شبكة ذي قار
عـاجـل










حقيقة علاقات الولايات المتحدة الأمريكية

بين الشراكة وبين الاستعمال الموصوف بالعمالة

 

 الأستاذ الدكتور كاظم عبد الحسين عباس

أكاديمي عربي من العراق

 

 

لن نخوض في مسارات تتطلب تخصصاً وعمقاً فلسفياً واثباتاً علمياً تخص العلاقات الدولية بل ما يهمنا هنا هو الوقوف مجدداً إزاء موضوع حقيقة الأهداف الأمريكية وراء علاقاتها بدول العالم المختلفة. القراءة الأولية لهذه العلاقة مع دول توصف بأنها عظمى وكبرى تتوزع على مسارين يحكهما تضاد لا يخفى على عين مبصرة. فمع بريطانيا وألمانيا وفرنسا مثلا يطغي مشهد الفوقية والتعالي والاستخدام المرتبط بحاجات أميركا كمثل الحاجة إلى حشد قوة هذه الدول للعدوان على دول أخرى كما حصل في غزو العراق أو في مواجهة القوة المتزايدة للصين وروسيا والهند والذي تلعب فيه أميركا مسارها الثاني المتسم بالعداء والندية كما يحصل في أوكرانيا.

الحرب بين روسيا وأوكرانيا مثلاً أن أوكرانيا هي التي صنعت أرضية العداء والحرب ليس بكامل إرادتها بل بدفع أميركي مترافق مع تأييد غربي أوربي لا مناص منه بحكم العلاقة الأمريكية الغربية الأطلسية.

لم يكن تأكيدنا في تقييم حرب روسيا وأوكرانيا منطلقاً من عداء مسبق مع أوكرانيا بل لأننا رأينا وأدركنا الوجود الأمريكي الامبريالي في تلك الحرب كواحد من القوى الدافعة لتلك الحرب والمسببة لإطالة أمدها.

ما يهمنا هنا أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تقم علاقات شراكة مع أوكرانيا حباً بها وبشعبها ولا لإنجاز علاقة دولية متبادلة المنافع وخدمة شعب بل لاستخدام أوكرانيا في العمل المعادي الاستراتيجي الأمريكي لروسيا.

وعلاقة الولايات المتحدة مع كوريا الجنوبية تقع في إطار العداء لكوريا الجنوبية ولخطوط شراكتها مع الصين، وإجمالاً إن العلاقات الأمريكية في هذه البقعة من العالم لا تقام على أساس حب نزيه بالعلاقات الدولية المتوازنة بل لتكون الدول القريبة بعلاقاتها من أميركا هي قواعد للعداء للصين ولمراقبة جدول تصاعد اقتصادها وقوتها العسكرية المرعبة.

في منطقتنا العربية، الكيان الصهيوني ليس رئة تتنفس بها أميركا ولا حوض نفط وغاز يمد احتياجات صناعتها واقتصادها عموماً ولا أميركا كاهن أو قس أو حاخام متعبد يبحث عن سبل الدخول إلى الجنة ووجدت ضالتها في تل أبيب الإسم المغتصب لأرض ولإسم عربي عمره آلاف الأعوام بأن يكون هذا الكيان قاعدة للعدوان على العرب وإدامة استعمارهم والتحكم بمقدراتهم. أميركا ليست بحاجة إلى قطر والإمارات والمملكة العربية السعودية كشركاء بل لأدوات حتى لو حاول هؤلاء الأخوة العرب بكل وسائلهم أن يرسموا صورة تكافؤ من نوع ما لعلاقاتهم مع الولايات المتحدة.

هنا المصلحة الأمريكية تأخذ وجهين متوازيين هما استغلال ثروات الخليج وباقي الأمة واستخدام الأراضي للعدوان على من تقتضي عدوانيتها العدوان عليه من العرب.

إن الكيان الصهيوني ما هو إلا قاعدة أمريكية إن لم نقل ولاية أميركية لديها واجبات محددة تتقدمها اخضاع الأنظمة العربية لخدمة مصالح أميركا من جهة ولتكون قاعدة للعدوان العسكري متى شاءت.

إن غزو العراق واحتلاله بقرار أمريكي سنة ٢٠٠٣ هو تكريس لسياسة أميركا وتنفيذ حرفي لعدوانيتها المقيتة أقدمت عليه ليس لصنع دولة شريكة أو نظام شريك في بغداد كما تدعي بل لصنع نظام يخدم في قضايا أمريكية حاسمة منها أمن الكيان الصهيوني وتكريس الهيمنة والاستغلال والاستعباد للأنظمة العربية.

الولايات المتحدة لا تقيم أية علاقة متوازنة متبادلة المنافع بل إن علاقاتها استعمارية امبريالية احتلالية عدوانية لذلك فهي ليس شريك لأي دولة بل إنها تستخدم ولا تشارك. إن شعوب العالم كله مطالبة بثورة عارمة تعيد الولايات المتحدة إلى جغرافيتها وإلى صوابها وإلى اجبارها على احترام العالم وليس احتقاره والتعالي عليه واخضاعه.




الثلاثاء ٨ جمادي الاولى ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / تشرين الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب كاظم عبد الحسين عباس نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة