شبكة ذي قار
عـاجـل










طوفان الأقصى لحظة انتصار

الدكتور غالب الفريجات

 

 

طوفان الأقصى هي لحظة انتصار أكدت أن معادلة المواجهة قد اختلفت فيما بين السابع من تشرين وما بعده، فقد هشم أبطال المقاومة الصورة الصهيونية، وأسقطوا الأحلام الصهيونية اتجاه فلسطين، وفيما يبدو أن طوفان الأقصى قد لفتت انتباهنا إلى المقارنة بين نموذجين / النموذج الغربي والنموذج العربي الحر في رد الفعل على حالة القهر والذل والتدمير، فالجينات العربية هي غيرها الجينات الغربية التي ادعت طويلاً على التفوق، وعلى أن العرق الآري هو عرق الحضارة والرقي والتقدم، وأن العرق السامي هو عرق التخلف الموغل في البداوة الذي لا يجيد صناعة الحضارة ولا طبيعة التعامل معها، بدى ان الغربي بلا اخلاق وعار عن كل المقولات الإنسانية التي يسوقها علينا، وأن العرق السامي متميز بأخلاقه وتقديره للحياة الإنسانية التي هي هدف الوجود الإنساني على سطح الكرة الأرضية.

طوفان الاقصى حطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر، ونزعت البعبع الكامن في صدورنا جميعا" من هذه الاسطورة التي لا يقدر عليها أحد، ولا يملك التفكير في مواجهتها، وإذا هي أمام بطولات أبناء المقاومة ماهي إلا سرعان ما انهارت، وإذا بها أوهن من بيت العنكبوت.

طوفان الأقصى أسقطت الدولة المسخ، وجيشها المرتزق، وسياسيها الجبناء في سجال المواجهة والعنتريات الكاذبة على أمة نسيت ما حفل به تاريخها وأمجادها، وارتضت لنفسها عبر أناس هم من جلدتهم في الشكل، وليسوا في المعنى والمضمون.

طوفان الأقصى قد فرضت القضية الفلسطينية على المسرح الدولي، فبات الأقصى والأرض، والاحتلال، وكل مفردات القضية على كل جدول سياسي لكل زعامات العالم.

طوفان الأقصى باتت بوابة التحرير الذي لابد منه للخلاص من هذه الجرثومة العفنة التي دنست التراب الفلسطيني، وسممت الأجواء العربية، وحتى العالمية بطغيانها، وشراسة عدائها للحياة الإنسانية، وعدم مشروعية مشروعها الذي تم تسويقه بكل وسائل العهر السياسي، والكذب التاريخي، والتزوير لكل حقائق المفاهيم الإنسانية.

طوفان الأقصى قد حطم كل سياسات المتخاذل، وأكد فشل كل سياسات التطبيع، والهرولة باتجاه العدو التي تدوس على الحق العربي، ضاربة بعرض الحائط بكل معاني قيم الشرف والكرامة، وحتى معايير الرجولة التي تأبى أن تمد يدك لمن يغتصب أرضك وعرضك ودينك.

طوفان الأقصى كان خارج سياق المواجهات السابقة / مفاجئاً، سرياً، دقيقاً، هادفاً بمفهوم، ولأول مرة نحن أصحاب، الفعل لا أصحاب رد الفعل الذي كان الكيان الغاصب يفرضه علينا، وخارج أرض المواجهة الفعلي أرض فلسطين.

طوفان الأقصى أظهر صورة المقاتل العربي عندما يملك الإيمان والإرادة غير مكبل بسياسات التخاذل والذل والهوان، وفي الوقت نفسه أكد على انتهاء المشروع الصهيوني، فقد تراجعت الصهيونية لدى الصهاينة، وبات الكثير منهم يشككون في مشروعية كل الخزعبلات والهلوسات الصهيونية.

طوفان الأقصى فعل نوعي يجب العمل على تقدمه وارتقاء فعله وديمومته بإسناد عربي جماهيري، ففلسطين لن تحررها الجيوش، وإنما تحررها المقاومة الشعبية.

لست معنياً بالسياسة، فليكن أهل غزة بعثيون أو شيوعيون أو إسلاميون أو على أي مذهب يدينون، فأنا معني بهذا الأداء البطولي والصمود العظيم، ومقاتلة هذا المحتل المجرم، عدو كل شرائع السماء وفلسفات الأرض، ليس له ذمة ولا دين، تفوق في إجرامه على كل أفعال النازية والفاشية، والامبريالية التي صنعت هذا المجرم، ونفخت فيه كل مقومات الحياة، وزودته بكل أدوات القتل والاجرام.

إني لأعجب من كل إنسان حر في هذا الكون ألا يكون في الخندق المعادي لهذا المجرم الذي طغى بإجرامه على كل سكان الأرض، وأعجب أكثر من هذا الذي يدعي عروبيته أو إسلامه، ويتردد ولو لحظة عن معاداة هذا الوحش المجرم الذي يسعى جاهداً لإزالته والقضاء على كل معاني قيم الحياة لديه.

أبطال المقاومة أعادوا لنا الحياة التي افتقدناها، وأعادوا لنا الروح التي ماتت في دواخلنا، فأنستنا ذواتنا، وجردتنا من معايير الحياة التي وجب علينا ممارستها، واليوم علينا جميعاً أن نقول وبالفم المليان كل عربي فلسطيني حتى تتحرر فلسطين من البحر إلى النهر.






الثلاثاء ٨ جمادي الاولى ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢١ / تشرين الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور غالب الفريجات نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة