شبكة ذي قار
عـاجـل










مرة أخرى .. إلى أين تتجه روسيا الاتحادية.. أين حدودها؟

د. أبا الحكم

 

مقدمة :

ينبغي الخروج من دوامة الصحافة وزوابعها وتياراتها الجامحة.. لندخل منهج التحليل الاستراتيجي الذي يمليه الواقع الجيو- سياسي للدولة الروسية، في ضوء الحرب الدائرة في أوكرانيا، وهل ستنتهي بابتلاعها كلها، باعتبارها المجال الحيوي لروسيا أم أجزاء منها مرحلياً على أمل استعادة اوضاع الزخم الاقتصادي والعسكري الروسي الذي بالغ واستهان كثيرا بعناصر القوة والقرار الأوكراني في صد الغزو الأجنبي؟

اعلن الرئيس الروسي فلادمير بوتن في قمة سمرقند (ان منظمة شنغهاي للتعاون – التي تأسست في عام 1996- قد تم تصميمها لإنهاء العالم الأحادي القطب من خلال إنشاء نظام متعدد الأقطاب) .. فيما قالت الصين ( ان منظمة شنغهاي تهدف الى تقديم نظام سياسي جديد للعالم بأسره كبديل للنموذج الديمقراطي الغربي).

علينا ان نذكر ان هدف إنشاء منظمة شنغهاي في الأساس من أجل 1- ترسيم حدود الصين مع روسيا والجمهوريات السوفياتية الثلاث السابقة – قيرغيزستان وكازاغستان وطاجيكستان . 2- محاربة الارهاب الاسلاموي الذي تعرضت له كل من الصين وروسيا والدول الثلاث أنفة الذكر .

هاذان الهدفان لم يتحققا لحد الآن، وهما هدفان متشاركان ومعقدان إقليمياً ـ يتعلقان بترسيم حدود واحتلال اراضي وتسوية منازعات قديمة شائكة وحروب إقليمية .. فكيف يمكن ان تكون هذه المنظمة قاعدة لإنشاء نظام متعدد الاقطاب ينهي العالم أحادي القطب الذي تحدث عنه بوتين؟ ألم يكن تصريح بوتين مبالغ فيه يكشف طبيعة التوجه الديماغوجي الذي يضفي على نهجه الفشل والتراجع ؟

الدول التي انضمت الى منظمة شنغهاي تحت ضغط هدفين او ربما اكثر 1- للحصول على علاقات تعاون في ما بين اعضاء المنظمة 2- الحصول على مساعدة ضد الارهاب 3- المساعدة للحصول على دعم اقليمي يمنع ضم اراضيها على اساس دوافع العرق والمطالب التاريخية السبقة ، فعلية او مزعومة ، بناء على اغلبية السكان واقلياتهم التي مزقتها الحروب الاقليمية .. وجميع الدول التي انضمت الى المنظمة تقريبا لديها نزاعات اقليمية مع بعضها كالهند وباكستان والصين فقدت جرائها اجزاء كبيرة من اراضيها، فيما قسمت دول وظهرت دول اخرى الى الوجود حين انتجت الحرب الهندية - الباكستانية دولة بنغلادش .. اما اذربيجان وارمينيا فهما مشتبكتان في حرب تكاد ان تكون معقدة جيو- سياسيا . واللافت ان دول اعضاء منظمة شنغهاي تتعاون تجاريا مع دول خارج المنظمة اكثر من تعاونها او اعتمادها على بعضها البعض في نظاق المنظمة المذكورة، وهذا يدلل على ان المنظمة لا تحكمها معايير ثابته ذات صفة استراتيجية عدا بعض الاهداف التي تسعى اليها بعض الدول للحاجة الى الدعم والاسناد والمناورة السياسية او بدوافع التوازن في القوى او المصالح.

ومن المشكوك فيه ان تصبح المنظمة دعامة للاستقرار في العمق الاسيوي وكذلك في اوراسيا.. دول اعضاء منظمة شنغهاي دول مأزومة بمشكلاتها الاقليمية المعقدة وهي في تعاملها تتوجس خيفة من ايقاظها وهي حريصة على اضفاء اجواء التجارة طريقا سليماً لتسويات سياسية قد لا تصل الى نتيجة، طالما ان بصمات الواقع الجيو- سياسي اقوى من كموحاتها ,,  اما كما يقول بوتين في قمة سمرقند (ان المنظمة صممت لتأسيس نظام دولي جديد متعدد الاقطاب)، فهو من باب الهراء السياسي غير المنطقي الذي لا يتساوق مع منطق الواقع تاريخيا وجيو- ستراتيجياً .!!

 






الاثنين ٧ ربيع الاول ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / تشرين الاول / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة