افتتاحية العدد 395 –مجلة صدى نبض العروبة- عيد الجيش

في ذكرى تأسيسه الخالدة:

جيش العراق كان سد الأمة الحصين

     قبل كل شيء، نحن لا نمجد جيش العراق الأبي، بل نغمس أقلامنا بأنهار الشرف المبجل حين تخط بعض سطور الاعتزاز به.

كان جيشُ العراق الوعاءَ الذي يجمع الوطنية العراقية كلها، ويجعلها ترقد بأمان الله وسلام الوطن في خيمة واحدة، عرباً وأكراداً وتركماناً، وكل الأعراق العراقية، مسلمين ومسيحيين، وكل الاثنيات التي ولدتها أرض المجيدين.

لم يجمعهم جامع واحد غير خيمة الجيش العراقي الباسل، تلك لوحدها كانت مأثرة المآثر، وأعظم إنجاز حققه العراق في كل تاريخه.

بعد الغزو خسر العراق_ بحل جيشه_ تلك الخاصية الفريدة فتوزع بين المسميات التي جرجرت أطرافه الجريحة كل في اتجاه.

   حضر جيشنا الوطني بقوة في الدفاع عن أرض فلسطين سنة دخلها السلابة النهابة المجرمون بقوة غاشمة سنة ١٩٤٨، وسقى عطش أرضها بالدماء العراقية الشهيدة الطاهرة.

  ولم تثنه عائقة عن خوض غمارها في سيناء وفي الجولان ومن على هضاب الأردن في وقائع محفورة في جسد الأزمنة وبطون التاريخ. كان بذلك ينتخي لعقيدة السماء ولذاته العربية وللمعنى الأعمق الذي ظل ينميه على مر عقود الأزمنة، ألا وهو معناه القومي المعطر بالشهامة والنخوة والشجاعة.

كان كلما رأى الأمة تكابد ينتفضُ ويمنحها القوة والمنعة، ويرد عنها الغائلة غير آبه بالظروف ومتجاهل للمواقف ومنزه من ردود الأفعال القاصرة تجاه مناهج الأعراب وغباء جهلهم المطبق.

     هو الجيش الذي حمى العراق حتى صار العراق غصة في بلعوم الامبريالية والصهيونية، فجمعت له نصف جيوش الأرض لتسقط السد، بعدها، بعد سنة الشؤم ٢٠٠٣ غرق العرب، واستبيحت سيادتهم، ومرغت كرامتهم بالأرض من كل من هب ودب، ولا زالت أموالهم تنهب وقراراتهم تستلب ومقدساتهم تحت مطارق الفرس والروم وكل أوباش الأرض.

    جيش العراق لم يفنَ، إنه مزروع في باطن أرض الرافدين، ينمو ويتعاظم شأنه بانتظار لحظة تنفلق بها الأرض لتبسق من جديد نخيل البرحي والخستاوي، وتزدهر بساتين البرتقال والرمان، وتغمر كل البراري بماء لا يروي عطشها فقط بل يجعلها تصير غابات وحدائق، وتعود جبال الشمال تعانق أور والخليج، ورجولة ديالى تتفجر غضباً إلى جانب جود الأنبار وأصالة عروبتها العراقية، وتعود كربلاء والنجف مقدستين بإرادة العراق الهاشمي لا بتدنيس فارس البغيض.