شبكة ذي قار
عـاجـل










حين تكون الحياة الكونية والطبيعة بما فيها الحياة البشرية قائمة منذ تكوينها على اساس التضادات والتناقضات فأن مسألة الحرب والسلم تقع في قمة اشكالية الصراع ، ومن هنا يعتقد محاضر جامعة شيكاغو وولستيتر ( ان الحرب حتمية ).ولكن مقابل الحرب هناك السلم في قائمة التضادات، فهل هي حتمية ايضاً؟

ولما كان السلم يعد القاعدة العامة التي تسود، فأن الحرب تعد الإستثناء الذي يقتحم، بين حين وآخر، مجرى الاحداث ويخل في ميزان القاعدة العامة، ثم نجد قوى الصراع تتراجع من أجل إرساء قاعدة السلم من جديد وعلى أسسٍ جديدة قد تجعل الحياة البشرية ممكنة، فيما تبدأ التناقضات في الظهور والتضادات في الإصطراع ، لتأخذ مجرى آخر من شأنه أن يكرس قاعدة السلم على نحو آخر .. فهل السلم ، كقاعدة عامة ، هو الأكثر ثباتاً ؟ والاجابة نعم ، ولكن تبقى الحرب استثناءاً في خضم التضادات والتنافسات السلمية الدولية .. والتساؤل هنا ، هل يمكن منع اندلاع الحرب كإستثناء من القاعدة العامة التي هي السلم ؟ والجواب يعتمد ، في هذه الحالة ، على عاملين مهمين اولهما - المعطيات ودرجة تشابكها وعمقها التاريخي وحقائقها الجغرافية وثانيهما - قدرة الوعي بالأزمات على تفكيكها واستيعابها لصالح قاعدة السلم.عندئذٍ ، يمكن التحدث بمقولة ( منع إندلاع الحرب ).!!

إن إحتمال اندلاع الحرب قد يزداد مع الزمن - حسب وولستيتر - ونرى أنه قد لا يزداد أو يتضائل هذا الأحتمال، فهل تكررت الحرب العالمية الأولى والثانية؟ ومن ذلك يمكن الاستنتاج بأن الحرب يمكن ان لا تكون حتمية مع الزمن، وقد تتحول من حالة نوعية الى أخرى أو تقع حالة الإفناء الشامل عن طريق الخطأ الميكانيكي أو الخطأ البشري أي جنون صاحب القرار او أنانيته المفرطة، على الرغم من إستحداث وسائل تحقق استباقية تمنع مثل هذا الجنون المفرط في الأنانية المرضية .. ومن هنا تظهر لنا أيضاً نقطة أسمها زمن الحرب ونقطة أخرى مقابلة أسمها زمن السلم، ومن خلالهما يمكن تجنب الحرب بطريقة ( الإفتراضات ) التي ترسم مسارات من شأنها ان تضع على الطاولة جملة من الموضوعات وفي مقدمتها الخسارة والتراجع وفقدان الفرص، ليس على مستوى صانع قرار الحرب فحسب، إنما على الخصم وقدرته على تحمل وقع الفعل وفقدان عناصر القوة والفراغ الذي سيخلفه الإضطراب السياسي والأمني وإمكانية ملء الفراغ بإنسياح القوة لتزيد معدلات التفاعل صوب التأثير على مدخلات واقع جيو - سياسي آخر متاخم .. هذه الافتراضات قد تشترط لها سيناريوهات التشكيك في القدرات والاحتمالات، التي من شأنها ان توصل الى الهدف من عدمه .. فهل ان الافتراضات والتشكيك فيها وفي جدواها سيوصل صاحب القرار الى خلاصات ناجحة ؟ فكيف يمكن التثبت من ان ( حقائق التاريخ ) ، المحكومة بزمانها وقواها وظروفها الموضوعية ، هي ذاتها يمكن استعادتها لعصر آخر له قواه ومعطياته وظروفه وعناصر قوته ؟ والمثال هنا : السعي لإعادة تأسيس الإمبراطوريات من جديد ، الأمبراطورية الفارسية والإمبراطورية العثمانية وأية امبراطورية في التاريخ السحيق، فضلاً عن قوة واحدة تصر على ان تسود العالم كقوة مهيمنة؟

فمن الخطأ الفاحش النظر الى نتائج معينة في الصراع واعتبارها حتمية خالصة، وإن سياسة ما إعتبارها تسير دون احتمال تعثرها وفشلها أو أنها لم تجر وفقاً للتخطيط القائم على معطيات خاطئة أو كاذبة أو مفبركة، كما حصل حين حطمت امريكا القوة العظمى في العالم ميزان تعادل القوى في الشرق الاوسط وقلبه العراق بإسقاط نظامه الوطني .. إنها ليست اخطاء إنما غايات مبيتة على إشاعة الفوضى المسيطر عليها في حدود ضمان أمن الكيان الصهيوني اولاً : والسيطرة على منابع النفط ثانياً : ومنع ظهور إنموذج دولة متطورة ومنتجة في المنطقة ثالثاً : وعرقلة جهود الصين وروسيا من استخدامات مجاليهما للتمدد السياسي والتجاري وتكريس نفوذهما بالقرب أو حتى على أطراف منابع النفط وطرق إمدادته، ومنع ظهور اية قطبية رابعاً : وأخيراً تسيد زعامة القطب الواحد على العالم.هذه احلام من الصعب تحقيقها لماذا ؟ ، لأن الواقع الدولي بكل معطياته وقدراته وحقائقه التاريخية والجيو - استراتيجية لا تسمح بذلك.

في المسائل الإستراتيجية من الصعب التعامل على اساس الشخوص او الاشخاص اصحاب القرار، إنما اعتماد طبيعة تلك الدولة وجغرافيتها وحاجاتها المادية والاعتبارية واهدافها القريبة والبعيدة ونهج سياساتها ووسائلها الدبلوماسية في الفعل ورد الفعل، الأمر الذي يستوجب معرفة طريقة تفكير صاحب القرار وطريقة تقديراته ونظرته الى محيطه والعالم لكي يصار الى تفهم افعاله وتوقع ردود افعاله، بمعنى الحاجة الى تفهم الطرف الآخر لكي يتم فهم سلوكه وحقيقته المتطابقة أو المتعارضة مع المعطيات المشخصة .. فسلوك النظام الايراني سلوك مراوغ ومخادع لا يمكن الاعتماد على إلتزاماته وتعهداته، ومثل هذا السلوك ينبغي حجره وتفكيك قواه بفعل مضاد أساسي ومتيقن من إنهاء تأثيره ونفوذه في داخل ايران وخارجها، لأنه نظام لا يصلح للتعامل في الظرف الراهن ولا المستقبل ، وذلك لعدم قدرته على التعايش مع محيطه الخارجي وحتى مع شعبه.إن معطيات النظام الايراني منذ عام ١٩٧٩ ولحد الآن قد افرزت نتائج لا تنسجم مع مدخلات الكثير من الوحدات السياسية الاقليمية والدولية، الأمر الذي يضع في الاعتبار هذه المعطيات في إطار التفكير في القرار الضروري للوصول السريع والجدي لهذا النظام في دائرة التغيير وخلع انيابه في داخله بنتائج لا تقاس إذا ما تمكن هذا النظام من ان يمتلك سلاحاً نووياً بدائياً حتى ومحدوداً .. ولا يجب المراوغة في ما بين تقليم اظافره الخارجية وما بين خلع انيابه في الداخل .. وهذه الرؤية تجعل النظام اكثر تشدداً ومراوغة ومخادعة ويضحي من أجل يكسب الزمن .. الدولة العظمى التي تتعامل معه بهذه الطريقة السمجة والخطرة هي دولة أمريكا و ( مفاوضاها كل من روبرت مالي مفاوض بايدن و جايك سوليفان مستشار بايدن لشؤون الأمن القومي .. هذان المفاوضان المسؤولان هما اللذان هندسا سياسة التعامل مع ايران منذ ادارة باراك أوباما المؤيدة لطهران، ما زالا يمارسان جهودهما الخبيثة والمشبوهة في مجال إنقاذ ايران وحمايتها وتمكينها من عرقلة المسار التفاوضي وتفكيك استراتيجيته بإبعاد ملف الصواريخ البالستية وملف زعزعة الأمن في المنطقة ).فإدارة جو بايدن إما ان تكون مخدوعة تماماً أو إنها غبية تماماً أو إنها تسعى الى متغيرات صارمة ونهائية تجعل الشرق الأوسط يسود فيه الكيان الصهيوني، حتى ان نظام الأمن الاقليمي قد لا يتناسب مع استراتيجية الفوضى الخلاقة ، الأمر الذي يقتضي تحريك الأحداث والتفكير في الخطوات الضرورية المستقبلية للوصول الى نتائج معينة تخدم الاستقرار في المنطقة بطريقة تحليل الكلف المادية وغيرها من أجل اتباع مسار عملي يرغم الطرف الأيراني على هذا المسار الذي أحكمت الحقائق عدم جدواه وضرورة الوصول الى مرحلة الحسم بتخليص المنطقة والعالم من شروره كدولة ثيوقراطية ارهابية منهجاً ودستوراً وسلوكاً ارهابياً لا يمكن التعامل معه او مسايرته او تعديل سلوكه المارق بأي وسيلة سلمية ممكنة .. فإستخدام القوة هنا تكون مشروعة بعد إستفاد كل الوسائل السلمية، وهذا حق مشروع من إحقاقات المحافظة على الأمن والسلم الدوليين.!!






الاربعاء ٤ جمادي الاولى ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / كانون الاول / ٢٠٢١ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة