شبكة ذي قار
عـاجـل










قضية الشاب عبد الله ياسر سبعاوي تؤكد

سقوط القضاء العراقي بعد سنة 2003 تحت سيطرة العناصر الطائفية

الخبير القانوني علي حسين

 

المقدمة

يعتبر سقوط القضاء العراقي بعد سنة 2003 تحت سيطرة العناصر الطائفية من المواضيع الهامة التي تؤثر على وضعية العراق بشكل عام، حيث تجاوزت هذه المسألة الحدود الجغرافية، إذ أثرت على الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد.

تعريف الأحكام القضائية في العراق

الأحكام القضائية في العراق تشير إلى القرارات والأوامر الصادرة عن محاكم العراق بناءً على القوانين والتشريعات المعمول بها. تهدف هذه الأحكام إلى تحقيق العدالة وفرض القانون، حيث يتم تطبيقها على المتهمين والأطراف المعنية في القضايا المختلفة. ومع ذلك، فإن الأحكام القضائية في العراق تفتقد للعدالة والشفافية.

بعد سنة 2003 والغزو الأمريكي للعراق، شهد القضاء العراقي تدهوراً كبيراً وسقوطاً تحت سيطرة العناصر الطائفية، هذا يعني أن قرارات القضاء لم تعد مستقلة ومحايدة، بل تم تأثيرها وتوجيهها لخدمة أجندات سياسية طائفية، تعتبر هذه المشكلة جوهرية بالنسبة للعراق، حيث يعتبر القضاء العادل والمستقل أحد أسس التقدم والاستقرار في أي بلد.

تتجلى أهمية هذا الموضوع في أهمية استعادة استقلالية القضاء العراقي، وضمان حقوق المواطنين، ومحاربة الفساد، وتعزيز الثقة في النظام القضائي.

فالمتتبع لأحكام القضاء في العراق يرى دون أدنى شك أن قراراته غير عادلة ومتشددة، وأنها تعكس تحيزاً طائفياً وعنصرياً، حيث أن الأحكام القضائية تجرم الأفراد بناءً على انتمائهم الطائفي والعرقي، مما ينتج عنه تمييز وظلم ضد بعض المجتمعات والأقليات في العراق.

وما يعزز المشكلة هو عدم المساواة ونقض حقوق الإنسان، حيث يتعرض البعض لمضايقات واعتقالات تعسفية بناءً على اتهامات ملفقة وغير مبررة، وتتعرض الأقليات العرقية والدينية والطائفية للملاحقة والتمييز في نظام العدالة القضائية.

ونحن نتحدث عن عدم المساواة في العدالة ونقض حقوق الإنسان وتعرضه للاعتقال التعسفي بناء على اتهامات ملفقة، نستعرض قضية الشاب العراقي " عبد الله ياسر سبعاوي"....

 

الشاب عبد الله ياسر سبعاوي المولود عام 1994 ليس المتهم البريء الوحيد ولن يكون الأخير، في ظل حكم طغمة طائفية حاقدة، التي جاءت العراق بعد احتلاله سنة 2003 لتنفذ أجندة خبيثة، وهي الانتقام وتدمير العراق من خلال تفشي الطائفية بأساليب خبيثة قذرة.

أثبتت التحقيقات التي أجراها القاضي ضياء الكناني رئيس محكمة جنايات الرصافة، أن المتهم كان عمره 7 سنوات عند احتلال العراق سنة 2003، وغادر العراق بعمر 8 سنوات، حسب ما ثبت من خلال المخاطبات الرسمية وإجابة سفارتي اليمن ولبنان، ومن خلال اعترافه بأنه انتقل مع عائلته بعمر 8 سنوات إلى سوريا بعد 2003 وأقام فيها حتى شهر كانون ثاني 2005، ثم انتقل لاحقاً مع عائلته إلى اليمن.

ما يؤكد براءته من التورط في "مجزرة سبايكر" التي سقط فيها مئات   العراقيين، قرب تكريت بعد أيام من بدء داعش هجومه على البلاد في 2014.

(والتحقيقات الخاصة بجريمة سبايكر تثبت أن المالكي وحكومته هم المتورطون فيها، لذلك تم حجب كل التحقيقات الخاصة بها).

 

ففي مقابلة مع وكالة الأنباء العراقية أوضح القاضي ضياء الكناني رئيس محكمة جنايات الرصافة مجموعة من الجوانب يجب أخذها بعين الاعتبار:

-     القضاء العراقي لا ينظر إلى خلفية المتهم السياسية أو الاجتماعية أو الدينية أو العرقية أو الطائفية بل ينظر إلى المتهم وفقاً للأدلة المثبتة ضده. (هذا الكلام من الناحية النظرية جيد، ولكن من الناحية العملية والواقعية غير صحيح، حيث هناك الكثير من المتهمين الأبرياء يمكثون في السجون دون تهم محددة، بل على أساس طائفي مقيت).

-     يتابع القاضي ضياء الكناني: أثبتت التحقيقات أن المتهم  كان عمره 7 سنوات سنة 2003، عند سقوط (النظام السابق) وغادر العراق بعمر 8 سنوات.

-      التحقيقات مع عبد الله ياسر سبعاوي أظهرت عدم اشتراكه بالدعم المادي أو الإعلامي أو المعنوي للجريمة، وليست له علاقة بالعمليات الإرهابية.

-     المتهم خرج من اليمن في الشهر التاسع من عام 2014 إلى الأردن أي بعد واقعة سبايكر بثلاثة أشهر.

-     ثبت لدينا أن عبد الله ياسر سبعاوي لم يكن بالعراق عام 2014 لغاية الشهر التاسع وكان موجوداً في اليمن وتحت الإقامة الجبرية.

 

ولكي نكون أكثر واقعية في الطرح نستعرض قرار المحكمة المرفق صورة منه:

(تشكلت محكمة جنايات الرصافة الهيئة الأولى بتاريخ 20/9/2023 برئاسة القاضي السيد ضياء كاظم عبد سبع وعضوية القاضيين السيدين علي قاسم شخيط وجواد حسين كاظم (المأذونين بالقضاء باسم الشعب العراقي وأصدرت قرارها الآتي:

المتهمان/ 1-.......................................

          2- عبد الله ياسر سبعاوي إبراهيم وكيلاه المحاميان حسين مهدي خضير وزياد غانم شعبان

لعدم كفاية الأدلة المتحصلة ضد المتهمين (زيد طارق خلف نزال و عبد الله ياسر سبعاوي إبراهيم) قررت المحكمة إلغاء التهمة الموجهة لهما وفق أحكام المادة الرابعة / ١ وبدلالة المادة الثانية / ۸/۱ من قانون مكافحة الإرهاب رقم ١٣ لسنة ۲۰۰۵ وعن جريمة الاشتراك بجريمة مجزرة سبايكر بتاريخ 14/6/2014 واخلاء سبيلهما ما لم يكونا مطلوبين عن دعوى أخرى.

وصدر الحكم بالاتفاق حضورياً استناداً لأحكام المادة (۱۸۲/ج الأصولية قابلاً للتمييز والتمييز الوجوبي، وأفهم علناً في ۲۰ / ۹ / ۲۰۲۳.

(ويوقع على القرار القضاة الثلاثة- رئيس الهيئة القاضي ضياء كاظم عبد سبع -   وعضو الهيئة القاضي علي قاسم شخيط- وعضو الهيئة القاضي جواد حسين كاظم).

(انتهى قرار المحكمة)

 

بعد صدور هذا القرار استبشر البعض خيراً ببعض القضاة، وأن العدالة قد تأخذ مجراها الطبيعي حتى لو كان في بلد يحكمه طغاة ومجرمون، ولكن هذا الأمر تبدد سريعاً بعد رفض محكمة التمييز الاتحادية لقرار محكمة جنايات الرصافة ورفض إطلاق سراح المتهم، دون أن تعلل أسباب الرفض، حيث اكتفت بجملة مختصرة لا تعبر عن أصالة القضاء ولا عدالته، فذيلت محكمة التمييز الاتحادية قرارها بـ:

(نقض كافة القرارات الصادرة في الدعوى وإعادة الإضبارة على محكمتها)    مرفق صورة

 

السؤال الذي يطرح نفسه هنا:

لماذا ترفض محكمة التمييز الاتحادية الافراج عن الشاب عبد الله ياسر سبعاوي، رغم انتفاء أي دليل يربطه بالجريمة المتهم بها؟

 

 

لايمكن وصف هذا القرار إلا بالمجحف والظالم، وإنه أتى نتيجة ضغط سياسي مباشر وصريح على القضاء العراقي، الذي تسيطر عليه عناصر طائفية حاقدة، وهذا ما أثبتته وتثبته الوقائع اليومية في ساحات القضاء العراقي.

(فنحن لا نتجنى على أحد- الوقائع تتحدث عن نفسها).






الاثنين ٢١ جمادي الاولى ١٤٤٥ هـ   ۞۞۞  الموافق  ٠٤ / كانون الاول / ٢٠٢٣ م


أكثر المواضيع مشاهدة
مواضيع الكاتب الخبير القانوني علي حسين نسخة للطباعة عودة الى صفحة مقالات دليل كتاب شبكة ذي قار تطبيق شبكة ذي قار للاندرويد إشترك بالقائمة البريدية
أحدث المواضيع المنشورة