شبكة ذي قار
عـاجـل










 

 

استراتيجية إيران الخفية.. ومحاورها الأساسية العاملة. كيف نحللها؟

د. أبا الحكم

 

معظم دول العالم، ترسم استراتيجياتها السياسية في ضوء تطلع قياداتها ونخبها السياسية والبحثية.. ولن تكشف مؤسساتها السياسية والإعلامية عن هذه الاستراتيجية، وغير مسموح لها بذلك سوى التلميح بهدف الضغط إذا اقتضى الأمر دون المساس بأبعادها المرسومة.. فهي بهذا تعتبر استراتيجية سرية لها أبعادها المختلفة، وعلى المتفحص أن يراقب طبيعة الفعل، مهما يكن لكي يخضعه للتفسير والتحليل في ضوء الوقائع والحقائق وألا ينسى (الأغطية) التي تغلف بها عادة هذه الاستراتيجية.

المحور الأول:

- بعد أن خططت ايران لتسريب تنظيم داعش من سوريا الى شرق الفرات فالموصل ليصل الى مشارف العاصمة بغداد، أسست ايران الإرهاب المقابل في العراق ممثل بالحشد الشعبي لمجابهة تنظيم داعش من اجل تنفيذ الاستراتيجية الايرانية التي تقوم على 1- تهجير السكان العرب من الحدود الايرانية العراقية – خانقين وديالى مروراً بالمناطق الغربية وتتلاقى بتجريف مدن وقرى جنوب الموصل وعبور الفرات نحو دير الزور فالقامشلي صوب الحدود السورية اللبنانية وباتجاه سواحل البحر المتوسط ، ليشكل هذا الخط الاستراتيجي الفارسي مساراً لاندفاعة عسكرية (الحرس الثوري الايراني ومليشيات الحشد الشعبي) نحو الاهداف المرسومة بدعوى :

أولاً- عدم السماح للإرهاب أن يصل إلى الأراضي الإيرانية من جهة. ثانياً- محاربة الإرهاب الدولي من جهة ثانية عن طريق التوافق السياسي- الاستراتيجي، الذي يدار من خلال غرفة عمليات مشتركة يسمونها التحالف الدولي واطرافه إيران وآخرون بقيادة الولايات المتحدة الامريكية.

- مراحل الفعل الاستراتيجي تأخذ مجراها في قتال الألة العسكرية الإيرانية وتدمير المدن العراقية وتجريف الأراضي والقيام بمجازر التطهير الطائفي والعرقي وتهجير المواطنين العراقيين من قراهم ومزارعهم.. كل ذلك يجري ويتم تكراره على طول الخط الواصل بين الحدود الإيرانية، ديالى، صلاح الدين، الأنبار، دير الزور في سوريا حتى البحر المتوسط، كما أسلفنا، (خط استراتيجي تعمل إيران على تنفيذ مشروعها للغاز الذي تمتد أنابيبه من إيران عبر العراق إلى سوريا فالمتوسط، ومنه إلى قبرص فالدول الأوربية).. هذا المشروع هو مشروع استراتيجي ينفذ عن طريق القوة تحت غطاء المذهب وبدواعي محاربة الإرهاب.

- أين موقع المخدوعين من أبناء شعبنا في العراق من هذا المشروع الذي يسفحون دمائهم من أجله لتمهيد الطريق لإيران، الدولة الأجنبية، للوصول إلى أهدافها الاستراتيجية؟ هذه الأهداف لا تمت للعراق بصلة وهي مضرة بشعبه وبمصالحه، كما هي مضرة بغيره. لماذا لا يتدخل كبار القوم وأعمدة عشائره ومثقفيه وأرباب عوائل الذي انخرطوا أو تطوعوا وصاروا حطبًا للاستراتيجية الإيرانية؟ ولماذا لم يفطنوا إلى البواعث والأهداف الخفية التي انطوت عليها الفتاوى المذهبية، وهي تسيء للمذهب ورموزه من خلال نتائج اقتحامات المدن والقرى والحقول الزراعية والمنشآت والجامعات ومراكز المدن وحرقها وتدميرها وتشريد أهلها وهم عراقيون؟ فإذا كان الشباب المراهقون الانفعاليون، وهم تحت ضغط الحاجة وحب رموز المذهب والمراقد المقدسة، لا يدركون ما يجري.. فلماذا لا تتحرك العقول الحكيمة صوب إرشادهم وتبصيرهم وثنيهم عن ركوب موجة الموت لحساب الطائفيين العنصريين، الذين يضمرون السوء للعراق ولشعبه ولانتمائه العربي.؟ وهل يخلوا العراق من حكماء العقل والعقول التي تتمسك بالحكمة من أجل إنهاء حمام الدم الذي يسهر جنرالات الفرس عليه من أجل أهدافهم وغاياتهم الفارسية؟، أفتونا أيها العلماء الذين يعتمرون العمامة السوداء والبيضاء، لماذا يسفك دم الشعب العراقي لسواد عيون الفرس؟ ولماذا تنهب ثروات الشعب العراقي لسواد عيون الفرس وأذنابهم وخاصة من الطابور الخامس ذوي الأصول الفارسية؟

المحور الثاني:

- رسمت إيران خط منطقة (النخيب) ليكون قاعدة لخرق الحدود الدولية باتجاه المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية.. وزودتها بالأسلحة الثقيلة - مدفعية وهاونات وراجمات ومدرعات وناقلات جنود وأعتدة مختلفة، فضلاً عن وحدات من الحرس الإيراني مع تشكيلات من مليشيات طائفية عراقية جاءت بأمر المرشد الأعلى (علي خامنئي) وتحت قيادة جنرالات فرس؟ ، هذا الخط العسكري الفارسي لم يكن على الأراضي الإيرانية إنما داخل التراب الوطني العراقي لينفذ قرار العدوان الفارسي في الوقت المناسب بالضد من دولتين عربيتين مسلمتين مسالمتين لا تمتلكان دوافع التدخل في الشأن الإيراني ولا تمتلكان أطماعًا في الأراضي الإيرانية، ولم يكشف تاريخهما القديم والحديث عن عدوان أو احتلال لشبر واحد من الأراضي الإيرانية .. فلماذا هذا الخط الفارسي المسلح إذن في الـ (نخيب) ؟، لخدمة من هذا الخط الفارسي المسلح؟ هل يخدم العراق وشعبه أم يخدم إيران ونظامه الطائفي؟ ثم ألم يشكل خرقًا لسيادة العراق وتدخلاً فاضحًا في الشؤون الداخلية للعراق؟، لماذا هذا الموقف المزدوج الفاضح.؟

- هذا الخط العسكري الفارسي في الـ(نخيب) أعد للخرق وللعدوان، فضلاً عن رسم دعامات التقسيم في العراق.

المحور الثالث:

- ويتسم هذا الخط بنهجين أو أكثر لتسويق عناصر المليشيات العراقية الطائفية مع الحرس الإيراني مع الذين تغرر بهم إيران من أفغانستانيتين وباكستانيين، إلى قواعد للتدريب في الجنوب اللبناني تحت إشراف حسن نصر الله، يتم توزيعهم من هناك تحت مسميات (حزب الله السعودي- وحزب الله الكويتي- وحزب الله البحريني- وحزب الله الأردني والإماراتي والعماني والقطري - والحوثيون في اليمن- وخلايا التشكيل المماثل لأقطار المغرب العربي).. ما الذي يجري؟ ولماذا العالم ساكت على نهج الدولة الايرانية المارقة؟

- تسويق عناصر من المغرر بهم (من شباب دول الخليج العربي - وعناصر التشيع من الباكستانيين والأفغانيين) إلى لبنان ليتم إرسالهم إلى جزر إريترية في البحر الأحمر مؤجرة كمعسكرات تدريب من لدن الحرس الإيراني، قريبة من السواحل والموانئ اليمانية وتحت رقابة إسرائيلية الكترونية تغطي جزيرة (حنيش) ومنها حركة هذه العناصر نحو (صعدة) مركز الحوثيين في اليمن.

- تسويق عناصر من الباكستانيين والأفغانيين والبلوش والعرب، ليتم إرسالهم على دفعات إلى معسكرات (حسن نصر الله) في الجنوب اللبناني، ومن ثم تأهيلهم وتسفيرهم إلى المكسيك لأحدى قواعد التدريب المؤجرة من قبل الحرس الإيراني، ولأغراض إعدادهم وتوزيعهم على الدول العربية ريثما يتم تكليفهم بأوامر من ولي الفقيه مباشرة (علي خامنئي) وتحت قيادة جنرالات فرس.. ومعظم هذه الخطوات يتكفل بها (حسن نصر الله) الذي يقوم بدور الوكيل الإيراني لتنفيذ الاستراتيجية الإيرانية.

المحور الرابع:

- يأخذ هذا المحور بعدًا (سياسيًا- استخباريا- أيديولوجيا) يشترك في إعداده وتنفيذه كل من الحرس الإيراني والمؤسسات الدبلوماسية والقنصلية والتجارية والثقافية والجمعيات الخيرية و (الحسينيات) والمراقد.. بهدف إيجاد موطئ قدم للتشيع الفارسي بطريقة الترغيب المادي كمرحلة أولى ثم يتم تشكيل الخلايا النائمة واستخدام وسيلة غسيل الأدمغة (washing Brain) للأعداد العسكري وتنفيذ الأوامر كمرحلة ثانية.. والأمثلة على ذلك كثيرة:

1- حين عرض الإيرانيون على المصريين (محمد مرسي) ملايين الدولارات وإغراءات بالمليارات على أساس السياحة الدينية وتشغيل المصانع المصرية المعطلة بالمئات.. وحين أستعلم منهم (محمد مرسي) عن المقابل قالوا له بتقية عالية نحن نريد فقط ما يلي:

- صحيفة تنطق باسمنا في القاهرة.

- أن تترك لنا سدنة مرقد السيدة زينب (رض)، لأدارتها من قبل رجال دين تعينهم طهران.

- أن تتولى الجهات الإيرانية المختصة بأمور الدين البحث عن المراقد المعينة لترميمها وتأهيلها ومن ثم إدارتها وتعيين من يشرف عليها.

وعلى هذا الأساس.. جاء رفض الخبراء المصريون المطلق لهذا العرض الذي فسر بحنكة عالية، بأنه محاولة للخرق السياسي - الأيديولوجي - العسكري الميليشياوي لمصر تحت خيمة المذهب.

2- أوعز ولي الفقيه لـ(نوري المالكي) حين كان رئيساً للوزراء عن طريق المقبور الجنرال قاسم سليماني آنذاك، لطرح مشروع مد أنابيب نفط عراقية إلى الأردن حتى ميناء (إيلات) لتزويد الأردن والكيان الصهيوني بنفط العراق وبتسهيلات وأسعار مُيسره، ومن ميناء (إيلات) إلى مصر، تحت يافطة معاونة الاقتصاد المصري المتضعضع.. والهدف هو البحث عن مدخل عراقي إلى مصر يتم بموجبه دخول الإيرانيين إلى مصر.. وتركيز إيران على مصر باعتبارها أكبر دولة عربية تمثل مركزًا استراتيجيا مهمًا في ميزان تعادل القوى في المنطقة، فاذا ما تمكنت إيران من هذا المركز تداعت باقي قوى المنطقة وضعفت، حينئذٍ، تحاصر السعودية في منطقة الخليج العربي (مدخل الخليج العربي وباب المندب والبحر الأحمر ومنطقة النخيب في العراق لأسقاطها، وعلى أساس نظرية الدومينو (Domino theory) تسقط بالتتابع بقية دول الخليج العربي.. ولكن مثل هذا التخطيط الخبيث قد انقلب رأسًا على عقب عندما تجاهلت الأردن هذا العرض ورفضته مصر بطريقة فرض الشروط، فضلاً عن فضيحة دوافع المالكي الخبيثة والغبية التي تتعارض مع أطروحاته الإيرانية الفاضحة.

المحور الخامس:

- وهو الذي ينصب على أقطار المغرب العربي.. فقد حاولت فضائية (المنار) التابعة لحسن نصر الله وبإيعاز من علي خامنئي، التحرك إعلاميًا على المغرب وبدأته بمدينة (سلا) القريبة من الرباط والتي تطل على نهر (أبي رقراق) وعلى مقربة تمامًا من البحر المتوسط، حيث أجرت مقابلات وحققت اتصالات مع الفقراء المغاربة وأمدتهم بكتيبات صفراء مسمومة وأموال ودعم لجمعية خيرية في هذه المدينة، فيما شكلت خلية أساسية من بضعة أفراد في أحد مساجدها، كلفت بالتحرك على الآخرين من أجل توسيع التشكيل بما يخدم الأهداف الإيرانية.. والسفارة الإيرانية في الرباط كانت على علم بهذه التحركات من خلال الملحقية الثقافية الإيرانية التي تتابع هذا الهدف.. الأمر الذي دفع بالسلطات المغربية المختصة إلى كشف خيوط هذه الخلية وأودعتهم السجن وقيدت حركة أعضاء السفارة الإيرانية وملحقياتها واستدعت سفيرها في طهران وأمهلته 28 ساعة لمغادرة المغرب ومن ثم قطعت الرباط علاقاتها الدبلوماسية مع طهران بسبب تدخل إيران في الشأن المغربي.

- وما حدث في المغرب، حدث في تونس وليبيا والجزائر والسودان التي قطعت علاقاتها وطردت وأغلقت كافة الملحقيات الإيرانية في الخرطوم في حينه.. أما في دمشق فالتدخل يكاد أن يكون كارثة: (شراء أراضي - وشراء عقارات - وتأسيس مزارات وجمعيات إيرانية وحسينيات ومدارس مذهبية لتعليم الأطفال طقوس البكاء والنحيب واللطم والتطبير وأداء كافة متطلبات قلب المعادلة الديمغرافية في مناطق محددة في قلب الشام (الجامع الأموي) ومحيطه القديم الواسع فضلاً عن السيدة زينب (رض) ومحيطها، الذي بات وكأنه منطقة إيرانية صرف.. فيما يسرح الحرس الإيراني والمليشيات الطائفية وتمرح دون ما حساب.

المحور السادس:

- هذا المحور له مسارًا أمميًا يشمل أوربا وأفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، حيثما توجد عناصر التشيع الفارسي في دول هذه القارات من المهاجرين الإيرانيين، تتكفل السفارات والقنصليات والملحقيات الثقافية والتجارية ومحطاتها الاستخبارية بالتحرك من أجل تجنيدهم في تنظيمات تعدها لأغراض الضغط على الحكومات الأجنبية واحراجها بهدف تكييف سياساتها بما يخدم السياسة الإيرانية.. ومعظم هذه العناصر متجنسين بالجنسيات الأجنبية، أي من أصول فارسية.. وتسمى هذه التشكيلات بـ (اللوبي) الإيراني الذي وصل بعض عناصره إلى مؤسسات مهمة في تلك الدول.. في الوقت الذي تتابع فيه السفارة الايرانية وملحقياتها الثقافية والتجارية الإشراف على شبكات تشيعية للجالية العراقية في مدن امريكية وربطها بقيادات داخل العراق:

أولاً- تتلقى منها التعليمات والتوجيهات.

ثانياً- وتقدم لها التبرعات و(الخمس) بملايين الدولارات على مدار شهور السنة وخاصة قرب المواسم الدينية- المذهبية (الأربعينية) مثلاً. وهناك عراقيون متجنسون بالجنسية الامريكية مقيمون في مدن امريكية يتولون مهمة جمع التبرعات و(الخمس) وتحويلها الى مليشيات الحوزة العلمية في العراق.

الاستراتيجية الإيرانية هذه باتت مكشوفة تمامًا في أبعادها ووسائلها وغاياتها ومؤسساتها حتى وعناصرها التي تتحرك من أجل التجنيد والتوريط.. هل تسكت الدول العربية عليها؟ وهل تراقب عن كثب تحركاتها الفاضحة وعناصرها وموفديها والقائمين عليها وأطروحاتهم ووسائلهم وكتيباتهم وكتابهم وإعلامييهم وأبواقهم؟ ثم لماذا لا يصدر قرار عربي موحد بتقنين التمثيل الثنائي ما دامت طهران لن تتوقف عن تدخلها السافر في الشؤون الداخلية للدول العربية؟ ألم يكن السبيل الوحيد لمجابهة النظام الفارسي هو قطع العلاقات التجارية كمرحلة أولى والتحضير الجدي للرد عليها في داخلها وعلى كافة المستويات.. ومثل هذا الرد متوفر والقدرة على تنفيذه فائقة.. الأمة العربية قادرة على الرد متى ما توفرت (الإرادة السياسية الموحدة) وليست القدرة فحسب.. لأن نظام الطغمة الحاكمة في طهران لا يفهم سوى لغة القوة وليس غيرها. أليس من حق الدول العربية ان تدافع عن نفسها وهو حق مشروع؟ فما الذي تخشاه الدول العربية؟ وما الذي تفعله جامعة الدول العربية ومؤتمراتها التي لا تعدو سوى منتديات للإعلان عن الاستنكار والشجب الذي هو مدعاة للمأساة والسخرية.؟

 

 

 

 

 

 






الاربعاء ١٥ ربيع الثاني ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٩ / تشرين الثاني / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة