شبكة ذي قار
عـاجـل










هنا ، لسنا في معرض التكهنات والغيبيات، إنما الإستناد الى حقائق التاريخ وحقائق الجغرافية لتحرير العراق من طغم الأحتلال الفارسي الصفوي .. ولسنا هنا قي مدخل البحث في تلك الحقائق التي يعرفها الجميع، بل ان التناول سينصب على الفاصلة الدقيقة من تاريخ القادسيتين والظروف الموضوعية والشروط الذاتية التي احكمت قبضتها في تحرير العراق .. ثم لماذا العراق، حتى تذهب اليه كل هذه الإهتمامات؟

وللإجابة على ذلك بكل اختصار : هي ان الجغرافيا السياسية للعراق هي التي جعلت منه سداً او درعاً او مصداً لغزوات الشرق وموجاته العدوانية المتكررة على الأمة العربية عبر التاريخ ، حيث يمتص العراق صدمة الغزو القادمة من جهة الشرق فتتكسر عناصر قوتها ويتفكك زخمها غلى ارض العراق ، عندئذٍ : يحمي العراق امة العرب من موجات الشرق العدوانية، ويتكبد العراق كوارث الغزوات ونتائجها ومآسيها عقود وقرون من السنين، ويقع في مقدمة هذه الغزواة الغزو الفارسي الصفوي .. ومن اجل توضيح ذلك دون الدخول في التفاصيل كما اسلفنا، ينبغي التذكير بأن القادسية الأولى انتصر العرب فيها للعراق في محنة الاحتلال الفارسي .. والقادسية الثانية، وهي قادسية صدام المجيدة، انتصر العراق فيها للعرب ومنع التمدد الفارسي - الصفوي على دول المنطقة وخاصة المشرق العربي ودول الخليج في المقدمة .. وبعد عام ٢٠٠٣ احتلت امريكا العراق وبشراكة استراتيجية مع ايران، واسقطت نظامه الوطني وبات العراق يعيش احتلالين اجنبيين احدهما اكثر خطورة وهو الاحتلال الفارسي.

ارغمت المقاومة الوطنية العراقية الباسلة ومنذ الاسبوع الاول قوات الأحتلال الامريكي على الرحيل في نهاية عام ٢٠١١ وباتت قواعد المحتل الامريكي وسفارته في بغداد وشركاته تهيمن سياسيا وعسكرياً وامنياً على مقدرات العراق في توافق استراتيجي مع الطغمة الفارسية قل نظيرها في تاريخ الإحتلالات في العالم، والهدف من الاحتلال هو ١ - حماية الامن الإسرائيلي ٢ - تفكيك دول المنطقة وإعادة تشكيلها في ضوء معطيات التخريب والتدمير ٣ - نهب ثروات المنطقة ٤ - تأسيس نظام الأمن الإقليمي للمنطقة تتشكل اضلاعه من ( تركيا وايران - غير النووية - واسرائيل ) تحت اشراف امريكي.

الآن .. من يحرر العراق ؟ هل ينتصر العرب للعراق في التحرير كما في القادسية الأولى ، أم ان العراق سيحرر نفسه بنفسه ؟ فالخطر الايراني الداهم تاريخيا وجغرافياً على المنطقة ، والوجود الايراني بات يطل على دول الخليج وغيرها في حركة جيو - ستراتيجية تطويقية استنزافية واضحة تمتد من اليمن إلى سوريا ولبنان وتتمدد من العراق .. مركز الثقل هو العراق اما الأطراف فلها حسابات تراها طهران تكتيكية تفاوضية تصلح لمختلف ألملفات .. فالعراق تحكمه الجغرافيا السياسية مثلما تحكم هذه الجغرافيا دول المنطقة ومنها دول الخليج العربي ، ولا سبيل للتنصل من رؤية النخاطر والتحديات .. النظام الأيراني لا يعترف بدول المنطقة ومنها دول الخليج العربي بل يضع كل هذه الدول ضمن اطار امبراطويته المزعومة، وتتبني نخب ايران السياسية والدينية والثقافية افكارا استعلائية تعلن عن ما يسمونه بالمجد الامبراطوري الفارسي .. فكيف يعالج العرب هذه المشكلة ؟ فهي مشكلة ليست حصرياً بالعراق فحسب، انما تشمل خط الحدود من عمق مضيق ( هرمز ) العربي مروراً بالخليج العربي والعراق حتى الحدود التركية .. ومن بحر العرب مروراً بباب المندب فالبحر الاحمر والساحل الشرقي للبحر المتوسط ، ثم الدول العربية في الشمال الافريقي .. كل هذه الحدود كانت معنية بالقادسية الأولى والثانية ويتوجب ان تكون معنية بالقادسية الثالثة وهي تحرير العراق، دفاعاً ليس عن العراق فحسب انما دفاعا عن أمن الاقطار العربية التي يسعى النظام الايراني الاستفراد بها واحدة بعد اخرى .. المطلوب رداً جمعياً عربياً موحداً وليس الحرب يتمثل بـ : اولاً - التهديد بقطع العلاقات الدبلوماسية الثنائية، السياسية والتجارية والثقافية مع ايران اذا لم تسحب مليشياتها من العراق وتأمرها بنزع سلاحها وعدم التدخل في العراق بأي صيغة كانت وترك الشعب العراقي يختار نظامه الوطني.

ثانياً - التهديد بوقف التعامل مع ايران بإيقاف رحلات الطيران وايقاف التحويلات المصرفية والتجارية، ما لم تعيد طهران حساباتها وتسحب مليشياتها من العراق وتتعامل معه على اسس سيادية.

ثالثاً - ينسحب هذا التهديد الدبلوماسي والسياسي على اوضاع اليمن ولبنان وسوريا على حد سواء ما لم تكف ايران عن تدخلها في شؤون تلك الاقطار وتسحب مليشياتها المسلحة من اراضيها .. إذ ان وجود مليشيات ايرانية على اراضي دول اخرى يعد خرقاً لميثاق الأمم المتحدة وللقانون الدولي.

رابعاً - ما لم يعالج احتلال العراق بالتحرير ويعاد موقع العراق الحيوي كمصد وكقوة قادرة على تحقيق التوازن الاقليمي في المنطقة، فأن التهديد الفارسي يستمر في التغول والتمدد والتوسع على حساب الأمن الوطني للأقطار العربية وللأمن القومي العربي كأمة .

خامساً - ان المناشدات والشكاوى والإدانات والشجب لا تجدي نفعا مع نظام يعلن مشروعه الواضح لتصفية حساباته القديمة غير المشروعه مع الاقطار العربية جميعها .. وإن التقرب من الوحش بتقديم التسهيلات والمرونة المستنفدة طيلة عقود من السنين يعد سذاجة وربما غباء وأنانية .. فالوحش مدمى وخائر وليس لديه سوى مخالب مصطنعه خلقها من داخل الاقطار العربية .. يقول مفكروا بلاد فارس ( ان العرب من الصعب حكمهم ، فيجب ان يولى عليهم رجال منهم يدينون لبلاد فارس بالولاء ).وهذا الذي يحصل الآن في العراق واليمن وسوريا ولبنان.

سادساً - بصعب الاعتماد على دولة قوية كبرى للحماية .. لأن هذه الدولة الكبرى ترجح اهدافها البعيدة ومصالحها الحيوية ولا تدافع عن اقطار العرب إذا ما تعرضت لأي اختراق عسكري او امني سواء من ايران او غيرها .. وما على الأقطار العربية المعنية إلا ان تضع مواردها المادية والبشرية في خدمة أمنها الوطني الذي يرتبط ارتباطاً جوهرياً بالآمن القومي العربي .. وما نراه الآن من مساعي الدولة العظمى امريكا وهي تنفذ تخطيطها بتهديم الأمن الوطني وتفكيك الأمن القومي العربي وإستبداله بمشروع استعماري خطير يعلن تحت يافطة ( نظام الأمن الأقليمي ) للمنطقة العربية .. وكل هذا الذي يحصل بسبب احتلال العراق وتدميره ، الذي كان السد المنيع للدفاع عن الأمة العربية .. الأمر الذي يؤكد ان تحرير العراق شرطاً اساسياً للدفاع عن الاقطار العربية ، فلا أمن وطني خليجي بدون أمن وطني للعراق المحرر ابداً، وهذا ينسحب على باقي الوحدات السياسية العربية بدون استثناء.

سابعاً - الموقف العربي الموحد هو في حقيقته موقف دفاعي لا يعتدي على احد ولا يهدد مصالح احد ولا امنه وكيانه ولكنه لا يسمح بأن يعتدي عليه احد او يهدد مصالحه احد وامنه وكيانه .. هذه هي المعادلة الدفاعية الفاعلة .. فكيف سيتحرر العراق ؟ وهل العرب سينتصرون للعراق من اجل تحريره ليرجع سداً منيعاً وبوابة الدفاع عن الأمة العربية وهو الحكم الذي كرسته الجغرافيا السياسية عبر التاريخ ؟ أم سيتحرر العراق اعتماداً على شعبه الذي طالما انتفض عبر الأزمان ليطرد الغزاة من اراضيه؟

ثامناً - وفي هذا الأطار، ما الذي يستهدفه ( مؤتمر بغداد ) المرتقب الذي دعت اليه ايران من خلال حكومة بغداد الولائية، حيث أمرت طهران حكومة الكاظمي بتوجيه الدعوة للرئيس الايراني الجديد القاتل ابراهيم رئيسي لحضور المؤتمر، فضلا عن توجيه الدعوة لعدد من دول ( الجوار ) ، ومنهم الأردن ومصر وربما سوريا والسعودية والكويت والامارات وقطر، وقد تقدم الدعوة الى تركيا.ومن الطبيعي ان نتساءل لماذا هذا المؤتمر؟ وما هي دواعي انعقاده؟ ولماذا يسود صمت القبور الجامعة العربية؟ وما الذي تستهدفه ايران و الذين سيشاركون في المؤتمر البائس والمكشوف؟ ثم ، لماذا وجهت الدعوة للرئيس الفرنسي ماكرون لحضور المؤتمر؟

قلناها في المقدمة : ١ - ان ايران هي التي أمرت حكومة الكاظمي لعقد المؤتمر، وهي التي وجهت الدعوة للرئيس الفرنسي من خلال زيارة الكاظمي لفرنسا، وهي التي رسمت خطط التراجع لتتلآئم مع إنسداد افق المباحثات الماراثونية حول الملف النووي الايراني الذي بلغ الطريق المسدود ٢ - وان عقد المؤتمر لتلميع وجه الرئيس الايراني الجديد رئيسي وهو القاتل والمجرم بعد علي خامنئي ٣ - وان خبطة على الطريق جاهزة - امريكيا وايرانيا واسرائيليا - للتطبيق كمرحلة تهدئة بعد الربيع العربي وعلى حساب أمن المنطقة واستقلالها ٤ - وان الشعب العراقي ستتدهور اوضاعه اكثر سوءاً ، الأمر الذي يدفعه الى الإنفجار، وإن جرائم ذيول حكومة طهران في بغداد ستستمر على طريق ( تدجين الشعب العراقي ) و ( تمزيق صفوف النخب الثائرة على المليشيات والعملية السياسية الفاشلة، بدس عناصر مرتزقة هدفها اجهاض الثورة كلما بلغت مرحلة يتهدد فيها كيان العملاء الولائيين ومليشياتهم المسلحة.

تاسعاً - لا شرعية لمن لا شرعية له مهما عقد من مؤتمرات فاسدة وفاضحة .. حكومة بغداد ومجلس نوابها ومجلس وزرائها والعملية السياسية وتوابعها كلها لا تتمتع بالشرعية، فهي نتاج الأحتلال الامريكي والفارسي .. فلا يفيد الترقيع والتلميع وحشد التأييد الفارغ .. الشعب العراقي والشعب العربي هما الكفيلان بإنهاء هذه المهزلة .!!







الجمعة ٥ محرم ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٣ / أب / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة