شبكة ذي قار
عـاجـل










بسم الله الرحمن الرحيم

{وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}

 

 

بيان قيادة قطر العراق

لحزب البعث العربي الاشتراكي في ذكرى يوم الشهيد

 

يوم الشهيد منار ساطع وفنار يستهدي به العابرون

في تاريخ كل شعب من الشعوب الحية محطات يجب التوقف عندها واجراء المراجعة لما سبقها، واستلهام الدروس والعبر التي تُغذي المسيرة وتدفع بها بخطوات أطول مقرونة بثقة عالية بالنفس وعمق جماهيري واعي معبئ يثق بقيادته ثقة مطلقة.

ويبقى يوم الشهيد الذي يُحيي العراقيون ذكراه، في الأول من كانون الأول من كل عام، من أعز الذكريات وأقربها إلى المواطن العراقي، على ما فيها من مرارة الغدر الذي تعرض فيه المقاتلون العراقيون الأشاوس دفاعاً عن وطنهم، عندما اضطرت ظروف معركة البسيتين وملابساتها إلى وقوع أكثر من ألف مقاتل من القوات المسلحة في أسر قوات الحرس الثوري الإيراني يوم 1 كانون الأول سنة 1981، بعد معركة هُزم فيها الإيرانيون هزيمة منكرة، فحاولوا تعويض خسائرهم ليس في المعركة، حيث تركوا المواجهة وذهبوا إلى الخطوط الخلفية من الجبهة.

إن تاريخ الحقد الفارسي على العراقيين والعرب ليس وليد اللحظة التي عاد فيها الخميني إلى طهران على متن طائرة فرنسية، بل يعود إلى تاريخ بعيد، عندما خاض العراقيون والعرب الحرب في معركة ذي قار، وكيف انتصرت القبائل العربية على الإمبراطورية الفارسية الساسانية، فخرجوا منها مثخنو الجراح، بعد أن أخفقوا في اخضاع قبائل عراقية وليس جيوشاً نظامية، وبعد بزوغ فجر الرسالة الإسلامية السمحاء حاول الفرس القضاء عليها وهي في مهدها ولكنهم فشلوا بعد أن بذلوا جهدهم مرة تلو الأخرى، حتى جاءت معركة القادسية الأولى التي قوض فيها العراقيون والعرب المسلمون في خلافة الفاروق رضي الله عنه، وبقيادة سعد بن أبي وقاص وخالد بن الوليد والمثنى بن حارثة الشيباني أطماع الفرس وأحلامهم، فبقيت تلك الواقعة المأساوية تؤجج ناراً في الصدور وليس في المعابد المجوسية، وتكررت محاولات الانتقام، فعندما وصل الصفويون إلى حكم فارس في بداية القرن السادس عشر احتلوا بغداد بعد أن تآمروا على الدولة العباسية وقدموا للمغول كل ما لديهم من خبث وغدر.

إن تاريخ العلاقات بين فارس والعراق، ظل مسكوناً بكل أسباب التوتر والعداء، وفي زمن الاحتلالات الأوروبية وقف الصفويون مع البرتغال في مساعيهم للسيطرة على بلاد العرب، وحتى قامت الدولة العراقية الحديثة فورثت كل تركة الحقد الفارسي وبذلت مساع حثيثة لتجنيب المنطقة ويلات حروب تهدد أمنها، ولكن الاستعمار البريطاني انحاز بشكل مخطط له إلى الدولة الفارسية القاجارية، فتم منح فارس أراض عراقية لأن بريطانيا ومعها أوروبا تعي تماماً، أن الفرس لا يشكلون خطراً على المصالح الغربية كما هو شأن العرب.

ومرت العلاقات بين العراق وإيران بعد أن استقر اسمها بمراحل من الهدوء القلق والمحدود الزمن والتوتر في معظم الأحيان، حتى وصل حزبكم حزب البعث العربي الاشتراكي إلى الحكم في العراق عام 1968 فقابل نظام شاه إيران المعزول هذا الحدث بتصعيد حالة العداء مع العراق حتى أوصلها إلى مرحلة في غاية التوتر، وفاجأ شاه إيران العالم عام 1969 بإلغاء معاهدة عام 1937 من طرف واحد، واستمر التصعيد إلى أن تم التوصل إلى اتفاقية الجزائر لعام 1975، ولكن مصيرها لم يكن أفضل من سائر الاتفاقيات الأخرى، إذ أن وصول الخميني إلى السلطة بعد أن وصل طهران في شباط 1979 على متن طائرة فرنسية أعلن وبصراحة غير مسبوقة أنه سوف يُسقط نظام حكم البعث، وأن هدفه هو تصدير الثورة إلى كل الأرجاء بدءاً من العراق، وأن اتفاقية الجزائر تعتبر لاغية لأنها من ارث الشاه ونظام البعث.

وبعد أن توترت الحدود بين البلدين، وتعرض العراقيون من سكان المدن الحدودية إلى القصف مما اضطرهم إلى ترك بيوتهم وممتلكاتهم، ما دفع قيادة البعث أن تقوم بواجبها في الدفاع عن الوطن والشعب وحمايته من كل اعتداء خارجي، وبالرغم من أن العراق كان قد دخل الحرب مكرهاً، لكن النظام الفارسي الصفوي بقيادة خميني والشلة الفاسدة المحيطة به قد قرعوا الطبول لشن الحرب، وهذا ما كان يؤكده إعلامهم، ومن الطبيعي أن يصاحب حروب من هذا النوع حالات ونتائج مختلفة وتستوجب الكثير من التضحيات كالشهداء والجرحى وكذلك الأسرى، وهذا ما حصل في معركة البسيتين عام 1981 حيث وقع ما يزيد على ألف مقاتل من أبطال القوات المسلحة أسرى بيد القوات الإيرانية والحرس الثوري الذين قاتلوا قتالاً رجولياً نادراً بعد نفذ عتادهم في معركة البسيتين.

 ولابد أن نذكر هنا كيف تعاملت إيران مع الأسرى الذين لم تتعامل معهم كأسرى حرب وفق ما رسمته اتفاقية جنيف الثالثة بشأن أسرى الحروب أو وفق ما تطرحه إيران ليل نهار عن تبنيها خطاباً إسلامياً براقاً لتضليل الإيرانيين وسائر مسلمي العالم، ولقد زُين لإيران سهولة طعن العراقيين بظهورهم فارتكب الحرس الثوري أشنع جريمة ومجزرة عندما قام بقتل جميع الأسرى بوحشية وهي صلب العقيدة الفارسية عبر التاريخ.

لقد ضرب العراقيون أروع الأمثلة عبر التاريخ على البطولة الفردية والجماعية المؤطرة بأعلى درجات الاستعداد للتضحية من أجل القيم الوطنية والمبادئ السامية، إن تاريخ إيران زاخر بالجريمة من عهد سابور ذو الأكتاف الذي نكل بأسرى عراقيين في حروبهم الدفاعية عن أرضهم أرض الأجداد ضد الوجود الفارسي الغاشم وبطش الدولة الساسانية البغيضة، وبهذه الجريمة أكد الإيرانيون أنهم أحفاد الحقد الساساني على كل ما هو عربي.

إن قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي إذ تستذكر هذه الذكرى الأليمة، لتؤكد العزم على مواصلة النضال في كل الجبهات من أجل صيانة حقوق العراق كاملة غير منقوصة واسترداد كل ما سلب منه ومن جميع الأطراف، وتؤكد للعراقيين الأماجد أن حزب البعث ماض بخطواته لمواجهة كل افرازات الاحتلال وما نجم عنها من عملية سياسية شائنة، وما ترتب على ذلك من فقدان السيادة الوطنية ونهب الثروات بواسطة شبكات معقدة من السماسرة واللصوص، وسترد كل حقوق العراقيين إلى أهلها مع التأكيد على عدم المس بكرامة العراقيين.

تحية لأرواح شهداء العراق الذين بذلوا دماءهم رخيصة من أجل رفعة الوطن وسيادته.

تحية لأرواح شهداء معركة البسيتين الذين قاتلوا حتى النهاية، فانتقم منهم العدو فسجلوا لأنفسهم شرفاً مضاءً بالقتال حتى الرمق الأخير.

الله أكبر وليخسئ الخاسئون أعداء العراق والأمة العربية.

 

قيادة قطر العراق

لحزب البعث العربي الاشتراكي

بغداد الأول من كانون الأول 2023






الخميس ١٧ جمادي الاولى ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٣٠ / تشرين الثاني / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة