شبكة ذي قار
عاجل










لبنان، البيئة والنفايات ونَكَد الزمان علينا! نبيل الزعبي     لعل أسوأ ما يمر على اللبنانيين من مهازل، ان تستحوذ مسألة النفايات حيّزاً كبيراً غير مسبوق في يومياتهم واوضاعهم الصحية في ظل وجود وزارةٍ للبيئة تخالها تعمل في البلاد الاسكندنافية وما من رابط لها بهذا البلد سوى التسمية وحسب، للأسف. لقد عوّلنا كثيراً على وزير البيئة الحالي المتخصص بشؤون البيئة وهو القادم من صرح الجامعة الاميركية في بيروت، ولطالما كانت له مداخلاته القيّمة في كل ما يتعلق بالبيئة، غير أنه، ومع تبوُئه الوزارة تحوّل إلى رقمٍ في عديد وزرائنا الذين تظنُهم ولوهلة كبيرة، لزوم ما لا يلزم. لقد سبق وتوسّمنا خيراً بوجود أكثر من وزير متخصص على رأس وزارة البيئة وتوهمنا للوهلة الأولى أن تكون هذه الوزارة في مقدمة الوزارات الحيوية التي تسبق في أهميتها ما يسمى وزارات سيادية وخدماتية، وهذا ما تنبّهت له العديد من الدول المتقدمة التي جعلت من وزارة البيئة، الدينامو الفاعل في ترسيخ مفهوم التنمية المستدامة والحفاظ على الطبيعة وتحديد معايير التخلص من النفايات والفضلات المتأتية من مختلف الأنشطة العاملة في البلد. لم نسمع أن الواحدة من هذه البلدان قد حوّلت أراضيها إلى مكبّات لقماماتها، وأن أجمل ما فيها من مساحات عقارية تحوّلت إلى أراضٍ غير صالحة للسكن فحسب، وإنما تحوّلت إلى بؤرٍ، تنشر الأوبئة والأمراض وتزيد من أعباء الوطن تلوّثاً للجو والبر والبحر معاً. ماذا نقول في بلدٍ ذي مساحة صغيرة كلبنان، مرشّح يوماً لأن يتحول برمته إلى مكبٍّ كبير للنفايات يمتد على طول شريطه الساحلي، من صيدا إلى الناعمة والكوستابرافا إلى برج حمّود فالجديدة وطرابلس، وكل من هذه المواقع يحوي مكبّاً كفيلاً لوحده بتدمير صحة كل من يحيط به من سكن وحياة، وكلُها تجاوزت الشروط البيئية التي اُنشئت على أساسها وتجاوزت مساحاتها أضعاف أضعاف ما يجب أن تكون عليه، هذا دون التطرُق إلى مئات المطامر غير الصحية الأخرى المنتشرة في أعالي الجبال اللبنانية وخطورتها على المياه الجوفية قدر خطورة مطامر الساحل على الثروة السمكية في البحر. ولنا في الانفجار المتقطع الحاصل هذه الأيام مع مطمر طرابلس، ما يؤكد فشل السياسة البيئية في لبنان وقد صار جبلاً يقارب الخمسين متراً ارتفاعاً بعرضٍ متمّدد كفيل ُبانتشار أذاه على مدينةٍ كاملة عن بكرة أبيها، إلى مناطق الجوار أيضاً في الكورة والضنية، وما حصل مؤخراً من اشتعال الغازات الكامنة في هذا المطمر ودخانها الأسود المحمّل بالسموم السرطانية، ما يستدعي دق ناقوس الخطر لعلّ وزارة البيئة اللبنانية تفيق من غفوتها وتتذكر أنه قد آن الأوان لمعالجات سريعة وجذرية لما ينتظرنا من أخطار مستدامة بدل تحقيق التنمية المستدامة التي هي عمل ومهام وزارة البيئة أساساً في ظل عدم وجود أية رؤية أو خطط بيئية تضع البلد على سكة السلامة الصحية ، وهذا ما يدفع إلى التساؤل: كيف أن بلداناً عرفت كيف تستفيد من قمامتها وجعلت منها ثروة قومية لا يستهان بها سواء بتدويرها وإعادة استخدامها أو حرقها وتحويلها إلى طاقة كهربائية توفّر عليها شراء المشتقات النفطية، ونعجز عن كل ذلك في لبنان الأخضر!! إنه لمن نكد الزمان على هذا البلد، ما نشهده من تضخُم في عديد من يطلعون علينا صباحاً مساء، ينظّرون في البيئة ويرمون شمالاً ويميناً باقتراحاتهم البيئية التي لم تثمر سوى المزيد من تفاقم الأزمات وجمود الخطط المطلوبة لمعالجتها، فلا معامل التدوير عُمِلَ بها واقتصرت على مبادرات خجولة في بعض القرى، دون أن نغفل أن مدينة كطرابلس تيسر لها يوماً إنشاء معمل كبير للتدوير، تحوّل اليوم بدوره إلى مكباً لخردته التي تحتاج للصيانة والتأهيل بعد سنوات الاهمال المتراكمة، أما المحارق، فإن مجرّد الحديث عنها هو بمثابة الشعور بالذنب لكثرة المعترضين عليه دون الإشارة إلى أن دول أوروبية متقدمة كالنمسا مثلاً، لديها أهم المحارق التي تتمتع بكل الشروط البيئية في وسط العاصمة فيينا التي تستفيد من الطاقة الكهربائية الناتجة عن احراق النفايات ، مع الإشارة أيضاً أن دولاً أخرى كالنرويج، لا تكتفي بنفاياتها فقط للاستفادة من حرقها، وإنما تشتري آلاف الأطنان من الدول المجاورة لهذه الغاية. فأي مصيرٍ بيئي قاتم ينتظرنا ونحن نعجز عن تدبير أمورنا بأنفسنا في ظل سياساتٍ عامة تتحكم بنا، على أيدي نفايات الساسة.




الجمعة٨ ÌãÇÏí ÇáÇæáì ١٤٤٤ ۞۞۞ ٠٢ / ßÇäæä ÇáÇæá / ٢٠٢٢


أفضل المقالات اليومية
المقال السابق نبيل الزعبي طباعة المقال أحدث المقالات دليل المواقع تحميل المقال مراسلة الكاتب
أحدث المقالات المضافة
فؤاد الحاج - العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب
ميلاد عمر المزوغي - العراق والسير في ركب التطبيع
فؤاد الحاج - إلى متى سيبقى لبنان ومعه المنطقة في مهب الريح!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟- الحلقة الاخيرة
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ - الحلقة السادسة
مجلس عشائر العراق العربية في جنوب العراق - ãÌáÓ ÚÔÇÆÑ ÇáÚÑÇÞ ÇáÚÑÈíÉ Ýí ÌäæÈ ÇáÚÑÇÞ íåäÆ ÇáÔÚÈ ÇáÚÑÇÞí æÇáãÓáãíä ßÇÝÉ ÈãäÇÓÈÉ ÚíÏ ÇáÇÖÍì ÇáãÈÇÑß ÚÇã ١٤٤٥ åÌÑíÉ
مكتب الثقافة والإعلام القومي - برقية تهنئة إلى الرفيق المناضِل علي الرّيح السَنهوري الأمين العام المساعد و الرفاق أعضاء القيادة القومية
أ.د. مؤيد المحمودي - هل يعقل أن الطريق إلى فلسطين لا بد أن يمر من خلال مطاعم كنتاكي في بغداد؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ الحلقة الخامسة
د. أبا الحكم - مرة أخرى وأخرى.. متى تنتهي كارثة الكهرباء في العراق؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الإخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ ] - الحلقة الرابعة
القيادة العامة للقوات المسلحة - نعي الفريق الركن طالع خليل أرحيم الدوري
مكتب الثقافة والإعلام القومي - المنصة الشبابية / حرب المصطلحات التفتيتية للهوية العربية والقضية الفلسطينية ( الجزء السادس ) مصطلحات جغرافية وأخرى مشبوهة
الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي - تصريح الناطق الرسمي باسم القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي حول مزاعم ومغالطات خضير المرشدي في مقابلاته على اليوتيوب ( الرد الكامل )
مكتب الثقافة والإعلام القومي - مكتب الثقافة والإعلام القومي ينعي الرفيق المناضل المهندس سعيد المهدي سعيد، عضو قيادة تنظيمات إقليم كردفان