شبكة ذي قار
عـاجـل










بسم الله الرحمن الرحيم

 

اهمال الأقسام الداخلية لطلبة العراق

نتيجة حتمية للفساد الإداري

 

إن تردي مستوى التعليم في العراق ومعاناة الطلبة بسبب تدهور أوضاع الأقسام الداخلية في بغداد والمحافظات، هو إحدى نتائج الفساد الإداري والمالي الذي يعصف بالعراق العزيز. فبعد سنة 2003 وانهيار مؤسسات الدولة، تعرض التعليم ومؤسساته المختلفة من المدارس، والجامعات، والمعاهد، ومراكز الأبحاث، وكذلك الأقسام الداخلية إلى عمليات نهب وسلب وتدمير. وأعقب ذلك وعلى مدى أكثر من عقدين من الزمن، تدهور متسارع مما أدى إلى تدنّي كبير في مستوى تقديم الخدمات وبشكل غير مسبوق رغم كل موارد العراق العظيمة وأمواله الطائلة. وقد نتج ذلك من عدة أسباب من أهمها:

تولي مسؤوليات التربية والتعليم والتعليم العالي من قبل أشخاص غير مؤهلين لهذه المهام.

استشراء الفساد الإداري والمالي في المؤسسات التعليمية.

غياب استراتيجية واضحة للتربية والتعليم العالي.

اهمال أية قضية تتعلق بشؤون الطلبة وحياتهم.

 

 فنتج عن كل ذلك وغيره اهمال للكثير من قضايا الطلبة، ومن بين أهمها الأقسام الداخلية لطلبة الجامعات وتدهور حالها بصورة كبيرة.

إن عدم كفاءة مسؤولي وزاراتي التعليم العالي والتربية والتعليم، واختيار أشخاص بعيدين كل البعد عن المؤهلات التي تتطلبها العملية التربوية والأكاديمية، نتج عنه سوء إدارة وضعف في الإشراف، إضافة إلى التأثر بالمحاصصة والصراع الطائفي، مما أفضى إلى التدهور الإداري والأكاديمي، وقد انعكس كل ذلك سلباً على واقع معيشة الطلبة في المدارس والجامعات عموماً وفي الأقسام الداخلية خصوصاً.

إلا إن استشراء الفساد كان له الدور الأكبر في الوصول إلى هذا التدهور، حيث تتجلى مظاهر الفساد بدءاً من استغلال نفوذ السلطة في التعينات، والتنقلات، والترقيات، وتجاوز القوانين، والمحسوبية، واهدار المال العام، والرشوة، والاختلاس، وشراء الذمم، وتفشي مافيات متخصصة في الوسائل غير العادلة في نظام الامتحانات، مثل الاكراميات غير القانونية وغيرها، مما يؤثر على ناتج ومخرجات العملية التربوية وهذا ما نلاحظه في الغش بالامتحانات، وفي تسرب الأسئلة، وفي الرقابة العامة على ممارسات التعليم الحكومي والخاص. ويكفي أن نذكر، على سبيل المثال وليس الحصر، أحد جوانب الفساد المتمثل في سيطرة جهات معينة على ملف الطباعة، فعلى الرغم من وجود مطابع كثيرة وجيدة في العراق، يتم الاعتماد على مطابع في الخارج من خلال صفقات تشوبها شبهات الفساد والكومشنات!

وقد نتج عن كل ذلك الفساد اهمال الأقسام الداخلية لطلبة الجامعات سواء في العاصمة بغداد أو في باقي المحافظات. إذ كان للوقائع التي حدثت للعراق بعد 2003 الأثر الكبير في انتشار الفوضى والتجاوز على الضوابط والقوانين، فتعرضت الأقسام الداخلية للطلبة في عموم العراق إلى الإهمال والتقصير الشديدين.

ويمكن تلخيص معاناة طلبة الأقسام الداخلية حالياً في العراق بما يلي:

ضعف الوعي لدى المسؤولين الإداريين وعدم اكتراثهم بأهمية الأقسام الداخلية وانعكاس ذلك على المستوى التعليمي.

عدم شعور الطلبة بالأمان لعدم كفاية الحراسة الأمنية.

تسلط بعض الأحزاب داخل الأقسام الداخلية.

تعرض الأقسام الداخلية للتفتيش والمداهمة والاعتقال والتهديد من قبل أفراد من الجيش والشرطة في مخالفة صارخة لكل الأعراف والقوانين والقيم الأكاديمية في العالم.

عدم توفر البيئة المعيشية الملائمة للدراسة من خلال قلة خدمات الماء، الكهرباء والتدفئة والتبريد وغيرها.

الافتقار إلى الأسِرّة والأغطية النظيفة والصحية الصالحة للنوم وللاستخدام البشري.

عدم الاهتمام بالأقسام عموماً من حيث الترتيب والتنظيم والنظافة.

بُعد المراكز الصحية عن الأقسام الداخلية وضعف الخدمات الصحية للطلبة عموماً.

الإهمال المتعَمَّد والمتمثل في عدم زيارة المسؤولين عن الأقسام الداخلية للطلبة الساكنين فيها والاطلاع على واقعهم وحل مشاكلهم.

عدم فرز الطلبة وفق التخصصات العلمية والإنسانية، وخاصة عند توزيعهم على الغرف في القسم الداخلي، والغياب الكلي للإشراف الذي يعالج حالات عدم الانسجام بين الطلبة بسبب سوء التفاهم والمناقشات مما يؤدى إلى المشاجرات والأجواء البعيدة عن البيئة الأكاديمية السليمة.

عدم اتباع المنهج الغذائي السليم من قبل مطعم الطلبة فغالباً ما يتناولون الأغذية المقدمة في الكافتيريا ومعظمها بعيدة عن المواصفات الصحية.

غياب أسس التعامل الأخلاقي الراقي الذي يليق بالبيئة الأكاديمية، والمتمثل في اختيار مشرفين يفتقرون إلى ذلك وقيامهم بالتلفظ بألفاظ غير لائقة ودخولهم للغرف في غياب الطلبة.

عدم قدرة الكثير من الطلبة على شراء الكتب الأساسية وذلك لضعف قدرتهم المالية، مما حدا بالبعض منهم بترك الدراسة لصعوبة تأمين كتب المنهج وكلف المعيشة في الأقسام خاصة بعد قطع المخصصات عن الطلبة.

عدم وجود وسائل الترفيه السليمة للطلبة مثل القاعات الرياضية، وقاعات للمطالعة، إضافة إلى فقر المكتبات من الكتب المناسبة للطلبة.

 إن من يؤمن بالعراق ومستقبله، عليه أن يُبدي الحد المطلوب من الرعاية والاهتمام بالطلبة والشباب، فهم عماد ذلك المستقبل وبُناتُه. وتعد العملية التربوية والتحصيل الأكاديمي الرصين، والبيئة المعيشية الصحية والسليمة، من أهم دعامات الإعداد للأجيال الصاعدة.

لذا فإن استمرار هذا الواقع المعيشي، والظروف المزرية المحيطة بالطلبة، لا يفهم منه إلا التهديم المتعَمَّد والمُمَنهَج للعراق واقعاً ومستقبلاً.

 

 

تجمع طلبة الرافدين في المهجر

23/9/2023






السبت ٨ ربيع الاول ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٣ / أيلول / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب تجمع طلبة الرافدين في المهجر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة