شبكة ذي قار
عـاجـل










بسم الله الرحمن الرحيم
مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا


أيّها العراقيونَ أصحابَ الوطنِ والقضية ِ والتاريخ
أيّها العربُ الشرفاء
يا إخوةَ المبادئ الانسانية في العدالةِ والحريةِ والسلامِ في العالم
أبثُ اليكم للمرةِ الأولى نصَ خطابٍ تاريخي، لم يَسبِقْ نشرُه للرئيس ِ العراقي الراحل صدام حسين، الذي كان قد أعدَّه لإلقائهِ داخلَ قاعةِ المحكمةِ موجّهاً للعراقيين والعالمِ أجمع، قُبيل ارتقائهِ شهيداً على يد الامريكي المحتل وخَدَمِهِ من الايرانيين.

وقد قام القاضي رؤوف رشيد عبدالرحمن بمنع الرئيس من القاءِ كلمتهِ التي كانَ يريدُها بمثابةِ وصيةِ الوداع قُبيل استشهاده، وتضمنت الكلمةُ اشادةً بالقاضي الوطني رزكار محمد امين الذي استقال من المحكمةِ بعدَ اكتشافهِ زيفَها، وكذلك تضمّنت اشادةً بمحامي دفاعهِ الزميل الشهيد خميس العبيدي الذي اغتاله عملاءُ ايران ببغداد.

ولقد علمتُ بما جرى، وكنتُ شاهدَ عَيان بصفتي محامياً في المحكمةِ الجنائيةِ العراقيةِ العليا حتى حلِّها عام ٢٠١١ على واقعةِ منعِ الرئيسِ من القاءِ كلمتِه، وتابعتُ الامرَ يوماً بعدَ آخر حتى حصلتُ عليها من المحكمة، وها أنا ذا أعيد الأمانة و أوصلها الى أصحابها من العراقيين والعربِ والانسانية ، كما أرادَ الرئيس.

أيّها الاخوةُ والاخوات في الوطنِ والانسانية ..
هذه هي كلماتُ الرئيسِ العراقي صدام حسين ، تعلو مجدداً في الذكرى الرابعة عشرة للعملية الامريكيةِ الايرانيةِ المشتركة في تدبير شنقِه صباحَ عيدِ أكثرِ من مليار مسلمٍ في أنحاءِ العالم، تنكيلاً بقيمِ السماءِ ورسالاتِها ومواثيقِ الارضِ وعهودِها.

المحامي
سليمان الجبوري


نص خطاب صدام حسين

بسم الله الرحمن الرحيم
“قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم و يخزهم و ينصركم عليهم”
“فاصبر إن وعد الله حق و لا يستخفنك الذين لا يوقنون”
صدق الله العظيم

أيها الأخوة
أيها السادة
أيها الذوات،

وكلّ على استحقاقه و صفته، و إلى أولئك الذين لم يخونوا العهد و لم يتناسوا الوعد و الود، محبتي و عهدي، و سلام إلى شعبنا العزيز المبتلى، رجال و ماجدات، و إلى قواتنا المسلحة المجاهدة و منهم رجال المهمات الصعبة، و قوى الأمن القومي، و سلام إلى من أخطأ و تراجع، أو ظن و صحح و إلى المجاهدين و المجاهدات أكرم وأجزل السلام أيها الأخوة : ليس فيما أريد التحدث عنه تحت عنوان الدفاع، أو آخر الأقوال قبل إعلان الحكم، هو الدفاع عن صــدام حسين، لأن ذات صــدام حسين و موقفه لا يقبلان الدفاع عنه، و إنما عن الشعب والوطن والمسيرة.

و لذلك فلن أنشغل بالجزئي عن الكلي، و لا بالمحدود عن الشمول، إلا كمثله يستدل منها على الحقائق الأعم الأشمل لمن يجهلها أو نساها، و في كل الأحوال لا يهمني أصحاب المواقف المسبقة الذين و سخوا حتى الضغينة من فرط حقدهم حتى وصلوا إلى الوصف الميئوس منه ولا يرجى شفاؤه ولذلك ليس لي فيها إلا الدعاء إلى رب العالمين أن يصلح من يشاء و يسحق من يشاء بغضبه و سخطه.

أيها الأخوة
ليس تقضي المداخلة في أمر إلى نتائج صحيحة إن لم يكن المدخل إليها صحيح، وعلى هذا أقول مثلما قلت من قبل شِفاها أو في مذكرات عديدة قدمتها إلى ما سُمي بهيئات تحقيق أو إلى المحكمة، و مثلما قال محامو الدفاع الشجعان، و منهم شهداء الحق و القانون يتقدمهم الشهيد المحامي الغيور الشجاع خميس العبيدي، طيّب الله ثراهم.

أما رجال القضاء و القانون أو مَن حسبوا عليهما في هذه الهيئة و ما حولها فلا تستبعد ان يظهر منهم مَن هو عفيف نظيف وطني شريف و قبلوا ان يكونوا على الصفة التي قبلوها لأمر ولظرف بعينه مثلما قبل الأستاذ الكريم،ابن الوطن و الشعب الأستاذ رزكار ذاك في حينه، و لكنه وعندما اصطدم الحق بالباطل، و أصر ممثلو الباطل ان يعاكسوا الحق و تصوروا واهمين أنهم قادرون على ان يفرضوا الباطل على الناس الشرفاء، رفض الأستاذ القاضي الأول روزكار محمد أمين، الباطل و أهله بشرف و أعلن استقالته من رئاسة هذه المحكمة لكي لا يتحمل هو وعائلته ثقل الرضوخ لإرادة الباطل، فكان على ما تعرفون، و هكذا انتصر الأستاذ رزكار ليس لشرف المهنة التي انتسب إليها و سمعة القضاء العــراقي فحسب و إنما انتصر لحق شعبه الحر الأبي ولكل شريف يرفض الغزو و الباطل الذي لولاه لما ذرّ بقرنه في عــراق الفضيلة و المجد السوء على ما انتم تعرفون…

