شبكة ذي قار
عـاجـل










افتتاحية العدد355 الخاص بالذكرى60 لعروس الثورات

ثورة ٨ شباط ١٩٦٣ المجيدة عروس الثورات

 

 

الناقمون على الثورات والانقلابات في مجتمعنا العربي يدركون قبل وأكثر من غيرهم حاجة أمتنا إلى الثورة والانقلاب لأنهم يعرفون أن البنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية في حالتنا القطرية (السايكس بيكوية) قد تشكلت بالأعم الأغلب بإرادات أجنبية استعمارية فرضت علينا عوامل قهر وتخلف طبعت حياتنا بالفقر والفاقة وتدهور عوامل ومقومات الحياة العامة والخاصة، مما جعل السلطة ومشتقاتها في مختلف أقطار أمتنا سلطة بطش وتعسف وسحق لحقوق الإنسان وتدني لمستويات المعيشة والصحة والتعليم والخدمات.

معروف أن هكذا بيئة مصابة بكل أنواع العلل والعاهات لا يمكن أن تتغير ولا تنمو وتتطور وتتقدم إلا بإحداث اهتزازات عميقة وقوية وشاملة في كامل بنائها لأنها لا تمتلك مقومات التغيير الطبيعي السلمي الديمقراطي الذي وضعت الدول الاستعمارية نفسها فيه وتركت سواها يعاني من وهن مسارات الحياة وانعدام فرص النماء والازدهار.

من هنا كان الواقع العربي يتطلب تأسيس قوى سياسية وأحزاب ومنتديات وفرق عمل وورش ثورية تمتلك رؤى سياسية واجتماعية واقتصادية وأدوات تغيير متقدمة على عامة الناس، وتكون قادرة على اقناع الناس بضرورات وجودها وببرامجها القابلة للتنفيذ والواقعية المشتقة من حاجات الشعب العربي وتطلعات الأمة، وصارت هكذا أحزاب وقوى شعبية ثورية محط آمال العرب في الإنقاذ ومنحها الشعب شرعية ثورية لا يجادلها إلا من ارتضوا لأنفسهم الركون إلى شكل الحال الذي صنعته دول الاستعمار بعد الحرب الكونية الثانية.

لقد كان حزب البعث العربي الاشتراكي في طليعة القوى الوطنية، وفي مقدمة الأحزاب القومية التي بزغت من حاجات العرب ومن ضرورات واقعهم المزري القائم على التجزئة والجهل والأمية والفقر وتهالك الحياة السياسية وتبعيتها للغرب الاستعماري.

كان على البعث أن يثبت للأمة جدية مشروعه القومي التحرري الوحدوي الاشتراكي وفاعليته وطاقاته المؤسسة على جماهيريته الواسعة، ومن هنا بدأ البعث يسجل تاريخه المجيد في سوريا والعراق ومصر ولبنان، ومنها انطلاقا إلى الأردن واليمن والسودان ومصر وفلسطين السليبة المغتصبة.

كان فرع الحزب في العراق يمتلك طاقات ديناميكية كبيرة ويمتلك قواعد واسعة ومؤثرة في حياة الشعب العراقي، وكان مؤهلاً من حيث الرؤى والتخطيط المتقن والإرادة الثورية لإحداث الانقلاب المطلوب في حال العراق، الانقلاب الثوري الشعبي وليس الانقلاب القائم على أدوات العسكر المعزول عن الأدوات الجماهيرية بل المتفاعل معها بعلمية وبصيرة ثاقبة ومصلحة وطنية عليا، إنه الانقلاب الثوري الذي يخطط له الحزب بكامل طاقمه المدني وينفذه الحزب بجناحيه العسكري الضارب والمدني المحقق للقواعد الشعبية الممثلة لكل الشعب.

من هذه الحاضنة ومن هذا الرحم المقدس ولدت ثورة الثامن من شباط ١٩٦٣ والتي غير فيها البعثيون حال العراق من نظام دكتاتوري عاجز إلى ثورة تنجز بناءً على برنامجها المعد والمخطط له سلفاً.

إنها عروس الثورات وسيدة فتنتها وجمالها طموحاً وفعلاً وعمراً زاهراً حيث تكالبت عليها كل معاول الهدم والتحطيم العدوانية داخلياً وخارجياً لأنها كانت تعلن بوضوح عن شعبيتها وعراقيتها الخالصة وبرامجها الثورية والإصلاحية في الخدمات وفي الزراعة وفي رسم مشهد الصناعة القادمة لعراق متقدم.

تكالبت عليها قوى الداخل والخارج لأنها العروس الواعدة بالولادات المتعافية وبصناعة غد مشرق يليق بالعراق ومنه انطلاقاً لأمة البعث وبعث الأمة.




الاربعاء ١٧ رجــب ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٨ / شبــاط / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب صدى نبض العروبة نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة