شبكة ذي قار
عـاجـل










 

التهجير القسري من غزة والضفة لتنفيذ مشروع

"الشرق الأوسط الكبير"

إنهاء لهوية الأمة العربية

الدكتور حسن شاكر

 

ذكرنا في الحلقة الأولى أن جريمة التهجير القسري التي يمارسها الكيان الصهيوني بحق شعبنا العربي في الأراضي الفلسطينية المحتلة تعد خطرًا حقيقيًا وداهمًا، حيث يتعرض السكان المدنيين للتطهير العرقي والإبادة والتهجير القسري لإفراغ قطاع غزة ولاحقا الضفة من سكانها المدنيين وبدعم غير محدود من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وكندا ومعظم دول أوروبا. وأن خطر التغيير الديموغرافي ما زال قائما مع استمرار استخدام أبشع الوسائل وأكثرها إجراماً وفظاعة وأن كل ذلك غير معزول عما جرى ويجري من خطوات لتحقيق مشروع " الشرق الاوسط الجديد" الذي هو في حقيقته "اسرائيل الكبرى"، عبر التغيير الديموغرافي الذي جرى ويجري تنفيذه في العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا والسودان. والتي ستكون على حساب الأمة العربية، وجوداً وهويةً وحقوق.

 

-      الحلقة الثالثة -

نماذج معاصرة من التهجير القسري والتغيير الديموغرافي في الوطن العربي

 

أخذت مشكلة التهجير القسري للسكان المدنيين بالتفاقم بسبب ظروف النزاعات التي اندلعت ولا تزال تندلع في بقاع المعمورة، سواء أكانت نزاعات مسلحة دولية أم نزاعات مسلحة داخلية ، استخدمت فيها خلاصة ما توصل إليه العقل البشري من صناعة أدوات القتل والشر والهدم والدمار والإيذاء، وتعد هذه  الجريمة وسيلة للتطهير العرقي والإبادة الجماعية وتعد حالات النزاعات المسلحة غير الدولية هي اكثر الحالات شيوعاً في الوقت الراهن ونظر الى خصائصها المتميزة  كانعدام جبهة الحرب وتواجد المقاتلين وسط السكان ، وانهيار الهياكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، فإنها تتسبب زيادة تهجير السكان (تشريد السكان) أكثر مما تسببه النزاعات المسلحة الدولية .

 

التهجير القسري والتغيير الديموغرافي في فلسطين

تشكل الحملات الصليبية احدى المحطات الهامة التي شهدت حملات تهجير كبرى حيث جاءت دعوة البابا اربان الثاني (Urban II) ينسب اليه المؤرخين المعاصرين بالدور الرئيس لتأسيس الفكرة الصليبية (29) ، في مؤتمر كليرمونت (Clermont) –جنوب فرنسا- في 7 نوفمبر، لتجهيز حملة صليبية ضد المشرق الإسلامي على أن تكون الأراضي الفلسطينية وجهتها (محور الكون) كما وصفها المؤرخ الصليبي فوشيه الشارتري (30) ، على وفق توقيت متزامن مع حالة التمزق والانقسامات السياسية والمذهبية التي كانت سائدة في العالم العربي والإسلامي ، أدت الى عدم الاستقرار ومزقت وحدة الجبهة العربية  أمام حملة الغزو الصليبي الأولى ، وكان كل طرف عربي حينها يرى في تقدم الصليبيين ما يحقق أهدافه في القضاء على خصمه أو الحد من نفوذه وسطوته بدلاً من التوحد والتجهز لمواجهة الغزو ، مما مهد للصليبيين دخول فلسطين والاستيلاء على بيت المقدس والمدن الداخلية والساحلية(31- 39).

وفي التاريخ الحديث يعد وعد بلفور نقطة تاريخية مفصلية شكلت الخطوة الاولى لتحقيق هدف الصهيونية السياسية، كما حددت في المؤتمر الصهيوني الاول الذي انعقد في بازل، سويسرا سنة 1897، إذ نص القرار على (تسعى الصهيونية لإنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، المضمونة بموجب القانون العام) وكان ثيودور هرتزل قد فشل في مساعيه لدى السلطان عبد الحميد الثاني وملوك أوروبا الآخرين للحصول على مثل هذا التعهد واعتبرت الصهيونية هذا الوعد بداية لتأسيس دولة إسرائيل (40).

 

 قرار تقسيم فلسطين هو الاسم الذي أطلق على قرار الجمعية العامة التابعة لهيئة الأمم المتحدة رقم 181 الذي أُصدر بتاريخ 29 نوفمبر 1947 بعد التصويت (33 مع، 13 ضد، 10 ممتنع) ويتبنّى خطة تقسيم فلسطين القاضية بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيم أراضيها إلى 3 كيانات جديدة، كما يأتي:

1-    دولة عربية: تبلغ مساحتها حوالي 4,300 ميل مربع (11,000 كـ م2) ما يمثل 42.3% من فلسطين وتقع على الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوباً حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر.

2-    دولة يهودية: تبلغ مساحتها حوالي 5,700 ميل مربع (15,000 كـ م2) ما يمثل 57.7% من فلسطين وتقع على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل، والنقب بما في ذلك أم الرشراش أو ما يعرف بإيلات حالياً.

3-    القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة، تحت وصاية دولية.

 

ويُعدُّ هذا القرار من أول محاولات الأمم المتحدة للتعامل مع القضية الفلسطينية. ومن المعروف أن قرار التقسيم، رفضه العرب والفلسطينيون (41)، ومنذ قيام الدولة العبرية تمارس كل أنواع الانتهاكات والجرائم الدولية بحق الشعب الفلسطيني والمجتمع الدولي والعالم يتفرج.!

 تشكل جريمة التهجير القسري التي تمارسها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة خطرًا حقيقيًا وداهمًا، ضمن استراتيجيات الكيان الصهيوني تمارس عبرها سياسة التهجير القسري، إذ تقوم بعملية الجرف في قطاع غزة وتنفيذ مخططات ترمي إلى الترحيل القسري للتجمعات البدوية الفلسطينية في المناطق الوسطى بالضفة الغربية ويشدد التقرير الصادر من بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن النزاع في غزة الذي يعرف بـ "تقرير غوارستون"(42) ، ونص تقرير المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين، مقدم إلى اللجنة المستقلة للتحقيق في الحرب الإسرائيلية على غزة سنة 2014 المشكلة بقرار الجمعية العامة لأمم المتحدة – مجلس حقوق الإنسان رقم (إ 21/1) على الإجراءات التي نفذتها إسرائيل خلال عملية (الرصاص المصبوب) تقضي بطبيعتها إلى التهجير القسري للفلسطيني داخل قطاع غزة (استهداف المدنيين)، و(الأعيان المدنية)، وحرمان السكان المدنيين من قوتهم، وفي شرقي القدس من خلال التدابير التي تؤدي إلى (التهجير الصامت) للتجمعات السكانية الفلسطينية وفي الضفة الغربية من خلال (توسيع المستعمرات) ومصادرة الأراضي، وهدم المنازل والقرى الفلسطينية (43) . ولم يتناول التقرير جريمة الترحيل القسري للسكان بصفة خاصة، ولم تتم مساءلة أي من الجناة المسؤولين عن انتهاكات اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 فضلاً عن توافر أركان جريمة التهجير القسري للسكان الفلسطينيين.

 

 وكانت عملية (الجرف الصامد) الاجرامية التي نفذت على قطاع غزة على مدى (50) يومًا صيف سنة 2014، التي لقي خلالها ما لا يقل عن (2133) فلسطينيًا مصرعهم وتعرضت مساكن (108,000) فلسطيني مدني للتدمير الكلي أو الجزئي، وتعرضت البنى التحتية المنهكة في قطاع غزة المحاصر إلى الدمار الواسع، وهُجر (نصف مليون) فلسطيني داخل قطاع غزة يشكلون ما نسبته (28%) من مجمل سكان قطاع غزة (44).

 

ومنذ يوم 7 أكتوبر 2023 يتعرض السكان المدنيين في غزة للتطهير العرقي والإبادة والتهجير القسري لإفراغ قطاع غزة من سكانه المدنيين وتدمير كل مقومات الحياة باستخدام أشد أنواع الأسلحة فتكاً والأسلحة المحرمة دولياً، وقد تناولنا بعض تفاصيله في الحلقتين الاولى والثانية.  وفي ذات الوقت طالبت مصر والاردن الوقف الفوري للحرب على غزة ورفض سياسة العقاب الجماعي لسكان غزة، ووقفتا ضد اية محاولة للتهجير القسري للفلسطينيين الى الأردن ومصر مع التأكيد على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية الى سكان القطاع وكذلك تأكيد موقف البلدين الثابت من القضية الفلسطينية وضرورة نيل الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة.

 

التهجير القسري في اليمن

اندلعت اضطرابات في العالم العربي سنة 2011 سميت ب "الربيع العربي" أدت إلى انهيار عدد من الأنظمة العربية الحاكمة في مصر وتونس وليبيا واليمن، إلا أن التحول الديمقراطي المزعوم في اليمن الذي أدى إلى سقوط نظام علي عبد الله صالح (1978-2012) الذي قاد جهود توحيد شمال اليمن وجنوبه وتم التوحيد سنة 1990 فتأسست جمهورية اليمن نتيجة ذلك، توقف بسبب التمرد المسلح سنة 2014 المدعوم من إيران، ودخلت اليمن في حرب أهلية وأصبحت ساحة صراعات اقليمية ودولية بسبب موقعها الاستراتيجي (45).

 ومنذ اندلاع الاضطرابات سنة 2011 وبسبب التدخلات الإقليمية والدولية وتبعية القوى المحلية لها انهارت الدولة، وعملت هذه القوى على إطالة أمد الحرب، وخلال حروب صعدة بين سنتي 2004 و2010 أكد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أن إيران تدعم المتمردين، لكن الأمريكيين قللوا من أهمية هذه المزاعم في تخادم غير معلن مع إيران. ومنذ سنة 2011 بدأ أثر إيران يتغير في الوطن العربي وازداد دعمها للمتمردين الحوثيين في تلك الفترة، ونما دعم إيران للتمرد بشكل متزايد بهدف سيطرة المتمردين الحوثيين على العاصمة صنعاء سنة 2014، وسافر القادة الحوثيون إلى طهران ووقعوا اتفاقيات لإنشاء خدمة جوية منتظمة بين طهران وصنعاء واتفقا على زيادة التعاون اليمني الإيراني (46).

وبدأت أدلة التدخل الإيراني تثبت بدعم الحوثيين لاسيما المساعدات العسكرية ، ففي كانون الثاني / يناير 2013 استولت البحرية الأمريكية بالتعاون مع البحرية اليمنية الحكومية على المركب الإيراني (جيهان الأول) الذي يحمل حوالي 40  طناً من الإمدادات للحوثيين ، وشملت الشحنة صواريخ إيرانية الصنع وما يتصل بها من "أعتدة" وشملت (16723) كتلة من المتفجرات C-4، 133 حاوية بلاستيكية من متفجرات مسحوق (RDX10)، أجهزة نظام دفاع جوي محمول من نوع (62040, M32M9) طلقة ذخيرة (12.7ملم) (316000) طلقة ذخيرة (7.62ملم)، (100) قذيفة صاروخية، (18) صاروخاً نوع كاتيوشا (122 ملم)، (17) جهاز تصويب، (1615) صندوقاً متصلاً بأجهزة متفجرة، (10) أجهزة تحديد مدى الليزر (H80A)، نظارات للرؤية الليلية، (5) مناظير بعيدة المدى مع حوامل، (90) بوصلة عدسة، (66) كاتماً للصوت، (800) متفجر كهربائي (47).

 

كما عثرت السفينة الحربية الفرنسية "أنى أس بروفانس" على تسعة صواريخ روسية الصنع موجهة مضادة للدروع من طراز “9M133-Kornet”، وهو سلاح شائع في الترسانة الإيرانية، صنعت من ضمن دفعتي إنتاج سنة 2008، وقد وفرت التحريات لاحقا دليلا دامغاً يربط سفن التهريب الإيرانية بالمقاتلين المتمردين على الجبهات الأمنية (48). 

وتحت ستار إرسال المساعدات الإنسانية إلى اليمن طالبت طهران المنظمات الدولية بالعمل على مساعدتها من خلال (جمعية الهلال الأحمر الإيرانية)، إلا أن هناك شكوك من أن تحمل هذه المساعدات أسلحة وذخائر للمتمردين، فضلاً عن أن هذه المساعدات استهدفت المناطق التابعة للحوثيين (49).. واستمرت أنشطة إيران التي تنتهك قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بالحرب في اليمن رقم 2140(2014)، ورقم 2216 (2015) ورقم 2266 (2016).

ولم تكن اليمن بمعزل عن التأثر والتأثير في محيطها الجغرافي وأدى موقعها الاستراتيجي دوراً بارزاً في تطورها السياسي الداخلي، وبحكم علاقاتها بدول الجوار وبالقوى الدولية الكبرى، فإن إطالة أمد الحرب خدم أطراف عديدة، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية المنتجة والمُصدّرة للسلاح بمختلف أنواعه (50).

وأدت الحرب في اليمن إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تصل إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في أنحاء البلاد، وبحلول نهاية سنة 2019 أشارت التقديرات إلى أن أكثر من (233) ألف يمني لقوا مصرعهم نتيجة الحرب الأهلية، ووثقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان مقتل وجرح أكثر من (200) ألف مدني منذ مارس/آذار 2015، فضلاً عن (16)

 

 مليون شخص يعانون من الجوع والتهجير القسري. ولا يزال المدنيون من جميع أنحاء البلاد والأجيال يتحملون وطأة الأعمال القتالية العسكرية والممارسات غير القانونية للجماعات المسلحة. ولا يُظهر النزاع في اليمن أي مؤشرات حقيقية على الانحسار (51). وبينت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في عدن في تقريرها الخامس للفترة من 1 فبراير 2018 إلى 31 يوليو 2018، عن ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، أنه تم رصد وتوثيق حالات تهجير قسري لعدد (142) أسرة تم تهجيرهم من منازلهم وجميع الحالات للتهجير القسري التي تم التحقيق فيها انفردت بها الجماعات المسلحة،  كما تم تهجير (35) أسرة من أهالي قرية الدمينة، مديرية مقبنة، غرب محافظة تعز والذين أجبروا على مغادرة القرية ولم يسمحوا لهم بأخذ شيء من ممتلكاتهم مما اضطر الأهالي إلى الرحيل نحو القرى القريبة، وبينت التحقيقات أن الجماعات المتمردة هي الجهة المسؤولة عن هذا الانتهاك، كما جرى تهجير قسري لأهالي قرية المحابيب – قرية الغيل – مخيم الجر بمديرية الحزم– محافظة الجوف، إذ قامت جماعة الحوثي بالهجوم على قرية المجاليب وتم تهجير جميع سكان القرية تحت تهديد السلاح بعد تفجير (70) منزلاً من منازل السكان المدنيين، وتم ترحيل (190) أسرة منها غالبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ (52).

 

 وفي تقرير للتحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في المدّة  من (1 يناير -31 يونيو 2017)، تم رصد الانتهاكات التي تعرض لها السكان المدنيين في أثناء النزاعات المسلحة في اليمن منها تهجير (2403) أسرة من محافظات تعز وعمران وذمار وضالع ولحج وأب والجوف وصنعاء بواقع (17428) شخص تسببت بها الميليشيات، كما تم تهجير (954) أسرة من سكان قرية العفيرة – محافظة تعز من قبل المسلحين ، وفي الفترة من 17-19/2/2017 شهدت محافظة تعز، قرية بيشبعة، المحاذية لمدينة تعز قيام المسلحين بتهجير (311) أسرة من القرية التي يسكنون فيها (53) ، وبسبب التدخلات الإيرانية والدولية فشلت جهود إنهاء النزاع الداخلي ، الذي يدفع ثمنه الشعب اليمني .

وحتى سنة 2011 لم يكن من السهل التيقن بحجم التمدد الإيراني في اليمن وبسط نفوذها وسيطرتها، فضلاً عن وضوح بعض معالمه التي كانت محصورة في الأدوات الناعمة؛ الإعلامية والسياسية والثقافية، لكنها بدأت تتكشف أكثر مع تسارع الأحداث في اليمن والمنطقة عموماً، وقد كشف تقرير (فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن)، الصادر بتاريخ 26 يناير/ كانون الثاني 2018، أن النفوذ الإيراني في اليمن لم يعد قضية إقليمية (54).

 وتمثل اليمن منطقة نفوذ مهمة لإيران، من الناحية الجيوسياسية التي هي من أهم الأسباب لمحاولات تمدد النفوذ الإيراني في اليمن فيما يتعلق بالبحر الأحمر، عبر مليشيات الحوثي التي تسعى لتمدّدها على سواحله، وأي دولة إقليمية تطمح لدور مهم على مستوى الإقليم والساحة الدولية تحاول أن تبسط نفوذها على المداخل الرئيسة للبحر الأحمر، وهذا الأمر هو الذي يجعل حرص إيران على لعب دور كبير باعتباره أمرا حيويا ، كما أن اليمن تطل على باب المندب وتمتلك حدودا برية مع المملكة العربية السعودية، إلا ان هذا النفوذ يعتبره بعض الخبراء غير مستقر بالنسبة لإيران ، ولم يضف حتى الآن شيئًا ملموسا ومؤثرا إلى ميزان القوة الإيرانية في المنطقة (55) .

ويستمر الدعم الإيراني للحوثيين سياسيا وعسكريا ودبلوماسيا وإعلاميا وماليا، على النحو الآتي:

أولاً -  القوة الناعمة الإيرانية:

   تتبنى إيران سياسات تستهدف اثارة التفرقة الطائفية في تأسيس أطر علاقاتها بالعديد من الدول، من ضمنها اليمن، وتعمد طهران إلى ادخال التغيير الديني الطائفي، وتقوم بتشكيل جماعات طائفية متمايزة عن محيطها. وتقوم باستغلال واثارة عوامل تتعلق بالصراع السياسي وانتشار الأمية، وتدنى مستوى التعليم، والصراع القبلي، وبذلك وفرت أسباب لتقوية الحوثيين وهيأت لإيران مفاتيح استغلال قوتها الناعمة لتعزيز علاقتها بالحوثيين. ويشمل الدعم الإيراني للحوثيين المجال الإعلامي، حيث تبثّ قناة المسيرة التلفزيونية التابعة لهذه المليشيات من بيروت (56).     

 

ثانياً - المساعدات العسكرية:

استمرت إيران في انتهاج نفس السياسة مع الأزمة اليمنية من خلال استمرار الدعم للحوثيين بمزيد من الصواريخ الباليستية والأسلحة، رغم ادعاءات طهران بأنها ستحد من سياستها التوسعية في المنطقة، بعد الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها إيران، إلا أن السياسية الإيرانية التوسعية لم تتغير بل على العكس زادت من وتيرتها في المنطقة كما في العراق وسوريا (57) (58).

 ثالثاً - استغلال المساعدات الإنسانية:

 تدعي إيران دائماً استعدادها للمساهمة بالمساعدات الإنسانية لليمن، والتعاون مع المنظمات الدولية من خلال جمعية الهلال الأحمر الإيرانية لإيصال المساعدات المزعومة الى الشعب اليمني. ورغم ان قرار مجلس الامن الدولي المرقم 2216 يحظر نقل الأسلحة من إيران الى اليمن، إلا أن اعتراضات السفن الامريكية والأسترالية سنة 2015 مثلاً لسفينة (ناصر) قد وجدتها مليئة بأنظمة أسلحة مضادة للدبابات مصدرها إيران. وفي شباط فبراير استولت سفينة البحرية الأسترالية (داروين) على اسلحة إيرانية لليمن، وفي مارس من نفس السنة اعترضت البحرية الفرنسية مراكب شراعية ووجدت شحنات من الأسلحة الإيرانية متجهة نحو اليمن، وفي ابريل ومايو من سنة 2015 تصدت البحرية الامريكية بنجاح لمحاولات إيران تسليم شحنات أسلحة الى الحديدة في سفن ترفع العلم الايراني ترافقها بحرية مسلحة (59). هذا التدخل أدى الى إطالة أمد الحرب وعدم توفر البيئة الإيجابية للوصول الى السلام ووضع حد لمعاناة الشعب اليمني من التشريد والاخفاء القسري والقتل والتغيير الديموغرافي، وكل الظروف الإنسانية غير الطبيعية الاخرى نتجت عن معاناة أكثر من (2.5) مليون يمني من التهجير القسري ومئات الالاف من النازحين داخلياً.

 

يتبع لطفاً..






الاربعاء ١٦ جمادي الاولى ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٢٩ / تشرين الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الدكتور حسن شاكر نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة