شبكة ذي قار
عـاجـل










افتتاحية العدد 345-مجلة صدى نبض العروبة

محنة الألقاب العلمية والأكاديمية

تحت سلطة المليشيات والفساد

 

هي محنة تلخص جميع مسارات التدهور والانحدار في حياة أمتنا العربية، وخصوصاً في العراق المحتل منذ سنة ٢٠٠٣ م والأقطار العربية التي طالتها يد العبث الصهيوني الامبريالي تحت ذرائع شتى.

أزمة حرف ( د ) ولقب ( أستاذ ) ليست أزمة نخبة ولا قضية ترف كما يظن البعض، بل هي انعكاس حقيقي لأزمات ومعضلات سياسية واجتماعية واقتصادية بل وأخلاقية أكثر من أي شيء آخر.

 

مصطلح ( أستاذ ) لم يعد يشير لمستوى معرفي وأكاديمي ولم يعد حرف الدال ملكاً لحاملي شهادة الدكتوراه في مختلف العلوم والمعارف.

 

الأستاذ في بلادنا لم تعد محض ترجمة لدرجة علمية مرموقة هي (البروفيسور) التي يحصل عليها العلماء بشق الأنفس وبعطاء ونتاج فكري وأكاديمي مضني تواصل لسنوات طوال نتج عنه نشر وتأليف وتعليم لا يقدر عليه إلا المؤهل أكاديمياً.

صارت الأستاذ تطلق جزافاً على كل من يجلس خلف كرسي سلطة، وقد لا يكون القاعد على هذا الكرسي قد أكمل تعليمه الابتدائي أو الثانوي، إن لم يكن قد أخفق في مرحلة تعلم الحروف الأبجدية.

  صار عندنا اللص والخائن والعميل والجاسوس والمتخلف والقاتل والفاجر الكافر والطائفي الملعون كلهم (أساتذة)، صاحب المال المتحكم بمقدرات بشر وزعيم الميليشيا المجرمة (أساتذة)، ولكم أن تضيفوا هنا ما لذَّ وطاب لأنفسكم من إضافات.

 

أما الأساتذة الحقيقيون، حملة الشهادات العليا والإنجازات العلمية، فالعيب عليهم أن يستخدموا ألقابهم ومراتبهم، وتوجه لهم الانتقادات والإهانات إن لم يجرِ تهجيرهم ويجتثون ويعتقلون أو يقتلون.

إنهم ثقل على أكتاف وأعناق الأنظمة والمؤسسات والدوائر العامة والخاصة، وهم عدو لدود لأصحاب المناهج الطائفية والمحاصصات الدكانية والأخلاق الأمريكية والمجوسية والرجعية.

 

نتذكر إحدى الممنوعات علينا عندما كنا ندير جامعات وكليات ومعاهد العراق ألا وهي أن نوقع الكتب والمخاطبات والوثائق الرسمية دون أن نضع حرف الدال قبل أسمائنا مع أننا حصلنا على اللقب بجهد وعرق وتحديات صعبة من جامعات أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها من جامعات العالم المشهود لها بالمستوى العلمي الرفيع.

ونتذكر قراراً للحكومة الوطنية العراقية بتحديد الألقاب والمراتب العلمية بين حكيم وأستاذ ومدرس وأستاذ مساعد لتقييد فوضى الاستخدام المخل بالمضامين.

نتذكر ذلك ونحن نقرأ مخاطبات رسمية لوزراء ومدراء وبرلمانيين يضعون حرف الدال قبل أسمائهم وهم لا يحملون شهادة الدكتوراه، بل يحملون وثائق مزورة من سوق مريدي في مدينة صدام ببغداد الذي ازدهر ونال شهرة عالمية نتيجة عمليات التزوير التي نجح السوق في إنجازها في الجوازات وشهادات الموت والحياة والشهادات المدرسية الأولية والثانوية والجامعية وشهادات الدكتوراه ووثائق الترقيات العلمية وغيرها.

اليقين أن التزوير حاجة من حاجات العملية السياسية الاحتلالية، كما أن تزوير الألقاب الأكاديمية حاجة من حاجات التنفيس عن عقد قديمة ومتجددة في نفوس من فشلوا أو من ظنوا أن التزوير في سوق مريدي أو في جامعات لبنان ودول أخرى إفريقية وآسيوية ومن بعض دول أوربا الشرقية هو طريقهم لامتلاك ما عجزوا عن امتلاكه بالجهد والدراسة الشاقة، ظناً منهم أنهم بالتزوير يرتقون إلى مواقع احتلها الرجال بعصف العقول وعرق الجباه وسهر الليالي. بل ظنوا أن تزوير الألقاب هو وسيلتهم للتسلط على أصحابها الحقيقيين في مسارات ومنهج السيطرة على عراق بلا عراقته. ألا خسئوا وساء ما يفعلون.

 

 




الثلاثاء ٢١ ربيع الثاني ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٥ / تشرين الثاني / ٢٠٢٢ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب صدى نبض العروبة نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة