شبكة ذي قار
عـاجـل










ماذا بعد طوفان الأقصى   - الحلقة الثالثة

زامل عبد

 

 ما تناولته في الحلقتين السابقتين لغرض بيان ابعاد القضية الفلسطينية وجوهرها القومي الإنساني وما يقوم به أعداء الامة العربية لطمسها بل قتلها فأقول ان تنفيذ عملية طوفان الأقصى جاء متزامنا مع الذكرى الخمسين لنصر العربي ولا أقول المصري فقط في يوم 6 أكتوبر 1973 سقط خط بارليف خلال ساعات معدودة ، وسقط معه 15 موقعا حصينا ، بالإضافة إلى حصار المتبقي وعبر أكثر من 30000 جندي مصري خط بارليف في 3 ساعات فقط وتم فتح عدة ثغرات بمضخات المياه لعبور القناة وكان للقوة الجوية العراقية  الفعل الفاعل في تدمير قواعد وتحصينات العدو في سيناء  ،  ففي 7 أكتوبر العظيم 2023  جاءت عملية طوفان الأقصى حيث أُعلنت من جانب كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة حماس ، وما لبث أن ردت (( إسرائيل عبر عملية السيوف الحديدية )) لتُعيد بذلك إنتاج الفوضى الأمنية بين الطرفين الفلسطيني و(( الإسرائيلي )) في ظل العديد من التحديات السياسية والأمنية التي تحيط بدول منطقة الشرق الأوسط ،  فطوفان الأقصى جاءت ردا عن نظام دولي متصدع في طريقه للانهيار ( نظام القطب الواحد أمريكا ) وما افرزته الحرب الأوكرانية ، فور اندلاع أحداث السابع من أكتوبر 2023 وهى التي أطلقت عليها  حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) عملية طوفان الأقصى دخل الشرق الأوسط رسميا في مرحلة جديدة من تاريخ صراعاته ، وهى في رأيي مرحلة مفصلية لا تقل أهمية عن حرب أكتوبر 1973 أو اتفاق أوسلو للسلام 1993 أو اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية ( 2000 -  2004  ) ، والمقصود بالأهمية هنا أنها نقطة فاصلة فما سيأتي بعدها إقليميا ودوليا من أحداث ستغير من خارطة توازنات القوى في المنطقة بخصوص القضية الفلسطينية تماما كما كانت الحال بعد اتفاقية أوسلو أو الانتفاضة الفلسطينية ، في كل الصراعات الدولية  يصور الساسة لشعبوهم أن العملية صفرية سحق تام للطرف الآخر وانتصار نهائي للذات ، هذا مهم لأن السياسي هدفه تجييش كل الطاقات خلفه والحصول على دعم غير مشروط من جماهيره ولهذا فدعاية الحرب تكون على أشدها ، رئيس الوزراء (( الإسرائيلي ))  نتنياهو ووزير دفاعه  ووزير الدفاع السابق عضو حكومة الحرب يتحدثون عن سحق تام لحماس وتغيير الواقع الأمني (( لإسرائيل )) في غزة والانتصار الساحق لجيشهم ، ولكن قراءة مبسطة للتاريخ تخبرنا بالنتيجة لا حسم للصراعات الدولية بشكل صفري  وعادة ما تنتهى الأمور على مائدة التفاوض ، وبالعودة إلى عملية طوفان الأقصى والرد  الصهيوني الأمريكي والغربي المتصهين عليها  بما قام به العدو  -  بعملية السيوف الحديدية -  بجرمها وبشاعتها وانتهاكها لكل حقوق الانسان الفلسطيني وانتهاكها للقانون الدولي والإنساني ، وباستخدام القراءة التاريخية للصراع منذ الانتداب البريطاني على فلسطين التاريخية العربية  بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى  يمكن توقع السيناريو التالي ((  بعد إراقة الدماء وتشريد البشر وإزهاق الأرواح  واستخدام الأرض المحروقة في شمال غزة  وتحديدا  محافظة غزة )) سيجلس الجميع على مائدة التفاوض إما بشكل مباشر أو عبر وسطاء قطريين ومصريين ولربما أردنيين  بإشراف وإدارة أمريكية مباشرة ، ولا تكون هناك حلول صفرية واعني انهاء العدوان الصهيوني وكحد ادنى الإقرار والقبول بالقرارات الدولية  والعودة الى حدود عام 1967 والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بدولة مستقلة ذات سيادة كاملة حتى لو طال أمد الحروب بجولة ثانية وهذا ما تريده  وتتعجل به حكومة نتنياهو لتحقيق أهدافها من حيث ضغط اليمين المتطرف الذي انقذ نتنياهو من المحاكمة لفساده واعادته للمشهد السياسي  بتحقيق حلم الصهيونية بالاستيلاء على كل التراب الفلسطيني مضافا اليه شرق الأردن وأجزاء من العراق وسوريا وحتى السعودية وفق ما يقوم به المتصهين محمد بن سلمان الحالم بالملك ، ولأن المفاوضات لا تجرى في الفراغ فيسعى كل طرف إلى الحصول على أكبر قدر من المكاسب ، وستظل الحال بالنسبة لحركة التحرير الفلسطينية بقيادتها التي انتقلت من المقاومة  - الكفاح المسلح -  إلى السلام ( الذي اطلق عليه المرحوم ياسر عرفات سلام الشجعان ؟ ) مستغلة بعض المكاسب على الأرض وفى مقدمتها الانتفاضة الفلسطينية الأولى ( 1987  ــ  1990 )  وانهيار الاتحاد السوفيتي فتحولت إلى مائدة المفاوضات لتحصل على الاعتراف الرسمي من المجتمع الدولي وفى المقابل تقدم الاعتراف (( بإسرائيل )) فكان لها الحكم الذاتي باشتراط حرية الحركة الأمنية والعسكرية للعدو في عموم الضفة الغربية والقدس ، وما يحصل ما بعد طوفان الأقصى والسكوت المطبق من قبل محمود عباس وحكومته خير دليل على ذلك  ،  وحتى حركة حماس فبمقارنة ميثاقها السياسي عام 1988 وميثاقها السياسي المعدل عام 2017 يمكن رؤية بعض التغييرات الجوهرية مثل القبول بدولة فلسطينية على حدود 1967 ( الضفة الغربية ، غزة والقدس الشرقية ) إذا فنحن أمام تحريك جديد على الأرض هدفه تغيير موازين القوة نحو إعادة القضية الفلسطينية وحق شعبها العادل في تقرير المصير إلى الوجهة العالمية بعد سنوات طويلة من التجاهل والتعنت الصهيوني المبني على معادلة الامتناع من الالتزام بالعهود والمواثيق للحصول على التنازل العربي والفلسطيني ، وهذا حصل بشكل واخر من خلال مواقف حكومات ( اسبانيا وبلجيكا  وايرلندا والنرويج ).

 

يتبع بالحلقة الرابعة

 






الاربعاء ١٦ جمادي الاولى ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / تشرين الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب زامل عبد نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة