في الرابع من أيلول بدأت إيران حربها العقائدية الإمبراطورية التوسعية على العراق

الإعلامي أبو الحسنين علي

بدون مقدمات، وبلا فرشات فكرية، وبعيداً عن أي نوع من أنواع الانحياز، نقول وصفاً للحرب الإيرانية على العراق التي بدأت فور تسلم خميني زمام السلطة في طهران سنة ١٩٧٩، أنها حرب عقائدية سياسية بين عقيدتين سياسيتين هما:

عقيدة الإمبراطورية الفارسية التي تبحث لنفسها عن مكامن القوة والعظمة بالتوسع على حساب أرض العرب.

وعقيدة ومشروع وحدة الأمة العربية الذي يتصدى له حزب البعث العربي الاشتراكي، وينقلها إلى أرض الواقع، بدأ من العراق منذ تسلم البعث السلطة في العراق عام ١٩٦٨.

اختار خميني لمشروعه غطاء الدين والمذهب لاعتقاده بغلبة ونفاذ هذا الغطاء بسبب قدسية الدين والمذهب عند العرب، ومنهم العراقيين، لأن العرب هم من حمل عقيدة الإسلام وقام بمهمة نشرها بأمر الله وعونه على العالم بأسره، ومنه بلاد فارس التي فقدت بسبب الفتح الإسلامي المبارك لها كيانَها الامبراطوري المعروف، بينما كان العراق يتمترس خلف عقيدته القومية المؤمنة التي تناضل من أجل توحيد الأمة العربية وانهاء التجزئة المفروضة على العرب التي مزقت كيان الأمة الواحد تاريخاً وحضارة وجغرافيا ولغة مع إيمان عميق بأن الإيمان عربي والقرآن عربي والإسلام هو روح العرب، ولكن العقيدة القومية التحررية الوحدوية أخذت على عاتقها ضمناً حماية الإسلام عبر تجنيبه  الانغماس في السياسة المرحلية وتقلباتها وشوائبها، وإبقائه محصناً بقدسيته كعقيدة سماوية امتزجت مع الوراثة الجينية العربية من جهة، ولأن توحيد الأمة العربية يقتضي عدم نبذ أو تهميش العرب المنتمين إلى ديانات وقوميات أقلية أخرى، ونبذ الطائفية بصيغتها السياسية لأنها منطلق من منطلقات تمزيق وحدة العرب.

إن الطبيعة العقائدية السياسية البعيدة عن عقائد السماء واشتقاقاتها من مِلل وطوائف ومذاهب، كبعد الأرض عن السماء، هي التي صنعت التوافق والتفاهم والتقاء الأغراض والأهداف مع العقيدة الصهيونية التي صنعت أصلاً لتكون صدراً للعدوان على العرب ولاغتصاب أرضهم وانتهاك سيادتهم ونهب ثرواتهم ومنع وحدتهم وسلب حريتهم.

إن ما حصل في العراق بعد احتلاله من قبل أمريكا يؤكد بما لا يقبل الشك التحالف الأمريكي الإيراني، بعد أن سلمت أمريكا العراق المحتل الى عملاء إيران ليحققوا لسيدهم مشروعه الذي قبره الانتصار في القادسية الثانية.