة الطائفية أن تنهي العراق كدولة بعد الاحتلال بعشر سنوات على الأكثر لكن شعب العراق سحق بأقدامه تكتيكات واستراتيجيات أحزاب الداخل الاحتلالية ومحركاتها الخارجية العربية وغير العربية، وأبعد الخطر عن الوطن وفتح فرصاً عظيمة لأحرار العراق لإعادة ترتيب أوراق التحرير وفتح مساراته مجدداً وبزخم شعبي عظيم.

ثورة تشرين عرت أحزاب العمالة وأسقطت هيبتها وأحرقت لافتاتها ومكاتبها ومقراتها وقلصت تأثيرها ونفوذها المبني على الفذلكة والخداع والتزوير، بل بوسعنا أن نقول إن تشرين قد أنهى عملياً سلطة أحزاب الاحتلال ووضعها كلها مع ميليشياتها ولأول مرة في حالة مواجهة واسعة مع الشعب والوطن.

تمسكت ثورة تشرين بسلميتها لأسباب عراقية صرفة، غير أن مسار الثورة قد يفضي إلى تغيير مسارات الثورة لأسباب عراقية أيضاً، معنى هذا أن لثورة تشرين ديناميكيات هائلة صنعتها لنفسها بسبب عقيدتها الوطنية وصنعتها تعاضداً لظروف الشعب التي لم يحصل لها ظروف مماثلة في كل تاريخ الشعوب، إذا استنزفت ثورة تشرين مسوغاتها السلمية فإنها ستتحول تلقائياً إلى مسار شعبي آخر يختاره الشعب أيضاً، سيتسم عند ذاك بخروج كل الشعب إلى الشارع العراقي في إعلان عن انتقال الصراع إلى مرحلة تقرر طبيعتها ردة فعل الأحزاب الاحتلالية وميليشياتها.

وما نريد قوله هنا إن ثورة تشرين لن تتوقف إلا بإعادة العراق حراً سيداً مستقلاً.

ثورة تشرين حسمت موقف شعب العراق من العملية السياسية، ولم يعد أمام العملية السياسية وموظفيها إلا الاقتناع بأن حقبة الاحتلال قد سقطت وما تبقى من عمرها لا يعدو أن يكون رفسة ثور مطعون أو خنزير يحتضر.





الثلاثاء ٣٠ ربيع الثاني ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / كانون الاول / ٢٠٢٠ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة