شبكة ذي قار
عـاجـل










لعبة كركوك والواقع الجيو- ستراتيجي .. تسويات عسيرة !!

د. أبا الحكم

 

 

تظل كركوك بؤرة ساخنة في ملف الاحتلال الامريكي - الايراني، تدخل حيز الصراعات والمساومات الداخلية، ولكنها محكومة بمعادلة صعبة ومعقدة ما دام الصراع قائماً على :

1- نفط كركوك .

2- وجغرافية كركوك .

3- ومشروع المنطقة الشمالية (القومي)، الذي لا يخدم الدولة  العراقية والتركية والايرانية والسورية .

نفط كركوك هو نفط العراق ولكافة اطيافه من الشمال الى الجنوب ، تتزاحم الآن القوى الاستعمارية والفاسدة على استغلاله ونهبه :

أولاً- امريكا تريد وتعمل على نهب نفط كركوك وتسويقه بأسعار زهيدة يصل البرميل الواحد الى (9) دولارات، بينما سعر البرميل في السوق العالمية للنفط يبلغ قرابة (80) دولار للبرميل الواحد، الأمر الذي أمكن امريكا أن تملأ آبار نفطها الخاوية في صحراء نيفادا الامريكية بالنفط العراقي.

ثانياً- إيران تعمل على تهريب نفط كركوك بشاحنات إلى كرمنشاه الايرانية يوميا بدون مقابل بدعوى (تكرير) النفط الخام العراقي، ومن ثمَ إعادته إلى العراق بأثمان باهظة .

ثالثاً- والزمرة الحاكمة في بغداد تغمض عينيها عن النهب الايراني لنفط كركوك، وتهرب هي نفط الجنوب بشاحنات الى ايران بأسعار بخسة أو بدون مقابل عن طريق ضباط وزارة الداخلية وعناصر الحشد الشعبي ومكاتب الاحزاب التابعة لإيران .

رابعاً- تركيا تعمل على اتباع تكتيكات التعامل التجاري مع حكومة اربيل لتسويق نفط كركوك عبر اراضيها لتحصل على حصة منه بسعر رخيص فضلاً عن رسوم المرور الى موانئها ، فيما تعاني تركيا من ارهاب عناصر حزب العمال (الكردي- التركي) الذي يحمل السلاح في الأناضول ويسعى الى الانفصال عن تركيا، وقوام الكرد في الأناضول قرابة (15) مليون نسمه ويتخذون من جبل قنديل في شمال العراق ملاذاً لعناصرهم المسلحة ولقواعدهم .

الامريكيون يريدون ان يضعوا حداً لنهب غيرهم من نفط كركوك وإبقاء آبارها الغنية تحت سيطرتهم وذلك بالعودة الى دستور الاحتلال في مادته (140) .. وبالتالي المساومة بمنح الجغرافيا للكرد مقابل ضمان السيطرة الامريكية على نفط كركوك .. الكرد يحصلون على الارض ويوسعون جغرافيتهم (الحكم الذاتي) بإنتظار تحقيق (الحلم الاكبر).

وقد جاء الثقل العسكري الأمريكي لينهي وجود المليشيات المسلحة التابعة لإيران في العراق وفقاً لدستور الاحتلال الذي وافق عليه الجميع عام 2003 وفقاً للمحاصصة.

ومع كل ذلك :

1-فالدستور العراقي لم يوافق عليه الشعب العراقي كما أنه لا يحظى بالشرعية، لأنه دستور احتلال غير شرعي .

2-الدستور العراقي الراهن دستور محاصصة يقسم الشعب طائفياً وعرقياً وجهوياً ومناطقياً، وبالتالي فهو يمزق المجتمع العراقي ويشرذمه الى فئات لا تعرف الوطن ولا تعرف الوطنية ولا تعمل من اجلها .

3-الدستور العراقي الراهن الذي كتبه الاحتلال للعراق كرس العمل على تهديم الدولة الوطنية وتدميرها، وأسس هياكل ونظم وقوانين غريبة وكرس قواعد متخلفة لا تستقيم مع التطور، بهدف إشاعة الجهل والتخلف وبالتالي إبقاء العراق ساحة تنهشها الاضطرابات ويمزقها إنعدام الأمن .

الدستور العراقي الراهن الذي يرتكز على المحاصصة الطائفية، قد مهد الطريق للتغلغل الايراني والهيمة على العراق وتفتيت وحدته الوطنية ومنعه من النهوض والتطور وإبقائه سوقا إستهلاكية للبضائع الايرانية الفاسدة، ومورداً لأمتصاص عملته الصعبه من اجل تمويل العمليات الارهابية الايرانية الخارجية، التي يديرها الحرس الايراني من جهة، وتلافي صعوبات واقع العقوبات الاقتصادية الامريكية المفروضة على ايران بسبب خرقها لتعهداتها بشأن الملف النووي وتصنيعها للصواريخ البالستية خلافا لمعاهدات وقرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) ولتعهداتها بشأن الأمن والاستقرار في المنطقة، وخرقها للقانون الدولي ولمبادئ ميثاق الامم المتحدة ومبادئ حسن الجوار.

هل يتقسم العراق ؟

منذ ما قبل الاحتلال ولحد الآن يعمل الامريكيون والاسرائيليون والايرانيون وبعض العرب على تقسيم العراق، ولكنهم في كل محاولاتهم فشلوا ولم يستطيعوا تقسيم الشعب العراقي على اساس تخندق (السنة والشيعة) و (العرب والكرد) في خنادق صراع رغم الخداع والمناورات والسيناريوهات البائسة، وآخرها الرجوع الى المادة (140) من دستور الاحتلال، لأن الشعب الكردي يعرف ويحترم علاقاته التاريخية مع العرب ويدرك لعبة الاحتلال ولا ينساق وراء أهواء الذين يدفعون به الى طريق مسدود، كما يدرك نتائج الاحلام الكبرى التي لن تتحقق ما دام الاستعمار الامريكي والبريطاني والفرنسي والاسرائيلي ورائها .

لماذا الحلم الكبير مشروع مغلق جيو- ستراتيجياً ؟

اولاً- الدولة التركية لا تقبل به وتعمل من اجل اجهاضه، لأنه يعرض وحدتها الجغرافية إلى الخطر.

ثانياً- الدولة الايرانية لا تقبل به وتعمل على إجهاضه، لأنه يعرض وحدتها الجغرافية إلى الخطر.

ثالثاً- الدولة السورية لا توافق على اقتطاع اجزاء من اراضيها، لأن ذلك يعرض وحدتها الجغرافية إلى الخطر.

رابعاً- الشعب العراقي لا يقبل به ولكنه يدعم الشعب الكردي في حكمه الذاتي بكل امكاناته الوطنية الدستورية والقانونية.

خامساً- لا توافق روسيا الاتحادية ان تتأسس على تخومها دولة قومية مدعومة من الغرب ومسيرة من الولايات المتحدة الأمريكية .

إذن ، لا مناص من القول، أن لعبة التسويات بالرجوع الى دستور الاحتلال الميت لن تجدي نفعاً وإن الاحتلال يحرث في البحر والايرانيون على مشارف الإنهيار وإن مخالبهم في المنطقة ستقلم وإن مليشياتهم في سوريا لم يعد لها وجود وإن مليشياتهم في العراق قد تفرقت وتمزقت والبعض منها قد رحل .

الأميركيون يريدون تكريس مفهوم ان تكون المفاضلة ترجح وجودهم غير الطائفي على الوجود الفارسي الطائفي .. والذي يحصل هو سيناريو من هذا القبيل أو بهذا الاتجاه .. فهل ينجح ؟ كلا، لن ينجح، ويبدو إن التخادم القائم بين الطرفين الامريكي والايراني قد استنفد مهامه حيث أمن التخادم، منذ عام 1979 وحتى هذا العام (أمن الكيان الصهيوني)، أما (التطبيع) فقد قطع شوطاً، فلا حاجة ماسة إلى خدمات طهران ما دامت تتمدد على حساب مصالح الغرب وتهدد أمن المنطقة واستقرارها .

 

 

 

 

 

 

 

 






الاثنين ٣ ربيع الاول ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٨ / أيلول / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة