افتتاحية العدد 362 من مجلة صدى نبض العروبة الخاص بذكرى تحرير الفاو   الفاو: عندما ينتصر العرب على أنفسهم   كانت خطة خميني لتصدير ثورته الطائفية للعراق مبنية على افتراضات عامة من بينها أن العراق لن يتمكن من مواجهة قوة إيران التي تصنف على أنها الخامسة عالمياً وإن جزءاً من شعب العراق يقدر بنصف شعب العراق متعاطف مع ثورة خميني وجاهز للانضمام إلى خطة احتلال العراق والخنوع لسلطة الولي الفقيه الكهنوتية. هذا فضلاً عن ركون خميني إلى صلته مع الإمبريالية وتماهي مشروعه مع الطائفية الصهيونية والماسونية العالمية، الركون الذي جعله يفكر أن العراق وقائده صدام حسين سيفكر كثيراً ويتردد قبل أن يحاول صد التيار الخميني القادم من فرنسا. كانت حسابات الخميني الخطلة أن الإرث المتراكم من هزائم الأنظمة العربية سيكون ثقلاً آخر على كتف شعب العراق وقيادته. وإن الطيف المذهبي العراقي هو لغم في وحدة العراق الوطنية، لقد أخطأ خميني في كل قواعد ومعادلات حساباته فلقد كانت الوحدة الوطنية العراقية في ذروة حضورها وكينونتها وكان الالتفاف الشعبي حول القيادة التفافاً تاريخياً متفرداً. وكان العراق يعيش أعراس الإعمار والتنمية وشعبه قد غلب البطالة والأمية في ثورات اجتماعية لم يجربها أي شعب في الإقليم كله. كان سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار هو الأعلى في المنطقة وكان مستوى دخل الفرد العراقي في الطليعة أيضاً، وكانت ثروات البلاد كلها بيد الشعب.  لم يفهم خميني حقيقة أن العراق كان هو الأمة العربية كلها والأمة العربية كلها في العراق، وحتى بعد تجرعه كؤوس السم الزعاف بعد معركة الفاو الخالدة واندحار جيوشه إلى مقربة من طهران لم يدرك خميني أن العراق كان ينسج النصر للأمة، للعرب كلهم كاستحقاق لجوهر العرب البطولي وإرثهم وتاريخهم العريق وحضارتهم الأصيلة، نسي خميني أن العراق هو الأرض التي منها تحرك الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضوان الله عليه ليحرر الفرس من مجوسيتهم. كانت معركة الفاو في جوهرها هي انتصار للعرب لأنفسهم وعلى أنفسهم بإيمانهم وبسالتهم قبل أن تكون انتصاراً على خميني والفرس المجوس.