فإليه منّا خالص التقدير و إننا لنهنيء ضميره الوطني الحي النظيف الذي دلّه على السبيل المنقذ للروح من أن تتلوث و الأخلاق من أن تخضع لمساومة رخيصة، و من خلاله نهنيء شعبنا الكردي فيه بل كل رجال القانون و شعبنا العــراقي المجيد، و أرفق نص استقالته ليطلع عليها مَن لم يقرأها، و اعتبرها جزءا من دفاعي هذا أمام الحاضر و التاريخ

حملوا الذمة عهدا في قضائنا          من يخزي العهد فهو خزيان
ناس و ناس ألوان صفاتهـــم          فمن هائن أو لجين و عقيـان

أيها الأخوة…السادة…الذوات
يمكن للناس أن يخطئوا و أن يعودوا عن خطأهم و يصلحوا ويعفو الله و ذوو الأمر من الخيرين عن ذاك، أما من يرتكب جريمة مخلة بشرف المهنة و قدسية مبادئ الشعب الوطنية و القانون قاصدا متعمدا و هو يعرف آثارها الآنية و البعيدة، فهو غير ذاك الذي لم يخطئ عن دراية أو أخطأ و إن عن دراية و لكنه تراجع و لم تفته فرصة التراجع، و إن مَن يعرف القانون في الحق و الواجبات معرفة المختص، غير مَن تكون معرفته في ذاك معرفة المكلف بعدم خرقه فحسب، و إن الإنسان المؤمن في دينه كعقيدة عامة غير رجل الدين المسؤول عن تبيان تفاصيل الدين، حقوقا و واجبات، مع تفاصيل أخرى معلومة، و ها قد جاء دور مَن يقول بأنه رجل قانون في هذه القاعة، و منهم، بل في مقدمتهم من يجلسون على المنصة أمامي ليقولوا رأيهم الحاسم، فإن أبطلوا فإلى جحيم الدنيا و الآخرة، و إن أعدلوا فقد أنصفوا أنفسهم مع مَن ينصفون، و يحمون شرفهم، و سمعة القضاء العــراقي و حق العدل عليهم، ولكنهم عندما لا ينصفون فلن يؤثروا سلباً في شرف أحد من الناس و لن ينتزعوا منه شيئاً مما هو أغلى من الحياة…

نعم أيها الأخوة…الأصدقاء…وأيها الذوات في الهيئة التي أمامنا في هذه القاعة، و حيث يبدأ القول بأن جلساتها تفتتح باسم الشعب…نعم إن الشرف أغلى من الروح، و إن الوطن أغلى من الدم، و إن الشعب أغلى من النفس، و إن المال ليس إلا في سبيل الله و الندا…

حلت أو اقتربت اللحظات التي توجب أن تعبر الكلمات و المصطلحات عن معناها بفعلٍ ذي تجسيد حي، و صار الحسم قريبا فيمتحن شرف أهل الشرف الذين لا ينسون الله و لا التاريخ، و يتشرف التاريخ ويتمجد بهم و لا ينساهم…لقد دافعنا عن كل عــراقي صميم في الشعب و عن شرفه الوطني ومصالحه الرئيسية، و من هم أمثالهم في هذه القاعة و حفظنا العهد الذي قطعناه بقسم جليل أمام الشعب، بعد إذ اختار صــدام حسين رئيسا للجمهورية باستفتاء عام، و لم نخون إرادتكم و لم نتنازل عن دور إرادة الشعب الوطنية التي ضحى من أجلها العــراقيون من ثورة العشرين ١٩٢٠ و حتى الآن أنهار من الدم، و لذلك رفضنا إرادة الغزاة قبل الغزو و أثناء الغزو و عبّرنا بصدق و فضيلة، أنا و إخواني المسؤولين الذين حافظوا على شرف المسؤولية و معنى العهد والوعد، و لقد جاء دور الإرادة على الوصف الذي بيّنا لتمحن في هيئة المحكمة، فإن فازوا، فقد فازوا، أمّا نحن فإننا فائزون في الدنيا و الآخرة، إن شاء الله، على وفق معاني الجهاد…لذلك فإننا نبصر و نشجع و نحث أنفس قد تحتاج قولنا هذا، و من أجلها، و ليس من أجلنا و في كل الأحوال ليس من أجل نفس صــدام حسين، حيث صيغت مثلما أراد الله و قضى بذلك قانون الوراثة والالتزام بشرف المبادئ الغراء، و لذلك فإنها، أي نفس صــدام حسين، تستغرب لو أن صــدام أطلق فكرة من أجل نفسه، لا سمح الله بل و تثور عليه و تنهيه…

من أجلكم أقول، ومن أجل غير نفسي أُنبّه و أدعوا، و أعمل، و في سبيل ربي و شعبي و وطني و أمتي أموت ولهم أعيش حيث أعيش…و الله أكبر…

عليةٌ نفسي و الفصـــل فيها علــــيُ            و مــــن صلب جدي الحسين العليُ
ما دنت في موحشة نفسي إلى خائب و ترّفــــع عزمي في الهيجاء أبــيُ
و لا غـــرق خبئي من سيلً جارفً            أو أزاح عــــدوّي رجــــال نــــؤيُ
و ما ندّت من حـــــر و لا بـــــــرد            أو آوارها دون ربعهـــــــــا الفــــيُ
سخية دمائنا حيث اشتــــــد أوارها و في العطاء حيث دلج العفاة سخيُ
أذبّ فيهــا و إن طـــال مداهــــــــا            و لـــيّ الناس و الرب لي و لـــــيّ
ترّف راياتنــــا رغـــم أنف العـــدا            قد رآها الشهيــــد و مثله الحـــــــيُ
إذ تبـــــرق غيوثنـا تهطــل زخّــــا            ًو لرعودها صوت يتفرقــع و دويُ
عُمّـــرت من بعد نــــــوح أرضـنا قـــد باركهــــــا إبراهيـــــم النبــيّ
ترفــــض خائنهـــا و كل غـــريب            فيقفو فيلــهم و ثعلبــهم و المطــــيّ
تكســــحهم عواصفـها و إن تشبثوا            هم صــــراخ يستغيثـــون عـــويّ
شدّوا رحالكم قبل أن يغمركم جارفـها            فجـارفنا ليس كجارفـــــكم غبـــــيّ
ونعّمـــر أرضنا و إن خربوهــــا            فلا يبنـــــي في الصعــــــب الوفيّ

أيها الذوات، في هيئة المحكمة : هل انتم فاعلون ما ينبغي و ما يجب و كبح أي هوى أسرته الضغينة و أستودع الشره و الطمع التافه في أكناف النفس…!؟
أيها الذوات، في هيئة المحكمة و رئاستها جاء الوقت لتمتحن عــراقيتكم و وطنيتكم و أصالة من يقول بهذا، و هي أمام مفترق فإما أن يمثلها أو يخونها، و عندما أقول هذا لا لكي أخلص من حكمٍ أعرف أنه صدر علي كهوى نفسً خبيثةً حاقدة منذ عشرات السنين و أعرف أن الصهيونية و ممثلي الاستعمار و الصفويين و سيدتهم لا يرتاح لهم بال إلا أن تتهيأ الفرصة لمن يطبّقه، و ها قد جاءت فرصتهم فإنهم فاعلون، و لو سمح الله لموج شرورهم أن تغرق من تغرقهم، و إذا منعهم الله فهو القوي المكين…

( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، هو مولانا و على الله فليتوكل المؤمنون ).

و لقد، بيّنت لكم من قبل كيف ساومني أحد الجنرالات الأمريكان على حياتي مقابل أن أخون نفسي لا سمح الله، فأدعو الشعب إلى إلقاء السلاح بلا شروط، و كيف أخزيت نواياهم و أعليت راية شعبي و جيشي و أمتي عندما رفضت ذلك الطلب الخسيس…و إنكم تعرفون في تمام اليقين أن محاكمة صــدام حسين رئيس الجمهورية و إصدار قانون مرتب خصيصا في ظل الاحتلال وسريانه بأثر رجعي عليه و على رفاقه و هم معتقلون و أسرى حرب بالطريقة التي حصلت تعّد خرقا للقانون الدولي، إنني عندما أدعو قانونيين في هذه المحكمة إلى أن يعدلوا فإنني أدعو طبقا لصفتي العادلة و ما اتصل بممارسة مسؤوليتي على أساسها، و إلى ديننا الحنيف و تراثنا الخالد، و تعرفون و يعرف الشعب الوفي الأمين، بأنني لست من النوع الذي يضع نفسه و عائلته و من يحبهم، على وفق خصوصيته، قبل الشعب و مبادئه فإذن، فإن هذا الذي أقوله ليس لكي يخلص صــدام حسن من شيء ذلك لأنني لا أخشى المواجهة و أعرف أن الطريق الذي اخترته و قدت شعبي عليه يتضمن التضحية، و لأن في عرف مبادئي و إيماني، فإن من يقود، أوّل من يضحي و آخر من يستفيد، فإن التضحية لا توجعني مثلما يتوجع منها آخرون…و على هذا فليس هناك، ما يجعلني جافلا على نفسي من شر الأشرار، و أمامكم سفر حياتي واضحا جليا في هذه المنازلة أو قبلها، و إنما أحاول لأغّير مَن قد يتغير لأخرجه من الظلام إلى النور، و هو واجبي الأخلاقي والمبدئي و الدستوري، إزاء شعبي، و لذلك فإنني عندما أحاول لأجعل المخطئ يعود عن خطئه و خطيئته و يملأ المتحين فرصته بشرف فلا تفوته، فإنّ نفسي تمتلئ بالسرور، و هي دعوة ليست موجهة إلى رجال القانون و القضاء فحسب، و إنما إلى الشعب أيضا بكل ألوان الطيف الذي هم عليه، بما في ذلك من اختلفوا أو قد يختلفون معنا في اجتهاد أو لون، جاء الوقت لمَن فيه بقايا خير أن يؤسس عليها ليساعدوا، فتندمل الجراح لا لتتفتق جراح جديدة، و إذا كان لي أن أطلب من هيئة المحكمة، و هو أبسط حقوق في القانون، إذا ما وسوس شيطان من يوسوس له داخل صدره، أو شياطين الأنس له فتقرر على صــدام حسين مثلما صرح بذلك الصفويّون تنفيذ حكم الإعدام فعليهم أن لا ينسوا إنني القائد العام للقوات المسلحة و أحمل أعلى رتبة عسكرية، لذلك فإن تنفيذ الإعدام بي ينبغي أن يكون رميا بالرصاص و ليس شنقا، أتراه ثقيلا عليك طلبي أيها القاضي رؤوف، وأيها الذوات على منصة المحكمة؟، حسبي الله و نعم الوكيل…و الله أكبر…

أيها الأخوة…أيها الأصدقاء…يا أبناء شعبنا العظيم رجالا و نساءً، و بكل عناوينهم و مسمياتهم :
إن محرك أساسيات الظواهر في العــراق، أو من يوحي بها بصورة مباشرة مثلما كان قد فعل بريمر و َمن يأتمر بأوامره، بما في ذلك سنّ قوانين نسبها إلى العــراقيين و منها القانون المسخ لهذه المحكمة، هم الغزاة الأمريكان و مَن صار لهم مطيةً يرفعون على ظهره “جزماتهم” لكي لا تظهر طبعات أحذيتهم على الطريق، و إنكم تعرفون هذا.أمّا قولهم بثورة الثائرين ضد نظام البعث ألصــدامي الدكتاتوري كما يحلو للبيادق الملطخة أيديها بدماء الشعب أن تقول، فهو الآخر هراء، ذلك لأن جدار الثورة و مسيرة الشعب المظفرة على خط سيرها أشمخ من أن يتسوّرها الأقزام، ولقد حاولوا عام ١٩٩١ و باتفاق مسبق مع أمريكا وإيران، حاولوا في أواخر شباط، في ٢٩ شباط و في ١ آذار و ما بعدهما و طيلة شهرين كاملين، و رغم أن طائرات العدو كانت آنذاك لم تترك بعد أجواءنا بما في ذلك فوق بغــداد العزيزة، فقد أخزاهم وعي الشعب و صلابة جيشنا البطل بعد إرادة الله، و لكنهم في هذه ليس إلا كلابا ضعيفة رافقت ضعنا أجنبيا و دخلت من البوابات التي دخلها و ما زالوا به يُحمون و يُحرسون، ويستقوون على شعبنا البطل و تشكيلات جيشنا الشجاع و قيادته العامة…

أيها السادة…الذوات…الأخوة كلّ على صفة نفسه، كانت فكرة المحكمة أساسا فكرة أمريكية طرب لها الصفويون و ناقصو الصفاة و دُفع إلى آتونها من أريد أن لا يطلق سراحه من الأسرى و المعتقلين ليبقوا أيدٍ يختارونها مقيدة في المعتقل، ثم امتد خيال الغزاة و أهل الضغينة من الأذناب إلى أن يجعلوا المسيرة الغراء و قادة و قياديين فيها و لقد أعلن المتوحشون المسؤولون الأمريكان ذلك قبل الغزو و في ظنهم قادرون على ما خططوا له، بل و على الإساءة إلى المسيرة كلها، معتمدين و متصورين خطأ بأننا غير قادرين لمواجهة التزييف بالحقيقة الناصعة، و أرادوا كذلك واهمين أن يثلموا اعتبارنا، فجاؤا بنا في الجلسات الأولى في التحقيق و المحاكمة، و قد أرسلت شعور رؤوسنا على غير انتظام، و قد حجبوا عنا كل الوسائل التي تذكرنا بأي معلومات مفيدة يمكن أن تذّكرنا و تدعم حجّتنا من راديو أو تلفاز أو صحف، بل حتى بالنسبة لي حجبوا عني خطب و أحاديث صــدام حسين، و ربما فعلوا نفس الشيء مع أخواني المحالين إلى المحاكم الصورية هذه أو المحاكم الأخرى، و مع أن إخواني في معسكر الاعتقال الآخر، زوّدوهم بصحف محلية مرتين في الأسبوع و تسجيل تلفزيوني لمختارات بعينها و محطة راديو بعينها، أما أنا فبقيت على الوصف المتقدم سوى أعداد لا تزيد على احد عشر أو اثني عشر نسخة من صحف عــراقية جاء مقص ” الرقيب الديمقراطي” على القسم الأكبر منها، و حتى آخر جلسة حضرتها قبل الامتناع عن حضور الجلسة الأخيرة…رغم ان تلك الصحف كلها صحف محلية صدرت بعد الغزو و خلع العذار عن ناس بعينهم في هذه القاعة ليطلقوا أوصافا مسبقة واتهامات تنطبق عليهم، لا على من أسموهم خلافا للقانون الدولي و العــراقي والدستور، بالمتهمين و على سبيل التذكير و ليس حصر كل ما قالوه

قال أحدهم معلقا على قول الأستاذ طه ياسين رمضان عن التنمية التي ابتدأت في منتصف السبعينات على نطاق واسع مما عملنا قبلها و أكثر اقتدارا وسميت في حينه بالتنمية الانفجارية نظرا لشموليتها و سرعة إنجاز المشاريع فيها، علّق قائلا التنمية المصيبة التي خرّبت العـــراق…و قال آخر واصفا في لائحة الاتهام، من أسموهم بالمتهمين “الذين عاثوا في الأرض فسادا” و بذلك نضح الإناء عما فيه، و ينطبق على القولين المثل العربي “أحشفاً و سوء كيلة”!

و يبدو أن لهذه المباراة مَن يشجعها في القاعة التي تطل على قاعة “المحكمة” “كمايسترو” و مستوحى من علاقته الجديدة مع الأمريكان كنسيب و مقّرب ليغرف من شطّي السوء الصفوي، الإيراني، و الأمريكي الصهيوني، فبانت حقيقة الناس، وعُرف مَن هو مسك وريحان، أو مَن هو على الوصف الرديء

ولكي نقارع الحجة المتهافتة بالحجة الصحيحة والصميمة، و لكي نقارع الحجة المتهافتة تقديرا لشعبنا العظيم و مَن يهمه معرفة الحقيقة مثلما هي، بما في ذلك ناس في هذه القاعة فلنأخذ ثلاث سنوات أو أقل من عمر ثورة ١٧ - ٣٠ تموز المجيدة إبتداءً من يومها الأول يقابلها أكثر من ثلاث سنوات من غزو بغــداد و العــراق، و دور رجال المسيرة الغرّاء فيها، و دور الغزاة و عملائهم في الثلاث سنوات المقبلة لتعود الحقيقة المشرقة واضحة بهية، بعد أن حاول الظلام أن يسدل عليها أستاره، أقول لكم شذرات موثقة من تلك السنوات الثلاث تموز / ١٩٨٦، و آذار٠ ١٩٧٠ وجدنا في ميزانية الدولة ثلاثة ملايين دينار فقط، مما جعلنا نحير بعض الأشهر في تدبير رواتب الموظفين و رواتب الجند، حتى أن المرحوم الرئيس البكر فكّر بأن يبيع للمواطنين معسكر الجيش في الوشاش بعد أن يقطعه بمساحات لأرض سكنية يفيد ثمنها جانبا من نشاطات الدولة، و قد عارضته و اقترحت عليه و على مجلس قيادة الثورة في اجتماع رسمي، أن نحوله إلى متنزه للشعب، حيث يعّز أن تتهيأ مثله فرصة في المستقبل، بعد أن يتحسن حال الدولة المالي، و لكن كان مع رأيي الأقلية و صار إلى جانب المرحوم البكر الأغلبية من أعضاء مجلس قيادة الثورة، و كلف المرحوم صالح مهدي عماش، وكان نائبا لرئيس الوزراء، و وزيرا للداخلية في حينه أن يعاونه أمين بغــداد ليقّطعوا المعسكر إلى قطع سكنية و يعلنوا بيعها للمواطنين، و كان ذاك في أوائل عام ١٩٦٩ على ما أذكر، و قد باعوا من المعسكر كل مساحة الأرض الواقعة إلى الغرب من شارع الزيتون، فقط، بعد مضي ستة أشهر على إعلان البيع، و كان مجموع قيمة القطع المباعة بحدود المئة و الثمانين ألف دينار فقط…أكرر مئة و ثمانين ألف دينار فقط، فطلبت ان يعاد مناقشة الفكرة مرة أخرى في مجلس قيادة الثورة و بعد أن قدم المرحوم صالح عماش تفاصيل واقع البيع و المبلغ المتحقق اقترحت إيقاف البيع و تحويل ما تبقى من أرض المعسكر إلى حديقة و متنزه عام فحصلت على تأييد من كل أعضاء مجلس قيادة الثورة تقريبا بما في ذلك المرحوم الرئيس أبا هيثم حيث كان في المناقشة السابقة من بين الأكثر حماسة لفكرة البيع…

و في ذاك الزمن القصير مما ذكرنا و في الأيام الأولى بعد الثورة مباشرة أطلقنا سراح كل المعتقلين السياسيين الذين كانوا معتقلين من النظام السابق الذي أقصته الثورة و كان المعتقلون آنذاك، طيفاً من الناس تحت مسميات شتى، و كلهم كانوا معادين لحزبنا و ثورتنا، و لم نبقِ في السجن أحداً منهم بما في ذلك الكرد الذين كانوا في المعتقل…

و أعدنا كل المفصولين من وظائفهم لأسباب سياسية مع حقوقهم، و منهم الكرد والشيوعيين وحققنا السلام في شمال الوطن و أنهينا القتال على أساس بيان ١١ / آذار / ١٩٧٠، بعد قتال استمر من عام ١٩٦١ و عجزت كل الحكومات المتعاقبة على إيقافه باتفاق…

ذلك الاتفاق الذي وقعنه مع المرحوم ملاّ مصطفى البارزاني و بدلا من الانفراد بالسلطة، و هو حق لو أريد الانغلاق نظرا لأن الثورة قادها و خطط لها ونفّذها حزب البعث وحده، و لكننا بعد أن استقر لنا الحال تماما، أقمنا جبهة وطنية و شاركنا كل الأطراف المؤثرة و في المقدمة منهم من مثل البارزاني في حينه في الحكم، و قد بدأ الخير يتدفق باستحياء على العــراق و العــراقيين لأن النفط كان في قبضة الشركات الاحتكارية و الدول الكبرى , حتى أممنا نفط الشمال في ١ حزيران عام ١٩٧٢، و بعده أممنا نفط الجنوب و كنا سبقنا هذه الخطوة بالمباشرة لاستثمار النفط وطنيا، خارج الامتياز من حقول نفط شمال الرميلة وقد أنجزنا ثورة تموز بصفحتيها في ١٧ و في ٣٠ تموز عام ١٩٦٨، و لم ُيرَق فيهما إلا دم جندي واحد في الخطأ، و لم يفقد أي مواطن من أقصى العــراق إلى أقصاه في الثورة و لا حتى قلم رصاص أو درهم، و على هذا سميت الثورة البيضاء، و هو عهد قطعناه على أنفسنا بقرار من القيادة سبق تنفيذ الثورة بعدة أيام فقط، و باقتراح مني أن نعمل على استقرار البلد و نبذ الثارات وعدم المحاسبة على ما سلف و لم نعتقل بعد الثورة مباشرة أياً من المسؤولين، بما في ذلك رئيس الجمهورية…و لا أي مواطن على فعل سابق للثورة.

هذا مختصر لما كنا عليه في السنوات الثلاث من عمر ثورة الشعب و الجيش،٠ فأي شيء حقق أسياد المتطاولين و أذناب أمريكا و إيران و خدمهما في السنوات التي أعقبت احتلال بغــداد العزيزة من الغزاة؟ و هل ثمة مجال للمقارنة بين ثلاثٍ…وثلاثٍ يا لشقاء من يدّعون، أيمكن أن تقارن الثريا بالحضيض الآسن!؟ و مَن يا ترى يعيث في الأرض الفساد وهل هذا الوصف ينطبق على الأزنام و أسيادهم أم علينا نحن و شعبنا و جيشنا!؟

هذه شذرات من بحر الخير الصاخب الذي أنجزته الثورة و كلما توغلنا أكثر في سنواتها اللاحقة يصبح الخير بِحارا و يتحول إلى محيط زاخر، حتى دهمنا الشر من أم الأزنام و لكن الخير لم يتوقف و دهمنا بعد ذاك ش الغرب على ما تعرفون و يكفي في هذا أن نقول كان ريف العــراق قبل الثورة يندر فيه من بنى بيته بالطابوق أو الحجر، و قد لا يزيد في كل ما في ريف العــراق من بيوت من الطابوق و الحجر آنذاك على مئة بيت أو أكثر، رغم أن الريف العــراقي يسكنه الملايين

وقد قلت هذا الرقم من غير إحصائية و إنما على القياس المتخذ من محافظة صلاح الدين، حيث كان في كل ريف المحافظة بيت واحد من الطابوق، هو بيت المرحوم غازي العلي الكريم في ريف سامراء، ناحية مكيشيفة الآن و قد كان نائبا في مجلس النواب قبل ثورة تموز عام ١٩٥٨،و كانت نسبة الأمية في العــراق حتى عام ١٩٦٩ أو عام ١٩٧٠ هي ٧٣%، و كان عدد من تراه يحتذي حذاءً في الريف نادرا إلا إذا كان يهّم بسفر إلى مدينة…و كان في بغــداد فندق واحد من طابقين يوصف من فنادق الدرجة الأولى و ليس غيره في كل العــراق من هذا الوصف، و كان مصعد القصر الجمهوري إذا توقف ليس في العــراق من يصلّحه، و كان يشغّله هو و أجهزة التكييف في القصر الجمهوري و المجلس الوطني مهندس واحد…و إذا توقف المصعد نأتي بمن يصلحه في طائرة من الشركة الإنجليزية التي بنتهما، و كانت بغــداد على أشّد تناقض بينها و بين تأريخها…و كانت مدن العــراق الأخرى، و ريفه مهملين و حتى أواسط الثمانينات ليس هناك في العــراق مَن يجرؤ و يعرف كيف يُنصب مصعد جاهز، حتى طلبت من المهندسين أن يستقدموا من يركّب لهم مصعدا واحدا أو مصعدين، و عليهم بعد ذاك أن يتعلموا هم من غير مساعدة أجنبية حتماً في تركيب المصاعد و تشغيلها، و كان في الدولة قصران هما : القصر الجمهوري و هو القسم الأوسط بين الجناحين المستحدثين من قبلنا و بناية حمورابي المسماة المجلس الوطني…

أما في الصناعة و الزراعة و الثقافة و الصحة و التعليم، فحالٌ يرثى لها… فهل تعرفون وإذا عرفتم هل تذكرون أم أن الخائبين ينكرون و يتناسون؟

استدّت عزائمنا فجال الحســــــام            يواجه رماح صفّق لها الأزنـــــــام
وحيث تعالى في الساحِ عقوبـــها            كان لنا في ساح الوغــى قُحّـــــــام
تمادت كانونة النار من شرقنـــــا            و تمادى مثلها الأطلسي السّخـــــام
فجاءت أمواجه تزاحم بظلمتـــــه            فما أخاف إذ ازدحم الظــــــــلام
فاقتربوا و سددوا رمــاح إلينـــــا            انـزاح الغبـــار فخفقت أعــــــــلام
فثبت في صدور أهلها عزائمــهم            ولم يضطرب من السيل السّنـــــام
و انتخت همم غــرّا تواجههــــــم            فتخالف رمحهم و حسامنا و السهـام
فتصاهلت الخيول تعقبها أمهارها            واضطربت النياق و غزاها السقام
فطاش الرمح و أعيته مخاضتــها            واخترق صدر العــــدو الحســـــام
هكذا تالــــدٌ عن تالــــدٍأهلــــــــنا            فســجّل التاريخ و عرفتنا الأنـــــــام
ذاكرتهاالمقداحــــــــة تذكـــــــره            إن نــــسى من نــــسى الأقـــــــــلام
قداحة الـروح محبتنا لأمتنا            نصوم و نفطر و من الإيمان الصيام
وشعبــــنا فيه عزيــز أمانيـــــــنا            فحتــــما ينهـــــزم العاتي الظــــــلام
نصوغ بالشرايين عــزّته وسعــــادته،            وإن كــــان في ذاك الحِمــــــام
فتلــد في العــــــراق شمس جديدة            وتلّـــــذ و تحلـــــو بـــه الأنســــــام
فنسمع زقزقــة ويُسمِعُـــــنا الهديـــــل الحمـــــــــام فتميـــــس شواطئــــها فخــــــورة
و يضــــجّ بالتـــرحيب الأنـــــــــــام

أيها الشعب العظيم
يا رجال القضاء الحقيقيين، هذا هو الوقت، الذي و إن ادخر مَن ادخر كل شيء فقد حلّ ما يتوجب أن يبذل من غيرما يتردد، بما في ذلك الدم الزكي و ما زال رجال نجوم في القانون، يواكبون معاني الشعب و الأمة و الإنسان، أبرزهم الرجل الفاضل الأمين، و القاضي الأول، ابن العــراق البار و ابن الكرد البار رزكار، حفظه الله و مكّنه على طريق الإنصاف والفضيلة بما يعّز القانون و القضاء و بما يعّز الحق و يخزي الباطل، إنه سميع سبحانه مجيب كان ذاك الرجل الوقور عندما تبين الحقيقة، و عرف إن الغزاة و المزورين يريدون أن يدفعوه إلى الظلام لارتكاب الخطيئة و ليس تطبيق القانون، أبى لنفسه أن تتلوث و الشرف أن يتدنس، فنزع عنه ما أرادوا أن يلبسوه إياه و استقال فإليه تحيتي و تقديري

أيها الأخوة
و الذوات أيها الشعب العظيم
إننا على ثقة بأن سندان الحق في صدور شعبنا الوفي الغيور سيعمد الحق إزاء مطارق الغش و التزوير و الدنيّة، و ستتهشم مطارق الباطل وتعيا أذرع الشر و يتفوق الحق، و سيضاف صمودنا إلى البحر الزاخر لما في صدر شعبنا وصدر كل مؤمن غيور

عاش شعبنا
عاش جيشنا الأغّر الباسل
عاش المجاهدون، عاش المؤمنون الصادقون، عاش محبّوا السلام
عاشت أمتنا المجيدة
والخزي و العار و الشنار لأهل العار

قلت و ما زلت أكرر القول بأنني عندما أوضح الحقائق وفق رؤيتي و اجتهادي، أو حسب ما يتيسر لي في الذاكرة من مفردات، فإنني لا أدافع عن صــدام حسين لإزالة أو تخفيف عقاب يريده و يسعى إليه المجرمون، تحت عناوينهم و مسّمياتهم، إنما لأوضح الحقيقة حسب، و إنّ هذا حق شعبنا علينا و هو واجبنا تجاههم و تجاه مسيرة عظيمة ظافرة حاول الأقزام أن يشوشوا عليها ليظلموها، بما في ذلك حق من يحتاج رأيه ليتكون في هذه القاعة و في هذه الهيئة إلى أن نقول رأينا و ندلي بدلائنا، و إننا إن شاء الله فاعلون و بما يشاء لنا ربنا من مصير قانعون و بانتصار شعبنا و وحدته متيقنون أيها الشعب الكريم الوفي، أيها النشامى في قواتنا المسلحة الباسلة

أيها المجاهدون
كنتم دوما متسامحين مع الخطأ، بل و حتى مع الخطيئة، لمن يصلح و يعود عن طريق السوء و التبعية والخيانة، و كانت قيادتكم الغراء التي هي جزء منكم و تفكر و تعمل بإرادة وطنية حرة ليس مرهونة للأجنبي إنما محّركها رضا الله و الشعب و سبيلها المصلحة العامة و ليس الأهداف الذاتية و لا كرسي الحكم، كانت و على أساس خلفيتها متسامحة حتى إزاء من يركبه خيال هواه فيتمرد بدفع خارجي أو دفع ذاتي، و على هذه الخلفية ينبغي أن تعّدوا النفس للتسامح ليحّل بهياً مقتدراً معافى مع أبناء جلدتكم، بدل الثأر و الضغينة و البغضاء إلا من يقف عقبة كأداء في طريقها جهادكم ضد الأجنبي فذنبه هو ذنبه

أقول هذا الآن و قد عملت به على قدر ما ترى رايتي أو يصل رمحي و سيفي اعتبارا من لجوئي السياسي المعروف إلى سوريا ثم مصر العروبة بين ١٩٥٩ - ١٩٦٣ و طيلة خمسة و ثلاثين عاما في قيادة السلطة مع إخواني و رفاقي، وأقول به الآن و بعد الآن بتشديد مضاعف لطبيعة المحنة التي يواجهها شعبنا، ليس خوفا من أحد أو استجابة إلى مساومة رخيصة على حساب مصلحة الشعب و الوطن، و ليس أيضا التماس فعلٍ من غير أهله، و إن أهل الفضيلة يعرفون أنفسهم و يعرفون السبيل، و سبحان من لا٠ يخطئ، ولكن ثمة فرق بين من يكون خطأه عامدا مع سبق إصرار، ثم إصرار لاحق من غير أن يرعوي وبين خطأ على حال هفوة عابرة، أو ما هو من طبيعة خطأ من يعمل بما في ذلك من هم الأكثر إخلاصا و دقة و من هواه نفسه، صار ريح نتنة مع الممارسة و تراكمها، على هذا

أيها الأخوة
أيها الشعب العظيم يقاس خطو الناس في النضال و في الحكم، و على هذا تُعرف نتيجة أفعالهم و طبيعتها قبل أن يبدأوا الخطوة الأولى في سدّة الحكم أو المسؤولية، و على ذا تكون الغربان على وصفها و الصقور على وصفها فلا الصقور تصير غربانا، و لا الغربان تصير صقورا، و لا الضفادع تسابق مع الأصائل

أيها الأخوة : مهما يكن من أمر، و في كل الأحوال و التطور داخل العــراق، و السبيل الذي يزاح بح الغزاة والمبطلون و النتيجة التي يصل إليها الحال بالنصر المبين إن شاء الله، و رغم أن العــراق بحر زاخر بالعمل السري و الحركات السرية منذ قديم الزمان، و إن لأنواع من العمل السري هالات هي أكبر من حجمها، و أقل مستوى من الآمال التي يعلقها عليها أعضاءها وجماهيرها أحيانا، فقد اختبرت كل الحركات السياسية المعروفة بعد عام ١٩٥٨ حتى الغزو الأجنبي، و عرفت بعد الغزو، و بعضها ذيله، حركات أخرى، فصار الشعب على بيّنة ليقرن الشعارات بالعمل و يقرن الإعلان و النية بالخطوة، و بانت أوزان الجميع، في فعلهم و مسالكهم، و مثلما تعرف المصاهر و المختبرات المعادن، فكذلك بانت و عرفت معادن الناس و أسبر غور منبتهم و مآل ولاءهم، و إن السلطة من أعظم المصاهر و الاختبارات و مثلها الظرف الصعب كظرفنا، لاكتشاف و معرفة الناس و بواطن ما كانوا يخفون و يضمرون، و من هو بن الوطن عقلا و ضميرا و قلبا أو رجليه في العــراق و عقله و قلبه خارج الوطن، و إن شعب العــراق، عظيم و خبير في الناس، فإذا خدعه من خادعه، فإن ارتداداته ستكون عنيفة عليهم، و لقد عرف شعبنا الغثّ المزيف مثلما كان قد عرف الأصيل و السمين، و عرف الأوزان و النوايا و العقول على حقيقتها و عرف القلوب، و عرف ما يضره و ما ينفعه، و لقد نزف دما طهورا من أجل ارتقائه، و نزف دما طهورا ممزوجا بما يراق من دم المحتل و ركاب حذاءه و لذلك لم يعد في قوس الغزو و الظالمين ذيله، ثمة منزع، و تكسّرت سهامه، ليشقى الأجنبي و الأغراب بسرعة أعلى و تعود إلى شعبنا وحدته و تراصّه في الخير و العمل، و إن ما يطيل زمن الغزو، بل أطاله هو عمل الأشرار داخل بعض الصفوف، آن للجميع أن يقبلوا بعضهم شرط أن يقلع من تورّط كدليل للأجنبي أو إنرصف مع مخالبه ببرهان، و آن لمن هواه خارج الحدود أن يعرف بأن لا مرونة و لا تسامح مع الذين يقّدمون مصلحة ألأجنبي على مصالح شعبنا أو ينظرون إليها بمنظار واحد و عيار واحد، و في كل الأحوال فإن العــراقي مطالب أن يختار عــراقيته دون شريك، فإذا اختار شريك انتفت عــراقيته عليه و لا تعارض أو تناقض بين هذا المبدأ و المصير المشترك مع الأمة، المجيدة…فمن يختار العــراق باستحقاقه يبقى متساويا في الحقوق و الواجبات، و من يزّوجه مع غيره أو يجعل غيره رديفا أو بديلا فلا مكان له على أرضنا و عليه أن يرحل و كلّ يعرف عمامة أن لم ينصهر قلبا وقالبا

أيــــهم بــــرّنا و أمــــه يهمـــــاء            خنجـــر أدمـــى شعبـــنا الــــداء
رديف حـراب قرّت في خاصرته            ساحت بعمق الكلوم منه الدمـــاء
و عــزّة الأنفــس فينا سجيــــــــة            وحاديــــنا و الربــــع أعـــــزاء
و قد ورثناها تالـــدا عن تالـــــــد            ورثهـــــا عن آبــــاء غرّ أبنـــاء
نواجههم حتى تفصـــد دماؤهــــم            وتعــــدل إذ تنفصـد العرجــــاء
حملـــوا آثام تنــوء بها جبالــــهم            يذكرها الثرى و تنئن بها الأنواء
أصابتهم مصائب ما زالوا بأولها            يصيبهم إذ يطبق النصفان إعيـاء
و إذ يطبق النصفان فتلك أيامــنا            يزَيًن النصر بــها و الحِــــــــداء
تسامــحوا بينكم فيعّم أريجـــــها            فإنه ديــن اللهِ و مِـــنّا رجـــــــاء
حــلّ أوانــها لاح إشعاعــــــــها            فليس يقبـــل إذ يلـــــــح إرجــاء

و من أجل أن يعرف من يرغب في معرفة جانب من حقائق ثورة تموز المجيدة، نقول أن ثورة تموز التي نحن بصدد مسيرتها قامت في ١٧ تموز ١٩٦٨، و أن الثورة انتفضت على تسلل بعض المنحرفين إليها، في ٣٠ تموز من نفس العام أي بعد ثلاثة عشر يوما، و في اليومين المشار إليهما و ما بينهما و ما بعدهما لم يفقد أي مواطن من أقصى العــراق إلى أقصاه أي شيء من ملكيته و لم ينتزع من مواطن أو مسؤول سابق في السلطة أي شيء من ملكيته، و لم تفقد الدولة أي شيء من ممتلكاتها، و قد عمّ الأمن العــراق كله هذه هي نزاهة ثورة تموز و إخلاص قيادتها و جدّيتهم، و في الوقت الذي لم نجد في خزينة الدولة آنذاك عام ١٩٦٨، إلا ثلاث ملايين دينار ما يساوي إثنى عشر ألف دولار، تركنا في خزينة الدولة حتى يوم دخول قوات الغزو بحدود ثلاث مليارات دولار، لابد أنها نهبت من النهابين، أمّا الآن فإن المعنيين و أعوانهم أخبر بالناهب و المنهوب و الحصص الموزعة على أساس “القدرات المجرمة” فهل هنالك مجال لتقارن الغربان بالأسود…!؟

بحر الأسنة و أمواجــك الــــــــدم
زاخرٌ أنت، المحيــــــــط…يلتطــــــــم
لو غيرك باس أيدي متوســـــــــلا بالمدفع
يابن الفراتـــــــين توسِـمُ
عرمةٌ همّتك في كل حين أبيـــــــّة
وسيلك حيث إشتّد غيـــــــــثك عَـــرِمُ
ياسيف أم المعارك و القادسية، فما التوى، وما وهنت في عزمك الهـمم
هذه أوصاف شعبنــــا و جيوشنـــا
فـــــأي وصفٍ لك أيــــــها القــــــــزم
جئت تزيّن بغــــزوك العـــــــراق
وستعجز كما عجز قبلك العجـــــــــم

التوقيع
صدام حسين
رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة
اواخر عام ٢٠٠٦








الاحد ١٩ جمادي الاولى ١٤٤٢ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / كانون الثاني / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب المحامي سليمان الجبوري نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة