شبكة ذي قار
عـاجـل










افتتاحية العدد 388 – مجلة صدى نبض العروبة

سايكس بيكو هي عدوة غزة، والبعث هو مستقبل الأمة

 

قيل الكثير وكتب أكثر في تحليل أسباب خضوع الأنظمة العربية للإرادة (الماسوصهيونية الامبريالية) في اغتصاب فلسطين وإقامة كيان صهيوني منذ ٧٥ سنة، ولا زال الكيان يعتدي ويقتل ويتوسع ويبحث عن براهين تاريخية دينية وهمية لا وجود لها لشرعنة اغتصابه لهذه الأرض العربية.

ومن أخطر ما قيل ولا زالت بعض الألسن تردده عن جهل أو عمد وبقصد خبيث يتجدد مع تقادم زمن الاغتصاب وتكرار الأحداث التي تنتجها الروح والطبيعية التكوينية العدوانية التوسعية للصهيونية هو قول يتهم الفلسطينيين جزافاً ببيع أرضهم ونزوحهم عنها مما يجعل (العرب الآخرين) في حل عن واجب الدفاع والقتال لتحرير فلسطين.

المغالطة الأعظم والبغضاء الكامنة في هذا القول غير موجهة للفلسطينيين ظلماً وعدواناً فقط بل هي في مضمونها الشرير الذي يقول للعرب إن فلسطين ليست أرضكم، ولا هي وطنكم، وبالتالي فأنتم في حل عن تقديم أية تضحية من أجل تحريرها، وتلكم هي فلسفة وهدف ونتيجة القطرية البليدة الخبيثة التي صنعتها اتفاقية كامب ديفيد التي جزأت الوطن العربي الواحد منذ التكوين الأزلي للكون إلى دول وإمارات وممالك (مستقلة)، وأُنشئت دعامات حدودية تعوم على صحارينا التي لا تعرف الحدود ولا الاستقرار الناتج عن كونها كثبان متحركة.

يبدو للمتمعن بعمق أن أهم أهداف سايكس بيكو هو إقامة الكيان الصهيوني وتأمين وجوده عن طريق صناعة دول مجاورة له وليس دولة واحدة وعن طريق اغراق (الدول) العربية المجاورة والبعيدة عن حدود فلسطين بخلافات وأنظمة ومناهج وفلسفات قطرية ضيقة أنانية وقبلية وطائفية وسياسية ودينية وعرقية متضادة لتصنع تشابه تكويني وخاصة طائفي عرقي بين دول العرب التي أنتجتها سايكس بيكو وبين الكيان الصهيوني الذي لا يستطيع أحد أن يفصل بين تكوينه ككيان مغتصب وبين نتائج سايكس بيكو.

 لنتوقف الآن عند الحدث الناري الذي بدأت أحداثه فجر السابع من تشرين الأول (أكتوبر) ولا زالت حرائقه مشتعلة، ألا وهو حدث معركة طوفان الأقصى الذي خططت له وتنفذه فصائل فلسطينية مقاومة ونحاكم المواقف الآتية:

أولاً: السلطة الفلسطينية التي لم تؤيد معركة طوفان الأقصى وظلت تتلعثم وتبحث عن مبررات، إن تعمقنا بموقف السلطة المعلن والمقروء والمفهوم، إنها سلطة تبحث عن (دولة) تضاف إلى دول سايكس بيكو وقد أوقعت الأحداث بعض الفلسطينيين في هذا الفخ ليكون شماعة من الشماعات التي مسكها الذين دخلوا في سراب التسوية والاستسلام ألا وهو فخ حل الدولتين.

إذن السلطة الفلسطينية لم تقاتل مع المقاومة لكي تحافظ على (سراب الدولة) وهذا يعني أنها لا تعتبر أرض غزة وشعب غزة جزءاً من مسؤوليتها الاعتبارية والمعنوية على الأقل، لأن ثمة سلطة محلية في غزة تتقاطع مع السلطة الفلسطينية، هنا نجد من الضروري بمكان أن نثبت هذه القناعة: إن حل الدولتين ليس اسفيناً يدق في صدر الحق الفلسطيني لكامل الأرض بل هو تثبيت لسايكس بيكو.

ثانياً: مصر أم الدنيا، والأخت الكبرى للعرب وللعروبة، ستجدون جيشها العظيم وشرطتها وأمنها ومخابراتها تستميت في الدفاع عن (سيناء) لأن سيناء مصرية (مصرية أولاً وعاشراً) بينما غزة ليست مصرية. بمعنى آخر إن العروبة هنا لا تشتغل لا كوحدة أرض ولا كوحدة دم ودين، القطرية هي الحاكمة، ونحن هنا لسنا في وارد إدانة سلطة عربية بعينها بل ندين النشأة الأولى للسلطة القطرية.

إن نشأة القطرية تبدو مصممة جنباً إلى جنب مع الخطط الماسوصهيونية لاغتصاب فلسطين والتي تستوجب البحث عن سبيل تمزيق العرب لتحقيق الأهداف الماسوصهيونية والتي تزاوجت زواجاً كاثوليكياً مع الامبريالية.

ثالثاً: يقف النظام في المملكة العربية السعودية موقفاً سلبياً معلناً من غزة والمقاومة ويسير قدماً في نهج التطبيع، لكن النظام حشد حلفاً عربياً من قرابة عشرة دول للدفاع عن (الأرض السعودية) ضد الخطر المحتمل من الحوثيين في اليمن.

هنا لسنا في صدد البحث عن الغلط والصح في الجهتين، بل نحن بصدد التذكير بدواعي استخدام القوة العربية السعودية ومن تحالف معها للدفاع عن حدود المملكة، لكن هذه القوة تغيب ولا يرى أثر لها لا نظرياً ولا افتراضياً عندما يتعلق الأمر بإبادة الشعب الفلسطيني وحرق غزة.

القطرية هي التي حكمت وتحكم الموقف السعودي، ونحن قناعتنا ببساطة تقول إن النظام السعودي يجب أن يؤمن بحق الدفاع عن الأرض العربية في فلسطين والكويت والعراق ومصر والمغرب والسودان، وليس فقط أرض السعودية، لأن السعودية أرض وشعب عربية قبل أن تكون سعودية.

 نكتفي بهذه الأمثلة لنعود إلى هدف هذا المقال:

إن القضية العربية في فلسطين والجولان وجنوب لبنان وفلسطين والعراق هي قضية الشعب العربي المؤمن بوحدة الأرض والدم والتاريخ والجغرافية والمصير.

إن أحداث السنوات التي مرت تجعلنا نعلنها صريحة واضحة إن منهج البعث في الوحدة والحرية والاشتراكية ووحدة رسالة الأمة يجب أن يتصعد الآن أكثر من أي وقت مضى، لأنه هو البديل الضامن الأوحد لتحرير فلسطين والعراق وكل الأرض العربية، ولأنه هو المستقبل المضمون الوحيد لضمان بقاء العرب، إن كان بصيغة أنظمة قطرية آمنة مستقلة حرة كما فرضها الأمر الواقع بانتظار ثورة عربية كبيرة يقودها البعث ومعه كل أحرار الأمة لإزالة الحدود أو لتشكيل دولة عربية فيدرالية  مهابة تعرف كيف تستخدم قدراتها المختلفة لتكريس الاستقلال الناجز. 






الثلاثاء ٨ جمادي الاولى ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / تشرين الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب صدى نبض العروبة نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة