شبكة ذي قار
عـاجـل










بسم الله الرحمن الرحيم

أجمل الكلام في مولد سيد الأنام

 

هذا  أجمل كلامي           في سيد الأنامِ

طه الشفيع المُرتجى          تُغفر به آثامي

يا ربي شفعني به         ونوّر به أيامي

في ذكره طب القلوب      والراحة من آلآمي

يطيب الحديث وتبتهج المسامع وتفرح القلوب في ذكرى مولد سيد الكائنات وفخرها محمد بن عبدالله أفضل الصلاة والسلام عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين ولمالا نفرح ونحتفل بذكره وهو أحب الناس إلى  الله وأقربهم الى قلوب عباده  ففي ذكره تفوح زهور الكون مسكاً فواحاً وألقاً زكياً  وعطراً منثوراً وفيه تضيء الكلمات فخراً وعمقاً وقيماً وتحلو معه اللحظات وتفرح به الأزمنة وتنقشع من نوره الظلمات وتمتزج الأحاسيس وتنتحب العبر لتكون راحة للقلوب وسكينة للأرواح  ففي يوم مولده الأغر أشرقت نور الهداية والرحمة والمعرفة والإيمان فتبدد الظلام وعم العدل والإحسان في جميع الأركان بشرعٍ يصلح لكل إنسان ولكل مكان وزمان عندما بعثه  الله سبحانه وتعالى للناس أجمعين وميزه عن رٌسله في ذلك فكل نبي ورسول بعث لقومه الا حبيبنا المصطفى فقد بُعث للعالم أجمع فكان سيد الأولين والآخرين وفاق بخُلُقه وخَلْقه وبَعْثه جميع الأنبياء والرسل حتى أوجب الله على البشرية إتباعه والاقتداء بسيرته ونهجه وشريعته السمحاء فبات ذكره مطلوباً وحوضه موروداً واللواء به  معقوداً وله التشفُّع مقصوداً وله الحب محموداً.

 

ولد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في عام الفيل في شهر ربيع الاول والأرجح في اليوم الثاني عشر منه أما محل ولادته فكان في أفضل بقاع الأرض (  مكة المكرمة - في المحل المشهور بسوق الليل ) وهو أقرب سوق للحرم المكي ثم تحول أسم السوق بعد ولادة المصطفى إلى ( محلة المولد) والدته آمنة بنت ابي وهب ووالده عبدالله بن عبدالمطلب وأما مرضعته عليه الصلاة والسلام فهي حليمة السعدية  أما حاضنته فهي أم أيمن الحبشية .

 

إنّ من أهم النفحات  الإيمانية  التي يمكن أن يلمسها المسلم  في الاحتفال  بمولد النبي الكريم  صلى الله عليه وسلم  هو تجديد الإيمان برسالته والتعهد بالتمسك في شريعته والسير على هداه والاقتداء بنهجه وأن نجدد في هذه المناسبة محبتنا له ونغذي فيها حنيننا إلى رؤياه يوم البعث واليقين بالالتزام الديني والأخلاقي ونجعل قيم  الدين الصافي والنقي كما وردنا قبل أن تتدخل فيه الإرادات وتتعدد فيه التوجهات فوق جميع العقائد والسنن حتى تزيد في قلوبنا الأمل والغَلبَة على أعداء الدين بالعمل الصالح الذي يقربنا إلى خالقنا  حتى ننال رضاه ومحبة رسوله ونجعل هذه المحبة أعظم من حبنا لوالدينا وأولادنا وأنفسنا وأغلى من كل ما نملك في الوجود تحقيقاً لقوله صلاة ربي وسلامه عليه (لا يؤمن أحدُكم حتّى أكون أحبّ إليه من ماله وولده والناس أجمعين) ففي مناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف فرصة للمسلم لا يفرّط في تبديدها بل عليه أن يجدد فيها مودته له وشوقه إلى رؤياه في الدنيا والآخرة .

 

لا جرم إنَّ الاحتفال بيوم المولد يغيض الكفار والمنافقين ويزعج أعداء الدين واليقين وأعداء الاسلام والمسلمين لأن في ذلك ضرورة شرعية وإنسانية لوحدة الكلمة والموقف ورفع شعائر الله لكي يعم الأمن  والسلام والأخوة والتعاون والتكاتف بين بني البشر والعرفان بالجميل لسيد الكائنات ومُخرج البشرية من الظلمات إلى النور فمن حقنا أن نحتفل ونفرح ونلتقي ونستعيد ذكراه كل حين لأنه هو النجاة  لنا من كل شاردة وبعطره أجيالنا تنقاد .

 

يقول أحد الشعراء :

 

                            ولد الحبيب وخده متــورد          والنور من وجناته يتوقــد

 

                          جبريل  نادى في منصة حسنه      هذا مليح الوجه هذا الأوحـد

 

لقد جاء ذكر المصطفى في الكتب السماوية كالتوراة والإنجيل  والقرآن باسم أحمد أو محمد وبمدلول يحمل نفس المعنى لأنه المحمود في الأرض والأحمد عند الله الجامع لخصال الخير والمتميز بالخلق والصدق وجميل العطاء وشدة الجمال ونقاوة الذات ولطف الصفات كما تناول عدد من الفلاسفة والمفكرين سيرة المصطفى بموضوعية وحيادية ومفخرة ترفع رأس كل مسلم بين الأمم الأخرى فيقول هرقل  ملك الروم ( لو كنت عنده لغسلت عن قدميه) ويقول المفكر لا مارتن ( هو النبي الفيلسوف المحارب الخطيب المُشرِّع, قاهر الأهواء وبالنظر إلى مقاييس العظمة البشرية أود أن أتسائل ... هل هناك من هو أعظم من النبي صلى الله عليه وسلم ) أما غاندي فيقول ( إنه بلا منازع يملك قلوب ملايين البشر ) أما الأديب جورج ويلز فيقول ( أنه أعظم من أقام دولة للعدل والتسامح ) ويقول صاحب موسوعة قصة الحضارة ديورانت ( هو أعظم عظماء التأريخ) أمّا المستشرق الفرنسي كليمان هو ات فيقول مشيراً الى دماثة خلقه ( إتفقت الأخبار انّ محمداً كان في الدرجة العليا من شرف النفس، وكان يُلَقّب بالأمين، أي بالرجل الثقة المعتمد عليه إلى أقصى درجة، إذ كان المثل الأعلى في الاستقامة.) بينما يقول المستشرق جرسان دتاسي في عفته وفضيلته وطهارته وترفعه ( إن محمداً ولد في حضن الوثنية، ولكنه منذ نعومة أظفاره أظهر بعبقرية فذة انزعاجاً عظيماً من الرذيلة وحباً حاداً للفضيلة) وفي صدقه وأمانته ورقة قلبه  يقول المؤرخ والمستشرق الإنكليزي السير موير ( أن محمداً نبي المسلمين لقب بالأمين منذ الصغر بإجماع أهل بلده لشرف أخلاقه، وحسن سلوكه) أما المحدث والفقيه ابن كثير الدمشقي فيقول ( كان الرسول صلى الله عليه وسلم أشجع الناس وأشجع ما يكون عند شدة الحروب وكان أكرم الناس وأكرم ما يكون في رمضان ، وكان أعلم الخلق بالله، وأفصح الخلق نطقاً، وأنصح الخلق للخلق وأحلم الناس، وكان أشد الناس تواضعاً في وقار إلى يوم الدين) .

 

كان عليه الصلاة والسلام أشجع الناس في النوازل وأكرمهم بالعطاء وأشرفهم مقاماً وأطيبهم كلاماً وأصدقهم إيماناً وأشدهم دعوة لله وللمحبة والتآلف بين عباده وكثيراً ما نحتفل بميلاد أطفالنا ونقيم الولائم والأفراح بمناسباتهم والله يقول في محكم كتابه في سورة التغابن -الآية 14(يا أيها الّذين آمنوا أن من أزواجكم وأولادكم عدو لكم فاحذروهم ) فالأجدر بنا أن نحتفل بميلاد سيد المرسلين والله يقول في سورة التوبة – الآية 128( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ) لأنه قدوتنا وقائدنا وهو أغلى وأقرب إلى قلوبنا من ذرياتنا فمهما قيل وسيقال فيه فهو أكبر من كل وصف لأن الكلمات مهما كبرت وعظمت معانيها لا يمكن أن تنتهي فيها عظمة الرسول الكريم وخصاله الطيبة فالأقوال لا تنتهي ولا تُحصى وهي تحتاج إلى مؤلفات ودراسات واسعة فكلما عُرٍفَتْ سيرة المصطفى صلّى الله عليه وسلّم نال إعجاب المنصفين به من البشر وزادنا تميناً به وتعلقاً بسيرته وفرحاً بذكراه.                                           

 

إن الخلاف بين العلماء بين مؤيد ومعارض للاحتفال بميلاده لا يمنع من أن نكتب عنه ونشير لسجاياه ونؤشر حبه في قلوبنا لأن في ميلاده النجاة والابتهاج والحبور والتقوى فيكون الاحتفال  بمولده تجديد للعهد والتشبث بالاتّباع وصدق الوفاء وجميل الاقتداء وأجمل ما قرأت وحفظت في الصلاة عليه هو (اللهم صلّ على سيد محمد صلاة تحسِّن بها الأخلاق وتُيسّر بها الأرزاق وتدفع بها المشاق وتملأ منه الآفاق وعلى آله وأصحابه من يوم خلقت الدنيا إلى يوم التلاق واسترنا بين يديك يا عزيز يا خلّاق  ) وإرحم بجاهه أهل العراق وابعد عنهم كل فاسد ومنافق وأفّاق .

 

 

 

              الدكتور شاكر عبد القهار الكبيسي

 

                             أوسلو

 

 






الاحد ١٦ ربيع الاول ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠١ / تشرين الاول / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور شاكر عبد القهار الكبيسي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة