شبكة ذي قار
عـاجـل










متى تنتهي مهمة الاحتلال الأمريكي - الفارسي للعراق؟!

د. أبا الحكم

 

وما هي الابعاد الاقليمية والدولية المهمة لاحتلال العراق، لكي نقف على ما يحدث والذي سيحدث في قابل الايام؟

وقبل الحديث عن الأبعاد الاقليمية والدولية لوجود المحتل الأمريكي – الفارسي في العراق، لا بد من التذكير ببديهيات مكررة عن اهمية العراق وموقعه الاستراتيجي في قلب منطقة الشرق الأوسط:

أولاً- تعد المنطقة العربية خزين الطاقة والمعادن النادرة في العالم.

ثانياً- وتشكل مقترباً مهماً لخلجان وممرات التجارة العالمية بين بحار ذات صفة استراتيجية كالبحر المتوسط وقناة السويس والبحر الاحمر وباب المندب والمحيط الهادي والمحيط الهندي والخليج العربي ومضيق الخليج العربي (هرمز)، الذي يفضي الى المياه الدولية.

ثالثاً- كما وتشكل المنطقة العربية جغرافيا متنوعة واراضي زراعية خصبة وانهاراً ومياه جوفية وفيرة.

رابعاً-  وتعد المنطقة العربية من محيطها الاطلسي الى خليجها العربي مساحة قومية متكاملة ومتجانسة في اللغة والتاريخ والهوية القومية والاسلامية والمصالح المشتركة.

خامساً-  ويشكل العراق مركزاً للتوازن الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط.

وفي ضوء هذه المعطيات الواقعية، يجب ان لا ننسى ايضاً اصرار الغرب وفي مقدمته امريكا على:

1-  تغيير خرائط المنطقة العربية وإعادة رسمها من جديد، عن طريق تهديم النظم العربية وتدمير جيوشها وتفسيخ قيمها وتفكيك مجتمعاتها ونهب ثرواتها وتهجير سكانها وتغيير ديمغرافيتها.

2-  تفكيك نظام الأمن القومي العربي وإحلال نظام الأمن الإقليمي محله وإشراك النظام الفارسي في قيادة هذا النظام.. مقابل استمرار النظام الايراني الفارسي بتهشيم النظم العربية عن طريق الطائفية والعنصرية وبأدوات المليشيات والدبلوماسية الايرانية الرسمية واستخبارات الحرس الايراني، بمعاونة دبلوماسية نظام بغداد التابعة للجنرال (قاءاني) والجنرال (أريج مسجدي) سفير إيران المعتمد في بغداد.

فهل استقر حال التوافق الاستراتيجي بين امريكا وإيران من سنة 2003 حتى الوقت الحاضر؟

وقبل ان نجيب على هذا التساؤل، ما هي شروط التوافق الاستراتيجي لحكم العراق بين امريكا وإيران؟:

الشرط الأول- ان تقوم إيران بتفكيك النظم العربية ومجتمعاتها.

الثاني- ان تدمر إيران عناصر القوة لدى الدول العربية في الخط العربي الاول الذي – حسب زعم امريكا – يهدد أمن الكيان الصهيوني، ويهدد الخط العربي الثاني هذا الكيان.

الثالث- السكوت على (أذرع) ايران في الجنوب اللبناني وفي سوريا واليمن والعراق وهي تعبث بأمن الدول العربية، بطريقة تُهَرِيبْ المخدرات (من ايران إلى حزب الله في لبنان ومنه الى سوريا والأردن والسعودية) و (من حزب الله اللبناني يتم تدريب عناصر ارهابية في قواعده في جنوب لبنان واخرى مؤجرة في الجزر الاريتيرية وجزيرة حنيش اليمنية وتوابعها في البحر الأحمر) و (من العراق حيث قواعد الصواريخ البالستية القريبة من الحدود السورية- الاردنية- السعودية، فضلا عن قاعدة الصواريخ المؤسسة حديثاً بالقرب من الحدود العراقية في الداخل الايراني بمسافة مائة وخمسون كيلومترا او أقل من جهة خانقين العراقية .

الرابع- السكوت الامريكي على (تجنيس) الايرانيين في العراق، أي، منح الايرانيين الجنسية العراقي في خارج الضوابط وقوانين الجنسية العراقية وبالملايين، وخاصة عند الزيارات المذهبية بدعوى (زيارات جماعية) يدخلون العراق موجات بشرية للزيارة.. وهذا إخلال قانوني واجتماعي واخلاقي ويعد غزوا ديمغرافيا.

الخامس- السكوت الامريكي على نهب العراق من اتباع إيران وميلشياتها وافراغه من موارده.

السادس-  وبالمقابل شرط عدم مساس إيران بنفط العراق، امام إطلاق اليد الفارسية في العراق والمنطقة برمتها، وعلى شرط عدم التعرض للمصالح الامريكية والاوربية والعالمية وعرقلة الملاحة العالمية.

 ما الذي حصل ويحصل للتوافق الاستراتيجي القائم بين إيران وامريكا منذ ما قبل الاحتلال عام2003 ولحد الآن؟:

ان إيران تجاوزت الشروط المتفق عليها وخرقت التوافق السياسي بين واشنطن وطهران.. كيف؟

1- اخذت تهرب النفط والغاز العراقي الى كرمنشاه وهيمنت على حقول (مجنون) النفطية وحقول (نفط خانه) وعدد كبير من آبار النفط العراقية في الجنوب وآبار النفط التي يقال انها (مشتركة).. ومردود النهب يصل الى أكثر من ملياري دولار ونصف.

2- اخذت إيران تزحف تدريجيا على مياه العراق فقطعت وحولت انهرها التي تصب في العراق الى داخل اراضيها خلافاً للقانون الدولي وقوانين الأنهر الدولية، فيما باتت تُلَمِحْ بمطالبة حصة في مياه شط العرب.. يا للوقاحة والصلافة...!!

3- اخذت تنشر قواعد ميليشياتها في العراق وتقول انها عناصر عراقية، ولكن يقودها ضباط من الحرس الايراني.

4- وسعت إيران من قواعد ميليشياتها (الحشد الشعبي) في سوريا بدعوى (حماية مقام السيدة زينب).

5- اسست إيران مقرات مشتركة لمليشيات الحشد الشعبي مع مليشيات حزب الله التابع للماسوني حسن نصر الله فضلاً عن بناء مخازن اسلحة وعتاد وصواريخ بالستية ايرانية مهربة عبر العراق.

6- نفذت إيران مهمات تهجير الشعب السوري بمختلف الوسائل وتفريغ البلاد من شعبها العربي.

7- احلال اقوام اخرى في سوريا والعراق من أفغان وباكستانيين وأذريين في إطار منهج طائفي يسمى زينبيون وفاطميون.

8- وما يحصل في العراق من تغيير ديمغرافي لإبادة (السنة) يشابه لما حصل حين أباد الصفويون ملايين السنة الايرانيين في إيران وهيمنة المذهب الصفوي الفارسي على البلاد والعباد منذ ذلك التاريخ السحيق، الذي جدده خميني وأحياه خامنئي ويراد تعميمه على الدول العربية دولة بعد أخرى بدءً من العراق.

9- تحايل إيران على العقوبات المفروضة عليها، جراء سلوكها ودوافعها المشينة والمخلة بالأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وذلك باستثمار دولارات النفط العراقية وتهريبها الى إيران خرقاً للعقوبات وبالتواطؤ مع عناصرها الولائيين وميلشياتها في العراق. 10- تهديدها - وهي الضعيفة - بإسقاط نظام بغداد الموالي لها وإشعال نار الفوضى لإرباك الوجود الامريكي في العراق والمنطقة ما لم (يعمل) الأمريكيون على إلغاء اجراءاتهم حيال مصارف الفساد الكثيرة التي تتدفق من خلالها ملايين الدولارات الى إيران - وهي موارد الشعب العراق من النفط.

يعتقد النظام الايراني بأن الضغط بوسيلة خلط الاوراق والتهديد بخلق الفوضى عن طريق إسقاط نظام بغداد الموالي اصلاً لها، سوف يجعل امريكا ترضخ لهذا الابتزاز، ولكن امريكا ربما ستلجأ الى:

أولاً- غلق الحدود العراقية الإيرانية بقوات أمريكية مجحفلة ومعززة بغطاء جوي وصاروخي.

ثانياً- اخراج قوات الحشد الشعبي الى معسكرات خارج المدن، إذ لا أمن ولا استقرار للشعب العراق، ما دامت عناصر مليشيات الحشد تجوب الشوارع والأزقة وتعيث فساداً وتهديداً في المؤسسات المدنية والعسكرية، كدوائر الأمن والشرطة.

ثالثاً- الشعب العراقي يجمع على حل المليشيات ويصر على عدم دمجها في تشكيلات الجيش والأمن والشرطة الحكومية.

رابعاً- امريكا لا تريد ان تخسر وجودها في العراق ولا في المنطقة لاعتبارات استراتيجية تتعلق بإدارة سياسات ملفات روسيا وحربها في اوكرانيا وسوريا والسودان والساحل الافريقي وقوات (فاغنر)، وسياسات ملفاتها مع الصين وسياسات ملفاتها مع أوروبا.. ولما كان العراق يشكل قلب الشرق الأوسط فلن تترك امريكا العراق، ستقلم اظافر إيران وتنزع عنها مخالبها الخارجية وتعيد ترتيب الأمور، اختيار او تبديل وجوه الحكم غير المعادة وغير المكررة والمقبولة مرحلياً، وتنهي دور الوجوه القبيحة التي تهدد المصالح والأمن والاستقرار في المنطقة، وربما ستدعم حركة الشعوب الايرانية المظلومة وتفضح السلوك الدموي للنظامي الايراني بكل تفاصيله مع المتظاهرين الايرانيين الشباب على وجه الخصوص في الشوارع والسجون الايرانية.

فيما سينقض الشعب العراقي على هؤلاء الحثالات ويقوم بسحلهم في الشوارع.. هذه هي الصورة الواقعية التي قد تتكرر عن عام 1958.!!






الخميس ١٦ محرم ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٣ / أب / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة