شبكة ذي قار
عـاجـل










افتتاحية العدد386 –صدى نبض العروبة

في ذكرى رحيل القائد المجاهد عزة إبراهيم

 

يمضي البعض إلى الله سبحانه وهم يمتلكون مؤونتين، واحدة يأخذونها معهم تضمن لهم بمشيئة الله مكاناً خالداً في النعيم الأعلى، حيث جزاء العليم القدير الكريم الذي لا يماثله جزاء في ثرائه وبذخه وديمومته، والأخرى تظل في الأرض تحكي للأجيال سيرتهم العطرة وأعز ما فيها ثباتهم على الحق ورسوخ إيمانهم وسمو أفعالهم وجلال قدرهم الذي وصلوه بعطاء استثنائي وتفاعلات إنسانية متفردة.

الرفيق المجاهد عزة إبراهيم سيد عراقي عربي حمل المؤونتين ونال الثوابين ومضى إلى ربه عزيزاً وترك لنا أسوة وقدوة أعظم من أن تصفها كلمات لأنها كتاب واسع الحجم متعدد الفصول متنوع المضامين.

عاش الفقيد الغالي عزة إبراهيم حياته مناضلاً يواصل الليل بالنهار في خدمة شعبه ووطنه وحزبه، حزب البعث العربي الاشتراكي، عاش كل حياته مجتهداً مثابراً وهو يخوض النضالين: السري حيث هو ورفاقه يحوكون عباءة ثمينة تليق بالعراق أن يرتديها بعد أن لفح جلده الحر الشديد لقيض البؤس والفاقة والبرد القارس عمل في ذاك الجلد أخاديد وشقوق بسبب عري الفقر وانتشار مسببات الأمراض والأوبئة والأمية والجهل وكل عناوين التخلف غير اللائقة بالعراق، ثم عاشها وهو يسعى مع رفاقه بين صفوف شعبه يصنع الدفء  لحياة العراقيين، ويقيمون لهم مجداً مؤثلاً تليداً عبقرياً بإنجازات ثورة البعث التي ساهم الرفيق عزة صنع فجرها مع رفاقه الشجعان يوم ١٧ تموز ١٩٦٨ . وبعد أن علا البناء وأطلت المدنية على بغداد السلام والمحبة وانتشر العز في شمال الوطن وجنوبه وتعالت رايات الأمة العربية في العراق معلنة بزوغ عصر الاستقلال الحقيقي والحرية التامة، وتعبدت طريق تحرير فلسطين اجتمعت وحوش البر وحيتان البحار وأعاصير الأجواء الغاشمة الظالمة لتحرق العراق وتنحر إنجازاته وتذبح شعبه، وليمنح الله بعض رجال العراق وفي صدارتهم الشهيد صدام حسين ورفيقه عزة إبراهيم حظ الأبطال وبخت البواسل ليؤسس لنفسه ولحزبه ولوطنه مجداً آخر حيث قاد كفاح شعب العراق وجهاد حزب البعث العربي الاشتراكي جنباً إلى  جنب مع القائد الخالد صدام حسين ثم مع شعبه ورفاقه بعد أن قدر الله وفعل في إنهاء حياته بالطريقة الخالدة المعروفة.

في قيادته للمقاومة العراقية الباسلة بعد سنة الغزو والاحتلال ٢٠٠٣ م لم ينجح الرفيق عزة إبراهيم في تلقين الغزاة دروساً قاسية وإيقاع خسائر بهم غيرت مسارات ومجريات الأحداث كلها فحسب، بل نجح في صناعة تجربة قومية بعثية فريدة من نوعها عبقرية بتفاصيلها بطولية أسطورية في نتائجها.

لقد تمكن العراقي العربي الباسل عزة إبراهيم أن يقهر بقيادته للمقاومة تدابير ٤٠ دولة وجيش، ومارس حياته الجهادية وكأنه يعيش في كنف الأمان والسلام غير آبه بالطائرات والمخابرات والدبابات والجيوش المتخصصة بالملاحقات الوحشية وفرق الموت وشركات الأمن التي تتألف من المجرمين المحترفين.

عاش وكأنه يمتلك كل أرجاء العراق وكل مسالكه كما كان قبل الغزو فأذاق جيوش الغزاة وأتباعهم من الخونة الأراذل مر الهوان من خلال ما أوقعته المقاومة العراقية الباسلة بقيادته رحمة الله تغشاه من خسائر فادحة في الأرواح المعتدية والمعدات والاقتصاد، وألحق أيضاً أضراراً فادحة بالإعلام المعادي وماكناته الضخمة.

وفي الوقت الذي قاد الرفيق عزة إبراهيم جهاد شعبه ضد الاحتلال، قاد في بالوقت نفسه وهو يعيش تلك الظروف العصيبة التي يصعب الإحاطة بقسوتها الحزبَ على المستوى القومي كأمين عام للبعث وحافظ على وجود الحزب وانتشاره الجماهيري ووحدته التنظيمية والفكرية.

الرحمة والغفران للقائد العظيم عزة إبراهيم ولكل رفاقه وأبناء شعبه وأمته المجتمعين تحت ظلال رحمة الله الواسعة في جنان الخلد شهداء أبرار.

الله أكبر، والنصر للعراق ولفلسطين ولكل أمتنا المناضلة.






الثلاثاء ١٦ ربيع الثاني ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣١ / تشرين الاول / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب صدى نبض العروبة نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة