شبكة ذي قار
عـاجـل










الكيان الصهيوني.. كيان عنصري استعماري استيطاني منذ 75 سنة

د. أبا الحكم

 

العنصرية، كما يراها الجميع، تعلن عن نفسها من خلال احداث يومية مختلفة جائرة بحق الشعب الفلسطيني، الذي ما يزال يقاوم الاحتلال الصهيوني منذ سنة 1948. فقد استخدم الاستعمار الإسرائيلي وسائل القمع والتعذيب ما عجز فكر العصور الوسطى الهمجية عن ابتكاره مصحوبًا بنزعة سادية يصعب تخيلها حين تتلذذ سلطات الاحتلال الإسرائيلية بتعذيب الأسرى والسجناء في سجونتها.. وتتلذذ بتجريف وتشريد الفلسطينيين من بيوتهم وممتلكاتهم ومزارعهم.. وتتلذذ بقتل الشباب والاطفال والنساء والكهول في شوارع المدن والارياف، دون أي حد أدنى من الشعور الانساني ومتطلبات حقوق الانسان، التي تؤكد عليها المنظمات الأممية.. والغريب في الامر، أن الغرب لم يحرك ساكناً امام الكارثة الانسانية في فلسطين.

فمنذ سنة الغزو الصهيوني لفلسطين 1948 والشعب الفلسطيني يقاوم سلطات الاحتلال، فيما تستمر هذه السلطات في سلوكها الهمجي في القتل ونسف البيوت وتهديمها وتشريد شعبها وإرغامهم على تركها بالترغيب والتهديد وباتت المستوطنات تزحف على المزارع والقرى والأحياء السكنية في المدن لاقتلاع الفلسطينيين وتشريدهم، وبناء الأسوار العنصرية الفاصلة بين مدنهم.. حتى أن الأمم المتحدة قد (اضطرت) في زمن التوازن الدولي إلى اصدار قرارها التاريخي رقم (3379) في 10 / 11 – 1975 يعتبر فيه الصهيونية التي يمارسها الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة شكلاً من اشكال العنصرية والتمييز العنصري، التي- حسبما جاء بالقرار- تشكل خطرًا على الأمن والسلم العالميين.. حيث يرى، أن النظام العنصري الحاكم في فلسطين المحتلة، والنظام الحاكم في زيمبابوي وجنوب أفريقيا، ترجع إلى أصل استعماري مشترك، وتشكل كيانًا كليًا، ولها هيكل عنصري واحد وترتبط ارتباطًا عضويًا في سياستها الرامية إلى إهدار الكرامة الإنسانية.

وعلى الرغم من أن هذا القرار، الذي اصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة (غير ملزم) حسب منطق صلاحيات الميثاق المجحفة، إلا أنه كشف قبح وعنصرية العقيدة الصهيونية.. ومع ذلك فأن (إسرائيل) وأمريكا وكافة القوى غير المنصفة قد حشدت قواها، مستخدمة كافة وسائل الترغيب والتهديد والابتزاز والعقوبات، حتى تمكنت من إلغاء القرار بقرار آخر رقم (46/86) وتاريخ 16/ 12/ 1991، حيث (تغيبت) عن حضور جلسة التصويت من الدول العربية كل من (مصر والمغرب وتونس والبحرين والكويت وعُمان).!!

فيما تحولت (إسرائيل) بعد إلغاء هذا القرار من (دولة) عنصرية إلى (دولة) تمارس (الفصل العنصري) أمام العالم وبطريقة ابتلاع الأراضي الفلسطينية عن طريق المستوطنات وتهجير الفلسطينيين ومحاصرتهم عنصريًا، ريثما يتم الزحف الاستيطاني من أجل إجلائهم.. والمثال الراهن، ما يحدث للفلسطينيين في غزة المقاومة.

 

عرفت الصهيونية بأنها" أيديولوجية - سياسية محددة تستهدف إقصاء الآخرين بناءً على كونهم من غير اليهود وإدخال مجموعات في تلك العملية السياسية بناءً على كونهم يهودًا.. فاليهودية، حسب منطق التعريف الرسمي للصهيونية، مرجعية عرقية لا دينية، أي أن اليهود يشكلون مجتمعًا متعدد القوميات بحاجة إلى (دولة يهودية) فقط.. وإن برنامج الصهيونية هو تحقيق هذا الهدف عن طريق عملية مزدوجة.. جلب الكثير من اليهود من مختلف مناطق العالم، وطرد أكبر عدد من السكان الأصليين ليحل محلهم اليهود.. " وهذا هو ما حصل على مراحل منذ قيام (دولة) اليهود بوعد بلفور سنة 1948، الذي ما تزال بريطانيا تتمسك وتعتز به لأنه أنشأ (دولة إسرائيل) حيث رفضت حتى الاعتذار عن إصدار هذا الوعد، وحتى الوقت الحاضر والكيان الصهيوني يفتش عن الشرعية العامة والشرعية العربية على وجه الخصوص بغية الوصول إلى (الدولة اليهودية).!!

وللتذكير بالخطوات والمراحل التي قطعها الكيان الصهيوني للوصول إلى أهدافه غير المشروعة، معتمدًا على مساعدات الغرب لكي يبقى ومعتمدًا على نظرية الأمن ووسائلها التكتيكية لكي يؤسس كيانه وعلى النحو التالي:

تبلورت نظرية الأمن الإسرائيلية بين 1948- 1956، والتي تضمنت:

 

- مبدأ التفوق النوعي.

- مبدأ الجيش العامل الصغير، والجيش الاحتياطي الكبير.

- رسم الدور الأمني للمستوطنات.. والتوسع على حساب الأراضي الفلسطينية.

- مبدأ نقل الحرب إلى خارج الأراضي الفلسطينية.

- صياغة العقائد التكتيكية الهجومية.

- سد النقص الجيو- بوليتيكي (الدفاع في العمق) بالأسلحة النوعية.

- تطوير بنية وعقيدة القوة الجوية الإسرائيلية.

- تكامل البناء الفكري لنظرية الأمن الإسرائيلية قبل عام 1956.

- التسليح الفرنسي لإسرائيل 1954- 1956.

- توازن القوى كسياسة في خضم حرب 1956.

- أهمية التفوق النوعي الإسرائيلي على الكم العربي.

- اعتماد استراتيجية الحرب القصيرة (الاستباقية – الاجهاضية).

- مفاوضات ما يسمى عملية السلام وتحولات الصراع من صراع (عربي إسرائيلي) إلى صراع (فلسطيني إسرائيلي).. حيث فَقَدَ الصراع الفلسطيني عمقه الاستراتيجي العربي.!!

- إخراج مصر من دائرة الصراع.

- تحطيم نظرية الأمن الإسرائيلية بصواريخ العراق الوطني البالستية التي ضرب العمق الاستراتيجي الإسرائيلي.

- وضع العراق في دائرة الحرب وفتح جبهات لأضعافه وإنهاكه ومن ثم الاجهاز عليه سنة 2003، بعد تحريض إيران والحرب عليه طيلة ثمان سنوات رافقها حصار دام ثلاثة عشر سنة.

هذه الهوامش السريعة التي هي للتذكير، ترسم أن الكيان الصهيوني، رغم كونه مُستَعمِرًا وعنصريًا في نهجه وتطبيقاته، ما يزال يمارس جرائمه، وحماة القانون الدولي ومنظمة الأمم المتحدة والقوى الكبرى والعظمى ساكتة على جرائمه المستمرة دون انقطاع منذ سنة 1948 وحتى الوقت الراهن.. فيما يثبت شعبنا الفلسطيني صلابته وتماسكه وثباته وتمسكه بحقوقه المشروعة غير القابلة للتصرف.. وما نراه يجري في غزة من عمل مسلح يفوق التصور في عملية التحرير.

 

قال (بوش الأب) في 16/ كانون الأول- 1991 من على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة حين قدم مشروع قرار يلغي القرار (3379).. الذي اعتبر الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية، (إن إلغاء ذلك القرار بدون شروط يعزز من صدقية الأمم المتحدة ويخدم الهدف الأسمى للمنظمة الدولية، وهو السلام).. هل ترون ماذا يعني السلام الامريكي في فلسطين وفي غزة الآن من حرب إبادة ضد الانسانية؟

 

ومنذ ذلك التاريخ زادت (اسرائيل) عنصرية وطغيانًا.. فهي تحكم مثلاً على طفل فلسطيني يحمل الحجارة بثلاث سنوات سجن كحدٍ أدنى، أما المستوطن الإسرائيلي فيحرق بيتًا فلسطينيًا أو يهدمه أو يطلق النار على من فيه، فلا تطاله سلطة الاحتلال الإسرائيلية.. كما أن الكنيست الإسرائيلي قد شرًعَ أكثر من (52) قانونًا ضد الفلسطينيين، ومع ذلك لم يتمكن مجلس الأمن ولا الأمم المتحدة من محاسبة السلطة الإسرائيلية المحتلة على نهجها العنصري في التهجير كما لم ينفذ قرارًا واحدًا من قراراته.!!

فمنذ أن نشأت الحركة الصهيونية سنة 1897 وهي تدفع بالهجرة لتحتل فلسطين (ديمغرافيًا)، ويقابل هذا الدفع تهجير (ديمغرافي) للفلسطينيين لكي تستطيع الحركة من أن تستوعب أراضي فلسطين كلها تدريجيًا وتفرض عليها سياسة الأمر الواقع.

 

إذن.. الهجرة الصهيونية المنظمة، والتهجير الفلسطيني المنظم معًا يشكلان العمود الفقري لسياسة الأبارثايد (Apartheid)، وهي سياسة مدانة أصلاً من لدن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بقرارات معروفة وموثقة.. والهدف منها قلب معادلة (أكثرية) الفلسطينيين يجب أن تكون (أقلية) في ظل الدولة اليهودية - كما يحصل الآن في العراق طائفيًا حيث تعمل إيران على أن تجعل مذهبها الطائفي الفارسي يسود وتهجر باقي المذاهب والقوميات عن أراضيها أو تقتل من يعارض-!!

 فمنذ (72) سنة وسلطات الكيان الصهيوني تمارس أبشع أساليب الجور العرقي والقمع على نطاق واسع.. ففي السجون الإسرائيلية يقبع الألاف من المواطنين الفلسطينيين - لا فرق في كونهم نساء أو أطفال أو شيوخ أو شباب - في أسوء حالات الإساءة البدنية والنفسية، وباتت عارًا على جبين كل أعضاء مجلس الأمن الداعر، لأنهم فشلوا بل تواطئوا على حساب قضية شريفة في معاقبة المحتل الاسرائيلي القاتل في فلسطين قرابة (75) سنة من الكذب والدجل والتسويف والمماطلة، وشعبنا الفلسطيني يعاني القهر والتعذيب الجسدي والنفسي كل يوم.. وزادت هذا خطورة حين أقحمت إيران نفسها لتشق وحدة الشعب الفلسطيني المناضل وتشرذمه بالاشتراك مع الإسرائيليين بين قطاع غزة والضفة الغربية، بين (حماس التي تخوض الآن نضالا مشرفاً  في غزة) وبين (فتح في الضفة الغرابية التي تنتظر نتائج أوسلو) ، بدعم جهة على حساب جهة بالمال والسلاح- ليس لسواد عيون ذلك الفصيل أو ذاك، إنما لأهداف استراتيجية بعيدة المدى تعمل عليها الدولتان الإيرانية والإسرائيلية بصورة مشتركة خفية ) ، وليس مبررًا لأي فصيل فلسطيني أن يرتمي في أحضان إيران التي تشترط تنفيذ اجندتها السياسية والأمنية مقابل المال والسلاح.. ليس مبررًا أن يستمر في حضن الغير لكي يستمر على قيد الحياة.. تلك الأكذوبة الأمنية التي فرضتها القوى الأنانية، التي لا ترى إلا بعين واحدة، فيما يعاني الشعب الفلسطيني الأمرين في الداخل والخارج جراء الاحتلال.. وتناسى الجميع مسألة الاحتلال وضرورة وحدة الموقف الوطني والقومي رغم الاختلافات في وجهات النظر التي يمكن (تجميدها) إلى ما بعد التحرير.. نعم التحرير.!!

 أيها العنصريون في تل أبيب وتابعوكم في عواصم أخرى قريبة وبعيدة.. ارفعوا أيديكم القذرة الملطخة بالدماء والاحتقار عن الفلسطينيين وعن احرار العراق.. وليسمع العالم.. أن لا مستقبل لهذا الكيان الصهيوني على أرض فلسطين العربية، حتى لو بعد أكثر من (75) سنة أخرى قادمة، ومصيرهم العودة إلى مجتمعاتهم إلى قومياتهم، ولن تعش دولة (يهودية) في قلب الوطن العربي أبدًا.






الاثنين ١٤ جمادي الاولى ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٧ / تشرين الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب د. أبا الحكم نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة