شبكة ذي قار
عـاجـل










قراءة في المخاض الفكري القومي الوحدوي للبعث الخالد ببعده العروبي الإسلامي– الحلقة الثالثة

 

زامل عبد

 

لكي نخرج بالنتيجة التي تناولتها في الحلقة الثانية والتي ستؤكد لنا على أن طبيعة البيئة الاجتماعية العراقية آنذاك كانت قد بدأت بالانتقال من ساحة الولاءات الدينية والمذهبية إلى ساحة العمل الوطني الخالص  وكان لاحد الرفاق القدماء قول ((  إن هؤلاء الخمسة من القيادين البعثيين من الشيعة كانوا قد انتخبوا بأصوات بعثية أغلب أصحابها من السنة  ))  ويضيف للمقاربة  ((  كما أن الأغلبية من الشيعة الذين آزروا أو انضموا إلى الشيوعيين كانوا مدفوعين إلى ذلك بفعل ولائهم للزعيم قاسم ( السني ) الذي يناهض القوميون والبعثيون   ولأن الغالبية منهم كانوا من فقراء العمال والفلاحين الذين استهوتهم الشعارات الشيوعية وإن الأمرين معا  تأييد البعثيين أم تأييد الشيوعيين , بين العامة من السنة أو الشيعة كان يعبر في الحقيقة عن تراجع الخطاب الطائفي بشدة امام سمو الخطاب الوطني نفسه ))  يقول طالب شبيب القيادي السابق في البعث ووزيرا لخارجية العراقي في  مذكراته  التي وردت  في الصفحة 300 من كتاب - من حوار المفاهيم إلى حوار الدم -  للدكتور علي كريم سعيد ((  لم نكن نعرف في داخل القيادة من هو الشيعي ومن هو السني , حتى إني لم اعرف ان هاني الفكيكي ( عضو القيادة القطرية ) كان شيعيا الا في عام 1984 اما علي صالح السعدي فانا ما زلت غير متيقن هل ولد شيعيا ام سنيا ويحسب للدولة الملكية أمر النجاح في إحداث تلك النقلة حيث عملت التحولات التحضرية النسبية التي عاصرها المجتمع العراقي إلى نقل ولاءات العراقيين من الساحة الطائفية والقبلية إلى ساحة الولاء للدولة الوطنية ))  ويتناول الباحث الدكتور علي كريم سعيد  الواقع السياسي العراقي ما بعد معاهدة لوزان  بالقول  ((  صحيح ان البريطانيين كانوا قد أوكلوا أمر زعامة الدولة إلى ملك من الطائفة السنية , لكن الصحيح أيضا أن نهج تلك الدولة كان بعيدا عن الطائفية  وإن هذا هو الأمر الذي يجب أن يؤخذ بالحسبان حينما نعود إلى البحث في الشأن الطائفي في العراق محذرين الوقوع في فخ لغة الأرقام والإحصائيات والجداول التي غالبا ما اعتمدت من قبل البعض من أمثال المرحوم حنا بطاطو وبعض الذين تأثروا بجداوله كحسن العلوي , وذلك دون حساب منهم للعامل الزمكاني الذي لعب الدور الرئيسي في عملية تركيب تلك الأرقام والجداول . وفي كل الأحوال فإن العودة إلى توصيف الوضع الديني والمذهبي للدولة العراقية الحديثة يجب أن يجري بأعلى قدر من الدقة البعيدة عن الإسقاطات الفوقية المتعجلة أو تلك التي تعتمد القراءات الارتدادية التي تعود إلى الماضي محملة بأعباء معطيات الحاضر ))  ومن المفيد الإشارة الى امر لابد من الوقوف عنده  وجد الشيوعيون أرضا خصبة للعمل في جنوب العراق ومناطق فراته الأوسط , حيث أن الغالبية من السكان كانت أما من الفلاحين المضطهدين من قبل الإقطاع او من العمال الذين توسعت قاعدتهم بفعل وجود مؤسسات ذات طبيعة تشغيلية مثل الميناء البحري في البصرة أو المؤسسات النفطية الجنوبية , في حين اتسعت قاعدة البعثيين بين صفوف العسكر والطلبة بشكل خاص إضافة إلى العناصر ذات الصلة بالبيئة الدينية الحاضنة ، بل لعل نسبة لا يستهان بها من البعثيين كانت قد انضمت إلى الحزب كردة فعل على نظرية الشيوعيين الملحدة  ، وهناك حقيقة توثق اصالة البعث الخالد ونقاوة انتماء مناضليه ووعيهم  الفكري والسلوكي وهي {{ ورغم أن الشيوعيين كانوا أصحاب عقيدة سياسية اجتماعية واضحة بفعل تبنيهم للنظرية الماركسية إلا أن صفوفهم الداخلية لم تكن بمنأى عن تأثير عوامل التباعد والفرقة الدينية أو الطائفية ورأيناهم فيما بعد وهم يساهمون فعليا في أجهزة النظام الطائفي الذي تأسس ما بعد الغزو والاحتلال سنة 2003  وليكون سكرتير لجنته المركزية عضوا في مجلس الحكم ومحسوبا على الحصة الشيعية في ذلك المجلس  }}  ، وعندما اطرح تجربتي الذاتية كبعثي عشت مرحلة التحول الفكري من خلال تأثري بالبعث ونظريته الفكرية ، والواقع العراقي في مرحلة منتصف الستينات من القرن الماضي كان ضمن  مخاض الأفكار والتيارات اللادينية الالحادية كالحزب الشيوعي العراقي والدينية الإسلامية التي تعتبر الدين بمنهجهم الضيق الافاق والذي يجعل دين عسر وتنفير للشباب وحالة انغلاق غير قابلة لاستيعاب التطور الفكري والعلمي والاجتماعي  ويعتبروا الالتزام بالنصوص الحرفية أساس العودة الحقيقية للعرب الى طريق التحرر ،  وتعتبر البعث صورة وغطاء للفكر الالحادي الشيوعي ،  وتسترا من مواجهة الدين للفكر الالحادي وان الفكر القومي هو فكر عنصري يناهض الدين الإسلامي في تشريعه  ،  التنظيمات الحزبية الدينية والتي تعتبر البعث فكرا اوربيا تخلى عن الدين وتأثر بالعلمانية الغربية  وانه وجه من وجوه العدوان على الإسلام ومحاولة لتقويض الايمان بين الشباب العربي

 

يتبع بالحلقة الرابعة

 






الاثنين ٢٦ رمضــان ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / نيســان / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة