شبكة ذي قار
عـاجـل










أولا.طبقا لما نشر من وثائق ومعلومات الحرب الأمريكية في الحقبة التالية للاحتلال فقد كانت إسرائيل المحرض الأول للأمريكان لزعزعة استقرار العراق واحتلاله.وكانوا شركاء في التحضير للغزو لأسباب يقف في مقدمتها :

١ - أن اسقاط الدولة العراقية وإزالة صدام حسين، يمثل أحد أهم الضمانات البنيوية للأمن القومي الإسرائيلي.

٢ - اتصالاً بالسبب الأول وتأكيداً له، فإن الثابت لدى تل ابيب، هو رفض الحكومات العراقية كلها في العهدين الملكي والجمهوري التخلي عن وضع إسرائيل في مقدمة الأعداء.ومشاركة العراق في حروب فلسطين كلها.

٣ - البعد الديني العقدي في أحقية اليهود بالعراق، حيث يمثل مكانة متميزة في الأيديولوجية الصهيونية، لارتباطه بنص توراتي يخاطب فيه الرب النبي إبراهيم الخليل يقول النص : ( لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات ).

٤ - تأكيد الفتوى الدينية التعبوية التي أجمع عليها عدد من الحاخامات اليهود في إسرائيل، تنص على أن العراق هو جزء من أرض إسرائيل الكبرى.

ثانيا - أولويات إسرائيل الاستراتيجية :

"لقد حققنا في العراق أكثر مما خططنا وتوقعنا"، فـ"تحييد العراق عن طريق تكريس أوضاعه الحالية ليس أقل أهمية وحيوية من تكريس وإدامة تحييد مصر، تحييد مصر تحقق بوسائل دبلوماسية لكن تحييد العراق يتطلب استخدام الوسائل المتاحة وغير المتاحة كلها حتى يكون التحييد شاملا كاملا".

"إن العراق تلاشى كقوة عسكرية وكبلد متحدٍّ، وخيارنا الاستراتيجي بقاؤه مقسما".

بهذه العبارات رسم وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق، "آفي ديختر"، الصورة الحقيقية للدور الإسرائيلي في احتلال العراق، ففي محاضرته التي ألقاها عن العراق ( لندن ٢٣ مايو ٢٠١٠ ) ، يحدد ديختر أولويات إسرائيل في العراق في الواقع الراهن وفي المآلات المستقبلية :

١ - هدفنا الاستراتيجي ما زال عدم السماح لهذا البلد أن يعود إلى ممارسة دور عربي وإقليمي، لأننا نحن أول المتضررين، سيظل صراعنا على هذه الساحة فاعلاً طالما بقيت القوات الأمريكية التي توفر لنا مظلة وفرصة لكي نحبط أية سياقات لعودة العراق إلى سابق قوته ووحدته.

٢ - نحن نستخدم الوسائل غير المرئية كلها على الصعيد السياسي والأمني .. نريد أن نخلق ضمانات وكوابح ليس في شمال العراق، بل في العاصمة بغداد.

٣ - نحن نحاول أن ننسج علاقات مع بعض النخب السياسية والاقتصادية حتى تبقى، بالنسبة لنا، ضمانة لبقاء العراق خارج دائرة الدول العربية التي هي في حالة حرب مع إسرائيل، فالعراق حتى سنة ٢٠٠٣ كان في حالة حرب مع إسرائيل .. وكان يعدّ الحرب مع إسرائيل من أوجب واجباته، وإسرائيل كانت تواجه تحدياً استراتيجياً حقيقياً في العراق.

٤ - هذا الوضع لا يجب أن يتكرر نحن نتفاوض مع الأمريكان من أجل ذلك، لقطع الطريق أمام عودة العراق ليكون دولة مواجهة مع إسرائيل.

٥ - هناك جهود وخطوات نتخذها نحن، بنحو منفرد، لتأمين ضمانات قوية لقطع الطريق على عودة العراق إلى موقع الخصم.

٦ - استمرار الوضع الحالي في العراق ودعم الأكراد في شمال العراق ككيان سياسي قائم بذاته يعطي ضمانات قوية ومهمة للأمن القومي الإسرائيلي على المدى المنظور في الأقل.
٧ - نحن نعمل على تطوير شراكة أمنية واستراتيجية مع القيادة الكردية.

ثالثا - من بين الوقائع المتحققة بعد الحرب :

١ - طالب الحاخاميون الإسرائيليون من الجنود اليهود في القوات الأمريكية والبريطانية التي تقاتل في العراق أن يؤدوا الصلاة الخاصة في كل قطعة أرض غربي نهر الفرات، وأفتى رجال دين يهود آخرون أن على كل يهودي يشاهد بابل أن يتلو صلاة : ( مبارك أنت ربنا ملك العالم، لأنك دمرت بابل المجرمة ).

وقد نفذ الجنود الأمريكيون من اليهود الوصايا فأقاموا صلاة خاصة في القصر الجمهوري الذي كان يشغله رئيس العراق صدام حسين.

٢ - أطلقت يد إسرائيل في عراق ما بعد الاحتلال، وفي إطار اتفاق التعاون الاستراتيجي بين المخابرات الأمريكية والمخابرات والاستخبارات الإسرائيلية، دفعت بنحو ٥٦٠ عنصراً استخبارياً إسرائيلياً دخلوا إلى العراق بجوازات سفر وأسماء أمريكية وأخطر ما تنفذه مجموعات الموساد داخل العراق هو جمع حيازات الأراضي العراقية ومعلومات عن ملاكها كخطوة أولى لشراء هذه الأراضي.

٣ - تحركت الاستخبارات الصهيونية، بنحو مباشر، في عملية اغتيال العقول العراقية، الواحد تلو الآخر، بعد أن فككت جميع الهياكل الصناعية، وهذا الموضوع حذر منه جنرال فرنسي متقاعد في ٨ إبريل ٢٠٠٣، حيث أكد أن عناصر من وحدات الكوماندوز الإسرائيلي دخلوا إلى الأراضي العراقية، بعد الاحتلال، في مهمة تستهدف اغتيال العلماء العراقيين الذين كانوا يعملون في برامج التسلح العراقية وقد نجح الموساد حتى تاريخ ١٨ / ٦ / ٢٠٠٥ بالاشتراك مع القوات الأمريكية في قتل ٣٥٠ عالماً عراقياً وأكثر من ٢٠٠ أستاذ جامعي.

٤ - كان لإسرائيل دور في نهب الآثار العراقية وتدميرها، فقد سارع التجار الإسرائيليون إلى تنظيم عمليات تهريب الآثار العراقية إلى تل أبيب والعواصم الأوروبية وأن من بين الآثار التي تم تهريبها ست مخطوطات جلدية كتبت عليها بعض أسفار التوراة يعود تاريخها إلى القرن الرابع عشر الميلادي.

٥ - بادرت أحزاب وعناصر المعارضة العراقية المقيمة في الخارج ( قبل الاحتلال ) إلى تأسيس علاقات مع عديد من المؤسسات الإسرائيلية ومن أبرز أقطابها ( نوري عبد الرزاق، أحمد الجلبي، انتفاض قنبر، كنعان مكية، مثال الألوسي ) ، وكانت رابطة الدفاع اليهودية وهي أقدم المنظمات الإرهابية الصهيونية قد وجهت رسالة شكر إلى هؤلاء الأشخاص لما قدموه من خدمات جليلة للصهيونية.وقد استمر هذا التعاون والتنسيق بعد احتلال العراق.

٦ - اختار الأمريكيون البروفسور الأمريكي اليهودي ( نوح فيلدمان ) لوضع مسودة ( دستور العراق ) حيث مكث في العراق أربعة أشهر لهذا الغرض، وعهدوا بالبرامج التعليمية العراقية إلى يهودي أمريكي ( جون عوردانو ) إذ عينته إدارة الاحتلال الأمريكي مسؤولاً تربوياً في هذا البلد، ونصب بول بريمر مجموعة من اليهود بصفة خبراء للإشراف على وزارة النفط، والتعليم العالي، والزراعة، والرياضة والشباب، ووزارة المالية، والنقل والمواصلات.

٧ - وفقا لتأكيدات المصادر الصحفية الإسرائيلية فأن نحو ١٠٠٠ خبير يهودي و٢٧ حاخاماً يعملون في إطار الجيش الأمريكي في العراق.

٨ - لم تغفل إسرائيل المراكز البحثية الاستخباراتية فسارعت إلى افتتاح ( مركز دراسات الشرق أوسطية ).

٩ - وجود مكاتب في بغداد للمراسلين الصحفيين للقنوات الإسرائيلية الفضائية.

١٠ - فسح المجال أمام الشركات الإسرائيلية الكبرى لتصدير منتجاتها إلى العراق، وفي مختلف القطاعات وتجاوز عديدها أكثر من مائة شركة حسب أحدث الدراسات ( ٢٠١٣ ).

١١ - وجدت إسرائيل من يحقق رغبتها، فقد تعهد أحمد الجلبي لواشنطن في حال توليه السلطة في العراق أن يحقق لهم أمرين هما :
أ - الاعتراف بإسرائيل وعقد معاهدة سلام معها.
ب - إعادة ضخ النفط العراقي عبر خطوط أنابيب الموصل - حيفا التي أغلقت، منذ سنة ١٩٤٨.

* معجم العقل السياسي الأمريكي - الكتاب الأول





السبت ١٠ ربيع الاول ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٦ / تشرين الاول / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب أ‌.د.عبد الستار الراوي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة