شبكة ذي قار
عـاجـل










الفارس الشامي الأصيل

مهند أبو فلاح

 

يعد الأستاذ أحمد ميشيل عفلق واحداً من أبرز القامات القومية العربية خلال القرن العشرين عبر كتاباته ومساهماته الفكرية التي أثرت المكتبة العربية ونضاله المرير ضمن صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي الذي لعب دوراً مركزياً في تأسيسه عام 1947.

إن نشاط الرفيق القائد المؤسس رحمه الله تعالى وكفاحه في سبيل القيم والمبادئ السامية التي آمن بها منذ نعومة أظفاره لم يكن وليد أو محض المصادفة بل جاء تعبيراً صادقاً عن انتماء هذا الإنسان لبيئته الشامية العربية الأصيلة، فولادته في حي الميدان العريق المحافظ في جنوب دمشق الفيحاء أضفت على شخصيته صبغة ثورية رافضةً للخنوع ومجبولة بالتحدي والاصرار على نيل الأماني مهما عظمت التضحيات.

أما الارتباط العضوي الوثيق بين العروبة والإسلام الذي عبر عنه صراحة بلا مواربة في نصه التاريخي المحكم الذي حمل عنوان في ذكرى الرسول العربي في شهر نيسان / أبريل من العام 1943 عندما قال: "إن العروبة جسد روحه الإسلام" والتي سرت كالنار في الهشيم، فقد جاءت ثمرة لدراسته العلمية المنهجية للإسلام الحنيف في جامعة السوربون بباريس، حيث حصل على درجة الدبلوم العالي في تاريخ الأديان المقارن من أعرق جامعات العالم على صعيد العلوم الاجتماعية والإنسانية قبل أن يصبح أول باحث عربي يوظف الهيرمونطيقيا (التأويلية التاريخية) في دراسة الإسلام والسيرة النبوية الشريفة لاستخراج الحكمة الإلهية من اصطفاء العرب لحمل لواء رسالة الإسلام الخالدة إلى البشرية والإنسانية جمعاء.

لم يكن الأستاذ عفلق مجرد منظر إيديولوجي كما عليه الحال بالنسبة لكثير من المفكرين الذين أسسوا أحزاباً في وقتنا الحاضر أو في الماضي القريب، بل كان مناضلاً ثورياً صلباً منطلقاً من قناعته الراسخة بأن الإسلام دين ثوري يرفض الظلم أيا كان مصدره، وهو ما قدم له توصيفاً دقيقاً في كلمته التي ألقاها في شهر آذار / مارس من العام 1956 والتي حملت عنوان "نظرتنا إلى الدين" حيث قدم خلاصة رؤيته هذه والتي أكدت علو كعبه في هذا المجال ومزجه الساحر المبدع بين العقل والعاطفة.

لقد ناضل الأستاذ عفلق ضد القطرية الإقليمية حتى ما قبل تأسيس حزب البعث، وكانت حركة نصرة العراق في العام 1941 دعماً واسناداً لحركة رشيد عالي الكيلاني في القطر العراقي المناهضة للحلفاء دليلاً دامغاً على تبنيه المطلق للفكر القومي العروبي عملياً، وممارسته إياه على أرض الواقع.

أخيراً وليس آخراً، سيسجل التاريخ بأحرف من ذهب للأستاذ عفلق أنه قد انخرط في حرب فلسطين عام 1948 ضمن صفوف المتطوعين في جيش الإنقاذ حيث حط رحاله في جنين التي أسهم في إنقاذها من براثن الصهاينة الغاصبين لتصبح معقلاً رئيساً من معاقل المقاومة الفلسطينية إلى يومنا هذا. 




السبت ٣ ذو الحجــة ١٤٤٣ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٢ / تمــوز / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب مهند أبو فلاح نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة